أساليب القيادة (4): لماذا يحب الفريق أسلوب التآلف في القيادة؟
يحب الناس القادة الذين يهتمون لأمورهم في العمل، يضعون مصلحة الموظفين وظروفهم في المقدمة دائمًا، وذلك لأنّهم في حضور هذا النوع من القادة يشعرون بالتقدير والاهتمام، وأنّهم لا يُعاملون من منطلق كونهم منفذين فقط للمهام داخل العمل، لكن لكونهم موردا مهما للشركة وبالتالي لا بد من العمل على تحقيق رغباته ومتطلباته دائمًا، لهذا يأتي أسلوب التآلف ضمن أساليب القيادة التي يحبها الفريق.
أسلوب التآلف: الناس أولًا، المهام ثانيًا
يركّز الهدف الرئيس لأسلوب التآلف على خلق روح إيجابية بين الأفراد وبين القائد، وبالتالي فهو يضع الأفراد في محور تركيزه أكثر من تركيزه على المهام التي يؤدونها داخل العمل، ويشارك تعاطفه مع الآخرين ومع الأحداث المختلفة التي يمرون بها.
يركّز دائمًا على مكافأة السلوكيات الشخصية، والكيفية التي يعملون بها، أكثر من تركيزه على مكافأة أداء المهمة، فهو يرى الأهمية الأكبر في الأفراد بغض النظر عن جودة الأداء الذي يقدمونه، وحتى إن حدث تقصير فيمكن تعويضه، لكن لا يمكن تعويض مشاعر الأفراد.
متى يكون هذا الأسلوب فعّالًا؟
يمكن أن يكون هذا الأسلوب فعّالًا بصورة رئيسة عندما يستخدم جنبًا إلى جنب مع أساليب القيادة الأخرى كالتدريب والرؤية على سبيل المثال، فهو يكون عاملا مهما في تقوية العلاقات بين القائد وبين الفريق في هذه الحالة، لكنّه لا يهمل المهام وأهمية تنفيذها بأعلى جودة.
يكون استخدام هذا الأسلوب فعّالًا كذلك عند حاجة الأفراد إلى المساعدة، مثل الحصول على استشارة بخصوص شيء معين، وبالتالي فإنّ تركيز الأسلوب على الأفراد سيمكن القائد من مساعدتهم، وتقديم النصائح المناسبة لهم.
من أهم الأوقات التي يجب استخدام فيها هذا الأسلوب وتزداد فاعليته بصورة كبيرة، عندما يكون هناك خلافات بين الأفراد، ويبحث القائد عن استعادة الثقة، فيكون أسلوب التآلف مناسبًا لهذه الحالة، حيث يؤدي إلى خلق علاقات متناغمة مرة أخرى بين الفريق، ويخلق بينهم حالة من الولاء.
متى لا يكون هذا الأسلوب فعّالًا؟
يكون هذا الأسلوب غير فعّال عندما لا يمتلك القائد القدرة على التعاطف، أي لا يمكنه الإحساس بالآخرين، وبالتالي فلن يكون قادرًا على مساعدتهم، كما أنّه لا يكون مناسبًا عندما يكون هناك مشكلات في الأداء، سواءً لوجود ضعف معين أو كونه غير مناسب مع المهام، ويتطلب الأمر اتّخاذ إجراءات تصحيحية لذلك.
في بعض المواقف يتطلب الأمر من القائد التدخل لاتّخاذ إجراءات سريعة، مثل الأزمات والمواقف المعقدة، وقد يتطلب الأمر التركيز على الوضع في المقام الأول لا الأفراد، فلا يمكن هنا استخدام أسلوب التآلف، لذا من المهم إدراك بأنّ استخدام هذا الأسلوب بمفرده قد يؤدي إلى حدوث مشكلات، فلا بد من الاعتماد على بقية الأساليب كذلك للإبقاء على فاعليته.
