مبادئ الإدارة (3): كيف تنظّم العمل داخل الشركة؟
مع التخطيط الجيد وضمان الوجهة، يظل هناك تحدٍّ يتمثل في كيفية تنظيم هذه الأشياء معًا في إطار واحد يناسب الشركة والموظفين، ويضمن للمدير إمكانية تحقيق الأهداف التي يسعى إليها في خطته، وهذا ما نتحدث عنه في الجزء الثالث من سلسلة مبادئ الإدارة.
التعويض: الدفع في مقابل العمل
من أهم مبادئ فايول لتنظيم العمل تتعلّق بمسألة التعويض أو الدفع في مقابل العمل الذي يُؤدى في الشركة. بالطبع يتطلب الأمر أن يكون ذلك عادلًا للطرفين، الموظف والشركة، مع الانتباه لأنّ المقابل المادي الذي تتحمله الشركة هو ما يساعدها على الوصول إلى أفضل الكفاءات.
لذا من المهم وضع نظام للدفع في الشركة، يقوم في الأساس على تحليل المهام والوظائف، ويحدد المقابل المناسب طبقًا لهذا الأمر، فتعيين شخص مبتدئ يختلف عن خبير، حتى مع وجود نفس حجم المهام، لكن سيكون هناك اختلاف في الجودة والنتائج المتوقعة، وبالتبعية اختلاف في المقابل.
يعتبر المقابل المادي هو أحد أهم الدوافع للعمل، لكنّه ليس الوحيد، بل إنّ الموظفين لهم مجموعة من الاحتياجات التي يسعون إلى تحقيقها دائمًا في العمل، ويجب على الإدارة العمل على إشباع هذه الاحتياجات، أو توفير الوسائل التي تساهم في ذلك، ومن أهم النظريات التي تحدثت في هذا الشأن هي نظرية "هرم ماسلو للاحتياجات"، الذي يرتب احتياجات البشر في خمسة مستويات.
لذا فإلى جانب دفع مقابل مادي جيد، فإنّ الاعتماد على أنظمة للجوائز والمكافآت يزيد من شعور الموظفين بالتقدير داخل الشركة، ويعزّز من ثقتهم في أشخاصهم، ويجعلهم أكثر انطلاقًا نحو الإنتاج في العمل.
درجة المركزية: توزيع السلطة بين مستويات الإدارة المختلفة
يركّز مبدأ المركزية لدى فايول على تحديد آلية توزيع السلطة بين مستويات الإدارة المختلفة في الشركة، فإنّ الاعتماد على المركزية يعني وجود السلطة لدى الإدارة العليا فقط، أمّا استخدام اللامركزية يعني توزيعها لدى الإدارة الوسطى والأدنى داخل الشركة.
لا يمكن للشركة أن تمارس أعمالها في ظل استخدام كامل لأحد النظامين، فعلى سبيل المثال إذا اعتمدت الشركة على المركزية الكاملة، فإنّ المرؤوسين لن يكون لديهم أي سلطة للقيام بالمطلوب منهم في العمل، في حين إذا تم الاعتماد على لا مركزية كاملة، فلن يكون للمدير سلطة التحكم في الشركة.
لذا فإنّ الأفضل للشركة هو وجود توازن بين الاثنين، والاعتماد على مزيج منهما، بحيث يكون للمديرين الاحتفاظ بالمسئولية النهائية للعمل، مع منح المرؤوسين السلطات المطلوبة لتمكنهم من تنفيذ مهامهم بنجاح. في النهاية من المهم تحديد هذه الدرجات طبقًا لظروف الشركة لا التفضيلات الشخصية.
وذلك من خلال التفكير في إجابات الأسئلة التالية: ما هو حجم الشركة حاليًا؟ وما هو مقدار الخبرة الموجود لدى المديرين في المستويات المختلفة للإدارة؟ وما هي قدرات الموظفين في العمل؟ لأنّ هذه الإجابات هي ما سيوضح درجة اختيار المركزية واللامركزية داخل الشركة.
تدرج السلطة: إنشاء نظام للتواصل داخل العمل
لا يخلو نظام أي شركة من تسلسلات هرمية واضحة، يوضح الوظائف وطريقة التواصل بين المستويات المختلفة، فيعرف كل موظف كيفية تواصله مع أي شخص داخل الشركة. يسهّل هذا النظام العمل على الجميع، ويجعل طريقة التعامل بين الكل محددة بشكل مناسب.
لا بد بالطبع للجميع من احترام هذا التسلسل في التواصل، فإنّ الموظف عندما يرغب في الوصول إلى الإدارة العليا، فيجب أن تُمرر الرسالة إلى المدير المباشر، والذي يتولى بدوره مسئولية وصولها إلى الإدارة. لكن على الرغم من مساهمة هذا الأمر في تنظيم العمل، إلّا أنه في بعض الأحيان يصبح بلا فائدة، فأي عائد للشركة عندما تستغرق الرسالة وقتًا طويلًا تكون فيه قد أصبحت بلا قيمة؟
لذا من المهم عند وضع نظام التواصل، أن يُوضح فيه كذلك حالات الطوارئ بحيث يمكن للموظفين اختصار الطريق على أنفسهم من أجل الوصول إلى الإدارة العليا في الوقت المناسب، مع الاحتفاظ بالطريقة التقليدية في التواصل مع الأمور غير العاجلة.
يؤدي اتّباع هذا النظام إلى توزيع الحمل في العمل، فلا يجد المدير التنفيذي نفسه مسئولًا عن الرد على العديد من الرسائل التي لا تخصه، وفي الوقت ذاته سيهتم بالأمور العاجلة التي ترد إليه، بل وسيكون لديه القدرة على التركيز في أدائها نظرًا لعدم وجود العديد من الرسائل التي تصله في الوقت ذاته.
النظام: أن يكون متاحًا للجميع النجاح في العمل
من أهم مبادئ فايول التي يجب على المديرين الانتباه إليها هي حول التأكد من نظام العمل، والذي يشمل إيجاد بيئة عمل آمنة يحب الموظفون الذهاب إليها يوميًا والعمل، مع توفير الموارد التي تناسبهم لتنفيذ المهام المطلوبة منهم بنجاح.
يتطلب هذا المبدأ التأكد دائمًا من أنّ الموظفين الموجودين مناسبين لأداورهم في الشركة، وإمكانية التعامل مع الضغط وإدارة الوقت وتقديم الأداء المطلوب، أمّا في حالة عدم الاهتمام بهذا الأمر فإنّ العمل يتحول إلى عبء لا يمكنهم تنفيذه، وهو ما يؤدي إلى فجوة كبيرة داخل العمل.
تسهّل هذه المبادئ الأربعة تنظيم العمل بصورة صحيحة داخل الشركة، فهي تضمن نظام للتواصل يمكّن الموظفون من العمل معا في بيئة عمل تناسب احتياجاتهم وتحقق لهم المنفعة المادية التي يبحثون عنها، وتسهّل عليهم تنفيذ المهام بنجاح.
تابع مقالات السلسلة
المصادر: