الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي الدكتور يوسف العثيمين: أولادي ينادونني بـ"الشايب العود".. وفي طفولتي تعلّمت الانفتاح وعدم التعصّب
رأي 14 يوليو 2019
• من ذكريات طفولتي تناولنا مشتقات القمح وجبة متكررة يومياً..
• كنا ننام على سطح المنزل لانعدام المكيّفات ووسائل الراحة الحالية
• تعلمت أثناء دراستي بأمريكا تقبُّل المختلف عنيّ ديناً وعرقاً ولغةً ولوناً
• تبهرني قدرة القيادة السعودية على التكيّف مع الأحداث بأسلوب حضاري ومتّزن.
• مكانة السعودية الروحيِّة في العالم الإسلامي لا ينازعها عليها إلا جاهل أو حاقد
• كلمة سيدي خادم الحرمين الشريفين، حفظه الله، نبراس لي حتى هذه اللحظة.
• المملكة أكبر داعم لتوجّهات منظمة التعاون الإسلامي مادياً ومعنوياً وهذا فضل
• أبرز تحديات المنظمة كيف تكون الصوت الجامع للأمة الإسلامية في ظل المخاطر والفتن والصراعات
• "الحوثي" جماعة مارقة، تحاول اغتصاب السلطة في اليمن ولا شرعية لها محلية أو دولية
• ندين من يدعم الحوثي بالمال والسلاح.. وكيف لمسلم تقبل الاعتداء الصاروخي على أقدس بقاع الأرض؟
• رأب الصدع الخليجي من داخل البيت.. ولا حلّ للخلاف إلا بالعودة لمبادئ حسن الجوار، وعدم التدّخل ونبذ الإرهاب
• رؤية (2030) حدث غير مسبوق في تاريخ المملكة الإصلاحي، وهي خارطة طريق حقيقية ونقلة نوعية
• أحلم بأن أكون سفيراً لبلادي في دولة مؤثرة.. أثبت للعالم أنها ليست مجرد بئر بترول ونفط.
لم يقفد الأمل في الوصول بمنظمة التعاون الإسلامي لتكون الصوت "الجامع" للأمة الإسلامية، فرغم المخاطر والفتن والصراعات والخلافات التي تحيق بالأمة، متفائل بتصميم وعزم قادة الدول الإسلامية على تجاوز التحديات السياسية والاقتصادية والأمنيّة المطروح أمامهم.
هذه هي لسان حال الدكتور يوسف العثيمين، الذي انتخب قبل نحو ثلاث سنوات، بإجماع 57 دولة تنتمي للمنظمة، أميناً عاماً لمنظمة التعاون الإسلامي، ثانية أكبر منظمة بالعالم بعد الامم المتحدة.
ولد الدكتور العثيمين في أسرة سعودية تعيش على الكفاف، توفي والده وعمره لم يتعد ثلاث سنوات، وأدرك بحسه العفوي أن التعليم مساره الوحيد، نال بكالوريوس الدراسات الاجتماعية من جامعة الملك سعود، ثم ابتعث إلى أمريكا، وحصل على درجتي الماجستير والدكتوراه في علم الاجتماع السياسي، ما أهله ليشغل مناصب عدّة في بلاده السعودية، كان أبرزها وزيراً للشؤون الاجتماعية.
اختارت مجلة "الرجل" الدكتور يوسف العثيمين، ليتصدر صفحاتها في حوار شامل يبدأ من ذكريات الطفولة إلى أبرز محطات حياته الشخصية والعامة، مستطلعة رأيه بكيفة مواجهة التحديات وتجاوز الخلافات التي تواجه منظمة التعاون الإسلامي، بالتزامن مع انعقاد الدورة الرابعة عشرة للقمة الإسلامية العادية للمنظمة، في مدينة مكة المكرمة يوم 26 رمضان، الموافق 31 مايو الجاري، التي سيترأسها خادم الحرمين الشريفين الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز.
الطفولة والنشأة
كيف كانت طفولتك؟ وماذا كانت اهتماماتك؟
كنت كأي طفل من أسرة ليست ميسورة، تخلّلها وفاة الوالد الذي لم أعرفه لوفاته المبكِّرة، وفي ظروف معيشيّة أقّلّ من العادية، وفي ظرف زمان ومكان يختلفان تماماً عن أولادي وبناتي. ولولا عناية المولى ثم رعاية جدّي وأخوالي، الذين نشأت في كنفهم، ربما كان مسار حياتي مختلفاً. وكانت اهتماماتي منصبّة – على قدر ما أتذكّر، في السعي وراء حضن دافئ، ضمن أسرة مستقرِّة، تحقِّق لي أبسط ما يحنو إليه طفل في تلك المرحلة.
