كيف يفكر القائد واسع الحيلة بشكل مختلف عن غيره؟
«إن كنتم تملكون حق الإختيار، ما هي الصفة الوحيدة التي تريدون من قائد الفريق أن يتمتع بها؟ » سؤال تم طرحه على عناصر فرق القوات الخاصة..الإجابات لم تكن التفوق في القدرات الجسدية، أو الذكاء الإستراتيجي، ولا حتى الحضور القوي والطاغي. في الحالات التي يكون فيها القائد في مكان قراراته قد تعني الحياة أو الموت للفريق الذي يقوده فإن هؤلاء يريدون من قائدهم، أن يكون واسع الحيلة. أي أن يملك القدرة على الخروج بحلول سريعة ومبتكرة للمشكلة الطارئة والتي تمكنه وتمكنهم من التغلب على كل الصعاب.
بطبيعة الحال في مكان العمل، قرارات القائد لا تعني الحياة أو الموت للعاملين تحت إمرته، ولكنها هامة جداً لنجاح الجميع سواء على المستوى الفردي أو الجماعي أو للمؤسسة ككل.
القدرة العقلية التي تمكن الشخص من تبني خطة عمل، وزيادة الموارد في بيئة حساسة، سواء كانت الأعمال، العلوم أو الرياضة أو غيرها هي التي تحدد النجاح من الفشل وهي التي تحدد التفوق من عدمه.
الذكاء لا أهمية له في حال لم يكن القائد يملك القدرة على التأقلم وبسرعة بالغة مع المتغيرات. كما أن الافكار المبتكرة لا أهمية لها في حال لم يكن القائد يملك القدرة على الخروج بمقاربات غير تقليدية لتنفيذها.
البعض يملك الحنكة والدهاء بشكل فطري، فهم يملكون القدرة على الخروج بحلول سريعة والتأقلم معها بسرعة كبيرة وتفسيرها بأبسط طريقة ممكن للاخرين وجعلهم يقومون بتبنيها خلال فترة زمنية قصيرة للغاية.
ولكن ماذا لو كنت لا تملك تلك الميزة بشكل فطري، هل يمكنك تعلمها أو على الاقل تدريب نفسك على أن تفكر بنفس الطريقة التي يفكر بها القائد صاحب الحيلة الواسعة؟
في الواقع القيام بذلك قد يكون صعباً لان الشخص سيحاول التحايل على مقاربة «عقله» الطبيعة للتفكير وللتعامل مع الأمور ولكن كما هو حال كل شيء فإنه مع التدريب الدائم والمستمر كل العادات حتى تلك الفطرية يمكن تبديلها وتعديلها. وبالتالي لتعلم الآلية التي يفكر بها القادة الذين يملكون حيلة واسعة إليكم ما تمت ملاحظته في مقارباتهم:
يتخذون القرارات وفق « سأقوم بفهم الموقف وحل هذه المشكلة»
القائد الواسع الحيلة يخلق واقعه المؤكد الخاص.. وذلك العمل وفق يقين واحد وهو أنه سيستمر بالمحاولة حتى يجد الحل . «الغاية من المضي قدماً والسير الى الامام هو مصادفة المشاكل، مصادفة الفشل، ومصادفة الامور التي لا تنجح. حينها يجب التراجع خطوة الى الخلف، والمحاولة مجدداً» هكذا يفسر لنا جيف بيزوس، وهو قائد واسع الحيلة من دون أدنى شك، مقاربته لإتخاذ القرارات.
القائد الواسع الحيلة عادة يعمل وفق الخطة (أ) فقط بحيث لا يملك الخطة (ب) ما يعني ان الفشل ليس خياراً على الإطلاق. وعليه وعند العمل وفق الخطة (أ) وحين لا تنجح ما يقومون به هو وضع خطة (أ) بديلة.. أي يتم العمل وفق ما هو موجود مع تعديلات سريعة.
يتجاوزون مرحلة إطلاق الأحكام
القائد الواسع الحيلة لا يقوم بإضاعة لا الوقت ولا الجهد بالشعور بالأسف على نفسه ولا يضع نفسه على الإطلاق في مكان حيث يتسأل عن سبب «صعوبة تنفيذ هذا الامر أو ذاك» بل ما يقوم به هو سؤال نفسه عن الامور التي يمكنه تجربتها من أجل جعل هذا الامر ينجح.
يشعرون بالراحة مع واقع أنهم «لا يعرفون»
عندما نكون أمام عدم اليقين والمجهول فإن عقلنا يكون في مرحلة التأهب وبالتالي بالنسبة اليه نحن أمام «تهديد» من نوع ما، وما يقوم به العقل هنا هو إعادة إبراز ما حدث لنا في الماضي ليرغمنا على تكرار الحلول أو الافعال التي قمنا بها سابقاً.
القادة الذي يملكون الدهاء والحنكة يشعرون بالراحة التامة للعمل من دون أسس متينة حتى منذ البداية، فهم لا يحتاجون لمعرفة كل الاجابات قبل البدء. هم يملكون القدرة على «تهميش» الالية الدفاعية التي يلجأ اليها العقل ما يسمح لهم بالخروج بالكثير من الحلول المبدعة كي يتمكنوا من المضي قدماً حتى من دون «أداة» تسمح لهم بالمضي قدماً.. الامر أشبه بشخص يسير على سكة حديد ويقوم ببناء القطار خلال عملية سيره بإتجاه هدفه.
يركزون وبشكل كبير على الجوانب الإيجابية
القائد الواسع الحيلة يجد دائماً طريقة للتقليل من الجوانب السلبية للامور. بعض الامور التي يعتبرها البعض على انها عائق أو مشكلة هي بالنسبة اليهم فرصة للتركيز على ما يمكن تحقيقه عوض التركيز على كل الامور التي لا يمكن تحقيقها بسبب هذه العقبة أو تلك. هم يتعلمون وبسرعة من الموقف الذي يتواجدون فيه ويمكنهم نقل الامور الى الضفة الاخرى بسرعة أكبر بالإستناد الى المشكلة وعلى الحل المرتبط بالمشكلة. من خلال التركيز على ما يمكن تحقيقه، فإنهم يملكون القدرة على الخروج بحلول غير متوقعة على الإطلاق.
يدركون أن أهم مورد يملكونه هو فريقهم
القائد الواسع الحيلة يدرك بأن أهم ما يملكه هو فريقه. وهو يدرك بأن واقع أنه يمكنه التعامل بهدوء وذكاء مع عدم اليقين لا يعني أن فريق العمل يمكنه القيام بذلك أيضاً. ولكنه في الوقت عينه ومن أجل حث الفريق على المضي قدماً رغم عدم اليقين فهو يعتمد مقاربة قائمة على الوضوح.
بعض المقاربات التي تعتمد من قبل المدير الواسع الحيلة من أجل حث فرق العمل على الوثوق به رغم أنه يقودهم بسرعة وبإتجاه عدم اليقين هي جعلهم يشعرون بالإطمئنان الى حد ما من خلال جمل مثل «ادرك بان عدم اليقين غير مريح، لذلك اشكركم لثقتكم بي». ثم تذكير بمراحل سابقة قادهم خلالها نحو الحل المثالي «لقد قمنا بحل مشاكل كبرى تشبه هذه المشكلة من قبل».
المصدر: ١