مبادئ الإدارة (2): كيف تضمن وحدة العمل داخل شركتك؟
تعتبر واحدة من أهم التحديات التي تواجه الإدارة هي كيفية ضمان سير العمل في اتّجاه واحد يناسب الشركة، فمع وجود العديد من الأشخاص والأفكار، ومع احتمالية حدوث توسعات خلال الوقت، يصبح ضمان هذه الوحدة أصعب على الإدارة.
لذا يركّز الجزء الثاني من مبادئ الإدارة التي وضعها هنري فايول على هذا الأمر، حيث حدد في كتابه مجموعة أساسية من الأفكار التي يمكن من خلالها تحقيق هذه الوحدة، بشكل إلزامي للجميع ويضمن التحرّك الجماعي له باستمرار.
وحدة القيادة: اتّباع التعليمات من مصدر واحد فقط
يقول المثل المعروف: "المركب التي لها رئيسان تغرق في نهاية المطاف"، وهو أمر واقعي تمامًا عندما يتعلّق الأمر بالإدارة في أرض الواقع، لا يعني هذا أنّ العمل يجب أن يحتوي على مدير واحد فقط، ولكنّه ببساطة يركّز على وضع تسلسل للمعاملات، فيحصل الموظف على أوامره من مدير واحد فقط.
وعلى نفس النمط، فإنّ هذا الموظف يكون ملزمًا بتقديم تقارير العمل إلى هذا المدير، فيؤدي إلى إلغاء التبعية المزدوجة التي يمكن أن تنشأ في حالة طُلب من الموظف التعامل مع أكثر من مدير، وهي التي تخلق مشكلة بسبب اختلاف الفكر الخاص بكل فرد.
في الحقيقة أصبح هذا الأمر جزءًا رئيسا من الهيكل التنظيمي للوظائف حاليًا، حيث يحتوي ملف أي وظيفة على تفاصيل توضّح تبعية الموظف لأي مدير عند عمله، وكذلك من يجب أن يقدم له التقارير، وذلك لضمان وحدة القيادة وعدم اختلاط الأمر على أحد في العمل.
وحدة الاتّجاه: نحو وجهة واحدة في العمل!
إلى أين نريد أن نذهب في الشركة؟ هذه واحدة من أهم الأسئلة التي يجب الإجابة عليها، والتي يوضّحها مبدأ وحدة الاتّجاه لدى فايول، حيث ينص هذا المبدأ على ضرورة وجود خطة واحدة داخل العمل، تحتوي على مجموعة الأنشطة التي تؤدي في النهاية إلى تحقيق هدف واحد.
على سبيل المثال، يجب أن تقوم جميع الأنشطة في الشركة على مبدأ واحد يحقق الميزة التنافسية لها ويمنحها التفوق الذي تريده في السوق، سواءً في العمليات أو التسويق أو المبيعات. يفسّر هذا المبدأ لماذا يجب على الشركات الناشئة التفكير في اختيار الأقسام داخلها طبقًا للهدف الذي تريده لا طبقًا لاستخدام تصورات معدّة مسبقًا.
لأنّ الشركة تحدد الوجهة التي تريدها، ثم تقوم باختيار وبناء بقية التفاصيل طبقًا لهذا الأمر، لا العكس. لهذا ربما تجد في شركة قسمًا لتطوير الأعمال، وفي شركة أخرى لا يوجد هذا القسم. وحتى مع وجود أقسام متشابهة مع شركات أخرى، فإنّ المهام والمسئوليات تختلف، وكذلك الأهمية تُبنى على النتائج المرغوبة من هذا القسم.
من ثمّ بناءً على كل هذه التقسيمات، تُوضع خطة محددة لكل قسم، بحيث يجمع الموظفين الذين يملكون مسؤوليات متشابهة، ويمنحهم مديرهم المباشر المهام الخاصة بهم، حتى يؤدي ذلك في النهاية إلى تحقيق الهدف العام للشركة، مع الحرص على عدم حدوث أي خلط بين الأقسام أو تداخل في المهام.
العمل للجماعة لا للمصلحة الفردية
من أهم مبادئ فايول هي خضوع المصالح الفردية للمصلحة الجماعية، مما يعني أنّه لا يجب أن تسيطر على العمل مصلحة فرد واحد أو حتى مجموعة على الصالح العام الذي يجب السعي إلى تحقيقه، فحتى مع أهمية المصلحة الفردية، فإنّ الأولوية دائمًا لمصلحة الشركة.
بدون هذا المبدأ تنهار الشركات، ولعل هذا ما يجعل حتى أصحاب الشركات يعينون أشخاصا للتخطيط وإدارة الشركة، والسير طبقًا للخطة المحددة مسبقًا لا طبقًا للرغبة الشخصية، لأنّ مسؤولية الإدارة هي ضمان استمرارية العمل وتحقيق الأرباح على المدى البعيد.
لذلك، حتى مع وجود اهتمامات خاصة بالموظفين يسعون إلى تحقيقها، يجب أن تتأكد من إعطائهم الأولوية لمصلحة الشركة في المقام الأول، فإذا لم يحدث ذلك سيؤدي إلى خروج الشركة عن مسارها الأصلي من أجل تركيزهم على أهدافهم الشخصية.
ربما أفضل شيء تفعله في هذا الشأن هو محاولة جعل أهداف الموظفين الشخصية ترتبط بشكل مباشر مع أهداف الشركة، فهذا يجعلهم أكثر حماسًا للعمل معك، وفي الوقت ذاته لن تتأثر سلبًا من محاولاتهم وسعيهم، بل سيكون ذلك في سبيل خدمة أهداف الشركة.
تساعدك هذه المبادئ الثلاثة على ضمان وحدة العمل داخل الشركة، وذلك لأنّها تؤسس لمبدأ واحد فقط وهو ضمان العمل طبقًا لهدف واحد فقط، وهو هدف الشركة. وهذا الأمر بالرغم من كونه تحديًا إداريًا هذه الأيام تحديدًا، لأنّه ليس سهلًا إقناع الموظفين بتبني أهداف الشركة كليًا، إلّا أنّ جزءا من قدرتك كمدير تتمثل في إمكانية فعل ذلك، بجانب استخدام بقية المبادئ الإدارية التي سنتحدث عنها في المقالات القادمة من السلسلة.
تابع أيضا:
المصادر: