يخت "دار".. 90 متراً من الفخامة وروعة التفاصيل
كنز مفعم بالتفاصيل على يخت "دار" من Oceanco السوبر البالغ طوله 90 مترًا في معرض موناكو لليخوت، نستعرض تلك التفاصيل في السطور التالية.
يسيطر منظر الصالون العلوي على المشهد، اليخوت البيضاء في الميناء المزدحم، والمباني السكنية على سفح التل والسماء الزرقاء فوقها، يشعرك الأمر كأنك تمشي على حافة الفضاء.
كما أن الانحناءات الزجاجية تضاعف ذلك الإحساس، تشعر كأنك معلق في الهواء، كما أن الزجاج شبيه بعباءة سحرية تغطي كل ما بداخلها، حتى مع وجود الأضواء.
يقول لويز دي باستو، مصمم يخت "دار" الهائل: "يمكنك رؤية موناكو (في إشارة إلى العروض الشهيرة)، لكن موناكو لا تستطيع رؤيتك".
ويضيف دي باستو: "التصميم الداخلي والخارجي متصلان بالكامل داخل يخت دار".
تخيل دي باستو كل هذه الملامح في تصميم اليخت قبل ثماني سنوات أثناء جلوسه في مكتبه في ميامي المطل على خليج بيسكين، كان سعيه في ذلك الوقت هو تصميم يخت بطول 85 مترًا يخفي حجمه وأسطحه داخل تكوين زجاجي رشيق يمنح أصحابه أهم شيء، الخصوصية.
يقول: "كان الزجاج هو الإلهام الرئيس كوسيلة لتحسين الاتصال بالطبيعة، وعندما طورت الفكرة أكثر، فكرت في حيوان بحري معين أطلق اسمه في النهاية على المشروع، فوجدت أن الأنسب هو سمك القرش".
وأردف في تصريحات نقلها موقع "بوت إنترناشيونال": "قفزت العلاقة مع سمكة قرش (رأس المطرقة) نحوي عندما بحثت عن طريقة لإنشاء محطات الجناح، لقد كنت دائمًا مهتمًا جدًا بالطبيعة وعالم الحيوان، ربما بسبب طفولتي في أنغولا والتواصل المبكر مع المساحات الخارجية الشاسعة".
دي باستو يقول إن اليخت يشبه سمكة القرش ذات المطرقة التي تمنحها العيون الواسعة رؤية استثنائية، وهذا ما استوحاه في تعزيز المحطات ذات الأجنحة الرشيقة والتي ترفع قدرة القبطان على رؤية جوانب الهيكل الطويلة.
يقول دي باستو أيضا عن التشابهات بين يخت دار وسمكة القرش ذات المطرقة: "إذا نظرت عن كثب ترى أن الصاري يشبه الزعنفة الظهرية. كل شيء يتدفق من هناك نوعًا ما".
كانت الخطوة التالية التي اتخذها دي باستو هي عرض فكرته على شركة بناء اليخوت الفاخرة الهولندية Oceanco وهو يقول عن ذلك: "اعتقدت أنها ستكون الخيار المناسب لهذا المشروع بالذات، فهي علامة رياضية وغير تقليدية أكثر من البقية وليس لديها مشكلة في استخدامي المكثف للزجاج"، مضيفًا: "لقد أحببنا التصميم العام والتحديات التقنية المرتبطة بالمشروع وبدأنا العمل معًا على نموذج تصميم".
زاد طول اليخت 5 أمتار عما كان مقررا فوصل إلى 90 مترا، لكن هذا لم يؤثر على تكامل التصميم، وعن هذا يقول دي باستو: "لقد بذلنا قصارى جهدنا للحفاظ على المظهر العام، ولكن أيضًا تفاصيل تصميمه. لقد ظللنا مخلصين للمفهوم، وهو مفهوم قوي ومدروس جيدًا".
22 طنا من الزجاج!
واحدة من أكثر الجوانب تعقيدًا لليخت كانت الميزة الأكثر وضوحًا - الزجاج الأسود السلس الذي يحيط بالبنية الفوقية، حوالي 390 مترًا مربعًا من الزجاج في البنية الفوقية وحدها دون احتساب الأبواب ونوافذ الهيكل.
يبلغ حجم الألواح الزجاجية 1.8 متر في ثلاثة أمتار لكل منها، ويتم لصقها على الهيكل العلوي المصنوع من الألومنيوم بدون مثبتات ميكانيكية، وبعد إضافة جميع نوافذ وأبواب اليخت، يحمل اليخت حوالي 22 طنًا من الزجاج الخارجي من صنع شركة TILSE الألمانية لصناعة الزجاج، والتي طورت مادة مانعة للتسرب وغراء خاصا تم التأكد من قدرته على التأقلم مع الطابع البحري، هندسيا، تطلب هذا قدرًا هائلاً من العمل استمر مع بدء البناء.
قام أصحاب اليخت الذي سيصبح في النهاية "دار" بتكليف القبطان كلاوديو مارسيليتش بإجراء بعض الاستفسارات نيابة عنهم، أظهر له الفريق التجاري في Oceanco المشروع الذي كانوا يطورونه.
يقول مارسيلتش إنه انجذب إلى "الخطوط النظيفة والمميزة" للقارب، وفي يناير 2014 تواصل مع الرئيس التنفيذي لشركة Oceanco ثم عرض مشروعه وأرسل خطاب النوايا ودراسة الجدوى وبدأ العمل بشكل فعلي على هذا المشروع المذهل.
حرص فريق العمل على ضبط الميزات لتلائم بشكل أكثر دقة متطلبات المالكين وأفكارهم، كل هذه الأشياء كانت بحاجة إلى أن يتم دمجها في غلاف التصميم الذي استمتعوا به لاسيما السطح الأسود الكلي، وأفكار رأس المطرقة وزعنفة القرش، وكل ما كان حلما في ذهن دي باستو قبل أن يأخذ طريقه ليصبح واقعا.
كان تحقيق هذا التأثير الزجاجي "الأسود الكلي" السلس ، الضروري جدًا للتصميم الأصلي، أحد أكبر التحديات التقنية، فسمك الزجاج يختلف باختلاف الموقع، ويوجد في البناء العلوي فوق السطح الرئيس 186 نافذة، من بينها 112 نافذة منحنية في اتجاه واحد و 28 نافذة منحنية مزدوجة.
كان لا بد من إيجاد الكثير من الحلول الخاصة لتنفيذ متطلبات المالكين في الزجاج، تضمنت قياس البنية الفوقية بأبعاد ثلاثية عدة مرات في مراحل مختلفة من البناء.
كان التحدي الآخر هو تحديد مسار الأنابيب وأنابيب التدفئة والتهوية والتكييف مع الأسطح الزجاجية الكبيرة، كان هناك مساحة صغيرة لوضع الأنابيب قريبا من السطح الخارجي للبنية الفوقية، وعادة يمكن استخدام الجانب السفلي من الطوابق الجانبية لشبكات التهوية. في حالة "دار" الذي يضع الخصوصية كشرط أساسي، لم يكن ذلك ممكنًا.
يخت "دار" من الداخل
إلى جانب ما يتعلق بالزجاج، تم إضافة أشياء في التصميم مثل منصة هليكوبتر وإمكانية نقل المسبح من سطح إلى آخر، المسبح بيضاوي الشكل بعمق 1.6 متر مع شلال يحتفظ بمساره حتى أثناء تحرك اليخت وأريكة ضخمة تبدو أنها تحوم فوق سطح السفينة، كما يشتمل سطح المالك على مسبح سبا خاص تمامًا محاط بنوافذ تكشف العالم للمالكين، وتحافظ في ذات الوقت على خصوصية المالكين.
أولوية التصميم في "دار" تمثلت في الحصول على تصميم داخلي مريح وخفيف ومشرق للغاية، مع عدم وجود أخشاب داكنة اللون للحفاظ على هذا الطابع.
كما تم دمج زخارف الأسماك والأوراق وأشجار الزيتون والأزهار والأمواج بذكاء في مجموعة متنوعة من المواد، من الطلاء إلى الجص والجلد المنحوت والزجاج المنقوش والمطرزات، واستخدم الكتان بطريقة غير معتادة وتم استخدام الخشب باعتدال وعندما يتم استخدامه يكون بشكل أساسي خشبًا فاتح اللون مع تشطيب مبتكر، وحملت الأخشاب صبغة اللون الرمادي واستخدمت قشرة خشب "القيقب" في منحنيات الأرضية.
أما الدرج الداخلي فتم تشطيبه بالكامل من البرونز العتيق، والمصعد الداخلي لا يقل فخامة فهو يتميز بلوحة زجاجية مزخرفة كأرضية.
من حيث خامات القماش، يشتمل اليخت من الداخل على 120 نوعا من الأقمشة و24 نوعا من الجلود.
أرضيات البلاط المستخدمة تأتي من Lapitec وهي ذات ألوان فاتحة وتتسم بسهولة التنظيف، ما يجعلها مثالية للنمط الترفيهي الحيوي المطلوب في اليخت.
تتميز طاولة الطعام التي تتسع لـ 12 مقعدًا بشكل مريح، بميزة تصميم غير عادية. يمكن خفض موقعها وهي مزودة بجهاز تحكم عن بعد.
من الناحية التقنية، اليخت مثير للإعجاب تمامًا، فهو مزود بنظام تحديد المواقع الديناميكي الكامل، وبه مرآب ذكي طوله 10.5 متر، ومن كل النواحي يمثل "دار" إبداعا فنيا في 90 مترا مفعمة بالتفاصيل.