ما هو الوعي الذاتي وكيف يمكنك تحسينه؟
تطور مصطلح الوعي الذاتي كثيرًا في السنوات الماضية، وأصبح من المصطلحات التي يهتم بها الكثير من الناس، فهو يمثل جزءًا أساسيًا من حياتهم، وهو يعد أحد المكونات الأساسية للذكاء العاطفي، الذي أصبح إحدى المهارات المهمة المطلوبة في بيئة العمل. إذًا ما الوعي الذاتي بالضبط؟ وكيف يمكنك تحسينه في عملك؟
ما الوعي الذاتي؟ وما الفوائد التي تعود عليك من معرفته؟
يمثل الوعي الذاتي القدرة على أن ترى نفسك بطريقة واضحة، من خلال التفكير جيدًا في الذات، وإدراك ما يحدث معك. يأتي الوعي الذاتي في المرحلة الأولى من مراحل الذكاء العاطفي، وهو ما يعني أهمية الوعي الذاتي، فأي خلل في فهم الذات سيؤثر على بقية المراحل. من أهم فوائد ممارسة الوعي الذاتي:
1- الاستباقية
يساعد الوعي الذاتي على أن يجعلنا أشخاصاً يملكون القدرة على التفكير الاستباقي، ومعرفة ما الذي يحدث من حولنا، بدلًا من الاكتفاء بدور رد الفعل باستمرار. كما أنّ إدراكنا بهذا الأمر يساعدنا على تقبل الذات كثيرًا، ويجعلنا نفكر بشأن محاولات تطوير الذات المحتملة.
2- رؤية الأمور من منظور الآخرين
يخلق الوعي الذاتي حالة من التفاهم مع الآخرين من حولنا، ويجعلنا قادرين على رؤية الأمور من منظورهم أيضًا، بدلًا من رؤيتها من تصوراتنا الشخصية فقط. لا يقتصر الأمر على ذلك فقط، لكنّه يسهل علينا تقبل الأمور، لا الانفعال بشأن ما يقوله الآخرون لنا.
3- تعلم ممارسة ضبط النفس
يسهل الوعي الذاتي تعلم ضبط النفس في المواقف المختلفة. مثلًا لن تتعصب عندما تتلقى تقييمًا سلبيًا في عملك على شيء أنت تدرك وجوده بالفعل كنقطة ضعف بداخلك. بل بالعكس ستحرص على تلقي هذا الكلام في سبيل تحسين الذات مع الوقت.
4- تحسين عملية اتخاذ القرار
نحتاج دائمًا إلى اتّخاذ العديد من القرارات في حياتنا، وبعضها يكون مهمًا جدًا في حياتنا، فلا يمكن فعل ذلك بطريقة عشوائية أبدًا. يسهّل الوعي الذاتي عملية اتخاذ القرار، ويجعلها أكثر فاعلية باستمرار، إذ يمكننا في هذا الوقت اتخاذ القرار وفقًا لفهمنا لذواتنا، لا فقط وفقًا لما يراه الآخرون من حولنا.
5- تحسين العلاقات الشخصية
تعد العلاقات الشخصية جزءًا رئيساً من الحياة السوية للأفراد، لكن رغم أهميتها فدائمًا ما نواجه تحديات وصعوبات بها، نتيجة عدم فهم الآخرين لنا، أو عدم فهمنا لهم بطريقة صحيحة. يؤدي الوعي الذاتي إلى تغيير هذا الأمر، ويمكننا من إدارة علاقاتنا معهم بطريقة جيدة، تؤدي إلى امتلاك علاقات صحية.
ما فوائد الوعي الذاتي في بيئة العمل؟
إلى جانب الفوائد العامة من الوعي الذاتي في حياتك، سيكون بإمكانك استثماره أيضًا للتحسن في بيئة العمل على مختلف الجوانب. من أهم فوائد الوعي الذاتي في بيئة العمل:
1- التحسن في مكان العمل
يساعد الوعي الذاتي على تعزيز قدراتنا في العمل. عندما ندرك نقاط القوة والضعف الخاصة بنا، سيكون بإمكاننا توظيف المميزات في أداء المهام بطريقة أفضل، كما سيكون لديك وعي كاف بشأن طريقة التعامل مع عيوبك، حتى لا تسمح لها بالتأثير سلبًا على أدائك للمهام.
