ستانلي هو.. حكاية رجل أعمال صيني كوّن ثروة طائلة من الحرب
ستانلي هو هونج صان، رجل الأعمال الصيني وملك الأندية الليلية الذي ينسب له الفضل في إنعاش وتطوير مستعمرة ماكاو البرتغالية، توفى قبل أيام تاركًا ثروة تقدر بـ ١٤.٩ مليار دولار، لكن وراء كل هذا النجاح حكاية مُثيرة للاهتمام.
قبل أن يساهم في تطوير ماكاو، كان عليه بناء نفسه أولاً. ولد ستانلي هو في عام ١٩٢١، وعاش طفولة قاسية عندما اضطر والده النزوح إلى مدينة هو تشي في فيتنام، بعد انهيار عمله في أواخر العشرينيات، تاركا أسرته تعاني من الإفلاس، وبعد فترة قصيرة اندلعت الحرب العالمية الثانية.
بعد هجوم بيرل هاربر في ديسمبر ١٩٤١، أعلنت أمريكا وبريطانيا الحرب على اليابان، غزا الجيش الياباني هونج كونج والتي كانت مستعمرة بريطانية، ورغم المقاومة المستمرة، سقطت في أيدي اليابانيين.
وقتها قرر ستانلي هو الذي كان يعمل وقتذاك كحارس غارات جوية التخلص من زيه العسكري خوفا من إعدامه بعدما أصبحت هونج كونج تحت سيطرة اليابان.
لكن على عكس الآلاف الذين ماتوا من الجوع، أو قتلوا في المعارك أو على أيدي اليابانيين كان أمام ستانلي هو خيارات، فعمه الكبير كان السير روبرت هوتونج، الثري الذي سمح له بالعيش في حي راق في هونج كونج، لم يسمح إلا للغرب فقط بالإقامة فيه.
ومع حلول الأربعينيات كان السير روبرت يعيش في ماكاو ودعا هو لزيارته، وكان في هذا الوقت في عامه العشرين، وعرض عليه العمل معه في المستعمرة البريطانية وقتذاك، مؤكدا أن فرص الثراء تنتظره، وأكد هو فيما بعد أنه كسب مبالغ مالية كبيرة من الحرب.
ماكاو: مدينة السلام
في مطلع الأربعينيات، عندما كانت أغلب المساحات في الصين تحت سيطرة اليابان، وجدت ماكاو نفسها في موقع فريد على المسرح الآسيوي، بقت البرتغال دولة محايدة في الحرب، وبالتالي أصبحت ماكاو منطقة محايدة، وكان يديرها الحاكم البرتغالي غابرييل موريسيو تيكسيرا، والدكتور الغامض بيدرو خوسيه لوبو ، المعروف باسم دكتور لوبو.
مع ذلك، سيطرت اليابان على البحار والموانئ المحيطة بماكاو، ما يعني أن ماكاو كانت مضطرة للتعاون مع اليابانيين من أجل الحصول على الطعام، بالنسبة لتيكسيرا ولوبو فإنهما كانا مضطرين إلى خلق توازن دقيق بين الحفاظ على حياد المنطقة وتجنب التعاون مع اليابانيين.
كانت ظروف الحرب شديدة القسوة على ماكاو، مع نقص الطعام، وارتفع معدل التضخم، وكان على المستعمرة التعامل مع تدفق اللاجئين الصينيين والأوروبيين، وانتعشت السوق السوداء وزاد التهريب.
إيلون ماسك والفشل.. كيف حافظ على مكانه في القمة رغم الانتكاسات؟
مسؤول في شركة مرموقة
ومن أجل هذه المشكلة أسس لوبو شركة (CCM)، وطلب من السير روبرت ترشيح شخص يثق به للعمل في السكرتارية، فرشح له ستانلي هو.
مع مرور الوقت أصبحت هذه الشركة أهم مؤسسة في ماكاو خلال الحرب، وكانت مهمتها الرئيسية متمثلة في إنعاشها اقتصاديا، وتوفير المواد الغذائية، وخلق توازن في العلاقات مع اليابان.
قال هو في مذاكرته إنه قرر أن تكون مهمته الأولى والأكثر إلحاحاً هي تعلم البرتغالية واليابانية، خاصة وأن باعتباره سكرتيرا لهذه الشركة المهمة، أصبح المسؤول الأساسي عن إطعام المستعمرة، وكان يسافر كثيرا، وينتقل من مكان إلى آخر كي يستلم البضائع ويسدد ثمنها ويعقد الصفقات لشراء المزيد، وبحكم عمله كان يتعامل مع السلطات البرتغالية، والجيش الياباني، والتجار، ورؤساء العصابات.
كان هو يبحر بالبضائع مثل الأرز، الخضراوات، الفاصوليا، الدقيق، السكر، وغيرها من الإمدادات الأخرى بين الهند الصينية الفرنسية وماكاو، وعلى طول الساحل الجنوبي الصيني وحول جزيرة هاينان، تجنبًا للعصابات القراصنة الذين يسرقون الذهب خلال الرحلات.
بعد الحرب
بنهاية الحرب العالمية الثانية في ١٩٤٥، كان هو قد حقق أربعة مكاسب رئيسية، أولاً كان قد كون علاقة قوية مع لوبو، زعيم ماكاو غير الرسمي. وتزوج من ابنة عائلة برتغالية عريقة، ما منحه مكانة اجتماعية رفيعة علاوة على الحماية، وثالثا كوّن ثروة وأصبح مليونيرا في عامه الرابع والعشرين، ورابعا أصبح من أهم تجار الأرز، والكيروسين، والبناء.
في غضون أسابيع من استلام اليابان في أغسطس ١٩٤٥، عاد هو إلى هونج كونج، وقام باستثمارات استراتيجية، مثل شراء قارب لبدء خدمة النقل عبر البحر بين مستعمرتين.
كان لديه المال، والمكانة الاجتماعية، والعائلة وكذلك أصدقاء أقوياء بإمكانهم مساعدته مع مرور الوقت، وكتب هو في مذكراته أن ماكاو كانت جنة خلال فترة الحرب.