كيف يمكنك التعامل مع ضغوط العمل بكفاءة؟
لا ينكر أحد أهمية العمل في حياة الإنسان، فهو الأساس الذي يبني عليه جزءاً كبيراً من حياته العملية. لكن لا يعني ذلك السماح للعمل بالسيطرة على الحياة، فنجد ضغوط العمل تسيطر علينا وتجعلنا نشعر أننا لسنا في حالة جيدة. بالطبع ضغوط العمل تحدث باستمرار، لكن المهم هو التفكير في كيفية التعامل بها بالطريقة المناسبة. في هذا المقال سنتحدث عن أفضل الطرق لإدارة ضغوط العمل بكفاءة.
كيف تؤثر ضغوط العمل عليك سلباً؟
قبل أي شيء، لا بد من فهم الأثر السلبي الذي تسببه ضغوط العمل على حياتك، حتى يكون بإمكانك استيعاب حجم المشكلة أو الوضع السيئ الذي قد تمر به نتيجة لذلك. فالتعرض لهذه المشكلة باستمرار قد يؤدي إلى تحديات أصعب، مثل الشعور بالاكتئاب أو غيره. من أهم علامات التوتر التي توضح لك تأثرك بضغوط العمل:
- صحيًّا: وجود مشكلات صحية مثل الصداع أو الأرق أو مشاكل الجهاز الهضمي، وتكرار الإصابة بالأمراض.
- عقليًّا: عدم القدرة على التركيز نتيجة ضغوط العمل، وصعوبة تنفيذ المهام المطلوبة.
- نفسيًّا: انخفاض الطاقة والرغبة في العمل.
عندما تفهم حجم الأثر السلبي، سيكون بإمكانك اتّخاذ القرار المناسب، إمّا بترك هذه الوظيفة أو البحث عن وظيفة أخرى، فأحيانًا قد لا يكون الحل الأفضل هو المواجهة، بل ربما تكون المواجهة هي تحدٍّ مرهق للروح يزيد من المشكلة.
حتى تستطيع الوصول إلى الفكرة الصحيحة، فعليك تحديد الأنشطة التي تتسبب في وجود ضغوط العمل، لتعرف هل بالإمكان التعامل معها أم لا. قم بتحليل ما تفعله داخل العمل، حتى تحدد الأسباب الدقيقة لذلك، إذ ربما بعض الأسباب ليست واضحة تمامًا. حتى تفعل ذلك بكفاءة، يمكنك تنفيذ الخطوات التالية:
- سجل المواقف التي جعلتك تشعر بوجود ضغوط العمل مهما كان الموقف بسيطًا.
- افهم كيف حاولت التعامل مع هذه المواقف، وهل كانت ردة فعلك هي الأفضل؟
- ما هي الحلول التي تملكها لتساعدك على التعامل مع ضغوط العمل؟
- تابع ما يحدث معك لمدة أسبوع مثلًا، ابدأ في تحليل ما كتبته.
10 طرق تساعدك على التعامل مع ضغوط العمل
إذا أصبحت مدركًا لوجود أفعال معينة ينتج عنها ضغوط العمل، ولم يكن لديك القدرة على مغادرة العمل؛ بحثًا عن فرصة أخرى. في هذه الحالة يصبح التعامل مع ضغوط العمل أمرًا أساسيًا، حتى لا تجد نفسك تصل إلى أقصى درجات الاحتراق الوظيفي. إليك 10 طرق مختلفة تساعدك على التعامل مع ضغوط العمل:
1- خذ وقتك لإعادة شحن طاقتك
عندما تبدأ العمل، لا تجعل اليوم كله وكأنّك آلة تنفذ المهام المختلفة المطلوبة منك. لذا، أنت بحاجة إلى الحصول على فترات للتوقف في أثناء اليوم، مثلًا مشاهدة فيديو مضحك، أو اللعب على هاتفك، أو أي نشاط آخر تحبه يساهم في شعورك بالراحة.
من المهم في أثناء فترات الراحة ألّا تفعل أي شيء يتعلق بالعمل، فلا تحاول الرد على رسائل البريد الإلكتروني، أو تتواصل مع أحد بشأن مهمة معينة. خصص هذا الوقت فقط لإعادة شحن الطاقة، حتى لو كان ذلك لمدة 5 دقائق يوميًا.
