أحد بناة الولايات المتحدة.. من هو أندرو كارنيجي أغنى رجل أعمال في القرن الـ19
إذا كنت تبحث عن قصة نجاح مُلهمة ومؤثرة، فلن تجد أفضل من قصة نجاح أندرو كارنيجي، رجل الأعمال الأمريكي الاسكتلندي، ومؤسس شركة كارنيجي للمعادن وشركة يو إس ستيل، والمعروف بأحد بناة الولايات المتحدة الأمريكية، خاصة وأنه أحدث طفرة في مجال صناعة الصُلب، وحرص على إثراء عملية التعليم والأبحاث العلمية، وإنعاش الأوضاع الاقتصادية في البلاد.
كان أندرو كارنيجي من أهم كبار الأعمال في مجال صناعة الصلب، وأغنى رجال الأعمال في القرن التاسع عشر، وكرّس حياته في وقت لاحق للقيام بالكثير من الأعمال الخيرية. وُلد عام 1835 في اسكتلندا، وهاجر إلى الولايات المتحدة الأمريكية عام 1848، وكانت أول وظيفة يشغلها هي عامل في مصنع بكرات، ثم عمل ساعي بريد، بعدها ترقى في سلم التوظيف بشركة التلغراف التي كان يعمل بها، ومن خلال المثابرة والعمل الجاد تمكن من الوصول إلى القمة.
بداية متواضعة
كانت بداية كارنيجي متواضعة للغاية، فوالدته كانت تعمل في مجال صناعة الأحذية، أما والده فكان يعمل نساجا يدويا في صناعة النسيج، وعاشت العائلة الكبيرة في بيت مكون من غرفة واحدة. عانت العائلة من الفقر الشديد، ولكنها تمكنت من تغيير مصيرها من خلال الإصرار والمثابرة والإرادة القوية.
اقترض والد كارنيجي المال من أجل الهجرة إلى الولايات المتحدة، وبعد عامين من الوصول إلى الأراضي الأمريكية، بدأ كارنيجي العمل في شركة تلغراف وحصل على راتب وصل إلى 2.5 دولار في الأسبوع، وبعد أن أتقن الوظيفة، عمل جاهداً على حفظ أسماء ووظائف الأشخاص والشركات في بيتسبرغ، لكي يؤسس شبكة من العلاقات والاتصالات.
بعد بلوغه عامه الـ18 حصل كارنيجي على وظيفة جديدة، فكان يعمل مسؤول برقيات وبعض الأمور الأخرى في شركة بنسلفانيا للسكك الحديدية، وبلغ راتبه في هذه المرحلة حوالي 4 دولارات في الأسبوع.
ثورة في صناعة الصُلب
بينما كان يعمل في شركة السكك الحديدية، بدأ كارنيجي في استثمار أمواله، وقام بالعديد من الخيارات الحكيمة ووجد أن استثماراته، خاصة تلك المتعلقة بمجال النفط، تؤتي ثمارها وتكسبه أرباحاً كبيرة.
بعد فترة في عام 1865 تحديداً قرر كارنيجي مغادرة شركة السكك الحديدية للتركيز على بعض الاهتمامات التجارية الأخرى، وكان من بين هذه الاهتمامات التركيز على شركة كيستون بريديج.
بحلول العقد التالي كانت معظم اهتمامات كارنيجي مُتمثلة في مجال صناعة الصلب. مع مرور الوقت أصبح عمله في هذه الصناعة لاسيما بعد تدشين شركته التي تحمل اسم كارنيجي للصلب بمثابة ثورة في صناعة وإنتاج الصلب في الولايات المتحدة الأمريكية.
قامت شركة كارنيجي للصلب ببناء المصانع في جميع أنحاء البلاد، واستخدمت التكنولوجيا والأساليب التي ساعدت على تصنيع الصلب بطرق أسهل وأسرع وكانت أكثر إنتاجية. وفي كل خطوة من هذه العملية كان يمتلك بالضبط ما يحتاجه، وتمثل ذلك في امتلاكه للكثير من المواد الخام والسفن والسكك الحديدية لنقل البضائع، كما أنه امتلك بعض حقوق الفحم لتزويد أعمال الصلب بالوقود.
وبحلول عام 1899، أصبحت شركة كارنيجي للصلب من أهم الشركات وأكبرها في هذا المجال بالعالم. مع مرور الوقت ساعدت هذه الاستراتيجية كارنيجي على أن يُصبح أحد المهيمنين في هذه الصناعة، كذلك بات رجلاً شديد الثراء، واعتبره كثيرون أحد بناة أمريكا، خاصة وأنه ساعد على تشكيل الاقتصاد ووضع حجر الأساس لما وصلت إليه صناعة الصلب في الولايات المتحدة الآن.
تغيير جذري
في عام 1901، قام كارنيجي بتغيير جذري في حياته، إذ باع أعماله لمؤسسة الولايات المتحدة للصلب، وحصل في المقابل على أكثر من 200 مليون دولار. وعندما بلغ عامه الـ63 قرر قضاء باقي أيام حياته في مساعدة الآخرين.
بدأ كارنيجي مساهمته في الأعمال الخيرية من خلال بناء المكتبات وتقديم الكثير من التبرعات للمؤسسات الخيرية، لكنه بذل الكثير من الجهود في هذا المجال أوائل القرن العشرين.
تبرع رجل الأعمال الأمريكي بحوالي 5 ملايين دولار لمكتبة نيويورك العامة لكي تتمكن من فتح عدة فروع في عام 1901، كما أنه تبرع بالكثير من المال لتأسيس معهد كارنيجي للتكنولوجيا في بيتسبرغ، والمعروف الآن باسم جامعة كارنيجي- ميلون. وفي العام التالي أنشأ مؤسسة كارنيجي للنهوض بالتعليم.
نظراً لاهتمامه الكبير بإحلال السلام في العالم، أسس الملياردير الأمريكي مؤسسة كارنيجي للسلام الدولي في عام 1910، كما قدم الكثير من التبرعات الأخرى.