2- بناء العلاقات في بيئة العمل
يساعدك الوعي الذاتي على تعلم كيفية إدارة عواطفك، بالتالي تقدر على تحسين علاقاتك مع زملائك وتحسينها بالقدر الكافي، الذي يجعلك تشعر بالسعادة والقدرة على تنفيذ المهام المطلوبة منك، والتعاون مع زملائك دون أي مشكلة.
3- امتلاك الدافع للعمل
يمكنك الوعي الذاتي من فهم دوافعك في العمل بالضبط، وما الأسباب التي تجعلك تفعل هذا الشيء أو لا تفعله، فتقدر على اكتشاف شغفك في العمل وتحسينه مع الوقت. بالتالي سيكون لديك القدرة على اختيار الوظيفة المناسبة، وتذكير نفسك بذلك في أثناء العمل.
4- التحكم في التوتر
في الكثير من الأحيان يؤدي العمل إلى شعورك بالتوتر والضغط نتيجة حجم المسؤوليات المطلوبة منك، وقد يؤدي ذلك إلى الاحتراق الوظيفي. لذا، بإمكانك من خلال الوعي الذاتي معرفة المشاعر التي تمر بها، والتحكم بها تدريجيًّا من خلال القيام بالتصرف المناسب، مثل تغيير طريقة تنفيذك للمهام.
5- تحسين مستوى القيادة
عندما يكون لديك الوعي الذاتي بنفسك، ستقدر على استثمار ذلك في القيادة والتعامل مع الآخرين، فسيكون لديك فهم كامل لما يراه الناس في شخصك، وستقدر على تقبل ذلك واستثماره بما يساعدك على التطوير من مهارات القيادة.
5 طرق تساعدك على زيادة الوعي الذاتي
من المهم التفكير جيدًا بشأن طريقة زيادة الوعي الذاتي الخاص بك. يتطلب ذلك معرفة أنّ هناك نوعين من الوعي الذاتي، أحدهما الوعي الذاتي الداخلي وهو المتمثل في طريقة رؤيتك لنفسك، والوعي الذاتي الخارجي وهو يتمثل في معرفة كيف يراك الآخرون. بالتالي تتضمن طرق تطوير الوعي الذاتي الاستفادة من هذين النوعين. إليك الطرق المناسبة:
1- ممارسة اليقظة والتأمل بطريقة صحيحة
يشير مفهوم اليقظة (mindfulness) إلى ضرورة التواجد في الوقت الحالي فقط، وأهمية الانتباه والوعي إلى نفسك وما يحدث معك من أحداث، بدلًا من ضياع هذا الوقت في التفكير بأشياء أخرى، بالتالي تفقد تركيزك ووعيك بالأحداث.
أمّا التأمل (me لى ممارسة تختص بتركيز انتباهك على شيء واحد فقط، مثلًا الاستماع إلى أنفاسك وتنظيمها، أو ترك الأفكار الداخلية تنجرف إلى عقلك دون محاولة التمسك بها.
يؤدي إدراكك إلى المصطلحين وتوظيفهما بالطريقة الصحيحة، إلى تعزيز قدراتك على الوعي الذاتي بنفسك، فيمكنك من فهم حالتك الداخلية جيدًا، ولماذا تتصرف في المواقف المختلفة، وما هي المشاعر التي تدور في داخلك الآن، بالتالي تقدر على التصرف بالطريقة المناسبة.
2- تخصيص الوقت للتفكير في الذات
إذا كنت تنشغل في المهام اليومية المطلوبة منك، ودائمًا هناك ازدحام في جدول المهام المطلوبة منك، فعلى الأغلب سيكون من الصعب أن تركّز على الوعي الذاتي بسبب هذا الانشغال، ولن تتوقف عند المواقف المختلفة التي تحدث معك لتحللها وتفكر بشأن الطرق الصحيحة للتصرف.
لذا، من المهم أن تخصص جزءًا من وقتك للتفكير في الذات، حتى يكون لديك القدرة خلال هذا الوقت على مراجعة أفكارك ومشاعرك التي مررت بها، وتبدأ في تحليل جميع المواقف الحادثة معك، لتقرر ما الأشياء التي فشلت بها وتحتاج إلى تحسينها، وما الأشياء التي فعلتها بطريقة جيدة.
كذلك من الجيد أن تفكّر في نفسك بالطريقة ذاتها التي تقوم بها الآخرون، فهذا يساعدك على الوعي الذاتي بنفسك بالاعتماد على طريقة تفكيرهم، لكن دون الحاجة إلى سؤالهم بطريقة مباشرة عن ذلك. يمكنك تخصيص وقت لنفسك بالجلوس والهدوء والتفكير، أو الاعتماد على الكتابة والتدوين، وهي النقطة المهمة في الوعي الذاتي التي تعد طريقة لتطويره من الأساس.
3- تعلم التدوين
إذا تركت كل شيء لذاكرتك، فلن يكون سهلًا بالنسبة لك تذكّر جميع المواقف لاحقًا. مثلًا إذا اعتدت على الجلوس مع ذاتك نهاية اليوم أو نهاية الأسبوع، ربما لا تكون جميع التفاصيل في ذهنك واضحة، وحتى في المستقبل قد لا يكون سهلًا عليك استعادة هذه المواقف في ذاكرتك.
لذا، من المهم تعلّم التدوين بالطريقة التي تفضلها لتعزيز الوعي الذاتي، سواء من خلال كتابة ملاحظات بسيطة أو بالاعتماد على إنشاء قوائم رقمية بما تريده. يمكنك الاهتمام بالتدوين مباشرةً بعد حدوث الموقف، حتى يتسنى لك التفكير به جيدًا لاحقًا. أو يمكنك أيضًا الاعتماد على التدوين في أثناء الجلوس مع الذات، حتى تنظم أفكارك بطريقة سهلة، ويمكنك لاحقًا العودة إليها للاستفادة مما كتبته.
4- حاول معرفة آراء القريبين منك
لا بد أنّ هناك أشخاصا تثق بهم وبآرائهم، سواء من أهلك أو أصدقائك أو زملائك المقربين في العمل. لذا، تعد محاولة معرفة آراء القريبين منك إحدى الطرق المهمة من أجل تطوير الوعي الذاتي الخارجي التي تساعدك على معرفة كيف يراك الآخرون، وكيف يقيمون نقاط القوة والضعف التي لديك.
احرص على التنوع في اختيار الأشخاص، فلا تسأل أصدقاءك فقط، أو زملاءك المقربين في العمل فقط، إذ كلٌ منهم يتعرض لك في جانب مختلف من حياتك. يضمن لك التنوع أنّ الآراء الواردة تغطي جميع الأمور في حياتك، بالتالي تسهّل عليك الوعي الذاتي بنفسك في كل شيء.
5- تعلم الاستماع إلى الآخرين
من الطرق التي تساعد على تعزيز الوعي الذاتي هي الاستماع إلى الآخرين، إذ يمكنك من خلال ذلك فهم المقصد من وراء الكلمات التي يقولونها. احرص كذلك على طلب التقييمات الخاصة بك في العمل، ومناقشة جميع الجزئيات الواردة بها، حتى تقدر على استثمار هذا الأمر في تحسين نقاط الضعف، واستثمار نقاط القوة، وهو جوهر الوعي الذاتي.
ختامًا، يساعدك الوعي الذاتي على أن تصبح شخصًا أفضل في حياتك، لديه القدرة على فهم الكثير عن نفسه، مما يعزز من قدراتك على التخطيط واتخاذ القرارات المناسبة لحياتك، فتضمن قدر الإمكان أنّك تتحكم في مسار حياتك الشخصية والمهنية في آنٍ واحد.
المصادر: