محمد نصار يكتب:لا تلُمْ نفسكَ
هناك نوعان لِلَوم النَّفس: لوم إيجابيّ يجعلكَ تُراقب سلوكَكَ في كل مرّة، ويمنعك من تكرار أخطاء بحقِّكَ، وبحقِّ غيركَ، هو لوم نافع رافع. أمَّا النوع الثاني: فهو لومٌ سلبيٌّ يجعلك تُلقي باللائمة على نفسك عندما لا يحدُث ما كنتَ تنتظر أو تتوقع، فتتحوّل يوماً بعد يوم إلى جلّاد نفسك، دون أن تدري أنَّ اللَّوم السلبي من أخطر المُمارسات بحق ذاتك. سأتحدّث عن 9 أمور لا تستحقّ أن تلوم نفسك عليها:
- لا تَلُمْ نفسك على عدم محبة أحدهم لك، أو لشيء فيك (شكلك، تفضيلاتك، أصلك). هم أحرار وأنت حُرٌّ أيضاً؛ فلا تَلُمْ نفسَكَ على عنصريّتهم، فليس كل من ستُقابلهم في حياتك سيقبلونك، وهذا ليس خطأك.
- لا تلُمْ نفسك على عدم امتلاكك بعضَ الصّفات الشخصية التي يمتلكها الآخرون مثل سرعة بديهة، أو حس الفكاهة، أو ربما الكاريزما. هذه ملكات يتفوّق فيها البعض على الآخر، ولوم نفسك لن يجعلك تمتلكها.. كن أنت وهذا يكفي.
- لا تلُمْ نفسك على خذلان شخص لك؛ فهذا ليس خطأك. فصدقك وإخلاصك ليسا أمرين تلوم نفسك عليهما.. ستجد قَطعاً من يُقدِّرُ نُبلَكَ ونقاءك يوماً، دون أن تنسى أنَّك قد تواجه الخذلان من مقربين وأناس صنَّفتهم كمُحبّين.
- لا تلُمْ نفسَكَ على طيبة قلبك فهي أجمل ما فيك.. إن كُنتَ طيباً وطعنوك في ظهرك، فليس ذنبك أنهم لم يتعلّموا فنَّ التقدير، وردَّ الجميل.
- لا تلُمْ نفسَكَ على أنَّكَ وضعتَ حدّاً لعلاقة دمَّرت حياتك.. ضع ذلك الحدّ وامضِ.. فأنت لم تُخطئْ حين حرَّرتَ روحكَ من سجنها، بعد أن نفدَتْ عندك الفرص والأعذار.
- لا تلُمْ نفسك لعدم حبك لذات الأشياء الّتي يُحبّها مَن حولك: لا تُحبُّ مثلاً تلك القهوة المشهورة التي يشربها الجميع، ولا ذلك التطبيق الذي يتصفحونه. أنت مختلف واختلافك قيمتك. ومن ذا الذي يلوم نفسه ويوبّخها على قيمة يمتلكها؟!
- لا تلُمْ نفسكَ على أنك لا تعمل فيما تحب، قد تكون ظروفك صعبة، ويجب أن تعمل في أي شيء لتسدّ التزاماتك؛ لا تلُمْ نفسك، خذ بالأسباب ما استطعتَ، وضَعْ عينيك على ما تُحبّ فربما تصل يوماً.
- لا تلُمْ نفسكَ على قرار خطأ اتخذتَه في السابق بناءً على ما كنتَ تملكه من خبرة ومعرفة في ذلك الوقت. حكمك على ذلك القرار اليوم غير عادل؛ لأنَّ خبرتك اليوم ليست كتلك في الأمس. أنت قررتَ في وقتها ما اعتقدتَ أنه صحيح.. فلا تحاكم أخطاء الماضي بناء على خبرة اليوم.
- لا تلُمْ نفسكَ على أمرٍ هَيّأتَ له كل الأسباب ولم يتحقَّق. فذلك ليس تقصيراً منك.. هو تدبير رب الأرباب مُسبّب الأسباب.
لا تستسلم وتغرق في دوامة اللوم؛ فاللوم السلبي محرقة وقودها طاقتك التي أنت في أمسّ الحاجة إليها.. لتفعل وتعمل.. فقط غُض الطّرف وامضِ فقد سبق لك أن عبرتَ ومضيتَ.