كيف يمكنك تعزيز سلوك تحمل المسؤولية في شخصيتك
يسعى الإنسان إلى تطوير مهاراته وإمكانياته طوال الوقت، فهو يرى في ذلك فرصة حقيقية تمكنه من تحقيق النجاح والتطور في حياته المهنية. لكن نجاح الإنسان لا يتوقف فقط على مهاراته، لكن أيضاً على السلوكيات التي يملكها وتساعده على تحقيق هذا النجاح، ومن بين هذه السلوكيات يظهر سلوك تحمل المسؤولية كأحد أهم الصفات التي يحتاج الإنسان إلى امتلاكها. في هذا المقال سنتحدث عن مجموعة الطرق التي تساعدك على تعزيز سلوك تحمل المسؤولية في شخصيتك.
لماذا تحتاج إلى تعلم تحمل المسؤولية في حياتك؟
قبل الانتقال إلى الحديث عن الطرق التي تساعدك على تعلم وتعزيز سلوك تحمل المسؤولية في شخصيتك، فمن المهم التفكير جيداً في الأسباب التي تجعل من هذا السلوك واحدا من أهم السلوكيات المطلوبة للنجاح.
إذا أردنا تقسيم الأساسيات التي تخلق إنساناً ناجحاً، سواء على المستوى الشخصي أو العملي، فسنجد ثلاثة عوامل رئيسة تظهر لنا: المعرفة ومقدار المعلومات التي يعرفها الشخص، المهارات وقدرته على تنفيذ المطلوب منه، السلوكيات وطريقة تعامله مع الأمور والأشخاص من حوله.
يسهل على الإنسان اكتساب المعرفة والمهارة من خلال الممارسة المستمرة، لكن عندما يتعلق الأمر بالسلوك، فهو أمر قد يتطلب الكثير من المجهود الداخلي لإحداث تغيير في شخصية الإنسان. بالطبع تحمل المسؤولية أحد السلوكيات الهامة، فهو السلوك الذي يخلق إنساناً ملتزماً في العمل وفي علاقاته الشخصية مع الأسرة والأصدقاء، يظهر سعياً لإصلاح الأخطاء بدلاً من لوم الآخرين.
إذا كنت قد جربت البحث عن أخلاقيات العمل في الشركات المختلفة، فستجد أغلب هذه الشركات تضع تحمل المسؤولية في المقدمة، وستدرك أنّه لا أحد يحب الشخص غير الملتزم، حتى إذا امتلك أداءً مميزاً في عمله، لكن يظل غياب تحمل المسؤولية مشكلة كبرى بالنسبة لهذه الشركات. بالتالي، يتطلب النجاح في كل شيء امتلاك القدرة على تحمل المسؤولية.
10 طرق تساعدك على تعلم وتعزيز سلوك تحمل المسؤولية
في النهاية يمكنك محاولة تعلم سلوك تحمل المسؤولية كأي سلوك آخر في حياتك، لكن يتطلب الأمر فهم للطرق التي تساعدك على تحقيق ذلك ومحاولة الالتزام بها. إليك أشهر 10 طرق يمكن الاعتماد عليها في تعلم تحمل المسؤولية أو تعزيز هذا السلوك بداخلك.
1- إدراك أنّك المسئول عن نتائج أفعالك
الشيء الأساسي في تعلم تحمل المسؤولية هو الإدراك بأنّك المسؤول عن نتائج أفعالك باستمرار، وبالتالي فما تفعله هو ما يؤدي إلى النتيجة الحالية في النهاية. لا يتعلق الأمر فقط بالأفعال، لكن أيضاً بالأفكار والمشاعر التي تمر بها من داخلك، بالتالي تعود على التعامل مع الأمر بهذه الطريقة.
على سبيل المثال، مهما كانت الظروف، يمكنك التحكم في مشاعرك التي تظهرها، ومحاولة التغلب على المشاعر السيئة التي تمر بها. بدلاً من الشعور بالضيق المستمر، يمكنك التفكير في استبداله بشعور الرضا عن الحال، والتركيز على محاولة تغيير الأمور للأفضل.
2- التوقف عن لوم الآخرين
يعد لوم الآخرين على الأخطاء هو أشهر السلوكيات التي يقوم بها البعض، وهو أمر يخالف تحمل المسؤولية تماماً، لا لعدم وجود أخطاء من الآخرين تؤثر على حياتك، ولكن لأنّ البعض يبحث عن هذا الأمر كسبب وتفسير لكل الأحداث في حياته، فيبحث دائماً عمّن يعلق عليه فشله ومحاولاته غير الناجحة ومشاعره السلبية.
لذا، حتى تقدر على تعلم تحمل المسؤولية، فأنت بحاجة إلى التوقف عن لوم الآخرين. بالطبع لا يعني ذلك لوم نفسك على أشياء لم تفعلها، لكن في الوقت ذاته التفكير في أخطائك أنت لا أخطاء الآخرين فقط، وفي حالة حدوث مشكلة، تعلم تحمل المسؤولية لأفعالك واحتمالية كونك أنت المتسبب في حدوث هذه المشكلة.
3- التوقف عن الشكوى
نواجه جميعاً مشكلات في حياتنا، مشكلات في العمل وفي الحياة الشخصية، لكن يبقى الاختلاف هو طريقة التعامل مع المشكلة. ستجد أنّ هناك من يستمر في الشكوى طوال الوقت بشأن هذه المشكلة، دون أن يأخذ خطوة نحو الإصلاح، أو يتعامل مع الأمر على أنّه النهاية.
بينما التصرف الصحيح في هذه الحالة هو تحمل المسؤولية والبدء في التفكير بالحل المناسب للمشكلة، ومحاولة تغيير الوضع للأفضل. تعد هذه واحدة من صفات الأشخاص الناجحين، فهم يركزون دائماً على الحلول ولا يؤمنون بجدوى الشكوى وأنّها لا تسبب أي فائدة بالنسبة لهم في الحياة.
4- عدم تقديم أعذار
من المهم أيضاً التوقف عن تقديم الأعذار في المواقف المختلفة، سواء تقديم عذر لنفسك أو للآخرين بشأن المواقف المختلفة التي تمر بها في حياتك. إذ سيساعدك ذلك على تعلم تحمل المسؤولية، والتركيز على علاج المواقف التي تمر بها بطريقة صحيحة.
مثلاً عليك التوقف عن قول أعذار مثل أنا لا أملك الوقت لفعل ذلك، أو لا أعرف كيفية فعل هذا الأمر، وغيرها من الأعذار في المواقف المختلفة. بدلاً من ذلك ركز على محاولة علاج هذه المواقف، لا سيّما مع سهولة وجود حلول لها، إذ يتواجد الإنترنت في كل مكان من حولك، بالتالي تقدر على تعلم أي شيء، وفيما يتعلق بالوقت يمكنك تعلم تنظيم جدول يومي للمهام يمكنك من تنسيق المهام.
5- تعلم العيش في اللحظة الحالية
يتعلق تحمل المسؤولية بالتركيز على اللحظة الحالية في حياتك، ومحاولة علاج ما تمر به من أزمات وعدم تجاهل هذه الأزمات. توقف عن التفكير في الماضي وأنّه السبب فيما تمر به الآن، وكذلك لا تتعجل المستقبل دون محاولة صناعته بمجهوداتك.
بدلاً من كل ذلك، ركّز على الحاضر وكيفية التفاعل معه بطريقة صحيحة، من خلال التركيز على العيش في اللحظة الحالية ومحاولة التعامل مع الأمور كما هي دون تجاهل لها أو إهمال للمطلوب منك.
6- عدم أخذ الأمور على المحمل الشخصي
من المهم في تحمل المسؤولية عدم التعامل مع الأمور بشكل شخصي أبداً، من خلال التركيز على علاج المشكلة دون النظر إلى الأمر على أنّه مقصود أو موجّه لشخصك أنت. بالتالي، ستقدر على علاج هذه المشكلة بطريقة سهلة وبسيطة دون إرهاق للمشاعر.
إذ المشكلة الرئيسة في أخذ الأمور على المحمل الشخصي هي أنّها تجعل الشخص يحاول إنكار المسؤولية الواقعة عليه، فبدلاً من تحمل المسؤولية تجده يركّز على الدفاع عن نفسه. لذا، لا تنظر لشيء على أنّه أمر شخصي، وحاول التعامل معه بالطريقة الصحيحة.
7- إدراك وجود الاختيار
في الكثير من الأحيان قد تخبر نفسك أنّه لا يوجد لديك أي اختيار لتقوم به، وأنّ ما تفعله هو أمر مفروض عليك. لكن هذا ليس الواقع، حتى إذا وُجدت مواقف تبدو كذلك، لكن أنت تقوم بها لوجود دافع من داخلك، سواء كان ذلك الدافع هو تحمل المسؤولية أو أي شيء آخر.
في كل موقف ستجد فرصة يمكنك الحصول عليها، ولا بد من محاولة استغلالها بالطريقة الصحيحة. في كل موقف توجد العديد من الاختيارات، كل ما تحتاج إلى فعله هو بذل المجهود من أجل التعرف على هذه الاختيارات المتاحة، ومحاولة الحصول على ما يلائمك ويتفق مع حياتك الشخصية.
8- تعلم المشاعر الجيدة مثل التفاؤل والسعادة
كثيراً ما يتهرب الأشخاص من تحمل المسؤولية بسبب المشاعر السلبية التي تصاحبها، مثل الشعور بضغوط سواء ضغوط العمل أو الضغوط الأسرية، أو الشعور بالإحباط نتيجة صعوبة المسؤوليات المطلوبة من الشخص، وهو ما يجعل الأشخاص لا يرغبون في تحمل المسؤولية.
لذا، من الطرق التي تساعدك على التغلب على هذا الأمر، هو أن تتعلم من البداية كيفية الشعور بالمشاعر الجيدة التي تساعدك في حياتك، مثل التفاؤل في المواقف المختلفة، والسعادة في أبسط المواقف. تسهّل عليك هذه المشاعر تحمل المسؤولية، وتجعلك تملك السلاح المناسب للتعامل مع الموقف ومحاولة تحقيق أفضل نتيجة ممكنة.
9- الدخول في تجارب مختلفة
يتعلق الخوف من تحمل المسؤولية بالأحمال المترتبة عليها، وشعور الشخص بعدم امتلاكه للكفاءة اللازمة للتعامل مع هذا الأمر، فيحجم عن تحمل المسؤولية من الأساس. لذا، يمكن التغلب على هذا الأمر بتعلم الدخول في تجارب مختلفة طوال الوقت.
من بين التجارب مثلاً تعلم الاستقلال المالي مبكراً عن الأهل في حالة الطلاب الجامعيين، من خلال محاولة البحث عن وظيفة. أو يمكن أيضاً تجربة أعمال صعبة غير مألوفة، بهدف تشجيع تحمل المسؤولية وتولي مهام متنوعة. في النهاية من خلال هذه التجارب سيكون بالإمكان تحسين شعور تحمل المسؤولية.
10- تطبيق معادلة الفعل ورد الفعل
توجد معادلة بسيطة تسهّل شرح فكرة تحمل المسؤولية، وهي يمكن تعريفها بمعادلة الفعل ورد الفعل. تقول هذه المعادلة أن (الحدث + الاستجابة = النتيجة). إذ الحدث هو الفعل، والاستجابة هي رد الفعل الخاص بك، وفي النهاية النتيجة هي ما يحدث من مزج الاثنين معاً.
تعد هذه المعادلة تطبيق على جميع طرق تحسين شعور تحمل المسؤولية، ويمكنك الاعتماد عليها في المواقف المختلفة في حياتك.
لنأخذ مثالاً على الأمر من خلال تعرضك لمشكلة معينة في حياتك، وهذا هو الحدث. في هذه الحالة لديك اختيارين للقيام بهما، وهذه هي الاستجابة. الاختيار الأول قد يكون إمّا لوم الآخرين وإما الشكوى وإما من السلوكيات السلبية، والاختيار الثاني هو التفكير في طريقة علاج المشكلة والتعامل معها.
في النهاية تعتمد النتيجة على اختيارك النهائي للتعامل مع الأمر، وبالتالي ستجعلك تدرك دائماً بأنّ الأمر يقع بين يديك، وأنّ هناك اختياراً لتقوم به في حياتك.
ختاماً، لعل سلوك تحمل المسؤولية هو أحد السلوكيات الهامة في الحياة، التي لا بد من الانتباه إليها جيداً، لأنّها تصنع إنساناً ناجحاً يقدر على تحقيق العديد من الأمور في حياته، ووغيابها يصنع إنساناً فاشلاً يتحجج دائماً بالمشكلات والظروف من حوله، ولا يحاول أخذ خطوة نحو التغيير. كن دائماً على قدر المسؤولية المطلوبة منك، ستجد نفسك تقدر على تحقيق العديد من النجاحات في حياتك.
المصادر: