كيف تعلّمت أن أدع طفلي يفشل؟
ديان تافنر مؤسّس مشارك لمدارس القمّة العامّة ، وهي شبكة وطنيّة للمدارس العامّة في الولايات المتّحدة الأمريكيّة ، ومؤلّفة كتاب "أعدّ: ما يحتاجه الأطفال لحياة مليئة بالإنجازات".
للنّاس علاقة معقّدة مع الفشل. ومعظمنا يخشى ذلك لأنفسنا ، ولأطفالنا ، ولكنّنا نعلم أيضاً أنّه يفترض على الأطفال أن يتعلّموا من الفشل. لذا فإنّ السّؤال الّذي يطرحه معظم الآباء هو كيف نتجنّب الوقوع في فخٍّ كوننا أبويّين متعجّرفين من جهة ومن جهة أخرى أن نحرسهم من الأخطار ؟ كيف نقوم بإيجاد البقعة الجّميلة المعتدلة ؟.
عندما يتعلّق الأمر بالتّحدّيات الواضحة الّتي يواجهها أطفالنا ( اختبار كبير ، على سبيل المثال ) ، فنحن نميل للتّساؤل عن ما هو أفضل _ ندعهم يفشلون أم لا ؟ والمشكلة هي أنّه بالرّغم من أن لا أحد سيموت من فشل باختبار ما أو حتى حلقة دراسيّة ، إلّا أنّه يشعر كلّ من الوالدين والأطفال بالرّعب. وهنالك عواقب حقيقيّة تلوح في الأفق _ عدم تخرّج ، وعدم القبول في الجّامعة ، وحتى عدم الحصول على تأمين معقول للسيّارة ( والّتي ، على الأقلّ مع بعض شركات التّأمين ، تعدّ أرخص بالنّسبة للطلّاب الحاصلين على علامة ب متوسّطة أو أعلى ) _ وهم مثبطو الهمّة بشكل كافٍ حيث إنّ العديد من الآباء يتدخّلون لمنع الفشل.
هل ترافق ابنك دائما؟ دراسة: للآباء تأثير مدهش في تطور مستوى أطفالهم
ولكنّ ذلك لا ينتهي عند هذا الحدّ. فقد وضعنا أسساً في مكان لمنع أطفالنا حتى من الاقتراب من الفشل. وقبل أن نعرف ذلك ، فنحن ندقّق بالأنظمة لأجل فحص واجباتهم المدرسيّة ، مراقبة درجاتهم وواجباتهم ، والاتصال بالمعلّمين ، وحتى التّدقيق في مشاركتهم بالفصل.
في حين أنّ الفكرة الأساسيّة للتّعلّم من الفشل هي مدعومة بواسطة الأدلّة ، فإنّ طريقة إمّا أن تنجح وإمّا أن تفشل لا تعمل حقّا. والفشل يكون مثمراً فقط عندما يكون هنالك شيئان صحيحان: أوّلاً ، الشّخص الّذي فشل في الواقع يتعلّم شيئاً من فشله وبالتّالي يكون الدّافع للمحاولة مرّة أخرى ، وثانياً ، الفشل لا يغلق أبواب المستقبل بشكل دائم.
والمثير للسّخرية ، أنّ ألعاب الفيديو ، هي أحد الأشياء الّتي غالباً ما يحاربها الأهل في سعيهم لمنع الفشل ، تقوم بتقديم بعض الرّؤى الحقيقيّة من خلال طريقة ثالثة. عندما كان ابني ريت في العاشرة من عمره ، كان سيفعل أيّ شيء للعب لعبة كت ذا روب ، وهو تطبيق يرتكز على مبادئ العلوم والرّياضيّات الخاصّة بالزّوايا والسّرعة ، لذلك قمت بتحميلها له كعلاج. وفي الّلعبة ، هنالك وحش صغير رائع اسمه أوم نوم وهو يحبّ السّكاكر ، ويتعيّن على اللّاعب هنا قطع الحبل الّذي تتدلّى منه السّكاكر في المكان المناسب تماماً لتقع في فم أوم نوم. وفي المرّة الثّانية الّتي سلّمت بها الهاتف إلى ريت ، قد كان بارعاً ، وقد سار بسرعة في اللعبة لدرجة أنّني لم أستطع متابعة تحركاته.
" تباطأ " أنا قمت بالاحتجاج. " أنا لا أستطيع حتى رؤية ما تقوم بفعله ".
" ماذا ، يا أمي ؟ أنا فقط ألعبها بالطّريقة الّتي ينبغي عليك أن تلعبها بها ".
ما الّذي أدركته بسرعة هو أنّه كان يقطع الحبل في المكان الخطأ كثيراً. وأوم نوم كان حزيناً في كلّ مرّة ، لكن سرعان ما أصبح من الواضح أنّ ريت لم ينزعج. فلقد أدرك أنّ هذا الأمر ليس مهمّاً ، لذلك فهو قام باختبارها واختبارها مجدّداً ، مستنتجاً من فعله ذلك أين سيقطع الحبل في المرّة المقبلة. وبدون شعوره بأيّ خوف من الفشل ، فهو استطاع التّقدّم خلال اللّعبة بسرعة ، يصبح أفضل مع كلّ محاولة ، مازجاً قدراً كبيراً من التّعلّم من الأخطاء الّتي حقّقها كذلك في نجاحاته.
عندما بلغ ريت عمر 13 سنة ، فقد وجدت طريقة بنّاءة أخرى للسّماح له بالفشل. فإنّ زوجي وأنا تجادلنا أنّه حتى لو فقط تعلّم بأن يصنع عشرة أشياء للعشاء ففي الوقت الّذي سيصبح به 18 سنة ، سوف يغادر منزلنا ولديه معرفة كيف يصنع عشر وجبات لنفسه ، وهو باستطاعته بالتّأكيد النّجاة هكذا.
أنا لم أدعه يتصرّف براحته وأقول له ، " حسناً ، عظيم ، نادني عندما يكون العشاء جاهزاً! " فبدلاً من ذلك ، قمت باستخراج الوصفات الّتي اعتقدت أنّها ستكون جيّدة له كبداية ، وهذه الوصفات تكون من دون كميّات هائلة من المكوّنات أو خطوات وتقنياّت معقّدة. ومن هذه الوصفات المنسّقة بعناية ، فقد اختار ما يريد صنعه في كلّ أسبوع.
لقد قمت بارتكاب بعض الأخطاء في البداية. أنا فقدت انتباهي واختفيت في حين كان ريت يطبخ _ هو احتاج إلى الإرشادات ومن دونها ، أحرق شيئاً ما. ولقد تورّطت جدّاً في ذلك. هو لم يكن يعرف أيضاً تقنيّات السّكّين الصّحيحة فلذلك عندما كان بالكاد سيقطع إصبعه هرعت إليه وحالاً أنا كنت أطبخ وهو كان يشاهد. كانت هنالك بعض المعرفة الأساسيّة الّتي كان يفتقدها ، مثل لماذا التّرتيب في إضافة المكوّنات مهمّ.
وفي الّليالي الّتي يقوم هو فيها بالطّبخ ، قد كان العشاء يستغرق وقتاً طويلاً. والمطبخ أصبح فوضويّاً أكثر ممّا أريد ، وبصراحة تامّة لم يكن الطّعام جيّداً بما يكفي. ولكنّي لاحظت أنّه إذا سألني ريت سؤالاً وجوابي تحوّل إلى ولي الأمر ، فهو سيرغب في الانسحاب ، وأحياناً يغادر المطبخ بشكل تام.
لذلك قمت أنا وزوجي بخلق بعض القواعد لأنفسنا. فعندما يقوم ريت بالطّهو ، فقد قرّرنا ، أنّه يجب على أحد منّا أن يكون حاضراً للإجابة عن أسئلته. ولكنّنا نحتاج أن نقوم بفعل شيء آخر أيضاً _ دفع الفواتير ، قراءة مقالة ، أو القيام ببعض العمل _ فلذلك نحن لسنا متواجدين هنالك حصراً للإشراف عليه. نحن بحاجة إلى البقاء في الجانب الآخر من المنضدة. ونحن أيضاً بحاجة إلى تملّقها إذا لم تكن الوجبة جيّدة كفاية أو إذا كان المطبخ فوضويّاً.
ببطءٍ ولكن بلا شك. ريت يتعلّم بأن يصبح قادراً على الطّبخ. وبوسيلة ما ، فمن المحتمل تناول حبوب الإفطار على العشاء ، في حال الفشل التّام ، هو الجزء الأسهل. والجزء الأصعب هو العمل الّذي يتعيّن علينا القيام به مع أنفسنا حتى نترك ثمار ذلك ونثق في تقدّم النّموّ المنتظم.
انتبه لأطفالك.. صحتهم العقلية مرتبطة بالوقت الذي يقضونه أمام الشاشات
غالباً ما يكون الحلّ هو أن ندع أطفالنا يفشلون _ وبطرق صغيرة. حاول التّراجع خطوة إلى الوراء. وكن على استعداد لتكون بحاجة إليك بشكل مختلف. قدّم الإرشادات والتّوجيهات بدلاً من الإجابات. وقم بطرح الأسئلة الّتي تساعد طفلك على التّفكير مليّاً بما يريده ، وما هو عليه ، وما يهتمّ فيه ، وكيف يشعر ، وفي نهاية المطاف ، ما الّذي يجب عليه فعله نتيجة لذلك.
وعندما يتعلّق الأمر بأشياء مثل المدرسة ، فيمكننا اتّباع النّهج نفسه، والمخاطرة بالأشياء الصّغيرة ، مثل الواجب المنزلي. ضع ابنك في مجال المسؤوليّة وتولّى دور المدرّب. تذكّر أنّ عواقب العبث بمهمّة واحدة ، أو حتى القليل منها لا تقم بتغيير الحياة. دع طفلك يقوم ببناء روتينه الخاص ، وطلب المساعدة والتّفاعل مع مدرّسهم. وقضاء وقتك بسؤال طفلك عن هدفه ، وما هي خطته لتحقيق هذا الهدف ، وكيفيّة تقدّمه في تحقيق ذلك. وعند القيام بفعل ذلك فسوف تساعد طفلك على بناء وممارسة مهاراته مدى الحياة الّتي يحتاج إليها ليكون ناجحاً ومستقلّاً في أنشطته اليوميّة ، إضافة أيضاً إلى لحظات المخاطر العالية. ولا تتدخّل إلّا حين يكون واضحاً أنّ المنزل بأكمله ستشتعل فيه النيران إذا لم تتدخّل. ثمّ بمجرّد أن تقوموا معا بالعمل على إخماد النّيران ، قم بالتّنحّي جانباً مرّة أخرى.
أنا وزوجي ، مثل جميع الأهالي ، نحبّ أن نكون متواجدين عندما يطلبنا أطفالنا. والحقيقة هي ، أنّه عندما يكون الأطفال موجهين بأنفسهم ، فإنّ دور الأهل يتغيّر. ولكن من خلال تجربتي الّتي استمرت لعقود من التّربية والتّعليم ، فهذه هي أفضل طريقة لإعدادهم ، وفي الوقت المناسب ، نحن نكتشف مكاننا الجّديد أيضاً.