الكابوس ما زال في منتصفه.. هل نعيش حالياً أسوأ أيام في حياتنا؟
أتذكر ليلة رأس السنة 2019؟ عندما دقت الساعة الثانية عشرة بعد منتصف الليل واحتفلت أنت ومن حولك بالعام الجديد، متأملين أن يحمل 2020 في جعبته الخيرات، ربما كنت تشعر بالحماس الشديد للعام الجديد، تأمل في العثور على وظيفة جديدة، أو تعلم شيء جديد في الجامعة، أو الزواج وإقامة حفل زفاف ضخم، أو الحصول على رخصة القيادة أخيرًا، لكن بغض النظر عن ماهية خطتك فإنك على الأرجح لم تستطع تحويلها إلى حقيقة الآن.
عوضًا عن ذلك، كان عام 2020 حتى الآن أشبه بالروايات الرخيصة والمليئة بأحداث لما كنّا صدقناها إذا قرأناها على صفحات كتاب، أو شاهدناها في فيلم سينمائي، من فزع بسبب نقص أوراق الحمام، والتباعد الاجتماعي، والحجر الصحي، ومراكز الاحتجاز في الفنادق، غسل اليدين والتعقيم المستمر داخل محلات البقالة ومراكز التسوق، تحية الآخرين باستخدام معصميك، وإجراء حفلات زفاف وجنازات واجتماعات مُهمة عبر تطبيق زووم، ما يدفعنا إلى التساؤل عما إذا كنّا نعيش أسوأ أيام حياتنا؟
أسوأ الأعوام
تتنافس عدة أعوام على لقب العام الأسوأ على الإطلاق، من بينهم عام 1918، العام الأخير للحرب العالمية الأولى، وانتشار وباء الإنفلونزا الذي قضى على الملايين حول العالم، كانت أيامه كلها سيئة للغاية، خاصة بعدما تسبب ضباب كثيف تسبب على الأرجح بسبب ثوران بركاني هائل في غرق نصف العالم في ظلام دامس، في ذلك العام تساقطت الثلوج في الصيف، وماتت المحاصيل، وتضور الناس جوعًا.
لكن من المؤكد أن هذا العام، بالنسبة للعديد من الأشخاص، كان أسوأ عام في حياتهم لأن كوفيد-19 ليس مجرد حدث يمر مرور الكرام أو يحدث في جزء بعيد من العالم. علاوة على أن انتشار الوباء صاحبه عدد كبير من الأخبار السيئة.
مأساة أستراليا
بدأ العام بحرائق الغابات في أستراليا، في عشية رأس السنة الجديدة كان المقيمون والمسؤولون عن تنظيم الرحلات في مالاكوتا محميين من الحريق الهائل على الشاطئ، وتكرر المشهد في جميع أنحاء أستراليا، وعجزت فرق الإطفاء عن إطفاء الحرائق نظرًا إلى اتساع رقعتها. تسببت الحرائق في مقتل مليارات الحيوانات، ودفعت عدة أنواع إلى حافة الانقراض.
قُتل ما لا يقل عن 34 شخصًا وشُرد أكثر من 3000 آخرين من منازلهم، طوال فصل الصيف عاش سكان ملبورن وسيدني هذه المحنة، وشاهدوا الرماد يتساقط من السماء، وتسبب التلوث في الهواء في وفاة 445 شخصًا، ونُقل الآلاف إلى المستشفى.
بينما لم تستفق أستراليا من الأزمة، تعرضت لفيضانات شديدة، في منتصف فبراير الماضي، في غضون أيام قليلة، غُمرت أجزاء من كوينزلاند ونيوساوث وويلز بأمطار أكثر من المتوقع، وفاقت تلك التي سقطت في عام 2019.
أحداث عالمية مُشتعلة
على الصعيد العالمي، بدأ العام بخوف من اندلاع حرب عالمية ثالثة وسط التوترات بين الولايات المتحدة وإيران. في 3 يناير قتلت غارة جوية أمريكية قائد الحرس الثوري الإيراني السابق قاسم سليماني، وردت إيران في 7 يناير بضربة صاروخية باليستية استهدفت القوات الأمريكية في العراق.
في 25 مايو، قُتل جورج فلويد على أيدي ضباط الشرطة في مينيابوليس ما أشعل الغضب في نفوس الأمريكيين وغيرهم من المواطنين في جميع أنحاء العالم، قام المواطنون باحتجاجات جماهيرية في جميع أنحاء العالم للتنديد بالعنصرية تجاه الأقليات.
كذلك مرّت اتفاقية بريكسيت (خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي) مرور الكرام، وكان من المفترض أن يكون انتصارًا كبيرًا لرئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون، إلا أن استجابة حكومته المرتبكة والمضطربة لكوفيد-19 أثرت سلبًا عليهم، ومع مرور الوقت وجد بوريس نفسه في العناية المركزة لتلقي العلاج من الفيروس التاجي.
زادت الأمور سوءًا مع زيادة العنف في احتجاجات هونج كونج ومع بدء حدوث اشتباكات بين المواطنين وبين المشاركين في الاحتجاجات. نزل المعارضون الشوارع في يونيو 2019 ضد مشروع قانون يسمح للحكومة بتسليم المجرمين إلى الصين القارية، واستمرت في عام 2020.
علاوة على ذلك، تسبب الوباء في انهيار السوق المالية، بعدما كان الانهيار الأخير الذي شهدته في عام 1929، ومن المتوقع أن يتجه الاقتصاد العالمي إلى حالة ركود مع استمرار انتشار الوباء وإغلاق الكثير من الشركات وإبقاء الناس في المنازل.
وقعت كل تلك الأحداث في النصف الأول من العام، ونتطلع الآن إلى انتخابات الرئاسة الأمريكية المتوقع أن تكون مليئة بالمفاجأت كذلك. لا يستطيع أحد التنبؤ بما سيجري في الأشهر الباقية من العام، لاسيما وأن لا أحد تمكن من رؤية ما جرى من مصائب التي حدثت بالفعل. عوضًا عن ذلك هناك الكثير من مشاعر الضجر والحذر في نفوس المواطنين في جميع أنحاء العالم إزاء ما سيشهدونه حتى نهاية العام.