2- الموازنة بين حياتك المهنية وحياتك الشخصية
من أهم أسباب ضغوط العمل هي طغيان حياتك المهنية على حياتك الشخصية، فتجد نفسك كل ما تفعله في حياتك خلال اليوم هو العمل المستمر. بالتالي تبذل مجهودًا متواصلًا دون توقف. لذا، يجب أن تتوقف عن فعل ذلك، وأن تكون متاحًا خلال اليوم بأكمله. في الحقيقة لن ينتهي العمل على الإطلاق.
لذا، خصص وقتًا ثابتًا للعمل في يومك، ولا تحاول الالتزام بفعل أي شيء آخر طالما أتى وقت الراحة. عندما تخرج من مقر العمل، أو حتى تغادر مساحتك الشخصية للعمل في منزلك، فأخرج عقلك معك أيضًا، واترك ضغوط العمل في المكتب.
لا تحاول الرد على رسائل البريد الإلكتروني أو النظر إليها حتى دون سبب، ولا تستلم مكالمات من العمل. ركّز على أن يكون هذا هو وقتك الشخصي. تستمتع فيه بفعل أنشطة مع الأهل والأصدقاء، أو حتى تقضي وقتك في ألّا تفعل أي شيء سوى الراحة.
3- تحسين مهارات تنظيم الوقت
في الواقع أحد أسباب طغيان العمل على كل شيء آخر هو التنظيم السيئ للوقت. فعندما لا تملك جدولًا لتنظيم الوقت، ستكون النتيجة هي ازدحام يومك وعدم انتهاء المهام المطلوبة منك، وتبدأ ضغوط العمل في التأثير عليك نتيجة استمرارك في العمل لفترات طويلة.
لذا، يمكنك البدء في تحسين مهارات تنظيم الوقت لديك، والاعتماد على طرق تساعدك على تحسين إنتاجيتك في العمل، بالتالي تضمن أنّك تقدر على التخطيط ليومك جيدًا، وتلتزم بتنفيذ المهام المطلوبة منك في أوقاتها المحددة، ثم تخصص الوقت الباقي لحياتك الشخصية.
4- تجنب تعدد المهام
تأتي ضغوط العمل أحيانًا من وجود العديد من المهام المطلوب تنفيذها. هذه مشكلة شائعة تواجه الجميع، ولا بد من التفكير في الحلول المناسبة لها. لكن الأفضل أن تكون هذه الحلول بعيدة عن التصورات الخاطئة بشأن مهارة تعدد المهام.
إذ يظن البعض أنّ الحل الأنسب هو تنفيذ أكثر من مهمة في الوقت ذاته، وأنّ هذه مهارة يحتاج إليها الأفراد في بيئة العمل. في الواقع هذا الأمر ليس صحيحًا، إذ تعدد المهام بهذه الطريقة يسبب مشكلة ونقصاً في التركيز، ويؤثر على الجودة النهائية للعمل، والأسوأ هو شعورك بضغوط العمل نتيجة عدم الإنجاز. لذا، بدلًا من ذلك ركّز على تنفيذ مهمة واحدة في المرة، ثم انتقل إلى المهمة التالية بعد الانتهاء تمامًا من الأول.
5- تعلم أنشطة الاسترخاء
يمكن أن تكون أنشطة الاسترخاء حلًّا مفيدًا لمشكلة ضغوط العمل، لذا احرص على ممارسة هذه الأنشطة البسيطة، مثل التأمل وتمارين التنفس العميق، وكذلك تخصيص جزء من يومك للأنشطة البسيطة مثل المشي. خصص جزءًا من يومك لفعل هذه الأنشطة، حتى لو كان ذلك لمدة 5 دقائق بين المهام المختلفة.
6- لا تشغل عقلك بصراعات الآخرين في العمل
الحقيقة هي أنّ هناك دائمًا صراعات داخل بيئة العمل، وهي تؤثر سلبًا بكل تأكيد على جميع الموجودين، وتؤدي إلى زيادة ضغوط العمل، لا سيّما في حالة قررت أن تكون جزءًا منها، وتتفاعل مع الآخرين في هذه الصراعات.
أولًا ترهقك هذه الصراعات على المستوى العقلي، وثانيًا قد تسبب لك مشكلة مع مديرك أو زملائك، نتيجة حديث لم تقصده أو زميل عمل مؤذٍ قرر التسبب في مشكلة لك. لذا، احرص على ألّا تشغل نفسك بهذه الأمور، وركّز فقط في العمل المطلوب منك.
7- طلب المساعدة والنصح
من الجيد أن يكون لديك موجّه مهني، سواءً مديرك في العمل، أو حتى الاستعانة بشخص آخر. عندما تشعر بوجود ضغوط العمل التي تؤثر عليك، يمكنك التواصل معه للنقاش حول الحلول المثالية للتخلص من هذا الشعور، وإذا كان هناك أي مقترحات من شأنها مساعدتك على تنفيذ بعض المهام داخل عملك بطريقة أخرى احترافية.
8- التخلص من الأفكار السلبية
في الواقع قد لا تنشأ ضغوط العمل بسبب المهام طوال الوقت. لكن أحيانًا قد تكون المشكلة هي في التفكير الشخصي، والأفكار السلبية التي تسيطر علينا. مثلًا تفسير سلوكيات الآخرين أنّها غضب تجاهنا، وأنّهم لا يحبون وجودنا معهم في العمل.
لذا، احرص على التخلص من هذه الأفكار السلبية، حتى لا تسمح لها بتدمير مجهوداتك ومحاولاتك للنجاح، وركّز على ممارسة التفكير الإيجابي في المواقف المختلفة من حياتك. سيساعدك ذلك على تغيير نظرتك للأمور، والتعامل مع الأمر بطريقة إيجابية.
9- السفر في إجازة
التجديد شيء لا بد منه، والنمط الروتيني المستمر يؤدي إلى تفاقم ضغوط العمل، وزيادة الأثر السلبي الناتج عنها. لذا، يجب عليك الحرص على الاستمتاع بإجازتك الأسبوعية، والقيام بأنشطة ترفيهية تساعدك على شحن طاقتك من جديد.
من أهم الأنشطة التي تمنحك التجديد، هي أن تقرر السفر في إجازة، للاستمتاع بوقتك بطريقة مختلفة. في الواقع السفر يساعد في تحسين الحالة المزاجية، ويكسبك العديد من العادات الإيجابية لحياتك، بالتالي فهي تجربة مفيدة في جميع الأحوال.
10- التخلص من حاجز المثالية
أحد أهم أسباب ضغوط العمل هي شعورنا بأنّ ما نفعله ليس كافيًا، نتيجة البحث عن التصور المثالي للتنفيذ. في الواقع المثالية هي حاجز يمنعك عن العمل براحة، ويدخلك في حالة نفسية سيئة، فتشعر دائمًا أنّك لست الشخص المناسب للعمل.
لكن الحقيقة هي أننا نتطور مع الوقت، وبالتبعية يتطور أداؤنا للمهام المختلفة التي نقوم بها. فحتى إذا لم نعرف كيفية تنفيذ الشيء بأفضل صورة الآن، فإنّ ذلك سيتطور مع الوقت، وفي النهاية سنقدر على تحقيق ما نريده. لكن الاستسلام لهذا الشعور طوال الوقت يؤدي إلى عدم فعل أي شيء. لذا، تقبل الأمر وركّز على تنفيذ المهام بأسلوبك المعتاد، ودعك من القلق بشأن النتائج.
ختامًا، ستظل ضغوط العمل أحد الأشياء التي تحدث باستمرار، فالأمور لا تسير وفقًا للتمني دائمًا. لكن الذكاء هو في القدرة على التعامل مع هذه الضغوط بالشكل المناسب. لذا، احرص على اختيار الطرق التي تناسبك، وتساعدك على التعامل مع ضغوط العمل بكفاءة، أو ابدأ في تطوير طريقتك الخاصة. المهم هو أن تصل إلى الهدف النهائي، وهو قدرتك على إدارة ضغوط العمل، والاستمتاع بحياتك الشخصية.
المصادر: