تشير الإحصاءات إلى أنّ نسبة تتخطى 85% من المسوقين، يعتمدون على استراتيجية التسويق بالمحتوى ضمن الاستراتيجيات الرئيسة في التسويق الإلكتروني. غالبًا تؤتي هذه الاستراتيجية ثمارها، لأنّها تعتمد على تقديم منفعة حقيقية للعملاء، وتجعلهم أكثر ارتباطًا بما تقدم.
تمر عملية التسويق بالمحتوى بمجموعة مختلفة من المراحل، التي تجعل التنفيذ النهائي هو الأفضل بالنسبة لك، وتساعدك على تحقيق الأهداف التي تريدها. في عملية التسويق بالمحتوى، لا توجد خطوة هي الأكثر أهمية، لكن الصواب هو الاهتمام بكل خطوة بما تستحق، حتى يكتمل البناء بالشكل الجيد. يمر التسويق بالمحتوى بخمس مراحل أساسية.
المرحلة الأولى: بحث وتخطيط المحتوى
"فشل التخطيط هو التخطيط للفشل".
يعد هذا الاقتباس الأكثر شهرة عن أهمية التخطيط، الذي يمكن تطبيقه على مختلف المجالات. لكن قبل التفكير في التخطيط، فلا بد من إجراء عملية البحث، لمعرفة المبادئ التي سيُبنى عليها التخطيط. لذا تكون بداية المرحلة الأولى بإجراء البحث.
يركز البحث على محاولة فهم طبيعة الجمهور جيدًا، من خلال متابعة سلوك المستخدم في تفاعلاته المختلفة، مثلًا عبر التعليقات على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، أو تقييماته للمحتوى. أي إجراء تحليل كامل لكل ما يتعلق بالجمهور.
إذا كان من الصعب الوصول إلى الجمهور بهذه الطريقة، فيمكن الاستعانة بأدوات بحث السوق المعتادة، مثل: الاستبيانات. أيًا تكن الطرق المستخدمة في بحث الجمهور، من المهم الخروج منها بكافة المعلومات المطلوبة، حتى يمكن استثمارها في التخطيط.
بعد انتهاء البحث، يمكن البدء في التخطيط للمحتوى، يشمل ذلك: تحديد شخصية العميل المستهدف الذي ستوجه له المحتوى، صوت المحتوى الذي ستقرر استخدامه، أنواع المحتوى التي تراها مناسبة للاستخدام.
أيًا تكن تفاصيل الخطة، فلا بد من وضع مجموعة من الأهداف المطلوب تحقيقها، فهي الإطار الذي ستتحرك من خلاله لتنفيذ الخطة. ركّز على اختيار أهداف واقعية متوافقة مع إمكانياتك، ووفقًا لنتائج البحث التي وضعتها، ثم بعد ذلك ضع المعايير التي يمكن قياسها للتأكد من تنفيذ الخطة بشكل سليم.
المرحلة الثانية: صناعة المحتوى
الآن وقد خرجت من مرحلة البحث والتخطيط، يمكنك المرور إلى مرحلة صناعة المحتوى، اعتمادًا على البيانات والمعلومات الموجودة معك. من المهم ألّا تتسرع في إنتاج المحتوى، لكن يمكنك إجراء عصف ذهني، سواءً بمفردك أو مع فريق المحتوى في المشروع.
سيساعدك ذلك على الخروج بالكثير من الأفكار، بدلًا من الأنماط التقليدية للمحتوى. في النهاية تكون أفكار المحتوى هي ضمن الأنواع الثلاثة: المحتوى المكتوب، المحتوى المسموع من خلال البودكاست، المحتوى المرئي عبر الفيديوهات.
عندما تستخدم استراتيجية التسويق بالمحتوى، فأنت غالبًا ستعتمد على المدونات، لذا يجب امتلاك قائمة بالكلمات المفتاحية التي يمكن الكتابة عنها، لتساعدك على احتلال مراكز أعلى في محركات البحث. وتجعلك تظهر في مقدمة النتائج عندما يجري جمهورك البحث عن المحتوى.
فكما قالوا قديمًا: "المكان الأنسب لإخفاء جثة رجل، هو الصفحة الثانية من بحث جوجل"، وذلك لأنّه لا يقوم أحد بالبحث في هذه الصفحات التالية. لذا، عندما تمتلك قائمة بالكلمات المفتاحية، فإنّ ذلك سيساعدك على إنتاج المحتوى، ويحقق لك أهدافا أخرى تؤدي إلى زيادة فاعلية استراتيجية التسويق بالمحتوى.
بعد الانتهاء من جمع الأفكار والكلمات المفتاحية المناسبة، يمكن البدء في كتابة المحتوى. يمكنك تقسيم الأفكار على الفريق، وإسناد المسئوليات لكل فرد في المراحل المختلفة، سواءً الكتابة أو المراجعة أو التدقيق اللغوي والإملائي. يجب أن يُكتب المحتوى في إطار وجود أجندة للمحتوى، توضّح المطلوب ومواعيد تسليمه وغيرها من التفاصيل الهامة.
المرحلة الثالثة: جدولة ونشر المحتوى
عند الانتهاء من إعداد المحتوى، يمكن الانتقال إلى المرحلة الثالثة، وهي جدولة ونشر المحتوى. ليس ضروريًا نشر المحتوى ذاته على جميع المنصات، بل المهم اختيار المنصة وفقًا لطبيعة الجمهور الموجود عليها، وكذلك طبيعة المحتوى ذاته.
ماذا لو رغبت في نشر نفس المحتوى على أكثر من منصة؟ في هذه الحالة يجب تعديله، حتى يكون جاهزا وملائما لكل منصة. مثلًا نشر محتوى مقال كامل على مدونة، ثم إعادة كتابته واختصاره ليناسب مقالا صغيرا على فيسبوك. حتى ينجح المحتوى في تحقيق الهدف المطلوب منه.
قبل جدولة المحتوى، يجب مراجعة طبيعة المنصة، واختيار المواعيد المناسبة للنشر، سواءً تعلّق ذلك بالتوقيت أو بعدد مرات النشر عليها. من خلال هذا يمكن تحويل أجندة المحتوى إلى خطة لنشر المحتوى بالشكل المناسب، الذي يحقق الأهداف المرغوبة.
عند الجدولة، يمكنك الاستعانة بالأدوات التي تمكنك من اختيار نشر المحتوى في الموعد الذي تريده، وعلى المنصات التي ترغب بها، دون الاضطرار للانتظار حتى الموعد. يوفّر هذا الكثير من الوقت والمجهود لك، ويجعل كل شيء يحدث في موعده دون تأخير لأي سبب مثل النسيان.
المرحلة الرابعة: توزيع وترويج المحتوى
نشر المحتوى لا يكفي ليحقق أفضل النتائج. لذا، يأتي هنا دور المرحلة الرابعة ألا وهي توزيع وترويج المحتوى. تشمل هذه المرحلة نشر المحتوى على المنصات الأخرى، مثلًا أخذ رابط المحتوى من المدونة، ونشره على الفيسبوك أو إنستجرام.
يمكن أيضًا العمل على تحسين المحتوى، لتهيئته ليحتل مركزًا جيدًا في محركات البحث، ويمكن استخدامه ضمن نشرة بريدية، وإرسالها إلى المتابعين الموجودين في القائمة البريدية الخاصة بك. من أهم أشكال الترويج هي الاعتماد على الإعلانات الممولة، سواءً على فيسبوك أو على أي منصة أخرى.
يتطلب هذا الأمر تخطيطا جيدا من البداية، حتى تكون مدركًا للميزانية المطلوبة لتحقيق أفضل النتائج. بالتالي عند وضع استراتيجية التسويق بالمحتوى ووضع خطة التنفيذ، يُفضل أن يشمل ذلك تحديد المحتوى الذي سيروج، حتى تكون الصورة مكتملة.
المرحلة الخامسة: تحليل ومراجعة الاستراتيجية
بعد الانتهاء من تنفيذ الخطة، لا بد من تحليل ومراجعة الاستراتيجية لمعرفة ما الذي حدث بالضبط، وهذه هي المرحلة الأخيرة من التسويق بالمحتوى. لكنّها ليست نهاية العمل، بل هي بداية جديدة للمرحلة الأولى مرة أخرى، إذ إنّ عملية التسويق بالمحتوى هي عملية تكرارية.
يمكن إجراء التحليل عبر النظام إلى الإحصاءات والرؤى المتوفرة على منصات التواصل الاجتماعي، أو عبر الموقع، أو أي مصادر تستخدم في المحتوى. بعد ذلك تُقارن هذه الأرقام، بالمستهدفات الموضوعة في المرحلة الأولى، لتقييم الأداء وتحديد نسبة النجاح في تنفيذ الاستراتيجية.
يجب أن يشمل التحليل على تحديد أي أنواع المحتوى قدم نتائج أفضل من غيره، وكذلك ما المنصات التي حققت أرقاما جيدة عن البقية. من خلال هذا التحليل، سيكون بالإمكان تحسين المحتوى عند بدء المرحلة الأولى من جديد، وتطوير الاستراتيجية وفقًا لهذه المعلومات، من خلال الاعتماد على المحتوى الجيد، وتبديل المحتوى الذي لم يعمل جيدًا مع الجمهور.
تحتاج استراتيجية التسويق بالمحتوى إلى صبر وتكرار أكثر من مرة، فهذا ما يؤدي إلى معرفة الأشياء التي تعمل جيدًا، والأشياء التي تحتاج إلى تبديل. بعد تكرار العملية أكثر من مرة، والاستفادة من التقييم في تحسين الأداء، ستؤتي الاستراتيجية ثمارها، وتحقق الأهداف المنشودة.
المصادر: