لماذا تحسّن التجمعات من وضع الاقتصاد العالمي؟ مجموعة العشرين نموذجًا
تُقام قمة مجموعة العشرين لهذا العام في الرياض في المملكة العربية السعودية يومي السبت والأحد، وتنظّم القمة هذه المرة افتراضيًا نظرًا لظروف جائحة كورونا. تتبنى القيادة السعودية للقمة رؤية مهمة حول هذه القمة، حيث تؤكد صعوبة إدارة التحديات التي تواجه العالم في الصحة والاقتصاد من كل دولة بمفردها في معزل عن بقية الدول، فالعالم أصبح مرتبطا معًا بصورة كبيرة، وهناك دائمًا احتياج للعمل والتعاون معا بين الجميع، مع احترام وجهات النظر والأوضاع المختلفة.
يمكن القول إنّ هذه الرؤية لا تعبّر فقط عن مجموعة العشرين، ولكنّها تصف حال جميع التجمعات التي تُوجد في العالم بين الدول المختلفة، حيث يؤدي الاتّحاد إلى تحقيق نتائج أفضل، ويعزّز من وضع الاقتصاد العالمي ويساهم في تنفيذ جميع مبادئه بأفضل شكل.
العولمة: حيث العالم أصبح قرية صغيرة
من أشهر الجمل التي تصف العولمة وهي أنّ العالم أصبح قرية صغيرة لا تُوجد فيه حواجز بين الدول، لا سيّما مع زيادة استخدام شبكة الإنترنت. ساهمت العولمة في التقريب بين الاقتصادات المقدمة، لكن لا تزال هناك فجوة بينها وبين الدول الأقل نموا حسب رؤية البعض، لكن لا تزال العولمة أحد أهم مكونات الاقتصاد العالمي الذي يؤدي إلى تحقيق التكامل بين الأسواق.
لذا، يبحث الاقتصاد العالمي عن تأسيس مبادئ تساهم في التقريب بين الدول، والاستفادة من إمكانية تكامل الأسواق، مع العمل على تقليل الفجوة الموجودة، مثل تأسيس منظمة التجارة العالمية التي تسعى إلى تعزيز التجارة الحرة والعادلة بين الجميع، وإزالة الحواجز التجارية بين الدول، وهي مهمة صعبة بالطبع.
لذا، مع تركيز الاقتصاد العالمي دائمًا على هذا الأمر، فإنّ وجود مجموعات بين الدول تحاول تنفيذ هذه المبادئ، وتخلق سهولة في التجارة بين الدول الأعضاء، فإنّه يجعلها مساهمًا رئيسا في تحسين الاقتصاد العالمي. توجد العديد من النماذج للتجمعات، على سبيل المثال كل من الاتحاد الأوروبي ومجموعة العشرين.
4 فوائد للمجموعات تساهم في تحسين الاقتصاد العالمي
تحقق المجموعات العديد من الفوائد، والتي تجعلها قادرة على تنفيذ مبادئ الاقتصاد العالمي وتحسّن الأوضاع، لكن في مقدمة هذه الفوائد، فهناك 4 رئيسة تصنع التأثير الأكبر.
1- تسهيل التجارة بين الدول الأعضاء: عندما تجتمع قوى مختلفة في مجموعة واحدة، فإنّها تبدأ في وضع السياسات الخاصة بها من أجل تسهيل التجارة بين الدول الأعضاء، حيث يشمل هذا إزالة الحواجز التجارية، ووضع قوانين داعمة للتجارة وتشجّع على الاستثمار، وهو ما ينتج عنه حالة من النمو الاقتصادي.
2- تقليل الفجوة بين الاقتصادات: عندما ظهرت مجموعة العشرين، كان ذلك على هامش قمة الثمانية التي جمعت الدول الصناعية الكبرى، وحدث ذلك لإيجاد فرصة للتقريب بين الدول الاقتصادية الكبرى، وبين الاقتصاديات الناشئة، وهو ما سمح بتقليل الفجوة التي يراها البعض من العولمة بين الدول المشاركة في المجموعة.
3- المبادرة إلى حل الأزمات العالمية: تسعى المجموعات دائمًا لأخذ المبادرة للمساهمة في حل الأزمات المختلفة التي تواجه العالم. فعلى سبيل المثال وأثناء الأزمة المالية في عام 2008، كان لمجموعة العشرين دورًا بارزًا في حل الأزمة، ومن هذه اللحظة ازدادت أهمية المجموعة، وأصبحت تضم رؤساء الدول لا فقط وزراء المالية، وعُقدت القمة الأولى في نفس العام.
كذلك ساهمت المجموعة بالمساعدة في جائحة كوفيد-19، حيث وصل إجمالي مساهماتها إلى حوالي 11 تريليون دولار أمريكي كمساعدة في حماية الاقتصاد العالمي من التأثر بالجائحة، كما أنّها خصّصت حوالي 21 مليار دولار أمريكي للقطاعات الصحية وتوفير الأدوات والعلاج المطلوب للعبور من الأزمة.
4- المساهمة في تنفيذ المبادئ الاقتصادية العالمية: يسعى الاقتصاد العالمي لتعزيز بعض المبادئ الاقتصادية بين جميع دول العالم، ومن أهم هذه المبادئ هو السعي إلى تنفيذ الشمول المالي، الذي يعتبر أحد عوامل التمكين لسبعة من أهداف التنمية المستدامة السبعة عشر.
تسعى مجموعة العشرين للعمل على تعزيز الشمول المالي في جميع أنحاء العالم، ومنذ عام 2016 فإنّها أكدت التزامها بتنفيذ مبادئ مجموعة العشرين الجديدة رفيعة المستوى للشمول المالي الرقمي، وذلك من أجل تمكين الدول من تنفيذ مبدأ الشمول المالي بسهولة.
وفي الحقيقة بدون هذه المبادرات، فإنّ تنفيذ المبادئ الاقتصادية العالمية لا يكون سهلًا، لأنّه لا يوجد ما يشجّع الدول على الاشتراك بسهولة، وهو ما يؤثر سلبًا على الاقتصاد العالمي، حيث إذا كانت هناك دولة تطبق المبدأ ودولة لا، فإنّ التعاون بينهما لا يكون سهلًا.
يمكن لهذه الفوائد توضيح لماذا يستفيد الاقتصاد العالمي من وجود تجمعات مختلفة، لأنّه في عالم يعيش كل شيء معًا، فإنّ التعاون يؤدي إلى خلق فوائد كبيرة باستمرار، ويحسّن من الأحوال الاقتصادية لجميع الدول المشتركة في المجموعة، لأنّهم يعملون معًا لتحقيق أهداف مشتركة.
المصادر: