محمد نصار يكتب: لا تؤجّل عمرك
أذكر أنّني كنت في السابعة، وتلقيت آنذاك، هدية كانت حذاءً رياضياً من أحد الأقارب الميسورين؛ فرحتي لم يتسع لها جسدي الصغير، فقررت أن أخبّئ الحذاء، كي أرتديه في العيد بعد تسعة أشهر.. جاء العيد وأخرجت الحذاء لأرتديه مع ملابسي الجديدة، وبعد السير به قليلاً اكتشفت أنه أصبح ضيقاً جداً على قدميّ .. بكيت بكاء مراً وتمنّيت لو أني تنعّمت به فور حصولي عليه.
عندما تعيدني الذاكرة إلى تلك القصة، أسأل نفسي "كم مرة تتكرر قصص مشابهة في حياتنا دون أن نشعر؟!" أن نؤجل أعمارنا وحياتنا، انتظاراً للحظة نخمّن أنها مثالية لسعادتنا، وهذه اللحظة قد لا تأتي.
قد لا يشتري أحدهم أثاثاً جديداً لمنزله، لأن البيت مؤقت...
لا يبدع وينجز في عمله، لأن وجوده هنا مؤقت..
كل ذلك وهذا المؤقت، بيتاً كان أو عملاً يرافقه ربما منذ 15 عاماً.
تقول مثلاً: سألعب مع أولادي وأخرج معهم، عندما يستقر الوضع في عملي، ربما العام القادم.. تمرّ السنة بعد السنة ولا يتغيّر شيء.. الأولاد يكبرون، وتفقد لحظات لا يمكن أن تتكرر معهم.
تفوتك كلمات ينطقها ابنك للمرة الأولى.. وحركات عفوية يقوم بها تبعث البهجة في القلب.
يفوتك حوار طفولي معه خلال جلسة في حديقة.. فلا وقت لديك الآن، ومزاجك لا يسمح.
تقول في العام القادم سأحجّ، وتمر السنة بعد السنة.. ومن يدري قد يحجّ أحدهم عنك، والأعمار بيد الله.
عش حياتك وظروفك بطولها وعرضها، حتى لو كانت مؤقته، قد يكون المال الذي ستنفقه ثمناً بخساً، لقاء سعادتك، حتى وإن كان عمرها يوماً واحداً فقط.
ولتعلم أن هذا الموقت قد يمكث سنين، فلا تنتظر اللحظة المثالية لتعيش، عش اللحظة، وحاول ما استطعت أن تجعلها مثالية.
يمكنك أن تعيش حياتك، كما لو كنت تصعد جبلاً.. نظرة من حين إلى آخر باتجاه القمة، كفيلة بأن تحيي الحماسة في نفسك.. ولكن لاتنسَ أن تستمتع بتلك المناظر الجميلة في طريقك نحو القمة، فقد يكون تركيزك منصبّاً بشكل كامل على القمة، ولا تمنح نفسك لحظة واحدة للاستمتاع بما حولك.
قد تسقط قبل الوصول؛ فلا أنت نلت القمة ولا استمتعت بالطريق.