أساليب القيادة (3): كيف تستخدم أسلوب الرؤية لتحقيق الأهداف بعيدة المدى لشركتك؟
عندما وضع دانيال غولمان تقسيمه لأساليب القيادة، قسّمهم إلى نوعين رئيسين: الأول وهي الأساليب المنفرة نوعًا ما للأفراد، وهي التي تكلمنا عنها في المقالين الماضيين وما هي الحالات المناسبة لاستخدامهما، والنوع الثاني هي الأساليب التي يحبها الجميع، وهي التي سنتكلّم عنها في المقالات المتبقية من السلسلة.
يأتي في مقدمة هذه الأساليب، استخدام أسلوب الرؤية الذي يمكن من خلاله توجيه اهتمام الموظفين لتحقيق الأهداف بعيدة المدى للشركة.
أسلوب الرؤية: دعونا نذكّر أنفسنا بالهدف الأكبر
يعتمد أسلوب الرؤية على استخدام الرؤية العامة للشركة لقيادة الآخرين، حيث يرى في الرؤية كوسيلة لتحفيز الموظفين والتأثير فيهم وإقناعهم بأهمية ما يفعلونه في إطار تحقيق الهدف العام للشركة على المدى البعيد، وفي الأوقات حين يحيد الناس عن مسارهم، فإنّه يذكّرهم بالرؤية مرة أخرى. يعتمد القائد الذي يستخدم هذا الأسلوب على الأفعال التالية:
1- يعمل على تسهيل فهم الرؤية من الموظفين وتطويرها بحيث تتوافق مع هدف الشركة.
2- يحاول فهم وجهات النظر المختلفة الخاصة بالأفراد حول رؤية الشركة، لكن دون التنازل عنها بالطبع، بل محاولة الاستفادة من هذه الآراء بالمتوافق مع الشركة.
3- يؤمن بأهمية بيع الرؤية للآخرين كجزء من وظيفته، حيث يحاول إقناعهم بها وبأهميتها وبجعلهم يستخدمونها كجزء من عملهم اليومي.
4- يستخدم التأثير في الآخرين من خلال استخدام الرؤية، حيث يسعى لشرحها لهم ومساعدتهم على استكشاف كل ما يتعلق بها، ويتأكد من ملاءمة الرؤية للوظائف والأهداف التي يقومون بها في العمل.
متى يكون هذا الأسلوب فعّالًا؟
يعتبر هذا الأسلوب فعّالًا عندما يكون القائد مؤمنا بالرؤية الموضوعة للشركة، لا سيّما أن القائد ليس ضروريًا أن يتواجد في وقت اختيار الرؤية، بل يجدها عندما يبدأ العمل في الكثير من الأحيان، وبالتالي إذا اقتنع بها، سيكون قادرا على توظيفها جيدًا.
تأتي القناعة من خلال توافق الرؤية مع القيم الخاصة به، وبالتالي يسهل عليه تبني الرؤية والعمل بها دون أي مشكلة. يتطلب الأمر كذلك أن يكون لدى القائد ثقة في ذاته وفي معاملاته مع الآخرين، حتى يمكنه التأثير فيهم باستخدام الرؤية.
يمكن أن يكون الأسلوب فعّالًا أيضًا عندما يكون هناك حاجة لوجود رؤية أو اتّجاه جديد، وبالتالي يمكن للقائد الذي يستخدم هذا الأسلوب أن يصنع هذه الرؤية للشركة ويطورها بالمتوافق مع أهدافها، ثم يعمل على إقناع الموظفين بها.
متى لا يكون هذا الأسلوب فعّالًا؟
على الرغم من القيمة الكبيرة في استخدام الرؤية، فإنّه في بعض الأحيان قد لا يكون هذا الأسلوب فعّالًا، وذلك عندما لا يملك القائد المصداقية الكافية لدى الموظفين، فإذا شعر الموظفون أنّهم يعرفون عن الشركة أكثر من قائدهم مثلًا، فلن يكون لديهم القابلية للاقتناع بما يقول.
كذلك لا يكون فعّالًا عندما يشعر الآخرون بالمبالغة في استخدام هذه الطريقة دون رؤية فاعلية منه من الأساس، مع توظيفه بالشكل الذي يجعل القائد يبدو هو المسيطر على الأمور، فيلغي منهجية العمل الجماعي على سبيل المثال في سبيل تنفيذ أفكاره هو بحجة توافقها مع الرؤية.
كيف يمكنك تطوير هذا الأسلوب في العمل؟
على الرغم من أنّ أسلوب الرؤية يبدو سهلًا في تنفيذه، لأنّه معتمد على استخدام مبدأ واحد فقط بشكل مستمر، فإن الأمر ليس كذلك، بل توجد العديد من التحديات والخطوات الواجب تنفيذها من أجل تطوير هذا الأسلوب بشكل جيد.
1- صياغة الرؤية: تعلّم في البداية كيفية صياغة رؤيتك بشكل مناسب، يمكنك الاعتماد على استشارة الخبراء ثم اختبار رؤيتك التي تضعها في العمل، مع الالتزام التام والصدق في تنفيذها، ومعرفة كيفية إقناع الآخرين بها حتى يمكنك التأثير فيهم.
2- كن بالقرب من الموظفين: يتطلب استخدام الرؤية أن تتواجد بالقرب من الموظفين، حتى يكون لديك القدرة على التأثير فيهم، حتى يشعروا بأنّهم جزء من الرؤية، لا مجرد أداة تستخدمها في تحقيق أهدافك. يمكنك أن تكون بالقرب منهم بالعمل معهم والاستماع إلى ما يقولون دائمًا.
3- طلب الآراء: تعلّم طلب الآراء من الآخرين والتفكير فيها جيدًا ثم الاستجابة لها في حالة وجدتها مناسبة للرؤية، بهذا الشكل سيزيد تفاعل الموظفين معك، وستطور من رؤيتك بما يحقق الأهداف الخاصة بالشركة.
4- تعلّم التفويض: لا يجب أن تقوم بعمل كل شيء بنفسك، بل الأهم هو أن تتعلّم تفويض المسئوليات للآخرين بما يمكنهم من تحقيق الرؤية، وتذكّر أن دورك الرئيس هو التأثير فيهم لا تنفيذ المهام بذاتك، فكل مرة تمنحهم الفرصة للعمل بأنفسهم في الإطار الذي يحقق الرؤية، ستزداد قناعتهم بها وستحصل على نتائج أفضل.
5- تعلّم كيف تقيّم الرؤية: ماذا لو ناسبت الرؤية طبيعة العمل في الماضي فقط لكنّها لم تعد متوافقة مع الحاضر؟ يجب أن تتأكد من أنّ الرؤية متفقة دائمًا مع المناخ، وبالتالي يمكنها تحفيز الآخرين، لذا يجب عليك تقييم الرؤية من حين لآخر حتى تصل إلى الشكل الأفضل في التنفيذ دائمًا.
في النهاية استخدام أسلوب الرؤية يمكن أن يحقق للشركة أهدافها على المدى البعيد، ويجب أن تضع في حسبانك استخدام هذا الأسلوب بشكل مستمر عندما يحتاج الوضع إلى ذلك، حتى يمكنك التأثير في الموظفين وضمان فاعليتهم في المستقبل.
تابع مقالات السلسلة:
أساليب القيادة (1): متى يصبح أسلوب ضبط الوتيرة مناسبًا لشركتك؟
أساليب القيادة (2): لماذا يجب أن تستخدم أسلوب الأمر في الأزمات فقط؟