كيف تكتب خطة تسويقية جيدة لمشروعك؟
تعد الخطة التسويقية ركنًا أساسيًا من خطة العمل الكاملة للمشروع. إذ أهميتها لا تقتصر على كونها مجرد محتوى مكتوب، لكنّها تلعب الدور الأساسي في تحقيق أهداف المشروع، بل وربما يتوقف نجاح المشروع كاملًا على هذه الخطة التسويقية.
ما هي الخطة التسويقية؟
تمثل الخطة التسويقية تقريرا تفصيليا عن الاستراتيجية التسويقية، خلال فترة دورية محددة. مثلًا خلال عام كامل، أو ربما فقط للشهر. على الأغلب تفضل الشركات وضع الخطة التسويقية خلال العام، وتقسيم المستهدفات على 4 أرباع خلال السنة. تحتوي الخطة التسويقية على المكونات التالية:
1- تحديد الوضع الحالي للتسويق في النشاط التجاري.
2- تعريف الأهداف التسويقية المطلوبة للنشاط التجاري خلال فترة الخطة.
3- وصف للسوق الذي تستهدف الشركة العمل به، وتفاصيل عن العملاء.
4- الجدول الزمني الخاص بتنفيذ الخطة، مثلًا أنشطة الربع الأول، أنشطة الربع الثاني، وهكذا إلى نهاية الفترة.
5- المقاييس التي ستعتمد عليها الشركة لتقييم عملها.
لا يوجد محتوى ثابت لمكونات الخطة التسويقية، فالأمر يتوقف على فترة العمل والمستهدفات المطلوب تحقيقها خلال هذه الفترة. بالتالي، يمكن تغيير الكثير من التفاصيل وفقًا لذلك. الأهم دائمًا هو الربط بين دور الخطة التسويقية وبين أهداف المشروع.
كيف تستخدم نموذج STP في التسويق؟
1- الملخص التنفيذي
يعد الملخص التنفيذي هو الجزء الأول في الخطة التسويقية. رغم ذلك يُمكن كتابته في النهاية عند الانتهاء من جميع بيانات الخطة. يقدم الملخص التنفيذي تصورًا عن الخطة الكاملة، والمحتوى الموجود بها، في صفحة أو صفحتين على الأكثر، وإن كان الأفضل هو كتابته في صفحة واحدة.
على سبيل المثال، قد يشمل الملخص التنفيذي: ملخص للأهداف المطلوب تحقيقها، المقاييس التي يمكن الاستعانة بها عند التنفيذ، وغيرها. عندما يقرأ أحد الملخص فإنّه يحصل على تصور كامل لمحتوى الخطة التسويقية، ويعرف كيف يتحرك بين أجزاء المحتوى.
2- أهداف التسويق مع وجود مقاييس لها
بعد الانتهاء من الملخص التنفيذي، يمكنك البدء في الخطوة التالية، وهي تحديد أهداف التسويق. تعد هذه الخطوة هي الأكثر أهمية في الخطة، لأنّ جميع خطواتك وأنشطتك ستبنى عليها. فإذا حددت الأهداف بطريقة خاطئة، حتى مع تنفيذ أنشطة سليمة، فإنّك تبتعد عن أهداف عملك المنشودة.
لذا، يمكنك العودة إلى أهداف المشروع المطلوب تحقيقها الفترة القادمة، ثم بعد ذلك وضع الأهداف التسويقية التي من شأنها المساهمة في تحقيق هذه الأهداف. من المهم اختيار هذه الأهداف بما يتوافق مع الفترة الزمنية المحددة، فليس من الصواب تضمين أهداف لا يمكن تحقيقها، لأنّ هذا سيسبب مشكلة لاحقًا.
كذلك عند كتابة الأهداف التسويقية، يجب وضع مقاييس لها، حتى يكون بالإمكان قياسها ومعرفة مدى فاعليتها لعملك، وفي نهاية الفترة يمكنك تقييم ما تحقق وما لم يتحقق بعد. أمّا الأهداف المكتوبة بصيغة عادية بدون مقياس، كيف سيكون بالإمكان الحكم عليها؟
مثال على كتابة الأهداف بطريقة خاطئة: زيادة المبيعات، الحصول على متابعين جدد، كتابة مقالات أكثر، إنتاج فيديوهات. إذ كيف يمكنك قياس نجاحك في تحقيق هذا الهدف؟ ومتى ينبغي عليك القيام بالقياس بالضبط؟ بالتالي أنت تعمل، لكن لا يمكنك معرفة إذا كنت تسير في الطريق الصحيح أو لا.
الطريقة الصحيحة لكتابة الأهداف: زيادة المبيعات بنسبة 10% خلال شهر مارس، الحصول على 125 متابعا جديدا خلال 15 يومًا لموقع تويتر، كتابة 100 مقال خلال العام، إنتاج 12 فيديو في الربع الثاني من 2021. من خلال هذا المقياس، ومع وجود تصور زمني، سيكون بالإمكان قياس ومتابعة الأداء، والتأكد من تنفيذ الخطة التسويقية كما هو مخطط له، وتحديد مدى نجاح تنفيذ الخطة من عدمه.
التسويق الإلكتروني.. كيف تقتحم الأسواق بشكل ممنهج؟
3- الأرقام الأساسية الموجودة الآن
لا يمكن العمل على تحقيق مستهدفات، دون معرفة الأرقام الموجودة حاليًا. إذ إنّ هذه الأرقام هي المرجعية في العمل، لقياس مدى التقدم الحادث، والإجابة على أسئلة: ما الذي نجح في خطة التسويق؟ وما هي نسبة النجاح؟ وما الأشياء التي ينبغي إعادة العمل عليها مرة أخرى؟
تبدو هذه الأرقام معروفة عند البدء، لكن عدم تسجيلها قد يسبب مشكلة مع التقدم في العمل، لا سيّما إذا كانت الخطة التسويقية تغطي فترة طويلة نسبيًا كعامٍ بأكمله. لذا، يؤدي التسجيل إلى حفظ البيانات، وضمان العودة إليها كمرجعية رئيسة في الوقت المناسب.
يمكنك تقسيم الأرقام إلى نوعين: الأرقام المتعلقة بالمستهدفات، والأرقام الأخرى العامة التي وجودها جيد لتقييم فاعلية الجهود التسويقية، حتى إذا لم تكن جزءًا من المستهدفات. فعلى سبيل المثال، بالعودة إلى النقطة الماضية، وأخذ هدف مثل الحصول على 125 متابعا جديدا خلال 15 يومًا لموقع تويتر.
سيكون من المهم تسجيل عدد المتابعين الحاليين، حتى يمكن بعد مرور الفترة المحددة قياس العدد الموجود، وحساب الفارق بينهما لمعرفة إذا كان الهدف قد تحقق أو لا. أمّا الأرقام الأخرى، فمثلًا كم عدد الأشخاص الذين أعجبوا بالمحتوى خلال الشهر الذي يسبق العمل، ثم حساب العدد في شهور العمل، ومقارنة مدى التقدم، إذ هذا ليس مستهدفا، لكنّه مؤشر جيد للجهد التسويقي.
4- العملاء المستهدفون: ما هي شخصية العملاء الذين نخاطبهم؟
لا نوجّه الجهود التسويقية إلى جميع الأفراد بالتأكيد، لذا في هذه الخطوة نحدد بيانات العملاء المستهدفين بالضبط. إذ لا يقتصر الأمر فقط على الوصول إلى أكبر عدد من الأشخاص، لكن الأهم هو الوصول إلى أكثر هؤلاء ملاءمة لمشروعك، لأنّ هذا يزيد من فرصة تحقيق المستهدفات.
حتى يمكنك فعل ذلك بالشكل السليم، فمن المهم الإجابة على الأسئلة التالية: من هم العملاء المثاليون لمشروعك؟ ما هي المشكلات التي تواجههم؟ ما هي المكاسب التي يسعون إلى تحقيقها؟ عندما تدرك الإجابة على هذه الأسئلة، سيكون بإمكانك توجيه جهودك التسويقية لهم بالشكل الصحيح.
يعد تحديد شخصية العميل دورًا أساسيًا في المشروع، لكن قد يحدث بعض التغيير في بعض الأحيان في هذه التفاصيل، مع تغير الأهداف التي تسعى إلى تحقيقها، والتي ينتج عنها إضافة فئات جديدة، أو التوسع في الفئة الحالية. لذا، يجب تحديد هذا الأمر بدقة في الخطة التسويقية، وفقًا لفترة العمل الحالية.
عند الانتهاء من البحث والاتفاق على شخصية العمل، سيكون لديك الكثير من التفاصيل حولها، مثل: العمر، الوظيفة، مستوى الدخل، الأهداف، نقاط الألم التي يعانون منها، المكاسب التي يرغبون في تحقيقها، الهوايات، التحديات، الأنشطة اليومية. بالتالي يمكنك الاستفادة من هذه المعلومات في الخطة التسويقية.
بالطبع يمكنك تحديد المعلومات المناسبة وفقًا لما ترغب في تحقيقه، لكن في النهاية لا بد من وجود مجموعة من البيانات التي يمكنك استخدامها في الخطة التسويقية. إذا كان هناك أكثر من شخصية للعميل، فلا بد من الفصل بينهم جميعًا، لتوجيه الجهود التسويقية لكل شخصية على حدة.
5- البحث الدقيق عن المنافسين
لا يمكن الحديث عن التسويق، دون الحديث عن المنافسين الحاليين لمشروعك، إذ ستعتمد استراتيجيتك التسويقية على دراستهم، من أجل معرفة ما يقدمونه بالضبط، وكيف يمكنك التغلّب على الميزة التنافسية التي يقدمونها إلى العملاء.
يمكن لبحث المنافسين أن يشمل النقاط التالية: فريق التسويق الخاص بالمنافسين ونظرة على أنشطتهم السابقة، الاستراتيجيات التسويقية التي يستخدمونها، وكذلك استراتيجيات المبيعات، القيمة السوقية لهم والحصص التي يتمتعون بها في السوق، مقدار النمو الذي يحققونه، أخيرًا شخصية العميل المستهدف لهم وعدد العملاء.
من المهم التعمق كثيرًا في دراسة الاستراتيجيات التسويقية التي يعتمدون عليها، لأنّ هذا سيمنحك نظرة إلى ما يقومون به في السوق، وما هي الأنشطة التي يقبلها العملاء وتؤثر بهم فعلًا. بالتالي سيكون بإمكانك الاستفادة من هذه الاستراتيجيات لاحقًا في عملك.
حتى يمكنك دراسة جميع التفاصيل الخاصة بالمنافسين، يمكنك إنشاء تحليل SWOT لكل منافس، وتحديد: نقاط القوة التي يتمتعون بها، نقاط الضعف الموجودة لديهم، الفرص التي يمكنهم استغلالها، التهديدات التي تواجههم في السوق. سيساعدك ذلك في معرفة الفرص التي يمكنك السعي إليها أثناء عملك.
يمكنك أيضًا العمل على تقسيم المنافسين، إلى: منافسين رئيسيين، منافسين ثانويين. سيجعلك هذا تعرف من يؤثر على عملك أكثر من غيره، ومن هم المنافسون الذين يجب توجيه الجهود التسويقية لهم أكثر. بالطبع دون المساس بأهمية العملاء كعنصر رئيس تسوّق له.
كيف تجري بحث السوق لمشروعك بطريقة فعالة؟
6- الاستراتيجيات التسويقية وخطة التنفيذ
بعد دراسة جميع البيانات السابقة، ومعرفة المستهدفات والأرقام الحالية، ثم تحديد العملاء المستهدفين والمنافسين الحاليين. يمكن البدء في تحديد الاستراتيجيات التسويقية، وما هي خطة التنفيذ المطلوبة لهذه الاستراتيجيات.
من المهم في هذه النقطة عدم اختيار الاستراتيجيات، لمجرد فقط أنّها تبدو جيدة، لكن يجب فعل ذلك في إطار الأهداف التسويقية، إذ لا بد من الإجابة على الأسئلة التالية: هل تتوافق هذه الاستراتيجية مع أحد الأهداف الموضوعة؟ كيف ستكون مساهمتها بالتحديد؟
من خلال التفكير في إجابات الأسئلة، ستجد أنّ كل استراتيجية تلعب دورًا محوريًا في تحقيق الأهداف، وتحقق تكاملًا فيما بينها، للوصول إلى الهدف بالشكل الأمثل. إذا كان الهدف هو زيادة المبيعات، فسيكون هناك احتياج لاستراتيجيات: التسويق بالمحتوى، التسويق عبر محركات البحث، الإعلانات المدفوعة عبر مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة.
في بعض الأحيان قد تكون هناك استراتيجيتان تؤديان نفس الدور، في هذه الحالة، ليس ضروريًا تنفيذهما معًا، بل يمكن اختيار الأنسب. يعتمد الاختيار على مدى فاعلية وتكلفة كليهما، وبالتالي تحدث المفاضلة ثم الاختيار. إذا كنت لا تعرف الأنسب منهما بعد، فبالإمكان الاعتماد على التجربة لفترة من الوقت، ثم بعد ذلك اختيار الأفضل.
7- تقييم النتائج
تتبقى الخطوة الأخيرة وهي تحديد آلية تقييم النتائج، حتى يمكنك من خلالها معرفة سير العمل، وهل تقوم بتنفيذ المطلوب بالضبط أو لا. بالطبع إذا كانت فترة الخطة إجمالًا عام، لكن الأهداف الموجودة لها فترات مختلفة للقياس، إلى جانب أنّه لا يمكن الانتظار حتى نهاية الفترة من أجل قياس النتائج.
لذا، لا بد من توضيح آلية التقييم، ويشمل ذلك: تحديد المستهدفات المطلوب تتبعها، تحديد الطريقة المثلى لكل مستهدف، تحديد فترة المتابعة والتقييم الدوري. سيساعدك هذا في إدارة أي متغيّرات سريعًا، ولن تنتظر وقتًا طويلًا لإصلاح أي مشكلة تحدث، بل سيكون بالإمكان التحكم في الأمور جيدًا.
تذكّر في النهاية أنّ الأمر لا يقتصر فقط على كتابة الخطة التسويقية، لكنه يمثل أكثر التفكير المنطقي في إعدادها. لذا، لا توجّه مجهودك لكتابة خطة جيدة على الورق، لكن الأهم من ذلك أن تكون الخطة معبّرة عن الشركة، وتعد مرجعًا قويًا يمكن استخدامه كعنصر يقود العمل، يوجّه فريق التسويق الخاص بك لتحقيق الأهداف المطلوبة.
المصادر: