كيفية التوقف عن جلد الذات والتعامل مع أخطائك بطريقة صحيحة
كثيراً ما نتعرض لشعور جلد الذات ولومها على كل شيء، لا سيما عندما يتعلق الأمر بالتجارب الفاشلة، التي نراها كذلك ونشعر بأنّها تسببت لنا في الكثير من الأضرار. للأسف يعاني الكثير من هذا الشعور، وقد يكون أحد الأمور التي تمنعه من أن يعيش حياته كما يريد.
من المهم معرفة الفارق بين جلد الذات ومحاسبة النفس، فالثانية هي مفهوم إيجابي يركّز على حساب النفس على الأفعال والأخطاء بطريقة صحيحة بغرض إصلاحها. بينما جلد الذات لا ينتقل إلى نقطة الإصلاح، ويظل الإنسان في حالة من الشعور بالغضب من أخطائه. إذن كيف يمكنك التوقف عن جلد الذات والتعامل مع الأخطاء بطريقة صحيحة؟
1- المواجهة وعدم الهروب
في الحقيقة جزء كبير من مشكلة جلد الذات يعتمد على الهروب من الموقف، وعدم التفكير في مواجهته من الأساس. في هذه الحالة يركز الشخص على لوم ذاته، لكن دون التفكير في الأمر نفسه. مثلاً تجد الشخص يلوم ذاته على ما يصدر منها من أخطاء، لكنه لا يفكر في محتوى هذه الأخطاء.
لذا، الطريقة الأولى للتغلب على جلد الذات هي بالمواجهة وعدم الهروب. في هذه الحالة ستمنح محاسبة النفس فرصة للظهور والقيام بدورها الأساسي المطلوب منها، وهو الاعتراف بالأخطاء والتفكير في الحلول المناسبة للوضع الحالي.
2- تصالح مع ذاتك وتوقف عن لومها
أحد أسباب جلد الذات هي عدم امتلاك القدرة على التصالح مع الذات، ودائماً يلومها الشخص على ما تفعله. مثلاً مهما بذل من مجهودات، فهو لا يتقبل هذا الأمر، ويرى أنّ هناك ما ينقصه ويحتاج إلى تعويضه، ولا يملك في داخله أي شعور بالرضا.
بالطبع طالما يفعل الإنسان ذلك، فلن يجد في ذاته أي قدرة على التعامل مع الأخطاء، بل ستزداد المشكلة ويزداد أثرها في حياته. سيجد نفسه في حالة من الغضب المستمر طوال الوقت، وكلما حدث أي شيء يلوم نفسه على هذا الأمر. لذا، من المهم جداً التصالح مع الذات والتوقف عن لومها، وإدراك أنّك تبذل ما في وسعك لتحقيق ما تريد.
3- انظر لأخطائك بطريقة صحيحة
أحد أهم أسباب حدوث جلد الذات هو لوم الإنسان لذاته على الأخطاء التي تحدث معه، وكأنّ هذه الأخطاء هي أمر حصري يخصه هو، ولا يقوم بها الآخرون في الحياة من حوله. بينما وجود الأخطاء هو حتمي تقريباً في الحياة، وهو أمر يحدث للجميع لا شخص واحد فقط دوناً عن البقية.
لذلك من المهم أن تنظر لأخطائك بطريقة صحيحة دائماً، تعامل معها على أنّها وسيلة للتعلم وامتلاك فهم أفضل للحياة، وأنّها تجارب تساعدك على اكتساب خبرات أفضل في الحياة. مثلاً عندما تتواجد في منطقة الراحة فأنت لا تخطئ غالباً لكن في الوقت ذاته لا تتعلم أي شيء، وهذا يتنافى مع إمكانية النمو والتطور في الحياة. لذا، عندما تخرج من منطقة الراحة من المتوقع ارتكاب الأخطاء، لكن في النهاية ستجد نفسك قد تعلمت منها الكثير، وهو المطلوب لحياتك.
4- لا تقارن نفسك مع الآخرين
من الشائع حدوث جلد الذات بسبب مقارنة النفس مع الآخرين في كل شيء. في الحقيقة كلّما قارنت نفسك مع غيرك، ستجد أنّ هناك من يملك أشياء تفوقك، وإذا دققت ستجد أنّك تملك أشياء أكثر من غيرك. في الحقيقة لا معنى للمقارنة، لأنّ الحياة لا تسير بنمط واحد مع الجميع، ولكل شخص تجاربه الخاصة.
لذا، من أهم طرق التغلب على جلد الذات هي ألّا تقارن نفسك مع الآخرين، وأن تركز فقط على ظروفك وتجاربك أنت في الحياة. عندما تقارن نفسك مع الآخرين لا يمكنك معرفة ظروفهم ومقارنتها مع ظروفك، بالتالي ستظلم نفسك في مقارنة هي ليست صحيحة من الأساس.
5- امتلك مفهومك الخاص للإنجاز
يحدث جلد الذات لأننا ببساطة قد نشعر أننا لا ننجز أي شيء. في الوقت الحالي يصبح مفهوم الإنجاز خادعاً قليلاً، فنحن نرى يومياً أشخاص يسجلون إنجازاتهم على مواقع التواصل الاجتماعي مثل موقع لينكدإن وقد يصاب البعض بالإحباط نتيجة لذلك، فهو يرى أنّه لا يحقق أي شيء، وفي المقابل هم يحققون كل شيء.
لذا، قبل أن تتأثر بإنجازات الآخرين، فكر في نفسك وما هو مفهومك عن الإنجاز. عندما تعمل على تطوير مفهوم محدد خاص بك، ستجد أنّ الأمور تصبح أكثر سهولة بالنسبة لك، وستقدر على استيعاب هذا الأمر بطريقة جيدة وصحية لذاتك. ستتعلم تقدير الأفعال البسيطة التي تقوم بها في الحياة، وستتغلب على جلد الذات الذي يصيبك نتيجة ذلك.
6- توقف عن التفكير في الماضي
لا يمكن تغيير الماضي لأنه انتهى ولم يعد بالإمكان فعل أي شيء. لذا، التفكير المستمر في الماضي لن يُنتج سوى المزيد من جلد الذات والشعور بالندم والغضب من النفس، وفي الوقت ذاته لا معنى للتفكير في كيفية تغيير شيء لن يتغير.
بدلاً من ذلك فكّر فقط في التجارب والدروس التي تعلمتها من الماضي، وما هي التجارب الحياتية التي خرجت بها. ثم وجّه تركيزك إلى الاستفادة من هذا في الحاضر وكيفية تحسينه جيداً. كن في الحاضر باستمرار فهو ما يصنع المستقبل.
7- ابتعد عن الأشياء السلبية
إذا أحطت نفسك بأشخاص أو أخبار سلبية دائماً، ستجد أنّ جلد الذات هو شعور مستمر يصحبك في كل شيء. بل إنّ هؤلاء الأشخاص قد يكونون السبب في تغذية هذا الشعور، وهو أمر مُضرّ تماماً ولا ترغب في حدوثه لك بأي حال من الأحوال، فأنت تركّز على علاج المشكلة لا تفاقمها.
لذا، من الجيد الابتعاد عن أيٍّ من العوامل السلبية التي تؤمن بأنّ تأثيراً معيناً سيكون ضاراً بالنسبة لك. تخلّص من العلاقات السيئة التي تجعلك تشعر أنّك شخص سيئ، وتوقف عن متابعة الأخبار السلبية، وركّز على التفكير الإيجابي بدلاً من ذلك، لتخلق لنفسك مشاعر طيبة تساعدك على التخلص من شعور جلد الذات.
8- طلب الدعم والمساندة
في النهاية جلد الذات قد يصبح مرضاً تعاني منه في حياتك، لا مجرد مشاعر تسيطر عليك لفترة من الوقت. لذا، الاستسلام له يزيد من مقدار الضرر. بدلاً من ذلك لا بد من البحث عن العلاج المناسب له، الذي يساعدك على التحكم به والتخلص من أضراره.
لذا، من المهم التركيز على طلب الدعم والمساندة في الوقت الصحيح، سواء أكان من خلال زيارة الطبيب، أو بالاعتماد على النصح والإرشاد من مستشارك المهني، أو حتى البحث عن مساعدة الأشخاص القريبين منك في حياتك من الأهل والأصدقاء، إذ يمكن لهم مساعدتك على التخلص من شعور جلد الذات.
9- توقف عن السعي وراء المثالية
يلعب وهم المثالية دوراً كبيراً في شعور جلد الذات لدى الإنسان، لأنّه يصور له النقص في كل شيء يقوم به. مثلاً حتى إذا نفّذ الشغل بطريقة صحيحة، يجد نفسه يلوم ذاته على بعض التفاصيل التي تحتاج إلى إصلاح. على الأغلب تؤدي المثالية إلى منع الشخص من فعل الشيء مع الوقت، وبالتالي بدلاً من كونه شخصاً منتجاً، يتحول لشخص يخشى العمل.
لذا، من المهم إدراك أثر المثالية السلبي، وحتى إن كانت سبباً يحفز الشخص للعمل، فمن المتوقع أنّها في فترة من الفترات ستكون السبب الذي يجعله يخشى من العمل. بالتالي، من المهم التخلص من وهم المثالية وتقبل المحاولات الشخصية كما هي في الواقع.
ختاماً، يعد التغلب على جلد الذات أمراً هاماً يجب على كل شخص فعله، إذ قد يتسبب ذلك في العديد من الأضرار النفسية والعقلية والجسدية له، ويتحول من شخص منتج إلى شخص عاجز عن التحرك وتحقيق ما يريد. كن مستعداً الآن للتغلب على هذا الشعور، بالاعتماد على الطرق المذكورة في المقال، والمحاولة المستمرة حتى تنجح في تحقيق هدفك.