ما أهم ذكريات الطفولة؟ وكيف كانت علاقتك بأسرتك، الإخوة والأخوات، والوالد والوالدة؟
لم يكن هناك تلفزيون، ولا إنترنت، ولا حتى ملاهٍ، كما يتمتع بها أطفال اليوم، ومع ذلك بمقاييس ذلك الوقت كانت طفولة سعيدة، الشيء الأبرز فيها المدرسة، بكل ما تعنية: صداقات عابرة، وتحصيل علمي تقليدي.
وأبرز ذكرياتها السير على الأقدام في الشتاء للمدرسة، ورائحة المزارع في وسط القرية، وبساطة الحياة العامة، وإشعال الفوانيس قبل أذان المغرب، لإضاءة المنزل، وهو مشهد عام لأغلب الأسر في تلك الفترة.
ولكن وفاة والدي ولم أكن بلغت الثالثة حينها، أربكت علاقاتي الأسرية، حيث فقد الوالد يعني فقد القدوة الواضحة، وفقد العائل، وفقد عاطفة الأبّوة، وأحياناً الهويِّة الأسريِّة، خاصة أن إخواني وأخواتي كانوا أكبر سنّاً منيّ، وكنت كما يقال في التعبير الشعبي (القعدة)، وهي صفة للطفل الأصغر في أي أسرة في المملكة، وقد تعني أحياناً الدلال المفرط أو القسوة المفرطة، وهو أمر تحمّلت والدتي، رحمها الله – عبئه وحدها، بعد وفاة والدي، ثم زواجها مرة أخرى، ثم عودتها إلى بيت والدها.
هذا المزيج من التحولات الأسريِّة لا شك أنه ترك بصمات واضحة إيجابية وسلبيِّة، وربما المزيج من الاثنين دفعني لاتخاذ قرار لا شعوري أن الدراسة – والدراسة فقط – هي المسار الوحيد الذي يجب عليّ أن أصرف وقتي وجهدي وتركيزي عليه، أما الإخوة والأخوات فلكونهم أكبر سناً بكثير منّي فقد أشغلتهم حياتهم الخاصة، وما تتطلّبه تلك الحقبة من الزمن من التزامات معيِّشية عن طفل صغير العمر، قليل الوزن، هاديء الطباع، وربما هذا ما حاولت والدتي تعويضه قدر الإمكان، ثم الجدّ والأخوال الذين كانوا الأسرة البديلة، وما زلت ممتنّاً كثيراً لهم، رحم الله من توفاه الله، وأطال عمر من أمدّ الله أجله.
ماذا نتذكر من منزل الأهل؟
كان منزلاً بسيطاً بمقاييس ذلك العصر، ومنزلاً لا يمكن تصوره بمقاييس هذه الازمان، لك أن تتصوّر منزل الجدّ، وسيّدته الأولى، دون منازع، جدتي (فاطمة) حيث بدا لي حينها منزلاً كبيراً، وربما مخيفاً، بدون كهرباء، ويبدأ البرنامج الأسري، الذي رتّب على مواقيت الصلوات الخمس، من صلاة الفجر إلى صلاة العشاء الآخر، مع أبرز معالم المنزل بوجود (بقرة) مصدراً للحليب والزبدة واللبن، و(نخلة) مصدراً يومياً للغذاء مع ما يتيسّر من مشتّقات القمح وجبةً متكررةً يومياً، وفاكهة محلّية في فصل الصيف. ثم يعلق في الذاكرة المبيت ليلاً في سطح المنزل، حيث ضوء القمر طبعاً لانعدام المكيّفات ووسائل الراحة الحالية، والاغتسال مرتين أسبوعياً بالماء الدافئ في فناء المنزل.
التحصيل الدراسي
أين درست المرحلة الابتدائية والإعدادية؟ وفي أي حيّ عشت؟ وهل من أصدقاء ما زلت ترتبط بهم؟
درست الابتدائية في عنيزة، منطقة القصيم، والإعدادية في مكة المكرمة، في حي يسمى (الراقوبة) قريب من الحرم المكي، حيث عشت فيها نحو عشر سنوات من أجمل مراحل العمر، وفي نقلة نوعية في كل شيء أشبه ما تكون بصدمة حضارية لطفل انتقل من قربة وادعة إلى مدينة يأتي لها الناس من كل فجٍ عميق، وتلك قصة أخرى. وكانت صداقاتي محدودة جداً، لملازمتي لزوج والدتي حيث كان الوقت مقسّماً بين المنزل والمدرسة والحرم المكّي.
درست في جامعة الملك سعود تخصص دراسات اجتماعية، هل وجدت ذاتك في هذا التخصص؟ ولماذا؟
الدراسة الجامعية في جامعة الملك سعود كانت نقلة نوعية في حياتي بكل ما تعنيه الكلمة، حيث شعرت بالاستقلال الشخصي، والاعتماد بعد الله على النفس، وأول مرة أقبض مرتباً شهرياً (357) ريـالاً، والدراسة في جامعة عريقة تسمى "الجامعة الأم"، لأنها أول جامعة حكومية بمختلف التخصّصات الحديثة، وطلابها من جميع أنحاء المملكة، فكانت بوتقة صاهرة ثقافياً وعلمياً واجتماعياً، وكانت الدراسات الاجتماعية قسماً جديداً، كنا أول دفعة تلتحق فيه، وميزة هذا التخصص أنه نافذة علميّة تحليلية للمجتمع، خاصة في زمن التحولات الكبرى، وما زلت استفيد من أدوات هذا العلم حتى اليوم.
قصدت أمريكا لمتابعة دراستك العليا، هل أنت من اتخذ القرار؟ ولماذا لم تتابع دراستك في السعودية؟
قرار الابتعاث هو حلم لكل شاب سعودي جامعي، وما كان بإمكان شاب جامعي مثلي – وغيري كثير – أن يواصل دراساته العليا، دون هذه الفرصة التي تتيحها الدولة لجميع أبناء المجتمع الذين حصلوا على تقديرات عالية ومتميزة.
وكان هذا حلم لي من السنة الأولى في الجامعة، لأنني كنت أسمع عن طه حسين، وهو كفيف البصر، درس في السوربون، في فرنسا، ونال شهادة العالمية منها، هذا فضلاً عن أن عدداً من أخوالي سبقوني إلى هناك، فكانت هذه عوامل مشجّعة، وفعلاً كان قراراً شخصياً صائباً، ولم يكن هناك أصلاً دراسات عليا في جامعة الملك سعود في هذا التخصص، وما زلت أتذكر أن رئيس القسم د. عبدالله البنيان – رحمه الله – اختارني معيداً في القسم قبل تخرجبي بعام، وهو أمر نادر.
غير التحصيل الدراسي، كيف وجدت الحياة بالعالم الغربي عموما وأمريكا خصوصا؟
الحياة في العالم الغربي مختلفة تماماً عن حياة الشرق، هناك الاختلاف في الدين والعادات والتقاليد ونمط الحياة واللغة، وحتى أسلوب التفكير، وما زلت أسأل نفسي حتى اليوم: ماذا أنا؟ ومن أكون، لولم تتح لي هذه الفرصة للمعيشة والدراسة في أمريكا لخمس سنوات متوالية؟
المعيشة والدراسة في أمريكا ليست مجرد تحصيل علمي فحسب، وربما نسبت الآن الكثير مما اكتسبته من معلومات، وربما تجاوزها الزمن، ولكن بقي لي ومعي مهارات ذهنيّة، وأسلوب تفكير مختلف: أبرزها: تقبُّل الآخر المختلف عنيّ ديناً وعرقاً ولغةً ولوناً، والانفتاح على العالم، وعدم التعصّب، المنهج العلمي في التكفير والتحليل، والنظرة العالمية وليست الإقليمية والمحلّية، وأن الإسلام وكوني مسلماً عربيّاً لا يحرمني من الانفتاح على العالم شرقه وغربه، وهذا هو جوهر رؤية المملكة 2030 التي يقودها سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، الآن لوثبة حضارية وثقافية غير مسبوقة في تاريخ السعودية.
الطموح والحياة العملية
دراستك لعلم الاجتماع السياسي وحصولك على الماجستير والدكتوراه، يؤشران إلى "طموح سياسي" كان يراودك منذ فترة شبابك، بمَ تعلق؟ ولمَ اخترت هذا المجال من العلوم؟
اهتمامي بعلم الاجتماعي السياسي ربما كان نتاج اهتمامي وشغفي بالعلوم السياسية، خاصة أنني أعيش في منطقة تكاد تكون الأحداث السياسية فيها خبراً يومياً في جميع وسائل الإعلام والكتابات والكتب، فالحدث السياسي كان طاغياً وما زال في المنطقة، وكان تبهرني قدرة القيادة السعودية على التكيّف مع الأحداث والمتغيرات بأسلوب حضاري وعاقل ومتّزن، جعل المملكة تعبر هذه الأحداث المضطربة بالمنطقة بسلاسة أبهرت المحللين السياسية المنصفين.
ولكن طموحي لم يكن سياسياً، فقد كان حلمي دبلوماسي، فلكم حلمت بأن أكون سفيراً لبلادي في دولة مؤثرة أقول وأثبت فيها للعالم، أن بلادي ليست مجرد بئر بترول ونفط، بل هي قوة اقتصادية وروحيّة وثقافية هائلة، وتستحق هذه المكانة بفضل هذا المخزون الهائل من القدرات، ولهذا فلو أتيح لي أن أجمع بين هذا التخصّص العلمي والممارسة العملية، فلربما أسهمت – كما أساهم غيري – في إيصال هذه الرسالة إلى العالم.
هل فكرت يوما بأن تصبح وزيراً أو أميناً عاماً لمنظمة التعاون الإسلامي التي تضم عشرات الدول؟
لم يكن في خلدي أن أصبح وزيراً ولا أميناً عاماً لمنظمة دولية تحتضنها المملكة، وهي ثانية أكبر منظمة دولية بعد الأمم المتحدة، وفي الوقت نفسه، أنا ممتن لقيادتي في المملكة العربية السعودية أن أتاحت لمواطن عادي جداً أن يخدم بلاده على خير ما يستطيع، وأدعو الله أن أكون عند حسن الظن.
كنت مستشاراً ثم وزيراً للشؤون الاجتماعية والعمل في الحكومة السعودية، ما أهم الإنجازات التي حققتها؟
العمل في القطاع الحكومي يختلف جذرياً عن العمل في القطاع الخاص، حيث لا يمكن أن ينسب الشخص إلى نفسه إنجازاً وحيداً فردّياً، بل هو عمل جماعي، وعمل فريق؛ فالوزير في الحكومة يعمل داخل منظومة، يتلّقى التوجيه السياسي، ثم يحاول ترجمته إلى سياسات عملّية يحقق فيها تطلّعات القيادة وطموح الشارع والمواطن، مع فريق يختاره يشاركونه الأمل والحلم، وهو مندوب القيادة لدى المواطن، ومندوب المواطن لدى القيادة، ومتى استطاع أن يؤدي هذا الدور مع فريقه، فقد أدّى جزءاً من الأمانة الكبرى التي نال بها شرف ثقة القيادة به.
واضح بسيرتك العملية أنك شغلت مناصب تهتم بالفئات "المهمّشة"، وتعمل على مكافحة الفقر ورعاية المعاقين والأيتام.. ما سرّ هذا الاهتمام؟
أولاً لا توجد فئات مهمّشة في بلادنا، فالجميع محل اهتمام القيادة الرشيدة، ولكن هناك فئات محتاجة أكثر من غيرها، والاهتمام بها ورعايتها وخدمتها هو أولاً واجب ديني ووطني، فمن لم يهتّم بأمر المسلمين، فليس منهم. كما أن العمل الإنساني هو زكاة، وكما كان سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، حفظه لله، وهو رائد العمل الإنساني في المملكة، يقول إن على كل إنسان زكاة ليست بالضرورة بالمال، وإنما العلم والخبرة والصحة عليها زكاة، على الإنسان أن يصرفها في العمل الإنساني والخيري، وهذا ما كان متوافراً في الشؤون الاجتماعية، إذا احتسب المرء ذلك عندما يعمل في هذا القطاع. فكلمة سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز – حفظه الله – ظلّت نبراساً لي حتى هذه اللحظة.
كيف تلقيت خبر انتخابك أميناً لمنظمة التعاون الإسلامي؟ وماذا يعني لك هذا المنصب؟
هاتفني معالي رئيس الديوان الملكي الأستاذ خالد العيسى، وأخبرني أن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، حفظه الله، قد وقع اختياره على العبد الفقير إلى ربّه، ليكون مرشح المملكة لهذا الموقع. وقطعاً هي أمانة لكونها جاءت من ولّي الأمر، وتكليف وليس تشريفاً أن يكون أحد مواطني المملكة العربية السعودية، بلاد الحرمين الشريفين في هذا الموقع، سائلاً المولى عز وجل الإعانة والسداد.
قلت إن اختيارك لمنصب الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي هو "أمانة كبرى"، فأي أمانة هذه؟ وماذا تقصد بالضبط؟
قطعاً هو أمانة، أمانة لمن ائتمنني عليها، بدءاً من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، وسمو ولي عهده الأمين محمد بن سلمان بن عبد العزيز، حفظهما الله، لتأكيد المكانة والقيادة الروحيِّة للمملكة في العالم الإسلامي، وهي مكانة لا يمكن أن ينازعها عليها إلا جاهل أو حاقد، كونها تحتضن أقدّس بقعتي الحرمين الشريفين، ويتشرّف قائد المملكة العربية السعودية بأن يحمل اسم خادم الحرمين الشريفين، أفلا أكون جندياً مخلصاً له في هذا الميدان؟ خاصة في منظمة إسلامية تحتضنها المملكة العربية السعودية. وتسخر لها دولة المقر كل الإمكانات لتحقيق التضامن الإسلامي.
مسؤوليات منظمة التعاون الإسلامي
أنت أمين عام منظمة هدفها الأول أن يكون لأعضائها (57 دولة إسلامية) صوت واحد، ورؤية مشتركة، أين نحن اليوم من هذا الهدف؟
منظمة التعاون الإسلامي هي صوت جامع للأمة الإسلامية مقرها المملكة العربية السعودية، تسعى أن يكون للأمة الإسلامية صوت واحد ورؤية مشتركة، وهذا ما نصّ عيه ميثاقها: نصّاً وروحاً.. وهذه هي أهدافها، وعبر مسيرتها منذ خمسين عاماً وهي تسعى إلى تحقيق ذلك، والمملكة العربية السعودية – على وجه الخصوص – أكبر داعم لتوجهاتها معنوياً ومادياً، وهذا فضل لا بدّ أن يُنسب إليها. وكما هو معلوم فإن المنظمات الدولية هي في النهاية تعبر عن إرادة قادتها، وكلما توحّدت الكلمة، زادت قدرة المنظمة على تحقيق أهدافها التي أنشئت من أجلها، ولا أنسى – أبداً - توجيه خادم الحرمين الشريفين لي، عندما تشرّفت بالسلام عليه، وقال "وتعانوا على البر والتقوى"، فقد لخصّ – حفظه الله – بهذه الآية الكريمة هدف هذه المنظمة ومنهجها.
0ما أبرز التحديات التي تواجه منظمة التعاون الإسلامي؟ وكيف برأيك يمكن التغلب عليها؟
تواجه المنظمة تحديّات عدّة: أبرزها كيف تكون الصوت "الجامع" للأمة الإسلامية، في ظل ما يجتاح العالم الإسلامي من مخاطر وفتن وصراعات وخلافات، ولكن بتصميم قادة الدول الأعضاء وعزمهم، وقبل ذلك توفيق الله عزّ وجل، قادرة بحول الله على تجاوز التحديات السياسية والاقتصادية والأمنيّة المحيطة بالعالم الإسلامي.
الإرهاب والإسلاموفوبيا
الإرهاب اليوم على أجندة كل دول العالم، وأنتم منظمة إسلامية جامعة، كيف تنظرون إلى هذه الآفة؟ وما برأيكم سبل القضاء عليها؟
الإرهاب والتطرف والغلوّ طاعون العصر وسرطانه، وشرذمة قليلة يدّعون الإسلام والإسلام منهم براء، قد أساؤوا إلى العالم الإسلامي والإسلام والمسلمين بتصرفاتهم الحمقاء. فالإسلام الصافي النقي هو دين المحبة والسلام والعيش المشترك تحقيقاً لقوله تعالى: "وما أرسلنك إلا رحمةً للعالمين"، وليس للمسلمين فقط. فنبذ الإرهاب هو أحد مبادئ ميثاق منظمة التعاون الإسلامي، ولا شك أن يقظة حكوماتنا ووعي شعوبنا هو خير سبيل للقضاء على هذه الظواهر. والمملكة العربية السعودية تضرب أروع الأمثلة في جهودها لتحقيق هذا الهدف، فإنشاء مركز (اعتدال)، والتحالف الإسلامي، وتجريم وحظر الجماعات الإرهابية فضلا عن الحزم الأمني أبرز الأمثلة على ذلك، وتأتي أهمية مراقبة الفضاء الالكتروني أحد أساليب المواجهة الفعالة للقضاء على الإرهاب الفكري.
يربط بشكل تعسّفي، وأحياناً مقصود، بين الإرهاب والإسلام، ماذا تفعل المنظمة لمواجهة ظاهرة "فوبيا الإسلام" وإلصاق الإرهاب به؟
الربط بين الإرهاب والإسلام هو ربط تعسّفي، وظالم، وغير مبرّر، ولا يمكن أن تحسب أفعالاً صادرة من شرذمة قليلة على مليار وسبعمئة مليون مسلم. والإسلاموفوبيا والإرهاب ظاهرتان متلازمتان، لأن كل واحدة تغذي الأخرى وتقتات عيها، وما حدث في نيوزلندا أخيراً عندما ذبح متطرف يميني (51) مسلماً، أثبت أن الإرهاب ليس له دين أو عرق أو جنسية. وهذا ما ينبغي التركيز عليه، فهو خطر داهم على الجميع، وعلى جميع الدول ومختلف الأديان التصدِّي له بمختلف الوسائل.
منظمتكم ربما هي الأكبر في المنظمة العالمية تضمّ 57 دولة بعدد سكان يتجاوز 1.6 مليار نسمة، لكن فاعليتها ليس بمستوى حجمها، بماذا ترد؟
منظمة التعاون الإسلامي ثانية أكبر منظمة دولية بعد الأمم المتحدة، ولكن ليس لديها إمكانات الأمم المتحدة ومواردها، وليس لديها الآليات نفسها، مثل مجلس الأمن ومحكمة العدل الدولية، بمعنى ليس لها أذرع ملزمة وقادرة على إحداث تغيير في قضايا الحروب والأمن، ولكن قوتها في قوتها "الأخلاقية"، وكونها منصّة تجمع دولاً تدين بالإسلام، وتحت راية واحدة ولذلك تستّمد قوتها من هذا الجانب، في توحيد مواقف في قضايا مثل فلسطين والأقليات المسلمة مثل الروهينغا في ماينمار والقضايا الإنسانية في حشد المواقف، وتنجح أحياناً وأحياناً أقل فاعلية، ويجب أن لا ننسى أن قوة المنظمة من توحّد كلمة أعضائها، فهم الذين يقرِّرون وليس الأمانة العامة، نحن ننفِّذ ما يتّفق عليه قادة الدول الأعضاء، ولذا كلما توحّدت كلمتهم، زادت فاعلية المنظمة، وهذا مصدر القوة والضعف والفاعلية.
دور المملكة العربية السعودية
كيف تنظرون من موقعكم إلى الدور السعودي في العالم الإسلامي؟ وكيف يمكن أن يكون أكثر فاعلية؟
الدور السعودي في العالم الإسلامي "عمود الخيمة"، يرتكز عليها العالم الإسلامي، فالمملكة عمود خيمته، ومظلّته الظليلة لهذه الدوحة الكبيرة، وهو العالم الإسلامي، والمملكة استحقت هذا الموقع بجدارة بحكم القوة الروحّية المركزية التي وهبها إياها الخالق، منذ سيّدنا إبراهيم، وبعثة سيدنا محمد، عليهما السلام، كون السعودية حاضنة للحرمين الشريفين، وقِبلة مليار وسبعمئة مليون مسلم، وتهفو إليها قلوب المسلمين، ويحج إليها الملايين سنوياً.
كما أنها تحتضن منظمة التعاون الإسلامي، الصوت الجامع للأمة الإسلامية. فالمملكة قائدة للعالم الإسلامي روحيّاً، وفاعل رئيس في العمل الإسلامي المشترك، ومهمومة بقضايا المسلمين من جميع النواحي، وهذا أكسبها موقعاً متميزاً ومركزياً في العالم الإسلامي. وهذه المركزية والأهمية تتزايد مع مرور الأيام وتعقّد قضايا العالم الإسلامي. ثم جاءت رؤية المملكة 2030، لتضخّ مزيداً من دور المملكة في العالم الإسلامي وفاعليتها روحياً واقتصادياً وثقافياً، ونموذجاً للتعامل مع قضايا مثل الإرهاب والتطرف فضلا عن تقديم نموذج معتدل منفتح للإسلام.
كيف ترى الاعتداءات والصواريخ الحوثية التي توجه إلى مكة المكرمة والسعودية بشكل عام؟
الحوثي جماعة مارقة، تحاول اغتصاب السلطة في اليمن بالقوة، وليس لها شرعية محلية ولا دولية، وموقف المنظمة واضح: نحن مع الشرعية، والقرارات الخليجية والأممِّية، وضد اعتداءات الحوثي على المملكة، وصدر قرار وزاري من مجلس وزراء الخارجية في العالم الإسلامي بإدانة هذا الحادث ومن يقف مع الحوثي بالمال والسلاح والدعم؛ فكيف لمسلم أو دولة إسلامية تقبل الاعتداء الصاروخي على أقدس بقعة على وجه الأرض؟؟!!
تشهد السعودية بوصفها دولة محورية عربياً وإسلامياً، تحديثات البعض وصفها بـ"الثورة"، كيف تنظرون إلى ما تفعله القيادة السعودية وخاصة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان؟
أقل وصف يطلق على ما قام به سمو ولي العهد السعودية بأنه "ثورة" حقيقية، بمباركة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز؛ فهندسة سمو الأمير محمد تتبلور في رؤية 2030، وهذا حدث غير مسبوق في تاريخ المملكة الإصلاحي. إذا كان البرنامج العشري للملك فيصل يعدّ سابقة أولى، فإن الرؤية (2030) تتميز بأنها أكثر شمولية، ونالت جوانب اقتصادية واجتماعية وثقافية ومختلف جوانب حياة الإنسان السعودي، وموقع المملكة في الداخل والخارج. وهي خارطة طريق حقيقية وعمّلية لنقلة نوعية لتاريخ المملكة، وتؤسِّس لمرحلة جديدة لمختلف شرائح المجتمع، فهو مشروع وطني بامتياز هذا الجهد الذي يقوده سمو ولي العهد. بل حتى إسلامياً نادى بالعودة إلى الإسلام الصافي النقيّ المعتدِل الذي سوف يبعد الشوائب والشبهات عن الإسلام خارجياً، ويقدِّم نموذجاً للإسلام الحقيقي المتصالح مع ضرورات العصر.
رأب الصدع من داخل البيت
هل من مبادرة أو مساع لرأب الصدع في الخليج العربي؟ ما التحدي الأبرز لحل الخلاف بين السعودية وقطر؟
الصدع الخليجي رأبه خليجي من داخل البيت، وميثاق المنظمة يدعو بوضوح إلى عدم التدخل في شؤون الدول الداخلية، ونبذ الإرهاب وتمويله أو التعاطف معه، لا حل لهذا الخلاف إلا بالعودة للمبادئ التي تؤكد حسن الجوار، وعدم التدّخل في الشؤون الداخلية، ونبذ الإرهاب. هذا هو جوهر أي مبادرة لحلّ أي خلاف وأساس أي مبادرة. والأمل أن يعلو صوت الحكمة ومصلحة شعوب دولنا الأعضاء.
حماية الشباب
الشباب هم المستقبل، بماذا تنصح شباب العالم الإسلامي، من واقع خبرتك وتجربتك في الحياة؟
شباب العالم الإسلامي - ذكوراً وإناثاً - يشكّلون جلّ الهرم السكاني، فهم الأغلّبية، ومقصد أمل الأمة الإسلامية، وأنصحهم أن لا يخذلوا أمتنا الإسلامية، وعليهم أن ينصرفوا للعلم، والابتكار، والمبادرة، ويتجنبوا الإرهاب والتطرف والغلوّ، فهذا طريق المستقبل، وهناك من يتربّص بهم، ويريدوهم حطباً ووقوداً للصراعات والإرهاب فلا يصدقوهم، عليهم بالأمل والإقبال على الحياة.
في عالم منفتح ووسائل الاتصال تخترق كل المنظومات، هل من استراتيجية مناسبة لحماية شبابنا من التطرف والتعصب، أو الضياع في اهتمامات سطحية وغير منتجة؟
المفتاح الحقيقي لحماية شبابنا من التطرف والتعصب والإرهاب والضياع، هو الحصانة الذاتية أوّلاً، وبدأت بشائر هذا الجهد الذي تقوده الدولة وثمرات رؤية المملكة 20/30 تؤتي أكلها تدريجياً، ولعل من أبرزها تنقية المناهج الدراسية، والحرص على انتقاء المعلّمين، ومراقبة أئمة المساجد، وهذا الانفتاح الثقافي والفني والأدبي، وتمكين المرأة، وقيادتها للسيارة، وفتح مجالات الترفيه المرشّد الرزين، بحيث أصبح الشاب والفتاة يعيشان حياة طبيعّية عصرّية، فالرؤية لم تغفل هذه الجوانب، بل هي مكوّنات رئيسة، وأصبح لبلادنا الآن مشروع شامل يجد كل مواطن أن له "سهماً" فيه يحرص على إنجاحه، لأن الرؤية مصممّة له. ثم تأتي أخيراً مهمة مراقبة الفضاء الإلكتروني الذي أصبح "المفرخة" الحقيقية للتطرف والإرهاب والغلوّ، وتشكل هيئة حكومية لمراقبة هذا المحتوى، ثم أتت الآن عقوبات صارمة للمتجاوزين. الوسطية وقيم الاعتدال هما طرفا أي استراتيجية ناجحة.
المرأة والعمل الإسلامي
ما موقع المرأة في مؤسساتكم؟ وكيف تنظرون إلى دورها في العمل الإسلامي؟
المرأة في منظمة التعاون الإسلامي لها موقع مهمّ ومؤثر، بل إن الميثاق والنظام فيها ينصّ على مراعاة الاستفادة من الجنسين، ويعمل في المنظمة كوكبة متميزة من الأخوات اللاتي هنّ مثال للالتزام والانضباط والمهنّية في عملهنّ، وأنا فخور بكل منهنّ لأنهنّ نموذج مشرّف للمرأة المسلمة العصرّية، كما كانت المرأة المسلمة في صدر الإسلام تشارك في الحياة العامة بكل اقتدار.
هل تشجع عمل المرأة ودخولها شريكاً فاعلاً في الحياة العامة؟
نعم، وبدون تردّد أشجع إسهام المرأة في الشأن العام، لأنها نصف المجتمع، وأصبح لديها من التأهيل العلمي والعملي ما يمكّنها من لعب هذا الدور بشكل يشرف الرجل.
الحياة الأسرية والاهتمامات
غالباً ما تتحمل الزوجة أعباء إضافية، حين يتولى الزوج مسؤوليات عامة، كم مضى على زواجك؟ وكيف تصف علاقتك بأم الأولاد وشريكة حياتك؟
مضى على زواجي ربع قرن، وعلاقتي بأم الأولاد تشاركيّة تميل أحياناً كثيرة لمصلحتها.
هل أثر عملك وانشغالك سلباً في حياتك الأسرية؟
نعم؛ وهذه ضريبة من يعمل في المواقع التي شغلتها وزيراً ثم أميناً عاماً لمنظمة دولية، تتطلب السفر والترحال بشكل دائم. ولكن الإجازة السنوية تعوض قدراً مما انتقص.
هل لديك الكثير من الأولاد؟ وكيف تصف علاقتك بهم؟ وإلى أي مدى تختار لهم اهتماماتهم وطريقهم في الحياة؟
نعم رزقني الله وأكرمني بالولد والبنت، وعلاقتي بهم مع تقدّم العمر تحولت إلى نوع من الصداقة الخاصة، وأتعامل معهم من منطلق أنهم يعيشون زماناً غير زماننا، ولكل زمن ضروراته ومقتضياته، وأؤمن بمبدأ أن أدعهم يخوضون التجربة بأنفسهم دون تدخل، إلا إذا طلبوا النصيحة من "الشايب العود"، كما يسمونني أحياناً.
أين تقضي مع الأسرة وقت العطل والإجازات؟
هم وأنا تعودّنا على قضاء إجازتنا في عاصمة الضباب لندن، بحكم اللغة وسهولة الحياة، وأحياناً دول الجوار، حسب التساهيل والميزانية الأسرية التي لا تعترف من قبل الأولاد بالعجز مهما تكن الظروف.
الهوايات والاهتمامات:
خارج الأعباء والمسؤوليات الرسمية، ما اهتماماتكم وهواياتكم الشخصية؟ وهل تجدون الوقت لممارستها؟
أجمل هواية اكتسبتها من الصغر هي القراءة في كل شيء، لأنها الوسيلة الوحيدة المتوافرة عندما كنت طفلاً، وظلّت معي ملازمة حتى الوقت الحاضر؛ ففيها متعة كبيرة، ثم أصبح الإنترنت بديلاً للورق عند التصفح والاطلاع، وتأتي البرامج التلفزيونية الجادة الاهتمام الثاني، خاصة الحواّرية منها، وأخيراً رياضة المشي التي ألتزم بها يومياً، لمدة لا تقل عن 20-30 دقيقة. فهي رياضة للجسم والعقل ومجانية، وأمارسها في السفر والحضر، وأي مكان.
هل تستمع إلى الموسيقا أو الغناء العربي؟ وما اهتماماتك فيهما؟
استمتع بالغناء العربي الأصيل، والقصائد العربية المغنّاة مثل "سلو قلبي"، و"ثورة الشكّ".. إلخ، حيث جمعت بين الفن والأدب والطرب.
لو لم تكن في موقعك الحالي، ما المهنة أو الهواية التي كنت ترغب في أن تكون عملك أو اهتمامك؟
ما زلت أحلم أن أكون سفيراً لبلادي في دولة إسلامية، ولعل الأجل يدرك الأمل.
ما الشخصيات أو الأعمال الفكرية – الثقافية التي أثرت بك، ولماذا؟
عندما كنت شاباً في مقتبل العمر، تأثرت كثيراً بكتب المنفلوطي، وهو الأديب المصري الكبير. ثم أعجبت بدواوين شعر إيليا أبي ماضي، الشاعر المهجري الكبير. وتأثرت، شاباً، بمجلة "العربي" الكويتية، والسبب أن لكل هذه الأعمال أفقاً خاصاً بها، فذاك أديب، وهذا شاعر، وتلك حديقة غنّاء فيها كل شيء حديث ومعاصر.
حلم المستقبل
ما حكمتك في الحياة؟ وبجملة واحدة ما الخلاصة الأهم التي خرجت بها خلال تجربتك بالحياة؟
حكمتي في الحياة: المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده، وخلاصة تجربتي أن الحياة الدنيا فانية، ولا تستحق أن نحزن كثيراً، وأن نتمتّع بها لأنها مرّة (واحدة) لا تتكرّر.
بعد أن تؤدي دورك ومسؤولياتك، ما الأشياء التي لم تتمكن من القيام بها وتفكر بفعلها مستقبلا؟
أتطلع لكتابة سيرة ذاتية عن تجربتي في الوزارة والأمانة.
كيف ترغب في ينصفك التاريخ بعد عمر طويل؟
أن يذكرك التاريخ فهذا إنصاف، وأن تُذكر بخير فهذا كامل الإنصاف – اللهم أجعلني خيراً مما يظنّون.
شكراً لتحملكّم ثرثرة من امرئ بدأت دابة الأرض تأكل منسأته.