كيف تستغل المراجعات السلبية لصالح شركتك؟
«ليس أكثر من كومة من الحديد البني اللون، لا شيء مميز فيه على الإطلاق».. الرأي هذا هو تقييم لبرج إيفل مع نجمة واحدة.. رأي آخر عن نكهة بوظة في مطعم ما مفاده «البوظة باردة جداً»، مع تقييم نجمة واحدة.
التقييم الأول عبارة عن رأي قد يجد قبولاً عند البعض وقد لا يجد، ولكن الرأي الثاني غير منطقي على الإطلاق. ومع ذلك في كلتا الحالتين من قاما بكتابة التعليقين يملكان الحرية للتعبير عن رأيهما كما أنهما يملكان المنصات العديدة لنشر تقييماتهما وبالتالي الفرصة كي يطلع الجميع على ما قاما بكتابته. أي باختصار هما يملكان القوة لنشر ما يريدان نشره على الإنترنت على مرأى من الجميع.
المؤسسات، بشكل عام، تعمل بجدية بالغة من أجل الحصول على مراجعات وتقييمات إيجابية، ولكن كما هو معروف يستحيل إرضاء الجميع وبالتالي المراجعات السلبية ستكون حاضرة وموجودة بغض النظر عن الجهود المبذولة. المعضلة هنا هي أن بعض المراجعات والتقييمات تكون غير عادلة وغير واقعية وذلك لأنها نابعة من توقعات هي خارج سيطرة المؤسسات.
الشركات تتعامل بشكل مختلف مع المراجعات، البعض يلجأ إلى توظيف أشخاص مهمتهم كتابة مراجعات إيجابية وفئة تلجأ إلى القضاء من أجل إرغام المواقع التي تنشر التقييمات إلى حذف تلك غير العادلة، فعلى سبيل المثال أكثر من ١٠٠٠ فندق قاموا باللجوء إلى هيئات تحكيمية من أجل إرغام مواقع تقييم الفنادق على حذف المراجعات السلبية الظالمة وغير الواقعية. ولكن في المقابل هناك بعض الشركات التي قررت اعتماد مقاربة مختلفة كلياً واستغلال هذه الآراء السلبية لصالحها.
لم يتأثروا بكورونا.. مليارديرات التكنولوجيا أكثر ثراءً في 2020
دراسة حالة
أجرت مجلة «هارفرد بيزنيس ريفيو» استطلاعاً للرأي حول رأي الزبائن بالتقييمات السلبية «لمجلس فيينا للسياحة» خصوصاً وأن الشركة هذه قامت باعتماد المراجعات السلبية ضمن حملتها الإعلانية فوضعت على ملصقاتها الإعلانية تقييم بلا أي نجمة مع كلمة «ممل».
النتائج التي حصلت عليها مجلة «هارفرد بيزنيس ريفيو» كانت مثيرة جداً للاهتمام إذ تبين بأن المراجعات السلبية لم تبدل رأي الغالبية بالشركة وهم ٤٣،١٪ مع الإشارة إلى أن أكثر من ربع المستخدمين بشكل عام كانوا يملكون رأياً إيجابياً.
وعند مراجعة تقييمات البضائع والمنتجات المعروضة أونلاين لمختلف الشركات، تبين بأن المراجعات السلبية الظالمة حفزت مشاعر التعاطف عند ثلث المستخدمين كما تبين بأنه كلما تمادت التقييمات بالسلبية غير المنطقية وغير العادلة كلما زادت نسبة التعاطف مع الشركة. وهذه المشاعر الإيجابية إنعكست إيجاباً على الشركة المعنية سواء لناحية المبيعات أو لناحية الدفاع عنها.
الاستفادة من المراجعات السلبية
المؤسسات عليها ترك التقييمات السلبية ظاهرة ضمن المراجعات الأخرى أو حتى القيام بإبراز التقييمات السلبية خصوصاً تلك غير العادلة وغير المنطقية. المراجعات السلبية، رغم تخوف الشركات منها، ولكنها هامة من أجل بناء ثقة المستهلكين بها. أي شركة تملك مراجعات إيجابية بشكل كلي وتقييمات مثالية ستثير الشكوك فوراً عند المستخدمين والانطباع سيكون إما أن الشركة تحذف التقييمات السلبية، وهذا يعني أنه لا يمكن الوثوق بها، أو أنها قامت بكتابة هذه التعليقات بنفسها لأن منتجاتها سيئة ولا تجد من يمدحها.
وجود المراجعات السلبية ضمن الإيجابية لا يلحق الضرر بالمؤسسة بقدر الضرر الذي تلحقه كثرة المراجعات الإيجابية فوجود النوعين معاً يمنح الشركة مصداقية وواقعية.
لو افترضنا أن الشركة تملك سمعة إيجابية، وهناك مجموعة من المراجعات الإيجابية وضمنها مراجعات سلبية بعضها نافر جداً. العينة الأخيرة، أي السلبية، ستؤدي إلى خلق نقاش إيجابي بين المستخدمين، فالبعض قد يستفسر عن سبب التقييم السلبي المبالغ به ومن هناك سينطلق النقاش.
بعض الشركات تستخدم التقييمات والمراجعات السلبية ضمن حملاتها الإعلانية، وعادة تختار أكثرها قساوة وتقارب الموضوع بفكاهة. ولكن هذه المقاربة تنجح مع نوعية محددة من الشركات والتي لا تتعارض هكذا حملات إعلانية ساخرة مع صورتها.
طفرة غير مسبوقة في تاريخها.. كم بلغت قيمة عائدات «Zoom» منذ بداية العام؟
الرد على التقييمات السلبية
الرد بإيجابية على التقييمات السلبية من شأنه أن يحفز التعاطف من قبل المستخدمين مع الشركة وذلك وفق الدراسة التي قامت بها مجلة «هارفرد بيزنس ريفيو». وعليه الشركات عليها استغلال الأمر هذا من أجل تحفيز مشاعر التعاطف من قبل المستخدمين تجاهها. الرد يمكنه أن يكون أيضاً عبر رسائل خاصة كالبريد الإلكتروني مثلاً. ولكن الرد هنا لا يجب أن يكون رسمياً أو كرسالة واحدة للجميع كما يفضل أن يأتي الرد من «هوية» معروفة وليس باسم الشركة أي مثلاً قيام موظف في الشركة، من خلال حسابه الخاص على مواقع التواصل أو من خلال بريده الإلكتروني الخاص الذي يظهر اسمه وشهرته الرد على التقييمات سلبية كانت أم إيجابية.
الدراسة التي أجرتها المجلة أظهرت بأن هذه النوعية من الردود زادت من نسبة التعاطف مع الشركات عند جميع الفئات أي تلك التي قدمت مراجعات غير عادلة، وتلك التي قدمت مراجعات سلبية وحتى الفئة التي قدمت مراجعات إيجابية. الرد بأسلوب فيه لغة تخاطب مباشرة إنسانية سيعود بالكثير من الفائدة على الشركة بغض النظر عن نوعية التقييمات التي يتم الرد عليها.
ضع وجوهاً للمنتجات
بغض النظر عن المنتج الذي تقدمه شركتك فإن وضع وجهاً للمنتجات من شأنه أن يجعل التقييمات أفضل. والمقصود هنا هو تحديد هوية الشخص الذي قام بإبتكار المنتج هذا أو ساهم بإنتاجه أو لعب دوراً كبيراً في إيصاله للجمهور. الدراسات السابقة أظهرت بأن التفاصيل البشرية هذه تمنح الزبون شخصاً محدداً يكون موضع تقييمه والتحديد هذا يؤدي الى زيادة نسبة القدرة على التماهي وحتى رؤية الأمور من منظور مختلف.
للقيام بذلك يمكن وضع بروفايل خاص بالشخص الذي يقف خلف هذا المنتج أو ذاك مع صورة له وطبعاً ذكر اسمه والقنوات الرسمية للاتصال به.
فرصة لا تعوض لبناء الثقة والتواصل
الذين يستخدمون الإنترنت يتخوفون من كل ما هو مبالغ بروعته، وبالتالي كما سبق وذكرنا، تقييمات إيجابية بالكامل سترتد سلباً على الشركة. المحافظة على المراجعات السلبية يعني أن الشركة تملك ما يكفي من «الثقة» كي تتقبل بكل رحابة صدر التقييمات والمراجعات السلبية لأنها تؤمن بجودة منتجاتها.
صحيح أن السلبية والانتقادات يصعب تقبلها خصوصاً وأن بعض الزبائن يتركون تقييمات مريعة ومبنية على معلومات مغلوطة كلياً، ولكن يجب عدم الرد بحدة أو بسلبية على أي تقييم أو مراجعة مهما كانت ظالمة وغير منطقية وحتى جارحة.
الرد على السلبية بالسلبية مرفوض كلياً. ففي حال كان الزبون يشتكي من خلل ما في منتج خاص بالشركة، فيجب أن يكون هناك الرد الفوري الذي يقدم الحلول . أما في حال كان هناك تقييمات غير منطقية أو غير عادلة فالرد يجب أن يكون ذكياً وسلساً ولطيفاً.
في المحصلة، المراجعات السلبية أمر محتوم ولكنها ليس بالضرورة ضربة مؤلمة للشركة أو بداية فشلها. الزبائن، وفق الدراسات، يتم تحفيزهم واستفزازهم من خلال المراجعات السلبية لأنها تحفز مشاعر التعاطف مع الشركة. ومن هنا لا بد من استغلال هذه المراجعات السلبية من أجل حصد الإيجابية والتعاطف الناتجين عنها. وعند القيام بذلك بالطريقة الصحيحة فإن الشركة ستحصد الإيجابية بغض النظر عن سلبية التقييمات وعددها.