دليلك الشامل إلى فهم ريادة الأعمال
لا شك أنّ كلمة ريادة الأعمال ذاع صيتها كثيرًا في السنوات الأخيرة الماضية، وأصبح هناك إقبال على العمل بها بواسطة العديد من الأفراد، الذين يرون في هذا المجال فرصة لهم لتحقيق طموحاتهم وأفكارهم. يتطلب الأمر دائمًا البدء بخطوات صحيحة، وفهم ما تعنيه ريادة الأعمال حقًا، وبالتالي كيفية الاستفادة منها. في هذا المقال نقدم لك دليلًا مبسطًا إلى ريادة الأعمال.
ماذا تعني ريادة الأعمال؟
توجد العديد من تعريفات ريادة الأعمال، لكن يمكن ببساطة النظر إلى ريادة الأعمال على أنّها محاولة إنشاء عمل تجاري، يحتوي على قدر من المخاطرة، بهدف استغلال فرصة قائمة في المجتمع. إذ رائد الأعمال هو شخص يميل إلى المخاطرة في أعماله باستمرار.
على الرغم من اختلافات تعريف ريادة الأعمال، إلّا أنّها تتفق على مبدأ الابتكار. وفي هذا الإطار يجب الإشارة إلى الفارق بين ريادة الأعمال وإنشاء الشركات الناشئة، وبين الأعمال التجارية العادية. إذ يحدث خلط أحيانًا في المفاهيم، وبالتالي قد يتسبب ذلك في اتّخاذ خطوات خاطئة، أو فقدان فرص محتملة.
تميل ريادة الأعمال إلى المشاريع التي تعتمد على المخاطرة، ليس بهدف المخاطرة ذاتها، ولكن للفرصة الكبيرة التي تنتج عن هذا الأمر، في حالة التعامل مع الوضع جيدًا. بالتالي، مشاريع ريادة الأعمال لديها القدرة على تحقيق النمو والتوسع بسهولة، ومن خلال ذلك يمكنها مضاعفة أرباحها، دون الحاجة إلى فعل الشيء ذاته مع التكاليف.
أمّا المشاريع الاعتيادية، التي عادةً تكون مشاريع صغيرة لمن يبدأ، فهي لا تحتوي على قدر من المخاطرة مثل ريادة الأعمال، بل هي أفكار مجرّبة من الواقع بالفعل، ونجاح الفكرة ذاته مضمون. في هذه النوعية من المشاريع، يتطلب مضاعفة الربح، القيام بمضاعفة التكاليف كذلك.
قد لا يهتم البعض بمسألة الفارق بين الاثنين، وينظر للأمر في إطار أنّه لا فائدة من تصنيف المشروع. سواءً كان ريادة الأعمال أو غيرها، المهم هو امتلاكي لفكرة مشروع تُطبق في أرض الواقع. لكن في الحقيقة معرفة الفارق لا تهدف فقط إلى التركيز على المصطلحات، بل هناك أسباب أخرى مهمة.
تتمثل الأهمية الفعلية لمعرفة الفارق، في إمكانية الوصول إلى الفرص المتاحة للنوعين. فعندما تعمل في ريادة الأعمال سيكون لديك مجموعة من الفرص التي يمكنك الوصول إليها، التي تختلف عن فرص المشاريع الصغيرة. فإذا لم تكن تعرف تصنيف مشروعك، قد تضيّع من بين يديك فرصاً للتمويل وغيرها من الموارد المفيدة لك.
ما هي الفوائد من ريادة الأعمال؟
بالتأكيد هناك أسباب تدفع الناس للاهتمام بمجال ريادة الأعمال في هذه الفترة. يتمثل الأمر في وجود العديد من الفوائد التي يمكنك تحقيقها من خلال ذلك. من أهم فوائد ريادة الأعمال التي يمكنك تحقيقها من العمل في هذا المجال:
1- التحكم في مسار العمل: في ريادة الأعمال أنت تملك التحكم الكامل في مسار العمل. مثلًا وضع الجدول الزمني للعمل، وإدارة العمليات الخاصة به، إلى جانب الحرية في اختيار فريق العمل، والأفراد المناسبين لتوظيفهم في عملك. كذلك تكون أكثر حرية في تنفيذ فكرة المشروع الخاصة بك، فلا يوجد أحد يتدخل معك في آلية التنفيذ.
2- تحقيق النجاحات الشخصية: أنت على وشك خوض رحلة نجاح في عالم ريادة الأعمال إذا امتلكت الفكرة المناسبة. بالتالي، تساعدك ريادة الأعمال على تحقيق نجاحات شخصية، تجعلك تشعر بالتحفيز والرغبة في تنفيذ المزيد من النجاحات. في النهاية أنت تعمل في مشروعك الخاص، وأي محاولات لإنجاحه ستعود عليك أنت بالنفع والفائدة مباشرةً.
3- تغيير العالم: إذا كان هدفك الحقيقي هو المساعدة، فمجال ريادة الأعمال يحقق لك ذلك، وتحديدًا إذا قررت العمل في ريادة الأعمال الاجتماعية. ستكون لديك فرصة لتغيير حياة عملائك، والمساهمة في تحسين العالم، حتى لو كان ذلك في إطار صغير في البداية. مع التوسع قد تكون قادرًا على تغيير حياة المزيد من الأفراد.
4- الأرباح المالية: في النهاية نحن جميعًا نعمل بهدف امتلاك الأموال كجزء أساسي، وإذا لم يحقق لنا العمل هذا الهدف سنتوقف عنه ونبحث عن بديل آخر بالتأكيد. يمكّنك مجال ريادة الأعمال من تحقيق العديد من الأرباح، وكلّما كنت قادرًا على الاستفادة من فرص النمو، ستزداد أرباحك بالتأكيد.
هل يجب على الجميع التوجّه إلى ريادة الأعمال؟
في الحقيقة هناك مفهوم خاطئ عن ريادة الأعمال، يتمثل في تصور البعض أنّ الجميع يجب عليه فعل ذلك، وهذا يختلف مع الواقع تمامًا. لا يمكن الحكم على أنّ هناك مجالاً هو الأنسب للجميع، وإذا أصبح الجميع روّاد أعمال، إذن من سيقبل العمل في مشروعاتهم؟
لذا، لا تفكّر في اللجوء إلى ريادة الأعمال، إلّا إذا كنت تملك شيئًا فعلًا ترغب في فعله، ووقتها ستحصل على الفوائد المذكورة في الفقرة السابقة. لكن في الوقت ذاته عليك معرفة أنّ المجالات الأخرى بها فائدة أيضاً، فالمسألة فقط تعتمد على اختيار المجال الأنسب لك ولحياتك. فليس ضرورياً الاتّجاه إلى ريادة الأعمال، بل يمكنك اللجوء إلى هذين الخيارين على سبيل المثال:
- العمل في وظيفة: يمكنك العمل في وظيفة بدوام كلّي، يمنحك هذا الأمان المالي من خلال الحصول على راتبك باستمرار في نهاية الشهر. كما أنّه لا يجعلك تفكّر في أي شيء آخر سوى المهام المطلوبة منك داخل العمل، وعندما تغادر إلى منزلك لا يوجد شيء آخر.
- العمل الحر: يمكنك العمل كمستقل. بالطبع هناك مخاطرة في هذا النوع من الأعمال، نتيجة احتمالية عدم توفر الفرص المناسبة، أو المعاناة من نقص المشاريع في بعض الفترات. لكن أيضًا يمنحك حرية العمل في الوقت الذي تريده بالفعل، ويمكنك تحقيق أضعاف ما تجنيه من الوظيفة إذا بنيت اسمًا قويًا لك.
كما ترى، ريادة الأعمال ليست هي الاختيار الوحيد، وإذا فضلت خيارات أخرى، فلن يلومك أحد من أجل ذلك على الإطلاق. كما أنّك بحاجة إلى معرفة الأساطير التي تردد عن مجال ريادة الأعمال، سيساعدك هذا على التعرّف على الواقع الحقيقي عن قرب.
أهم 5 صفات للنجاح في عالم ريادة الأعمال
بالطبع هناك العديد من المواصفات والمهارات التي يحتاج إليها روّاد الأعمال، ولا يمكن الحكم بأنّهم يولدون بها، بل يمكن اكتسابها والعمل على تطويرها من خلال الواقع. من أهم الطرق لتطوير هذه المهارات، هي العمل أولًا في وظيفة، لاكتساب الخبرات والمهارات، ثم بعد ذلك التفكير في الاتّجاه إلى ريادة الأعمال. أيًا يكن طريقك، لا بد من الاهتمام بهذه الصفات الخمس للنجاح في ريادة الأعمال:
1- الشغف بالفكرة
أيًا تكن الفكرة التي تملكها، من المهم أن تكون شغوفاً بها، لأنّك ستحتاج لهذا الأمر في المراحل المختلفة التي تمر بها. عندما تكون محبطًا، يمكن لشغفك أن يساعدك على النهوض ومتابعة العمل مرة أخرى. كما يمكنك الاستفادة من شغفك ونقله للآخرين لجعلهم متحمسين أكثر للعمل.
كما أنّ شغفك بالفكرة سيجعلك تُقبل دائمًا على مشاركتها مع الآخرين في كل مكان، ومن ثم يمكّنك ذلك من إدراك العديد من الفرص. مثلًا الحديث عن الفكرة في التجمعات، أو الاستعداد للمشاركة في فاعليات ريادة الأعمال المختلفة، والاستمرار في البحث عن ممولين طوال الوقت دون الشعور بالملل.
2- الذكاء في عالم الأعمال
على الأغلب أنت تتولى مسئولية جميع المهام في ريادة الأعمال، سواءً التنفيذ لبعض المهام بنفسك خاصةً في المراحل الأولى أو المتابعة مع الآخرين عندما تبدأ في توظيف فريق ليساعدك على أداء المهام المختلفة الخاصة بالعمل.
لذا، أنت بحاجة إلى امتلاك معرفة في المجالات الأساسية التي تحتاج إليها شركتك، مثل المحاسبة والتسويق والتمويل. لا يقتصر الأمر على الذكاء فقط، لكن استثمار هذه المعرفة بطريقة ذكية، والبحث عن الفرص المناسبة في كل جزئية داخل الشركة.
3- التخطيط الجيد
تتعرض ريادة الأعمال إلى مصطلح المخاطرة دائماً، وللأسف يُساء فهم هذا الجزء أحيانًا. المخاطرة لا تعني العمل دون دراسة جيدة، بل في الواقع إدارة المخاطر هي أحد أهم أركان النجاح في عالم ريادة الأعمال.
لذا، لا بد لك من امتلاك القدرة على التخطيط الجيد باستمرار. بالطبع في ريادة الأعمال قد لا تسير الأمور دائمًا وفقًا للخطة الأساسية، لذا أنت بحاجة لامتلاك المرونة الكافية، التي تساعدك على إدراك الأمور سريعًا، والانتقال إلى خطة أخرى تساعدك على متابعة العمل.
4- إدارة الأموال جيدًا
لأنّ كل شيء يدور حول المال، فأنت بحاجة إلى تعلّم كيفية إدارة أموالك جيدًا. حتى إذا قررت الاستعانة بشخص آخر لتولي الإدارة المالية، ستحتاج إلى امتلاك القدرة على المتابعة. كما أنّ التخطيط لطريقة الإنفاق هو شيء مهم في ريادة الأعمال، إذ ينطوي هذا على مجموعة من القرارات المختلفة، مثل اتّخاذ قرارات الشراء، وكذلك قرارات التركيز على الربحية أو التركيز على النمو.
في النهاية أنت بحاجة إلى تأمين وجود سيولة نقدية باستمرار في الشركة، حتى تتجنب التعرض لأزمات مالية في أي وقت. إلى جانب المساعدة في إدارة مصادر التمويل المختلفة، لا سيّما إذا قررت الحصول على استثمار من الجهات المتخصصة في ذلك.
5- الثقة بالنفس وعدم الاستسلام
تتعرض الكثير من الأفكار إلى الرفض في مجال ريادة الأعمال، نتيجة عدم قدرة البعض على تصور تنفيذها، أو توقع الفشل. وهذا شيء مبرر في إطار أنّها تقوم أساسًا على المخاطرة. لذا، يجب عليك امتلاك الثقة بالنفس والثقة في جودة الفكرة، لكن دون أن يتحول ذلك إلى غرور، يمنعك عن الاستماع إلى النقد الصحيح للفكرة.
كذلك عندما تبدأ في تنفيذ الفكرة، ما دمت تؤمن بقدرتها على النجاح، فإياك والاستسلام مع التجارب الفاشلة التي تتعرض لها. إذ من المحتمل أن تفشل بعض المحاولات، لذا حاول الاستفادة منها جيدًا، ومن ثم تطوير فكرتك بناءً على النتائج الأخيرة والمحاولة من جديد حتى تصل إلى النجاح.
كيف يمكنك البدء في مجال ريادة الأعمال؟
يتطلب العمل في مجال ريادة الأعمال اتّباع الخطوات المناسبة نحو النجاح. إذ لا تكفي مجرد الرغبة في ذلك. لذا، يمكنك البدء في مجال ريادة الأعمال من خلال الخطوات الثلاث التالية:
1- اختيار فكرة المشروع
من المهم الإدراك أنّه يجب ألا تبدأ في ريادة الأعمال لأنّك ترغب في هذا فقط، بل يجب أن تجعل الأساس هو امتلاك الفكرة التي يمكنك النجاح من خلالها، لأنّ هذا ما تُبنى عليه المشاريع الناجحة، لا فقط الرغبة والتمني.
من الأساطير الخاطئة حول الشركات الناشئة، هي ظن البعض أنّ ذلك يتطلب إحضار فكرة جديدة كليًا، وهذه الفكرة قد لا تكون موجودة من الأساس، إذ مع عدد الشركات الكثير، فربما هذه الفكرة نفّذت. وفي النهاية هذا ليس هو جوهر النجاح.
المهم هو امتلاك فكرة مميزة للبدء من خلالها في ريادة الأعمال. قد تكون تطويرا لفكرة موجودة حاليًّا، أو إضافة بعض الخصائص لها. المهم هو وجود قيمة مقترحة وميزة إضافية على الفكرة، لا مجرد محاكاة للأفكار الموجودة في الواقع، فهذا ما يخلق فرصة النجاح.
2- قراءة دليل الرجل عن خطوات تأسيس الشركة
عندما تمتلك الفكرة المناسبة لشركتك، وتشعر أنّك قادر على بدء رحلتك في ريادة الأعمال، ولديك الإمكانيات المناسبة لفعل ذلك، يمكنك وقتها البدء في الخطوات الفعلية لتأسيس الشركة، حتى تحوّل الفكرة من التصور النظري إلى أرض الواقع.
بالطبع هناك العديد من الخطوات التي ستحتاج إليها لتنفيذ الفكرة، مثل: بحث السوق، اختيار الاسم والتأسيس، تحديد خطة العمل ونموذج العمل التجاري المربح، اختيار الشركاء والفريق، التسويق والإدارة المالية. يمكنك قراءة دليلنا عن الخطوات العشر لتأسيس شركتك الخاصة.
3- راقب أداء الشركة
يتغير عالم ريادة الأعمال باستمرار، نتيجة للتحديثات والإضافات التي يشهدها المجال من وقت لآخر. لذا، لا تظن أنّ البدء في الشركة بطريقة ناجحة سيضمن لك الاستمرارية. في الواقع هناك العديد من الشركات التي تغلق بعد مرور سنوات على البدء، لأنّها لا تعمل على تطوير الأداء. على الرغم من أنّ بعض هذه الشركات يتمكن من الحصول على تمويل.
لذا، أنت بحاجة إلى مراقبة أداء الشركة باستمرار، والبحث المستمر عن الفرص التي يمكنك إدراكها والوصول إليها، وإدخال التعديلات المناسبة على المشكلات التي تواجه الشركة. من خلال ذلك ستحافظ على جودة منتجاتك، وستستمر في تقديم أفضل الحلول لعملائك دائمًا.
يتطلب العمل في مجال ريادة الأعمال الكثير من الشغف والصبر على الأفكار. إذا تمكنت من امتلاك هذه المقومات، مع التخطيط الجيد والاستماع إلى ما تقوله البيانات ويصدر عن الواقع الحقيقي فعلًا، سيكون بإمكانك إنشاء شركة متميزة، تساعدك على خوض رحلة النجاح في عالم ريادة الأعمال.
المصادر: