جائزة نوبل الزائفة في الاقتصاد: حقائق حول تاريخ الجائزة المثيرة للجدل
ينتظر الاقتصاديون كل عام بصبر لمعرفة من سيفوز بأرفع وأرقى تكريم ممنوح في المهنة. نجمع قوائم الترشيحات ونناقش بشراسة الاحتمالات المطروحة حول من المرجح أن يفوز بالحدث الاقتصادي الأبرز خلال العام، إنها جائزة نوبل في العلوم الاقتصادية، لذا حان الوقت للتعرف على تاريخ الجائزة.
الجائزة السادسة
الجائزة السادسة في العلوم الاقتصادية ليست جائزة نوبل من الناحية الفنية، فهي الجائزة الوحيدة التي لم ينشئها «ألفريد نوبل»، فقد ترك العالم السويدي ومخترع الديناميت ورجل الأعمال والمؤلف وداعية السلام والرجل الذي سميت الجائزة باسمه، الجزء الأكبر من ممتلكاته الضخمة (3 ملايين دولار في ذلك الوقت) بحسب وصيته؛ لغرض تأسيس جوائز نوبل الخمس المعروفة في كلٍّ من: (الفيزياء والكيمياء والطب والأدب والسلام) دون أن يذكر فرع الاقتصاد.
نوبل في الاقتصاد 2020: السعي وراء المزاد المثالي وتجنب لعنة الفائز
في الذكرى الـ 300 لتأسيس البنك المركزى السويدي، المعروف محليًا باسم «Sveriges Riksbank - سفيريجيس ريكسبانك»، وتحديدًا في عام 1968، أي بعد مرور 67 عامًا على منح جوائز نوبل لأول مرة، قدم البنك تبرعًا ضخمًا لإضافة علم الاقتصاد إلى تلك القائمة كجائزة نوبل السادسة، ولتسهيل الاحتفال بأعظم وألمع العقول في الاقتصاد.
ابتكرها الاقتصاديون لأنفسهم
وقد سميت الجائزة رسميًا باسم البنك المركزي السويدي: «جائزة Sveriges Riksbank في العلوم الاقتصادية في ذكرى ألفريد نوبل»، لكنها تحمل أيضًا اسم ألفريد نوبل تخليدًا لذكراه.
وهكذا، أنشأ البنك جائزة باسمه لـ «العلوم الاقتصادية» وأضاف عبارة: «في ذكرى ألفريد نوبل»، وبهذه الكلمات الزائدة عن الحاجة، أصبحت الجائزة التي ابتكرها الاقتصاديون لأنفسهم تسمى «نوبل»، أو أحيانًا «جائزة نوبل التذكارية».
مع بدء الإعلان عن الفائزين..تعرف على القيمة المالية لجائزة نوبل
ومع ذلك، وبحسب موقع جائزة نوبل (nobelprize.org)، تُمنح جائزة العلوم الاقتصادية من قبل الأكاديمية الملكية السويدية للعلوم، ووفقًا لنفس المبادئ المتبعة في جوائز نوبل الخمس الأصلية.
يتم استلام الترشيحات للجائزة، من أفراد معينين، مثل: (أعضاء الأكاديمية السويدية للعلوم، أعضاء لجنة الجائزة، الفائزين السابقين، والأساتذة في المجالات ذات الصلة في بلدان محددة)، واختيار الفائز يتم عن طريق التصويت، ويتم تقديمها في نفس الحفل مع جوائز أخرى. بينما تستند جوائز نوبل الخمس إلى صندوق تم إنشاؤه من الثروة التي ورثها ألفريد نوبل، فإن الجائزة الاقتصادية تستند إلى التبرع الذي تلقته مؤسسة نوبل من Sveriges Riksbank.
الجائزة الزائفة
بعد مرور أكثر من نصق قرن، وعلى الرغم من أن جائزة العلوم الاقتصادية لها مكانة مرموقة بين جمهور المجتمع الاقتصادي من الباحثين والكتاب والمحررين الاقتصاديين، فإنها لم تحصل بعد على المكانة نفسها للفئات الخمس التي اختارها ألفريد نوبل في وصيته التأسيسية (الطب والفيزياء والكيمياء والسلام والآداب) حتى إنها تعتبر «نوبل زائفة» من وجهة نظر خبراء الاقتصاد الكلاسيكيين أو الليبراليين الاقتصاديين فضلًا عن ورثة ألفريد نوبل المشككين في شرعية الجائزة.
الشخصيات الحاصلة على جائزة نوبل في عام 2019 .. حملت مفاجآت كبيرة
فقد طالب عدد من أعضاء عائلة ألفريد نوبل بإسقاط اسم نوبل من الجائزة، برغم أنه كان متشككًا للغاية في علم الاقتصاد، ولم يقصد أبدًا مكافأة الاقتصاديين كعلماء عظماء، وأن الجائزة تمنح من بنك السويد، ووجودها باسم «ألفريد نوبل» هو إهانة لإرثه، فقد احتقر نوبل الأشخاص الذين يهتمون بالأرباح أكثر من اهتمامهم برفاهية المجتمع، وغالبًا ما يتم منحها للمضاربين في سوق الأسهم، الأمر الذي لا يعكس رغبة «ألفريد نوبل» في تحسين الحالة البشرية.
فيقول عدد من أفراد عائلة نوبل: من المؤكد أن مؤسسة نوبل لا تدفع لتمويل الجائزة أو تختار الفائز (على الرغم من أن الفائز يتم اختياره وفقًا لنفس المبادئ التي تستخدمها المؤسسة)، لكن مؤسسة نوبل تعلن عن الجائزة وتسرد تفاصيلها على موقعها الإلكتروني جنبًا إلى جنب مع جوائز نوبل، وتتتبع السيرة المهنية للفائزين بها بنفس الطريقة التي يتم بها تتبع سير الفائزين بجائزة نوبل الأصلية، بل إنها تروج للجائزة إلى جانب جائزتها.
لكن رد مؤسسة نوبل كان يؤكد على وجود تمييز بين جائزة الاقتصاد السادسة هذه وجوائز نوبل الخمس الأصلية، بدليل أن الإعلان عنها لا يتم في نفس أسبوع نوبل بل في الأسبوع التالي لها.
وتقدم الجائزة سنويًا للأفراد الذين يقدمون مساهمات استثنائية بارزة في مجال الاقتصاد وحل المشكلة الاقتصادية.. بالنظر إلى المكانة المرتبط بالجائزة والجدل الدائر بشأنها، يجدر طرح السؤال عن سبب وجود الجائزة، والقيمة العلمية التي تقدمها، ليس فقط لعلم الاقتصاد، ولكن للمجتمع والعالم أجمع.
لماذا جائزة نوبل الاقتصاد موجودة؟
وفقًا لرأي المؤرخ «Philip Mirowski - فيليب ميروفسكي»، انبثقت جائزة نوبل التذكارية في العلوم الاقتصاد بشكل لا يدع مجالا للشك عن السياسات المحلية السويدية. ففي فترة الستينيات من القرن الماضي، كان بنك السويد يحاول تحرير نفسه من إشراف الحكومة وأن يصبح مستقلاً. كانت إحدى طرق القيام بذلك هي تأطير الاقتصاد باعتباره علمًا بحتًا، وليس سياسيًا، وفي هذه الحالة، لن يؤدي التدخل الحكومي إلا إلى الإضرار بمصلحة البنك بحجة تعطيل حتمية العلم.
ولا يعد «فيليب ميروفسكي» الأكاديمي الوحيد الذي يشك في ما إذا كان ينبغي أن تكون هناك جائزة اقتصادية مرتبطة بنوبل أم لا. فقد استخدم الاقتصادي «Friedrich von Hayek - فريدريك فون حايك»، الفائز بالجائزة عام 1974، خطابه على مأدبة نوبل لانتقاد الجائزة، قائلًا: «تمنح جائزة نوبل للفرد سلطة لا يجب أن يمتلكها أي رجل في الاقتصاد [...] لا يوجد سبب يجعل الرجل الذي قدم مساهمة مميزة في العلوم الاقتصادية يتمتع بكفاءة كاملة في حل جميع مشاكل المجتمع».
تجريد عالم "نوبل" من ألقابه التكريمية بسبب عنصريته.. ماذا قال؟
لقد كان «فريدريك حايك» قلقًا جدًا من أن جائزة العلوم الاقتصادية ستؤثر على الصحفيين والسياسيين والجمهور من الأفراد العاديين لقبول بعض النظريات على أنها نصوص مقدسة، وبالتالي لا تقبل النقد، ليتم تكريسها والعمل بها كما لو كانت قانون، بعدما عزز الحصول على جائزة نوبل المصداقية العلمية للباحث الاقتصادي الحائز عليها، وذلك دون فهم أن أفكار العلوم الاجتماعية، كعلم الاقتصاد، لها مستوى مختلف من عدم اليقين، وذلك بالمقارنة مع موضوعات العلوم الطبيعية، مثل: الجاذبية أو المجرات الخارجية أو الكيمياء، فقد كان مؤمن برأي الاقتصادي «Alfred Marshall - ألفريد مارشال»، الذي كتب يومًا: «يجب على طلاب العلوم الاجتماعية أن يخافوا الموافقة الشعبية».
دونا ستريكلاند.. ثالث امرأة تفوز بجائزة نوبل للفيزياء منذ انطلاقها
ولكن، على الجانب الآخر، وفي بعض الأحيان، تلقي جائزة نوبل التذكارية في العلوم الاقتصادية الضوء على قضايا هامة تهم الإنسانية، مثلما حدث عند إعلان جائزة العام الماضي 2019، بفوز كُلٍّ من الهندي «Abhijit Banerjee - أبهيجيت بانيرجي» والفرنسية «Esther Duflo - إستير دوفلو» والأمريكي «Michael Kremer - مايكل كريمر» لجهودهم في محاربة الفقر حول العالم.
حقائق وأرقام عن جائزة نوبل في الاقتصاد
تعتبر جائزة نوبل على نطاق واسع الجائزة الأكثر شهرة في العالم. وتُمنح إلى العقول اللامعة حول العالم، وأولئك الذين منحوا أكبر فائدة للبشرية. تم منح جوائز في مجالات الفيزياء والكيمياء وعلم وظائف الأعضاء والطب والأدب والسلام منذ عام 1901، ومجال العلوم الاقتصادية منذ عام 1968.
وعلى الرغم من أن جائزة العلوم الاقتصادية ليست نوبل فعليًا، ولكنها جائزة تُمنح في ذاكرته، إلا أنها تعتبر أرقى جائزة في العلوم الاقتصادية، وقد تم منحها 52 مرة لـ 86 فردًا منذ عام 1969 وحتى الآن، يبلغ متوسط عمر الفائزين أكثر من 65 عامًا، وهو أعلى معدل بين جوائز نوبل. وفاز بها قسم الاقتصاد بجامعة شيكاغو 12 مرة، ومعهد معهد ماساتشوستس للتقنية (MIT) ست مرات.
فيما يلي بعض الحقائق والأرقام المتعلقة بجائزة Sveriges Riksbank في العلوم الاقتصادية في ذكرى ألفريد نوبل، التي مُنحت من عام 1969 إلى عام 2020.
القيمة المالية
يبلغ مجموع جائزة نوبل حاليًا 10 ملايين كرونة سويدية (حوالي 950،000 يورو) لكل فئة من فئات الجائزة، حتى عندما يتم تقاسم الجائزة. لا يجوز أن يكون هناك أكثر من ثلاثة فائزين أو فائزين لكل فئة من فئات الجائزة.
الفائز الأول
وقد مُنحت الجائزة لأول مرة في عام 1969، إلى «Ragnar Frisch – راجنار فريش و«Jan Tinbergen – جان تينبرغن» لعملهما على تطوير تطبيق نماذج ديناميكية لتحليل العمليات الاقتصادية.
الفائز الأصغر
حتى الآن، تعد الاقتصادية «إستير دوفلو»، الحائزة على الجائزة في العلوم الاقتصادية عام 2019، أصغر شخص يحصل عليها، (مولودة عام 1972 وكانت تبلغ من العمر 46 عامًا عندما منحت الجائزة)، وهي أيضًا ثاني امرأة تحصل على جائزة العلوم الاقتصادية.
الفائز الأكبر
بينما أكبر حائز على الجائزة في العلوم الاقتصادية، حتى وقتنا هذا، هو الاقتصادي الأمريكي «Leonid Hurwicz – ليونيد هورويتش»، الذي كان يبلغ من العمر 90 عامًا عندما حصل عليها في عام 2007، نظرًا لمساهمته العلمية في وضع نظرية تصميم الآليات تخصيص الموارد.
من النساء
كانت «Elinor Ostrom - إلينور أوستروم» أول امرأة تفوز بجائزة العلوم الاقتصادية في عام 2009. فيما أصبحت «إستير دوفلو» ثاني امرأة تفوز بالجائزة عندما حصلت على الجائزة في عام 2019.
من أسرة واحدة
من الإخوة حصل كلٌّ من: «Jan Tinbergen - جان تينبيرجين» (العلوم الاقتصادية عام 1969) و«Nikolaas Tinbergen - نيكولاس تينبرجن» (علم وظائف الأعضاء أو الطب عام 1973)، على الجائزة في مجالين مختلفين أحدهما كان في الاقتصاد.
ومن الأزواج حصل كلٌّ من: «Gunnar Myrdal - جونار ميردال» (العلوم الاقتصادية عام 1974) و«Alva Myrdal - ألفا ميردال» (جائزة نوبل للسلام عام 1982)، على الجائزة في مجالين مختلفين أحدهما كان في الاقتصاد.
مصادر: