كيف تستخدم البوصلة الشخصية لتحديد أهدافك في الحياة؟
تزداد قيمة التخطيط الشخصي باستمرار، وذلك لحاجة كل فرد لامتلاك القدرة على تحقيق بعض الأهداف في حياته، وهذا لا يأتي سوى بالاعتماد على التخطيط الفعّال. لذلك توجد العديد من الأدوات التي تسهّل عملية التخطيط الشخصي، ومن أهمها الاعتماد على البوصلة الشخصية والاستفادة منها كسبيل لتحديد الأهداف. إذًا كيف تستخدم البوصلة الشخصية بكفاءة؟
ما البوصلة الشخصية؟
تعرف البوصلة بصفة عامة على أنّها الأداة التي تساعد على تحديد الاتجاهات، فمن خلال النظر إلى البوصلة يمكن معرفة الاتجاه الصحيح. عند الحديث عن البوصلة الشخصية، فالغرض لا يكون فقط هو تحديد الاتجاهات للحياة، لكن أيضًا امتلاك منهجية محددة تساهم في تحقيق الأهداف.
لذا، قد تختلف مكونات البوصلة الشخصية من شخص لآخر، أو بالتبعية تتطور النماذج الخاصة بها، وذلك للمساهمة في تحسين أدائها بما يمكّن الأفراد من الحصول على المزيد من التخطيط الجيد لحياتهم. يمكن من خلال البوصلة الشخصية تحقيق الأهداف التالية:
1- تحديد الأهداف: يؤدي الاعتماد على البوصلة الشخصية إلى امتلاك القدرة على تحديد الأهداف التي يرغب الفرد في تحقيقها بحياته. في هذه الحالة، لن يسير الشخص في طريق تحقيق أهداف عشوائية، لكنه سيقدر على فهم ذاته، وامتلاك مجموعة الأهداف التي تتفق مع طموحاته وآماله الشخصية.
2- تقييم وتطوير المهارات الحالية: من خلال استخدام البوصلة الشخصية، سيكون بالإمكان فهم الذات بطريقة أفضل، وذلك عبر تقييم المهارات الحالية للشخص، ثم التفكير في الطريقة المناسبة التي يمكن الاعتماد عليها من أجل وضع خطة تطوير هذه المهارات، والوصول إلى مستوى أعلى.
3- وضع خطة فعلية لتحقيق الأهداف: لا يكتفي دور البوصلة الشخصية بتحديد الأهداف فقط، لكن يساعد على وضع المسار المناسب لتحقيق هذه الأهداف، من خلال خطة فعلية تحتوي على الخطوات اللازمة لفعل ذلك حقًا على أرض الواقع، فتكون قد حققت الفائدة المطلوبة من عملية التخطيط للأهداف.
4- التوازن في الحياة: تساعد البوصلة الشخصية على تحقيق التوازن بين نقاط السعي المختلفة، فبدلًا من التركيز على جانب واحد فقط في حياة الإنسان، سيكون بالإمكان الانتباه إلى وجود العديد من النقاط الأخرى التي تحتاج إلى تركيز ولا بد من الانتباه إليها جيدًا، فيصل الإنسان إلى التوازن في جوانب حياته المختلفة.
ما مكونات البوصلة الشخصية؟
تنقسم البوصلة الشخصية إلى أربعة أجزاء، يعبّر كل جزء منها عن أحد الاتجاهات الموجودة، مثلما هو الحال في البوصلة العادية. يمكن الاعتماد على هذه المكونات معًا لتحديد وجهة الإنسان في الحياة، وما هي الأهداف التي يرغب في تحقيقها. يجب كتابة التفاصيل الخاصة بكل جزء بكفاءة حتى تكون النتيجة ذات معنى مفيد.
1- اتجاه الشمال: ما الأمور التي تحقق لك الاستقرار في حياتك؟
من أهم الأشياء التي تساعد على النجاح، هي شعور الشخص بالراحة والاستقرار الدائم في حياته. لذا، تركز جهة الشمال في البوصلة الشخصية على هذه الأمور. من المهم في هذا الجزء تسجيل جميع هذه الأمور التي تشعر بأنّها تمنحك الاستقرار في حياتك. يشمل ذلك:
1- من الأشخاص الذين يقدمون لك الدعم والمشاعر الإيجابية؟
2- هل تملك مرشداً يساعدك على التقدم في مسيرتك؟
3- ما منظومة القيم التي تملكها؟ وما المرجعية الخاصة بك؟
من خلال تحديد هذه الأمور سيكون بإمكانك التعرف على جوانب الاستقرار في البوصلة الشخصية، للاحتفاظ بها ومحاولة تعزيز وجودها في حياتك.
2- اتجاه الشرق: ما الأشياء الجديدة التي ترغب في بدايتها بحياتك؟
من النقاط المهمة في التخطيط الشخصي هي التفكير دائمًا في التطور على جميع الجوانب، فيجب عليك عدم التركيز فقط على ما أنت به حالياً، بل لا بد من محاولة التفكير في المستقبل، وكيف ترغب في التطور والانطلاق لتحقيق المزيد من الأمور لحياتك، لذا يركز اتجاه الشرق في البوصلة الشخصية على الأشياء الجديدة التي ترغب في بدايتها بحياتك. يشمل ذلك:
1- التفكير في التطور في السلم الوظيفي، وما المناصب التي ترغب في الوصول إليها.
2- العلاقات الشخصية في حياتك، وما العلاقات الجديدة التي ترغب في إضافتها، مثلاً هل تنوي أخذ قرار الزواج.
3- الأنشطة الإضافية التي ترغب في تنفيذها بحياتك لتعطيها معنى إضافياً.
4- المهارات الحالية التي ترغب في تطويرها، أو المهارات الجديدة التي ترغب في تعلمها.
من خلال هذه النقاط، سيكون بإمكانك الاستفادة من البوصلة الشخصية في تطوير جوانب حياتك، بدلًا من التوقف في المكان ذاته طوال الوقت.
3- اتجاه الغرب: ما الذي ترغب في التخلي عنه بحياتك؟
يركز اتجاه الغرب على هدف معاكس تماماً لهدف الشرق في البوصلة الشخصية. فإذا كان الشرق يبحث عن البدايات الجديدة، فالغرب يركز على النهايات الحالية. هذه النقطة مهمة لكن لا يدرك قيمتها الكثير من الأشخاص، وهي ضرورة فحص الأفكار والتخلي عن الأفكار القديمة دائماً التي لم تعد تعمل الآن.
في الوقت ذاته من المهم إدراك أنّ التخلّي يجب ألا يكون في الأساسيات أو منظومة القيم الخاصة بك، ولذلك لا بد من التفكير جيداً في الأمر، إذ المبادئ جزء أساسي من حياة الإنسان، ويجب ألا تخضع للرغبات ولا الأهواء الشخصية. لذا، يمكنك التركيز على اتجاه الغرب في البوصلة الشخصية من خلال النقاط التالية:
1- تحديد الأفكار القديمة التي لم تعد تعمل معك، أو أصبحت من الماضي، ولا بد من استبدالها الآن.
2- الخطط والأهداف التي لم تعد ملائمة لموقفك الحالي، ولا بد من إيجاد بدائل مناسبة لها.
3- التخلص من العلاقات السلبية التي تسبب لك الأضرار في حياتك، أو تجعلك تضيّع من وقتك.
4- الأنشطة التي تؤثر على مجهوداتك وطاقتك، بالتالي تستنزف إمكانياتك الشخصية.
من خلال التركيز على هذا الجانب في البوصلة الشخصية، سيكون بالإمكان التخلص من الأشياء التي لا فائدة منها في حياتك، وبالتركيز على اتجاه الشرق، ستستبدلها بأشياء ذات فائدة في حياتك.
4- اتجاه الجنوب: ماذا ترغب في أن تكون أو تفعل بحياتك؟
يساعد اتجاه الجنوب في البوصلة الشخصية على التركيز على جوانب حياتك الإبداعية، والتفكير في الهوايات أو الأمور التي تحب القيام بها. يؤدي ذلك إلى اهتمامك بعملية الإبداع الخاصة بك، فتتحفز لتحقيق النجاحات في حياتك، وتتمكن من استثمار مصادر الاستقرار الخاصة بك. يشمل اتجاه الجنوب في البوصلة الشخصية:
1- معرفة الأمور التي تلهمك لتكون في أفضل حالاتك.
2- تحديد المشاعر والهوايات التي تمنحك مشاعر إيجابية ومفيدة لحياتك.
3- التفكير في الأحلام التي ترغب في تحقيقها.
من خلال هذه النقاط، سيكون بإمكانك المزج بين الأمور التي تحضر لك الاستقرار، مع الأمور التي تحب القيام بها، فتكون البوصلة الشخصية موجّهة لك بالقدر الكافي لأمور حياتك.
4 خطوات تساعدك على استخدام البوصلة الشخصية
في النهاية، الهدف من البوصلة الشخصية هو الاعتماد عليها كمصدر يمكنك من إجادة التخطيط الشخصي لحياتك، بدلاً من التركيز على كتابة النموذج فقط. إذ الهدف الأساسي ليس الكتابة في ذاتها، بل التركيز على اكتشاف الذات بطريقة صحيحة. لذا، يمكن فعل ذلك من خلال الخطوات الستة التالية:
1- الكتابة المبدئية لأجزاء البوصلة الشخصية
بعد الانتهاء من فهم الاتجاهات الأربعة وما تعنيه في البوصلة الشخصية، يمكن البدء في كتابة الأجزاء جيداً، وذلك بهدف امتلاك الأساس الخاص بك في كل جزئية، الذي يمكن البناء عليه وتطويره لإضافة المزيد من التفاصيل والتعديل على المحتوى.
من المهم التركيز على جميع الجوانب في البوصلة الشخصية، التي تشمل كل أمور حياتك، سواء العلاقات أو المهارات أو القيم والأفكار الشخصية أو أمور العمل. حتى تضمن في النهاية أنّك تغطي جميع جوانب حياتك المهمة، ولا تركّز على جانب وتهمل آخر، فهذا قد يسبب الكثير من الضرر.
2- الاستعانة بأدوات أخرى لتقييم الذات
إذا كنت تواجه بعض التحديات في كتابة أجزاء البوصلة الشخصية، أو كنت ترغب في التأكد من فاعلية المحتوى، مثلاً التأكد من أنّ المهارات المذكورة هي مهارات فعلية خاصة بك، فيمكن استخدام أدوات أخرى من أدوات تقييم ذات.
من بين هذه الأدوات تظهر نافذة جوهاري، التي تساعد على تقييم الصفات الشخصية، بالاعتماد على مشاركة منك، أو من خلال سؤال الآخرين ممن تثق في آرائهم في حياتك. بالتالي، تضمن جودة المحتوى المسجل في البوصلة الشخصية.
3- وضع خطوات تنفيذية لأجزاء البوصلة الشخصية
بعد الانتهاء من تحديد أجزاء البوصلة الشخصية، والتأكد من جودة المحتوى المستخدم في فعل ذلك، يأتي دور التفكير في الخطوات التنفيذية، من خلال امتلاك خطة واضحة المعالم؛ موضحاً بها الخطوات العملية لتنفيذ الخطة.
ستجعلك هذه النقطة لا تركز على الكم في أجزاء البوصلة الشخصية، ولكن سيكون تركيزك على الجودة، حتى يمكن إيجاد مكان مناسب لها في خطتك. لا بد من التأكد من جودة الخطة، وقدرتك على الالتزام بها في أرض الواقع، حتى تضمن تنفيذها فعلاً، بدلاً من وجود خطة مكتوبة لكن غير واقعية.
4- المراجعة المستمرة وإجراء التعديلات
من الأمور المهمة في استخدام البوصلة الشخصية، هي إدراك أنّها تعتمد على التطوير باستمرار، فكما ترى يوجد جانبان أساسيان يعتمدان على ذلك، وهما الشرق والغرب. إذ يركز كلاهما على إضافة أو حذف تفاصيل من حياتك، وهو ما يؤثر بالتبعية على الشمال والجنوب أيضاً.
لذا، من الضروري مراجعة نموذج البوصلة الشخصية باستمرار، وإجراء التعديلات المناسبة لأجزاء النموذج. يمكنك فعل ذلك على إطار دوري، مثلاً شهرياً أو سنوياً أو وفقاً للفترة التي تختارها. بالتالي ستضمن متابعتك المستمرة لأمور حياتك الشخصية، والتأكد من التعديل في الوقت المناسب.
ختاماً، تعد الفائدة من البوصلة الشخصية في قدرتها على توجيهك بالطريقة الصحيحة في حياتك، ويتطلب ذلك قدرتك على معرفة الطريقة السليمة لاستخدامها لتوجيهك، حتى تضمن صحة الوجهة، واستثمار مجهوداتك في الطريق المناسب لحياتك.
المصادر: