تم نعيها قبل كورونا.. هل ماتت السينما فعلا؟
أغلقت دور العرض السينمائية أبوابها بعد تفشي وباء كورونا، لاسيما وأن فكرة الجلوس لفترة زمنية ليست قصيرة في مكان مغلق مع مجموعة من الغرباء تبدو لعنة أو مصيبة في الوقت الحالي، بالإضافة إلى ذلك توقف صنّاع الأفلام عن استكمال أعمالهم، وتم تأجيل عرض عدد من الأفلام لحين عودة الحياة إلى طبيعتها مرة أخرى، ما أثار بعض التوقعات باندثار فن السينما وزواله مع مرور الوقت.
نحن محاطون بالشاشات، انظر إلى نفسك الآن، بالتأكيد تنظر إلى الشاشة، وتقرأ هذا الكلام عبر إحدى الشاشات. بات بإمكاننا الوصول إلى العديد من الشاشات، في جميع الأحجام، بداية من الساعة الذكية مقاس 1 بوصة، وصولاً إلى شاشة التلفزيون الضخمة. هل شعرت بالملل؟ ما عليك إلا فتح جهاز اللاب توب الخاص بك ومشاهدة أي فيلم أو حلقة من مسلسل مقابل مبلغ مادي بسيط بنقرة واحدة فقط.
ومن المحتمل أنك مشترك في أحد التطبيقات أو الشركات التي تقدم خدمة عرض أفلام ومسلسلات تليفزيونية، نتفليكس بمفردها تقدم الخدمة لأكثر من 148 مليون مشترك حول العالم، وقبل نتفليكس والتطبيقات المشابهة لها، كنّا نتابع هذه الأعمال على بعض المواقع خلال جلوسنا على الأريكة المريحة بالمنزل، ومع مرور الوقت بدا أن الذهاب إلى السينما أمر غير ضروري.
يبدو أن السينما سوف تسير في نفس الطريق الذي سلكته كل من الروايات أو الصحف المطبوعة، والتي انخفضت مبيعاتها بنسبة 4.4% في فبراير 2019 فقط، ومن المتوقع أن تنخفض مبيعات الصحف بنحو 7 % خلال السنوات الخمس القادمة. لكن هل هذا صحيح؟ هل تموت السينما بالبطيء؟ أم أنها ستتمكن من الوقوف على قدميها مُجددًا؟
هل تتلاشى السينما حقًا؟
يتحدث كثيرون عن النهاية القريبة للسينما، ودعوا عشاقها إلى الذهاب إلى هناك والاستمتاع بهذه التجربة بينما لا يزال هناك وقت، وقبل إغلاق أبوابها إلى الأبد. مع ذلك هناك شكوك في هذه المسألة، خاصة أن فترة منتصف الثمانينيات شهدت انخفاضًا في معدّل الذهاب إلى السينما، بعد ظهور أفلام الفيديو والقدرة على تأجيرها، ولكن الأوضاع أصبحت أفضل بحلول عام 1988 ومعدلات الحضور الحالية تشبه تلك التي كانت عليها في منتصف الثمانينيات.
وأظهرت الأرقام والإحصائيات أن بث الأفلام وعرضها على المواقع والتطبيقات الإلكترونية لم يؤثر حقًا على الذهاب إلى السينما وبالتالي فإنها لا تتلاشى كما يعتقد البعض، لكن على العكس تلعب السينما دورًا كبيرًا وأكثر أهمية في حياتنا الآن عما كانت عليه قبل أي وقت مضى.
بسبب كورونا.. هل تحول شركات الطيران مقاعد الركاب لأخرى بطابقين؟
استغلال التكنولوجيا
استطاعت دور العرض السينمائية وصنّاع السينما من الاستفادة من التكنولوجيا، والاستفادة من منافسيها الرئيسيين بما في ذلك تطبيقات ومواقع البث عبر الإنترنت، وهي الحجة ذاتها التي يتبعها صنّاع الموسيقى مثل سبوتيفاي وغيرها. أظهرت الأبحاث أن دور السينما استطاعت الاستفادة من التطبيقات الإلكترونية والمواقع الافتراضية لتعزيز علاقتها بالجمهور المستهدف وتعميقها، وأصبح الذهاب إلى السينما الآن أكبر وأهم بكثير من مجرد مشاهدة فيلم.
وكذلك استطاع المسؤولون عن دور العرض المختلفة الاستفادة من التطور التكنولوجي الكبير من خلال إحداث تحسينات في طرق العرض، وتقديم خدمات أكثر تميزًا بما في ذلك عروض المسارح الكبيرة، وحفلات الاستاد وأكبر الأحداث الرياضية.
فرصة للمشاركة
الآن مع زيادة الإقبال على وسائل التواصل الاجتماعي والتطبيقات الإلكترونية وغيرها، أصبح التواصل بين الأفراد مقتصرا فقط على التفاعل الافتراضي، في المقابل تتميز السينما عن غيرها من كافة وسائل الترفيه الأخرى بأنها أفضل مكان للمشاركة، فهي تجربة ممتعة تسمح لعدد من الأشخاص بالتفاعل الاجتماعي مع بعضهم البعض، وتعزز القدرة على التواصل مع الآخرين، والحفاظ على التواصل الجسدي مع الأصدقاء.
فيلم «Contagion» وفيروس كورونا.. عندما يحاكي الواقع السينما! «فيديو»
الذهاب للسينما ليس مجرد هواية ولكنه حدث
ارتدِ ملابس مريحة، واركب سيارتك وربما يُفضل تناول بعض الوجبات الخفيفة، وانضم إلى أصدقائك واذهبوا معًا إلى السينما، الذهاب إلى السينما أكبر من مجرد هواية، فهو حدث، يمنحك شيئا تتطلع إليه. علاوة على ذلك تمنحك السينما بعض الهدوء والسلام النفسي، تريحك من التشتت، داخل قاعة العرض ستشعر كما لو أن الزمن توقف، سوف تترك كل شيء وتتابع الأحداث.
الذهاب لمشاهدة فيلم في السينما يعني أنه تم تخصيص ساعة أو ساعتين من يومك والتركيز على مهمة واحدة، وأن تدع عقلك يركز على هذه المهمة لفترة طويلة من الزمن، لذلك يتعامل البعض مع السينما باعتبارها أشبه برحلة علاجية، أو وقت يتيح لك الاسترخاء.