كيف يمكنك تطوير هذا الأسلوب في العمل؟
في النهاية أسلوب التآلف هو ضمن الأساليب الهامة التي يجب التفكير في استخدامها دائمًا، بشرط إدراك الوقت المناسب لذلك، فعندما تكون هناك مشكلات في الأداء تتطلب التدخل، أو أزمة معينة تحتاج إلى تصرفات سريعة، فإنّ الأفضل هو استخدام أحد الأساليب الأخرى للقيادة التي تناسب الموقف.
وبالتالي يمكنك أن تجعل هذا الأسلوب ضمن الأساليب التي تستخدمها في وقتها المناسب، فلا يمكن الاعتماد عليه كأسلوب منفرد، بل إنّ القائد الذكي لا يستخدمه دائمًا، لأنّ بعض الموظفين يستغلون أحيانًا اهتمام القائد بهم، وأنّه لا يركّز على المهام، فيتكاسلون عن عمد في تنفيذ المطلوب منهم داخل العمل.
لذا، اختر دائمًا الوقت المناسب لاستخدام الأسلوب في المواقف التي تجعله فعّالًا، بحيث تحقق أقصى استفادة منه مع الفريق. يمكنك تطوير الأسلوب من خلال الخطوات التالية:
1- تعلّم حل النزاعات: تعلّم كيف يمكنك حل النزاعات التي تنشأ بين الأفراد داخل العمل، بحيث يمكنك استخدامها عند حدوث خلافات بين الأفراد، ويكون لديك القدرة على الوصول إلى الحلول المناسبة، بدون خسارة أيًا من أعضاء الفريق.
2- افهم كيفية التعاطف مع الآخرين: لن يكون بإمكانك الاهتمام بالأفراد بدون امتلاك القدرة على التعاطف معهم وفهم مشاعرهم والأسباب وراء سلوكياتهم، وبالتالي عليك أن تتعلّم كيفية التعاطف مع الآخرين، وأن تضع نفسك في أماكنهم لترى الأشياء من منظورهم الشخصي.
3- حافظ على تواصلك مع الأفراد: يعتبر التواصل المفتاح السحري لإنشاء علاقات جيدة مع الموظفين، وبالتالي حافظ دائمًا على التواصل المستمر مع فريقك، يمكنك عمل ذلك من خلال اجتماعات دورية لمناقشة المشاكل والتفكير في حلول لها، أو بأي طريقة أخرى مناسبة.
4- أوجد نظاما للتشجيع والمكافأة: يحب الناس الشعور بالتقدير، وبالتالي أقرب طريق لقلوب موظفيك هو تشجيعهم ومكافأتهم على السلوكيات الجيدة التي تصدر عنهم في المواقف المختلفة.
5- تنفيذ أنشطة اجتماعية: لا يدور كل شيء حول العمل، يمكنك أن تنفّذ مجموعة مختلفة من الأنشطة الاجتماعية، مثل اللقاء خارج الشركة للترفيه، وكذلك إجراء احتفالات بأعياد ميلاد الموظفين، فهذا يحسّن علاقتك معهم بصورة كبيرة.
تذكّر في النهاية أنّ أسلوب التآلف هو أحد الأساليب الفعّالة في القيادة، لكنّه يحتاج إلى حسن توظيفه في مواقفه المناسبة، وأن تستخدم معه أسلوبًا مشابهًا، بحيث يمكنك أن تضمن وجود أفراد يشعرون بالرضا عن العمل، وكذلك جودة عالية في تنفيذ المهام، وهو ما يساعد في خلق شركات ناجحة حقًا.
تابع مقالات السلسلة:
أساليب القيادة (1): متى يصبح أسلوب ضبط الوتيرة مناسبًا لشركتك؟
أساليب القيادة (2): لماذا يجب أن تستخدم أسلوب الأمر في الأزمات فقط؟
أساليب القيادة (3): كيف تستخدم أسلوب الرؤية لتحقيق الأهداف بعيدة المدى لشركتك؟