مهارات المستقبل (6): الذكاء العاطفي طريقك لفهم ذاتك والآخرين
ترغب في حل المشكلات؟ ممارسة التفكير النقدي والإبداعي؟ إدارة الأفراد والتنسيق معهم؟ كل هذه المهارات التي تحدثنا عنها تتطلب مجهودًا شخصيًا وقدرة على التحكم في انفعالاتك ومشاعرك، وكذلك فهم مشاعر الآخرين من حولك، وهذا يأتي من خلال اكتسابك للذكاء العاطفي.
فالذكاء العاطفي يعني القدرة على فهم وإدارة مشاعرك بصورة إيجابية، مما يساعدك في التحكم في علاقاتك مع الآخرين كذلك، ويجعلك قادرًا على اتّخاذ القرارات بوضوح دون التأثر بأي ضغط أو توتر، لأنّك بواسطة الذكاء العاطفي سيكون لديك القدرة على التحكم في أي شعور سلبي، وبالتالي ضمان التفكير السليم.
الجوانب الأربعة للذكاء العاطفي
يتعلّق الذكاء العاطفي بالمشاعر، ولذلك يمكن تقسيمه إلى جزأين، وكل جزء يحتوي على مكونين، الجزء الأول خاص بك على المستوى الشخصي والمشاعر الخاصة بك من داخلك، والجزء الثاني خاص بالأشخاص ومعاملاتك معهم والمشاعر المرتبطة بهم.
1- إدارة الذات: الركن الأول للذكاء العاطفي يتمثل في قدرتك على إدارة ذاتك، أي التحكم في المشاعر وعدم الاندفاع بسبب المواقف المختلفة التي تحدث معك، وبالتالي التعامل مع عواطفك بشكل صحي، من خلال حل الأزمات التي تطرأ، والتكيّف مع أي ظروف تواجهك دون أن تسمح لها بالتأثير على حياتك سلبًا، ولكن تفهمها وتتقبلها وتتحكم بها سريعًا.
2- الوعي الذاتي: وهو من أهم الأجزاء في الذكاء العاطفي، قدرتك على التعرّف على المشاعر في داخلك، وكيف تؤثر على أفكارك وسلوكياتك في التعامل. يتطلب هذا معرفتك بنقاط القوة والضعف الموجودة لديك، وهذه النقطة تحديدًا يُساء فهمها من الكثيرين، فيظن البعض أنّ معرفة نقاط القوة والضعف يجب أن تحدث من خلال الآخرين، خوفًا من الوقوع في خانة الغرور عندما يقول الشخص إنّ لديه نقاط قوة معينة، بجانب ميل البعض إلى المبالغة في تقدير ذاتهم إيجابًا أو سلبًا.
في الواقع الوعي الذاتي مهم جدًا لك في حياتك، فأنت تعرف الأشياء التي تؤثر عليك أفضل من الآخرين، وبالتالي سيكون لديك الفهم الكامل لكل ما يحدث معك وأسبابه، وبالتالي إمكانية تحديد نقاط القوة والضعف، يمكنك ملاحظتها من خلال المواقف المختلفة التي تمر عليك في حياتك أو التجارب التي تقوم بها في حياتك.
3- الوعي الاجتماعي: يمثل الوعي الاجتماعي الركن الثالث في الذكاء العاطفي، وهو يتعلّق بالأشخاص من حولك، حيث يعني أنّه لديك القدرة على التعاطف معهم وفهم مشاعرهم واحتياجاتهم ومخاوفهم جيدًا، ويمكنك فهم الأسباب وراء التصرفات الصادرة عن الأفراد. يمكنك توظيف هذا الوعي الاجتماعي في بيئة العمل في معاملاتك مع الآخرين.
4- إدارة العلاقات: الجانب الأخير في الذكاء العاطفي يتمثل في القدرة على التعامل في العلاقات مع الآخرين، إدارتها وتطويرها للأفضل، وكيفية التأثير في الآخرين والعمل معهم في فريق، وعدم السماح للصراعات بالظهور.
لماذا الذكاء العاطفي مهم جدًا لحياتك؟
يمكنك من رؤية الأشخاص من حولك أن تعرف بأنّ الأشخاص الأكثر نجاحًا ليسوا بالضرورة هم الأذكى بالمفهوم المتعارف عليه للذكاء، بل غالبًا هم الأشخاص الأكثر قدرة على التحكم في مشاعرهم والتعامل مع الأفراد من حولهم، لا سيّما عندما يتطلب الأمر ذلك. يمكنك الاستفادة من الذكاء العاطفي في التفاصيل الآتية:
1- تحسين الأداء في العمل: يمكنك الذكاء العاطفي من تجاوز الصعوبات الناتجة عن التعامل مع الآخرين، بل يجعل لديك القدرة على تحسين معاملاتك معهم، وربما قيادتهم والتأثير فيهم. توجد العديد من الشركات التي أدركت قيمة الذكاء العاطفي لهذا السبب، وتجري اختبارات للمتقدمين على الوظائف لمعرفة مدى وجوده لديهم، باعتباره ضرورة في بيئة العمل.
2- الحفاظ على صحتك: عدم القدرة على إدارة المشاعر، يترتب عليه الشعور بالتوتر، والذي قد ينتج عنه مشاكل صحية وعقلية، فتجد نفسك معرّضًا للكثير من المخاطر. أما وجود الذكاء العاطفي فإنّه يساعدك على تعلّم كيفية إدارة التوتر والتعامل معه، وبالتالي الشعور بالراحة والحفاظ على صحتك.
3- إدارة علاقاتك جيدًا: من خلال قدرتك على فهم مشاعرك والطريقة المثلى للتحكم بها، فإنّه يكون لديك قدرة أكبر على التعبير عن مشاعرك الخاصة، وكذلك فهم ما يشعر به الآخرون من حولك، وما يمرون به من صعوبات وأزمات، ويجعلك قادرًا على التواصل معهم بفاعلية.
لا يقتصر الأمر على علاقاتك داخل العمل، ولكن في حياتك الشخصية أيضًا، وهو ما يجعلك قادرًا على الدخول في علاقات صحية مفيدة لك، وبناء الروابط مع الآخرين. ومن الناحية الأخرى، سيكون لديك القدرة على معرفة العلاقات التي تؤثر عليك سلبًا، والتخلّص منها حتى لا تسبب لك ضررًا أكبر مع الوقت.
يمكنك العمل على تطوير ذكاءك العاطفي بسهولة، من خلال الاهتمام بالعالم من داخلك، ومحاولة فهم مشاعرك جيدًا والتفكير قبل اتّخاذ أي قرار، والصبر على ذاتك في المواقف المختلفة التي تحدث معك. إتقان الذكاء العاطفي ليس رفاهية في عالم اليوم، بل ضرورة لا بد منها من أجل حياة أفضل.
لقراءة باقي السلسلة:
مهارات المستقبل (1): لماذا حل المشكلات المعقدة هي المهارة الأكثر طلبًا في سوق العمل؟
مهارات المستقبل (2): التفكير النقدي طريقك لبناء الحقائق
مهارات المستقبل (3): التفكير الإبداعي والبحث داخل الصندوق قبل خارجه!
مهارات المستقبل (4): لماذا تحتاج إلى إدارة الأفراد للنجاح في بيئة العمل؟
مهارات المستقبل (5): لماذا التنسيق مع الآخرين يجعلك شخصًا ناجحًا في عملك؟
المصادر: