دروس في الاستثمار تتعلمها من كتاب المستثمر الذكي
في عام 1949 نشر بنيامين غراهام كتابه المستثمر الذكي، وهو أحد الكتب التي تعد من المراجع الهامة للعديد فيما يتعلق بالاستثمار القيّم.
يركز الكتاب على شرح بعض المبادئ والاستراتيجيات الرئيسة التي ينبغي لكل فرد معرفتها، حتى يقدر على تحديد جوانب الاستفادة الفعلية من الاستثمار. في هذا المقال نتحدث عن أهم الدروس من كتاب المستثمر الذكي.
كيف تصبح أنت المستثمر الذكي؟
الشيء المتميز في كتاب المستثمر الذكي هي تقديمه للأدوات التي يمكن للجميع من خلالها أن يصبح هو المستثمر الذكي. سواءٌ عندما يتعلق الأمر بالاستثمار في الأوراق المالية أو الشركات. ويبقى السؤال، هي كيف يساعدك كتاب المستثمر الذكي لتصبح كذلك؟ يقدم الكتاب 3 أدوات رئيسة تساعد على ذلك:
1- التحليل الشامل
يركز المستمر الذكي دائماً على تحليل الأوضاع جيداً، فهو يسعى إلى التفكير في العديد من الأمور قبل اتّخاذ قرار الاستثمار. يقيّم المستثمر الذكي الأمور من خلال الاطلاع على الأمور التالية:
- مبادئ الشركة التي يرغب في الاستثمار بها، وما هي الأفكار التي يعتمد عليها أصحابها في إدارتها بالطريقة الصحيحة.
- خطة التطور بعيدة المدى، وهذه نقطة مهمة في البحث عن استثمار يستمر للمستقبل، لا فقط يُعتمد عليه في الوقت الحالي. يمكن فعل ذلك من خلال إلقاء نظرة على خطة النمو والتوسع للشركة، وما هو المسار الذي ترغب في اتّباعه لتحقيق أهدافها في المستقبل.
- استخدام الأدلة والأرقام السابقة وتاريخ الشركة لتقييمها بطريقة صحيحة بدون أي مبالغات في التقدير.
2- تنويع الاستثمارات
من أهم الأدوات والأفكار التي يحتاج المستثمر الذكي لاتّباعها هي مسألة التنويع في الاستثمارات. كما يُقال: "لا تضع البيض كله في سلة واحدة". وكثيراً ما أشعر بكون هذه الجملة ترتبط بصورة أساسية مع قرارات الاستثمار. هذه الفكرة مهمة جداً، فعلى الرغم من احتمالية تأثر الأرباح الخاصة بالشخص، لكنه يقدر من خلال ذلك على تأمين الأوضاع.
في حال فشلت فكرة من التي يعمل عليها، فهو يملك فكرة أخرى يمكن من خلالها تأمين أوضاعه. هذا هو المبدأ الذي يتّبعه العديد من المستثمرين، فهم يعرفون احتمالية التغيير بالتأكيد، فأنت لا تعرف من سيخرج للمنافسة معك، لكن على الأقل أنت تؤمن نفسك بقرار الاستثمار في أكثر من جانب. وهكذا هو المستثمر الذكي، يسعى لحماية ذاته من الخسارة من خلال التنويع في الاستثمارات.
3- البحث عن العوائد المضمونة
يظن البعض أنّ المستثمر الذكي يجب أن يبحث عن الدخول في فكرة تحقق له عوائد عالية، لكن هذا ليس التفكير الصحيح، فهذه النقطة تعد امتداداً للنقطة الماضية، وهي أنّ المستثمر الذكي يبحث عن العائد المضمون مع الوقت.
ليس صحيحاً الاعتماد على وجود احتمالية للربح الكبير، الذي يتواجد على المدى القريب فقط. بل يجب التفكير جيداً في المستقبل وما قد يحدث، وبالتالي ضمان تحقيق الربح. حتى لو كان يترتب على ذلك الاستثمار في شركة لم تحقق ربحاً بعد، لكن مستقبلها يوحي بالعكس. بدلاً من الاستثمار الآن في شركة رابحة، لكن احتمالية سقوطها كبيرة، فيجد المستثمر الذكي نفسه يخسر كل شيء.
يوجد اقتباس مشهور لرجل الأعمال وارن بافت يلخص قيمة هذه الأدوات، ويشرح فيه وجود قاعدتين في الاستثمار، الأولى هي "لا تخسر المال أبداً"، والثانية "لا تنسَ القاعدة الأولى". ببساطة ركّز دائماً على المستقبل، وأن تبحث عن الطرق المضمونة لتحقيق الأرباح، لا فقط الطرق السريعة.
مبادئ المستثمر الذكي: لا تثق أبداً بالسوق (Mr. Market)
من أهم النقاط التي يشاركها كتاب المستثمر الذكي، وتتعلق بالمبادئ التي يحتاج إلى اتّباعها في العمل، هي أهمية ألّا تثق بالسوق أبداً. إذ يصور الكاتب غراهام سوق الأسهم كشخص واحد فقط، يحاول إقناعك بأخذ قرارات الاستثمار وفقاً لقناعاته الشخصية، لكن هل يجب عليك الوثوق بهذه القناعات؟ على الأغلب لا يجب فعل ذلك.
يشرح كتاب المستثمر الذكي أنّ السوق لا يمكن التنبؤ به تماماً، لأنّه ببساطة يعاني من تقلبات مزاجية خطيرة، تعتمد على الأحداث والتغيرات المختلفة في حال الشركات، وبالتالي الثقة الكاملة في الأمور لن تؤدي بالضرورة إلى تحقيق النتيجة المطلوبة.
على سبيل المثال، عندما تقرر الشركات الكبرى إطلاق منتج جديد مثل شركة أبل، فتجد الأسهم ترتفع نتيجة إقبال الأشخاص على حجز المنتج وخلافه. ماذا لو جاء المنتج مخيباً للآمال؟ في اليوم التالي مباشرةً ستسمع عن انخفاض في أسعار أسهم شركة أبل. بالتالي، فالثقة العمياء في السوق ليست هي الحل المناسب أبداً.
وتبقى المعضلة الأهم: إذاً ماذا نفعل؟ في هذه الحالة يحتاج المستثمر الذكي إلى تجاهل السوق، مع الاعتماد على إجراء البحث الخاص به بالطريقة الصحيحة. يمكنك فعل هذا البحث من خلال التواصل مع الخبراء وسؤالهم عن آرائهم وتقديراتهم الشخصية للوضع الحالي، وبالتالي ستضمن على الأقل قدرتك على اتخاذ قرار بناءً على نتائج البحث، بدلاً من الانجراف وراء التحركات اليومية للأسهم.
عقلية المستثمر الذكي: الالتزام بمعادلة ثابتة للاستثمار
في النهاية لا يعتمد المستثمر الذكي بالضرورة على الاستثمار كنمط أساسي للعمل، لكن يملك حياة أخرى، سواءٌ أكان يدير مشروعه الخاص أم حتى يعمل في وظيفة. لذا، هو لا يحتاج إلى الشعور بالضغط العاطفي الناتج عن الاستثمار. يمكن التغلب على هذا الأمر من خلال الالتزام بمعادلة ثابتة للاستثمار.
تسهل هذه المعادلة على المستثمر الذكي الشعور بتحكمه في آلية الاستثمار، من خلال تحديد مبلغ محدد للاستثمار شهرياً أو ربع سنوي أو وفقاً للأسلوب الذي يفضله في الإدارة المالية الشخصية. بناءً على هذا المبلغ فهو يأخذ قرارات الاستثمار الخاصة به.
مثلاً يمكن تحديد 10% من الدخل الشهري للاستثمار، ولا يحاول المساس بهذا المبلغ تحت أي ظرف، بل يلتزم به كميزانية محددة لعملية الاستثمار. من خلال البحث يمكنه تحديد الأسهم التي يرى فيها الفرصة المثالية للاستثمار.
تسهّل هذه المعادلة على المستثمر الذكي أخذ القرارات الصحيحة للاستثمار، فهو لن ينجرف نحو التغيرات في السوق ولن يضخ مبالغ كبيرة أو صغيرة وفقاً لرؤيته لسهم معين، لكن بناءً على الميزانية المتاحة معه للاستثمار.
قد يرى البعض أن ذلك يضيّع منه بعض الفرص الاستثمارية، لكن في الحقيقة يوفر له ذلك الشعور بالأمان المالي، ويجنبه المشاعر السلبية التي تنتج عن قرارات الاستثمار، فحتى إذا حدثت بعض الخسائر، فهو يضمن عدم خسارة كل شيء، لأنّه في النهاية يدور الأمر حول الميزانية التي خصصها لعملية الاستثمار.
تحميل كتاب المستثمر الذكي
إذا كنت ترغب في الاستفادة من الكتاب، لمعرفة كل شيء عن المستثمر الذكي، يمكنك الحصول على الكتاب باللغة العربية من هنا.
ختاماً، يقدم كتاب المستثمر الذكي نصائح ومعلومات متعددة حول الأسهم وقرارات الاستثمار، ويوضح الكتاب أنّ كل شيء يعتمد على قدرة التقييم الصحيحة، وهذا لن يحدث إلّا بوجود العقلية السليمة، مع توظيف الأدوات اللازمة لإتمام الاستثمار بطريقة ناجحة تحقق الفائدة المطلوبة في النهاية.
المصادر: