لماذا كسر وارين بافيت قواعد أساسية اتبعها لسنوات بسبب كورونا؟
إذا كنت من مُحبي وارن بافيت، كما هو الأمر بالنسبة لكثيرين، فربما تعرف الكثير من القواعد والقوانين التي وضعها لمساعدته على تحقيق النجاح في حياته الشخصية والعملية، وساعدته على الوصول إلى ما هو عليه الآن على مر السنين. إلا أن المستثمر والملياردير الأمريكي بافيت كسر ربما قاعدتين أو ثلاث من أهم القواعد التي وضعها الشهر الماضي.
رغبة بافيت في تجاهل قواعده، والاعتراف بأخطائه علانية وتفسير الأسباب وراء ذلك، تُخبرك بالكثير عن المستثمر الأمريكي بافيت، وتؤكد مدى ذكائه وقدرته على التصرف بأفضل طريقة.
القاعدة الأولى: لا تخسر المال أبدًا
قدم بافيت هذه النصيحة للمستثمرين على مدار عقود، وفي نفس الوقت حاول كثير من المحللين والناس العاديين تفسير ما تعنيه هذه النصيحة بالضبط، خاصة وأنه من المستحيل ألا يخسر أحد الأشخاص المال خلال الاستثمار.
فسر البعض هذه النصيحة بما يعني أنه إذا كنت تؤمن بشركة ما وانخفض سعر أسهمها، فيجب عليك الاستمرار في الاحتفاظ بها وانتظار عودتها مرة أخرى، فيما فسرها البعض الآخر بأنها دعوة إلى عدم شراء أي شيء سوى الشركات القوية ذات الأسس الصلبة، والتي من المستبعد أن تنخفض سعر أسهمها.
بغض النظر عن تفسير هذه النصيحة، فإن بافيت كسر هذه القاعدة في شهر إبريل الماضي، عندما باعت بيركشاير هاثاواي مخزونًا وصلت قيمته إلى 1.6 مليار دولار، وأفاد موقع بيزنيس إنسايدر أنه باع الأسهم بجزء بسيط من تكلفتها الأصلية، ما تسبب في خسارة كبيرة.
راهن بافيت في عام 2016 على أربعة شركات طيران، ولكنه عاد ليؤكد أن شركته باعت كامل أسهمها في كل من خطوط طيران دلتا و ساوث ويست ويونايتد أميريكان، لأنه يعتقد بأن قطاع الطيران سيحتاج لسنوات كي يتمكن من التعافي والعودة إلى المعدلات السابقة، خاصة بعد أزمة فيروس كورونا.
غير الفيروس التاجي كل حسابات بافيت، وكبّد شركات الطيران خسائر فادحة لاسيما مع تراجع الطلب على السفر الجوي، وتوقف عمل الكثير من شركات الطيران في الولايات المتحدة وخارجها. لا يرى بافيت أن الأمور قد تتحسن في أي وقت قريب خاصة وأنه من المرجح أن تبقى كذلك لفترة طويلة، وأبلغ المساهمين في بيركشاير هاثاواي في الاجتماع السنوي الافتراضي للشركة أنه حتى إذا عاد الطلب بنسبة 70 أو 80 % على شركات الطيران قبل انتهاء عام 2020، فإن الشركات سيكون لديها عدد كبير جدًا من الطائرات.
وعوضًا عن الانتظار والتحلي بالأمل من أجل حصول الأفضل، قرر بافيت الخروج من هذا السوق حتى إذا كان ذلك يعني خسارة كبيرة خلال أحد أسوأ الأرباع في الشركة على الإطلاق، وقال "اتضح أنني أخطأت، موقفنا إزاء شركات الطيران كان خاطئًا". وينظر الجميع على قدرة مُستثمر ورجل أعمال كبير مثل بافيت على الاعتراف بالخطأ على أنها أحد أعظم نقاط قوته.
القاعدة الثانية: كن طماعًا عندما يُصاب الآخرون بالخوف
"كُن خائفًا عندما يشعر الآخرون بالطمع، وكن طماعًا عندما يُصاب الآخرون بالخوف" تعد هذه القاعدة من أهم القواعد التي يسير عليها بافيت طوال سنوات طويلة، يطلب المستثمر الأمريكي من الجميع اتخاذ قرارات بشراء الأسهم عندما تكون أسعارها منخفضة أو عندما تنخفض الأسعار، والامتناع عن الشراء عندما ترتفع الأسعار، ويؤكد أنها نصيحة جيدة للغاية وللأسف لا يقوم بها معظم المستثمرين.
مع أكثر من عقد من النمو الاقتصادي المستمر وأسواق الأسهم التي وصلت إلى أعلى مستوياتها، فليس من الغريب أن بافيت استطاع على مدار السنوات الطويلة الماضية أن يكون خائفًا، قبل انتشار فيروس كورونا التاجي، كان يُظهر هذا الخوف من خلال الامتناع عن الاستثمارات الكبرى وتكوين احتياطات بيركشاير هاثاواي النقدية والتي وصلت إلى 128 مليار دولار في نهاية العام الماضي.
في عام 2008، عندما تسبب انهيار بنك ليمان براذرز في الركود الاقتصادي، قام بافيت بالكثير من عمليات الشراء، وأكد في العديد من المقالات بالصحف الأمريكية أن قراراته صائبة وأنها ستؤتي ثمارها على المدى الطويل.
أكد بافيت أن أزمة كورونا ليست كالأزمة المالية العالمية أو الكساد الذي شهده العالم في عام 2008، لذلك سحب معظم استثماراته من بنك جولدمان ساكس، وأظهرت وسائل الإعلام أن المستثمر الأمريكي باع الأغلبية العظمى من حصته في البنك، إذ باعت أكثر من 10 ملايين سهم في جولدمان ساكس خلال الربع الأول من العام الجاري، وهي حيازة بلغت قيمتها 2.3 مليار دولار في نهاية العام الماضي ومثلت 2.9% من أسهم البنك الاستثماري.
منذ تفشي الوباء التاجي فإن بيركشاير هاثاوي لم تجر أي استثمارات مليارية ضخمة كما كانت تفعل في أوقات الأزمات السابقة، وهو ما قاله بافيت الذي أشار إلى أن الأزمة الاقتصادية الناتجة عن انتشار الفيروس التاجي مختلفة كليا عن تلك التي حدثت في 2008 نتيجة أزمة مالية.