صبيا.. مدينة الأودية والجبال التي تروي تاريخ التراث
«إن صبيا قرية من قرى مخلاف حكم»، «إن صبيا قرية من قرى مخلاف عثر»، هذا ما قاله الهمداني في صفة جزيرة العرب وما قاله ياقوت الحمدي في معجم البلدان عن صبيا التى تحولت لمحافظة متكاملة مؤخرًا، ولكنها كانت قرية في القدم، وتعود تسميتها بحسب ما يقال إلى امرأة كانت تعيش بهذا الموقع وحفرت بئر ماء لذا عرفت المنطقة باسم صبيا، وهو الاسم الذي أطلقه الناس الذي كانوا يأتون إلى هذا المكان.
صبيا هي مدينة قديمة شهدت الكثير من الدول والإمارات والمماليك عبر التاريخ، وظلت كذلك من فترة إلى أخرى، قبل أن تدخل في كيان المملكة العربية السعودية، وتشهد فترة من النهوض عقب توحيد بلاد الحرمين الشريفين، عقب تأسيسها على يد المغفور له بإذن الله الملك عبد العزيز بن عبدالرحمن آل سعود طيب الله ثراه وخلفه أبناؤه.
المدينة السعودية صبيا هي أكبر محافظات منطقة نجران الواقعة بجنوب غرب المملكة، فهي بمنطقة السهل الممتد من الشواطئ الشرقية للبحر الأحمر من الغرب وجبال السروات من الشرق، تحتوي تلك المدينة على العديد من المناطق الجبلية المكسوة باللون الأخضر وتوازي ساحل البحر الأحمر، فيما تنحدر منها مجموعة أودية تصب بالبحر نفسه، والعديد من الشواطئ الرملية والشعاب المرجانية، وهي جزء من الجذب السياحي للمنطقة.
صبيا .. تراث ومعالم أثرية
تعتبر صبيا في القديم قرية أو مدينة للتاريخ والحضارة، عُرف عنها ذلك من زمن بعيد، حيث تزخر بالعديد من الأماكن الأثرية والتراثية والتي لا تزال قائمة حتى الآن مثل القلاع والمباني التراثية مثل الآثار المدفونة التى تعود لعصور تاريخية مختلفة وإليكم العديد من المواقع:
مدينة أبي دنقور: ذُكرت مدينة أبي دنقور في تاريخ الحمودي القديم، وتُعد واحدة من أهم المواقع الآثرية الواقعة بمحافظة صبيا، وتترامي أطرافها قبالة قرية السبخة، والتى تحتضن آثار قبور عملاقة للغاية، وترجع تلك القبور إلى السكان الذين كانوا يقطنونها في حقبة الحمودي الزمنية.
مدينة عثر التاريخية: تعتبر مدينة عثر التاريخية واحدة من أهم المعالم الأثرية والتاريخية الأكثر شهرة في محافظة صبيا بشكل خاص ومنطقة جازان بشكل عام، وتقع تلك المدينة على ساحل البحر الأحمر مباشرة، وأخذت شهرة واسعة قديمًا لكونها كانت تحتضن واحدا من أشهر أسواق العرب بفترة ما قبل التاريخ، وظلت تتصاعد شهرة المدينة على مر العصور حتى باتت عاصمة للمخلاف، بنهاية القرن الرابع الهجري، مما باتت أكثر ازدهارًا ونموًا في تلك الفترة، ومثال على ذلك عثور الباحثين فيما بعد على در لسك النقود العادية والذهبية أيضًا.
قرية المشلحة: تحتضن قرية المشلحة العديد من الآثار التي تقع في نطاق محافظة صبيا، حيث يعتبر هذا الموقع التاريخي ضمن مواقع العصر الحجري الحديث، والذي كان في الفترة ما قبل 4 آلاف إلى 6 آلاف من الآن، ويعد هذا الموقع الأثري مجموعة منشآت تم بناؤها بشكل دائري، باستخدام مجموعة من الأحجار الصلدة المختلفة الأحجام، وذلك باستخدام الأدوات الحجرية بتلك الفترة، وهي ما عثر عليها بعد ذلك.
السياحة في صبيا
تنوع مناخي وتضاريسي وبيئي يملأ صبا، مما جعلها مدينة مميزة وغنية بالعديد من المواقع السياحية الساحرة، والمتنزهات الخلابة البكر، وتتنوع بها العديد من البيئات الجغرافية المختلفة نظرًا لموقعها المميز، وتتمثل تلك التضاريس الطبيعية في تلك المنطقة الجبلية التى توازي ساحل البحر الأحمر مباشرة «جبل السروات» التى يكسوها اللون الأخضر الطبيعي، وتنحدر منها مجموعة أودية ناحية الغرب وتصب بالبحر الأحمر.
السهل الساحلي أيضًا أحد مناطق الجذب في المنطقة، حيث يقع مباشرة على البحر الأحمر، ويضم العديد من الشواطئ الرملية الساحرة، ويمكن للزوار التمتع بالنظر إلى الشعاب المرجانية الملونة، ورؤية البناتات البحرية النابضة التي يشتهر بها البحر الأحمر.
منطقة رأس الطرفة أو لسان الطرفة، هي منطقة سياحية رائعة وشهيرة تقع بغرب مدينة صبيا، وهي عبارة عن لسان مذهل من الرمال، يمتد إلى داخل البحر مسافة تصل إلى 45 كيلومترًا تقريبا، وتحتضن تلك المنطقة أماكن مناسبة لممارسة رياضة الغوص والإبحار وصيد الأسماك أيضًا، ورؤية الشعاب المرجانية عن قرب، هذا بخلاف الشواطئ الساحرة التى تتميز بطبيعتها البكر، وتجتذب هواة الصيد.
صبيا.. انفتاح اقتصادي
محافظة صبيا تشهد طفرة اقتصادية هائلة وحياتية أيضًا، وذلك في ظل حكومة خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين ومتابعة مباشرة من قبل صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن ناصر بن عبدالعزيز أمير منطقة جازان، ويظهر ذلك في المشروعات القومية التى يتم إنجازها في المحافظة، وأبرزها المنطقة الصناعية التى حولت المكان إلى قبلة للصناع.
تلك المنطقة تم إنشاؤها عن طريق أحد المستثمرين، وبحسب المعلومات المتاحة عنها، فإنها سوف تشمل أكثر من 2000 موقع عقب اكتمال المرحلة الثانية منها، وأبرز ما سوف تشمل عليه تلك المواقع ورش لتصنيع العديد من المنتجات، ومجمعات صناعية، معارض للسيارات وقطع غيارها، ومستودعات وسكن للعاملين بالمنطقة، بالإضافة إلى العديد من الخدمات الحكومية، هذا بخلاف إنشاء المزيد من الأسواق والمرافق، وأبرزها إنشاء سوق للخضار والفواكه واللحوم والأسماك.
مدينة صبيا تعتبر نقطة الارتكاز لباقى محافظات ومدن المنطقة، حيث إنها تقع بمنتصف المنطقة من الشمال إلى الجنوب، ما يجعل موقعها مميزًا للغاية، وحولها إلى مركز جذب تجاري استثماري منذ القدم، وتحتضن المدينة في السابق وحتى الآن سوقا شعبيا شهيرا كل يوم ثلاثاء، وهو واحد من أكبر الأسواق الشعبية في المنطقة، ويحرص التجار على الذهاب إليه من جميع مناطق جنوب المملكة، لما يشهده من نشاط تجاري اقتصادي غير مسبوق.