المدينة المستدامة في دبي.. نحو عالم بلا تلوث
"المدينة المستدامة" مفهوم حديث نسبيًا، ويعني إنشاء مدينة تقل فيها مستويات الانبعاثات الكربونية الضارة، وظهرت الفكرة نتيجة التغيرات البيئية الكثيرة التي تواجهها المدن، وزيادة مستوى التلوث فيها، ويمكن للمدن المستدامة أن تعتمد على التخطيط الذكي في توفير الغذاء وفرص العمل والازدهار والنمو، من خلال استحداث أنشطة متوافقة مع الاشتراطات البيئية، بما في ذلك إعادة تدوير المواد والمياه، والاستفادة منها في توسعة نطاق المساحات المزروعة.
ويمكن للمدن المستدامة أن تعتمد على التخطيط الذكي في توفير الغذاء وفرص العمل والازدهار والنمو، من خلال استحداث أنشطة متوافقة مع الاشتراطات البيئية، بما في ذلك إعادة تدوير المواد والمياه، والاستفادة منها في توسعة نطاق المساحات المزروعة. وتقدم دولة الإمارات العربية المتحدة نموذجًا في هذا المسعى، من حيث تطبيق معايير المباني الخضراء، واتباع الكثير من الممارسات البيئية التي تحد من بصمتها الكربونية. ليس هذا فحسب، بل ظهر الكثير من المشاريع الحديثة التي يمكنها أن تحمل صفة "المشاريع البيئية" بجدارة، وكان من أبرزها "المدينة المستدامة في دبي".
وعندما بدأت "دايموند ديفلوبرز" التخطيط لإنشاء هذه المدينة في دبي، فقد وضعت في الحسبان تقديم تجربة بيئية رائدة على مستوى دولة الإمارات العربية المتحدة والمنطقة، وعلى نحو يحاكي أفضل التجارب العالمية التي أشرفت عليها كبرى مؤسسات الأبحاث الأكاديمية. وتجسّد المدينة اليوم تطبيقًا حديثًا لمفهوم الاستدامة الاجتماعية والاقتصادية والبيئية في مجال البناء والانشاءات، وتعد أول مشروع يتم إنجازه في مجال الأبنية التي تعتمد على الطاقة النظيفة، ليقدم تعريفًا عمليًا للعيش والعمل والتعليم والترفيه المستدام.
المدينة المستدامة.. واحة غنّاء في وسط الصحراء
واليوم، قدمت المدينة المستدامة تجربة ناجحة تؤكد على إمكانية إحداث التغيير الإيجابي بعد اكتمالها على أرض الواقع، لتبدو واحة غنّاء في وسط الصحراء، على بعد مسافة قصيرة لا تتجاوز 25 كيلومترًا من مركز المدينة، لتسجل بذلك سبقًا يحمل الكثير من المضامين التي تتوافق مع الرؤى الطموحة لقيادة الإمارة، وجهودها المتواصلة للحفاظ على البيئة، والتركيز على بدائل الطاقة المتجددة، لدعم التنمية المستدامة.
وبذلك، تحولت المدينة إلى مجمع سكني متكامل يعيش فيه ما يزيد على 3 آلاف شخص من العائلات التي اختارتها مقرًا لها. وأول ما يلفت الزائر في المشروع المكون من 500 فيلا وعدد من المباني التي توفر 89 شقة، انتشار الألواح الشمسية في كافة أرجائها، فهي تغطي أسطح البيوت والمحلات ومواقف السيارات، وكأنك تعيش في مشروع ينتمي إلى المستقبل بكل مفرداته، ولتثبت نجاح نظريات ودراسات، وتفسح المجال لها لترى النور على أرض دبي.
وفي هذا الصدد، يقول المهندس فارس سعيد، المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة "دايموند ديفلوبرز" المطور لهذا المشروع: "تعتبر المدينة المستدامة أول مدينة من نوعها في المنطقة، تمكنت من تحقيق إنجازات غير مسبوقة. ومع أنه تم تطويرها في قلب الصحراء، سرعان ما تحولت إلى مدينة خضراء، بفضل تطبيق أحدث التقنيات والممارسات العالمية في مجال الاستدامة، إضافة إلى بحوثنا ودراساتنا التي تناسب بيئتنا حصريًا. ويعني ذلك أن التجربة قابلة للتكرار وبنجاح في أي مدينة أخرى في العالم، حيث نخطط لاستنساخ التجربة ذاتها في إمارتي أبوظبي والشارقة، بالإضافة إلى خطط التوسع في المنطقة وخاصة في سلطنة عمان والأردن".
وتعتبر المدينة وجهة تعليمية لطلاب المدارس، حيث توفر لهم المرافق الملهمة والفرص الحافزة لتعليمهم وتثقيفهم حول مفهوم الاستدامة، بالإضافة إلى "بدايات" الحاضنة التي توفر لأصحاب المشاريع الناشئة خدمات الدعم وتنظيم الجلسات التدريبية لهم، وفرصًا فريدة للاستفادة من الاستراتيجية الوطنية للابتكار في دولة الإمارات العربية المتحدة، وخاصة ما يتعلق بمتابعة وتعزيز التقنيات النظيفة المبتكرة. وترتبط المدينة المستدامة أيضًا ارتباطًا وثيقًا بمجتمعها، حيث كشفت عن تأسيس " قرية سند" التي تستضيفها على أرضها، لتقدم للإمارات والمنطقة أكبر مركز لتأهيل وتعليم الأطفال والكبار من أصحاب الهمم، ومشروع "بيت فن" الذي يتخذ من الاستدامة عنوانًا رئيسيًا له، كونه يمثل الوجهة المثالية لاعادة تدوير مختلف المواد لابتكار قطع فنية تعكس مواهب الأطفال.
وتحرص المدينة على إسعاد سكانها من خلال توفيرها طيفًا واسعًا من المرافق المريحة والخدمات التي تساعدهم على العيش براحة تامة، مع تعزيز الأواصر بين السكان، وتغطي الجوانب الثقافية والترفيهية والرياضية، وتكون مفتوحة لجميع الفئات العمرية من الأطفال والكبار، ناهيك عن وجود أحواض السباحة والصالات الرياضية والمسارات المخصصة للجري وقيادة الدراجات الهوائية على مسافات طويلة ومركز للفروسية. يضاف إلى ذلك كله توافر كافة الخدمات، بما في ذلك مدرسة دولية وروضة للأطفال ومسجد وعدد من المطاعم والمقاهي والمحلات التجارية التي توفر للقاطنين جميع احتياجاتهم ومستلزماتهم اليومية. ويوجد في المدينة حاضنة أعمال و مركز للزوار ، إضافة إلى مركز لاحتضان الفعاليات التعليمية والترفيهية للسكان والزوار.
اكسبو 2020 دبي
واختتم فارس سعيد حديثه بالقول: "إننا على أعتاب معرض "إكسبو 2020 دبي" الذي ينطلق من ثلاثة محاور مهمة، وهي الاستدامة والفرص والتنقل. وهنا تبرز مكانة المدينة المستدامة التي جاءت ثمرة شراكة جمعت شركة "دايموند ديفلوبرز" بمجموعة من المؤسسات العالمية والخبراء الدوليين، لنكون بذلك السباقين في وضع أجندة العشر سنوات المقبلة والمضي قدمًا في المرحلة المقبلة من تطوير المدينة المستدامة، والتي ستلعب دورًا مهمًا في تعزيز مبادرات الاستدامة الرائدة التي تطلقها حكومة دبي، ودعم رؤى القيادة الرشيدة للإسهام في استعداد دولة الإمارات للسنوات الخمسين المقبلة، ومواكبة حركة الاستدامة العالمية على نطاق أوسع، ونفخر بأن نقدم للعالم نهجًا واضحًا للحياة المستدامة والصحية والسعيدة".