باولو كويلو يكتب: الإيمان بالمستحيل
يقول ويليام بليك في واحدة من نصوصه: "كل شيء موجود من حولنا اليوم، هو حقيقة لما كان ذات يوم جزءًا من حلم مستحيل". نتيجة لذلك، نملك اليوم طائرات، رحلات فضائية، أجهزة كمبيوتر؛ مثل تلك التي أكتب عليها مقالي في هذه اللحظة، وغيرها.
في العمل الفني الشهير للفنان "لويس كارول" (عبر المرآة، وما وجدته "أليس" هناك)، يدور حوار بين الشخصية الرئيسة -"أليس"- والملكة، التي أخبرت "أليس" للتو شيئًا غير اعتيادي.
ترد "أليس" على الملكة: "لا أستطيع تصديق ذلك".
"لا يمكنكِ" تكرر الملكة الكلمة بنظرة حزينة. ثم تخبر "أليس": "حاولي مجددًا. تنفسي بعمق، أغمضي عينيكِ، وصدّقي ذلك".
تضحك "أليس" قائلة: "لا فائدة من المحاولة. فقط الحمقى يعتقدون بإمكانية تحقق الأشياء المستحيلة".
أجابت الملكة: "أظن أنّكِ تفتقرين إلى القليل من التدريب. عندما كنت في مثل عمركِ، اعتدت على فعل ذلك بعد الإفطار عادةً، لمدة نصف ساعة يوميًا على الأقل. أبذل قصارى جهدي لتخيل خمسة أو ستة أشياء لا تصدق، لتحدث في حياتي. اليوم، أرى أنّ معظم الأشياء التي تخيلتها أصبحت حقيقة. في الواقع، لقد أصبحت ملكة بسبب ذلك".
تطلب منّا الحياة الإيمان باستمرار. الاعتقاد بإمكانية حدوث معجزة في أي لحظة، هو أمر ضروري لفرحنا أو حمايتنا أو تبرير وجودنا. في عالم اليوم، يرى الكثير من الأفراد استحالة وضع حد للبؤس، أو الحصول على مجتمع عادل، أو تقليل التوتر الديني، الذي يبدو أنّه ينمو يوميًا.
يتجنب معظم الناس المعركة تحت ذرائع مختلفة: التنازل، النضج، الشعور بالسخرية، الشعور بالعجز. نرى ارتكاب الظلم لإخوتنا من البشر، ونبقى صامتين معلّلين ذلك لأنفسنا بقولنا: "لن أتورط في الخلافات من أجل لا شيء".
هذا موقف جبان. أولئك الذين يخوضون طريقًا روحيًا، يملكون ميثاقًا للشرف يجب الوفاء به، ويؤمنون كجزءٍ منه بأنّ الصوت الذي يصرخ ضد الخطأ، يسمعه الله دائمًا.
مع ذلك، نسمع من حين لآخر التعليق التالي: "أنا أومن بالأحلام. أحاول مرات عديدة محاربة الظلم، لكن ينتهي الأمر بي إلى خيبة الأمل".
يعرف محاربو النور أنّ بعض المعارك المستحيلة تستحق القتال. لهذا السبب، لا يخشون من خيبات الأمل، لمعرفتهم بقوة سيفهم وحبهم. يرفضون بشدة أولئك الذين لا يقدرون على اتّخاذ القرارات، ويحاولون دائمًا نقل مسؤولية كل الشرور التي تحدث في العالم إلى الآخرين.
إذا لم يحاربوا ما هو خطأ، حتى لو بدا لهم فوق طاقتهم، فلن يجدوا الطريق الصحيح أبدًا.
ذات مرة، تلقيت رسالة نصها كالتالي: "اليوم فاجأتني الأمطار الغزيرة عندما كنت أسير في الشارع. الحمد لله، كان لدي مظلتي ومعطفي الواقي من المطر. مع ذلك، كان كلاهما متواجدًا في صندوق سيارتي المتوقفة بعيدًا.
بينما ركضت لإحضارهم فكرت: "يا لها من علامة غريبة أحصل عليها من الله، لدينا دائمًا الموارد اللازمة لمواجهة العواصف التي تحددها الحياة لنا. لكن في معظم الأحيان، تكون هذه الموارد محجوزة في أعماق قلوبنا، وهذا يجعلنا نضيّع الوقت في محاولة العثور عليها. عندما نتمكن من فعل ذلك، نكون قد هُزمنا بالفعل بسبب الشدائد".
لذلك، دعونا نكون مستعدين دائمًا. غير ذلك، إمّا سنفقد الفرصة، وإما سنخسر المعركة.