لماذا يتفاعل فريق عملك بشكل سلبي مع أسلوبك في الإدارة؟
يروي لنا مدرب تنفيذي عن تجربته المهنية فيخبرنا عن نقطة جامعة بين عدد من المديرين التنفيذيين. هؤلاء وبشكل دائم يطلبون منه تزويدهم بتقينات تساعدهم على بناء علاقات أقوى في مكان العمل أو تمكنهم من تحفيز الموظفين، أو تساعدهم على تحسين أسلوب التواصل أو زيادة حجم التأثير بأسلوب غير ديكتاتوري.. ولكنه يرفض القيام بذلك. ردة فعله مفاجئة بطبيعة الحال بحكم أن عمله يتطلب منه تزويدهم بها. فما الذي يجعله يقوم بذلك؟
المدرب هذا وبعد تعامله مع عدد كبير من المديرين التنفيذيين توصل إلى خلاصة عامة من التجارب الفاشلة التي خاضها معهم.. وهي أن تعليم مدير ما التقنيات فقط يؤدي إلى فشل ذريع. فما تبين معه مع الفشل المتكرر مع عدد من المديرين هو أن التقنيات وحدها لا تكفي إذ إن الأهمية كلها تتمحور حول الـ «كيف» والـ «لماذا».
حكاية المدرب ذكرتني بشخص ما كنت أعمل معه فيما مضى. الشخص هذا كان يملك سمعة في الشركة التي كنت أعمل فيها بأن كل همه هو جني المال، أي تحقيق عائدات مالية كبيرة للشركة. ومن ثَمَّ كان يضع الكثير من الضغوطات عليْنا من أجل تحقيق العائدات التي كان يضعها كهدف.
وعليه كنا نعمل لوقت إضافي، وكان يتذمّر حين يتغيّب أحدهم بداعي المرض، ويرفض منح أي منا إجازة.. كنا بالنسبة إليه آلات وليس بشراً.
المقاربة الديكتاتورية هذه جعلت معدلات الاستقالات مرتفعة في قسمه؛ ما جعل الإدارة تتدخل لمعرفة السبب. بعد التدخل شهدنا على تغييرات مفاجئة في تصرفاته، فبعد عطلة من عطل نهاية الأسبوع عدنا إلى العمل ونحن نتوقع الجحيم نفسه، ولكن في ذلك اليوم وقبل أن يدخل مباشرة إلى مكتبه، قام بالتوقف قليلاً عند مكاتبنا وسؤالنا عن إجازتنا. ولاحقاً بات يخصص بداية الاجتماعات من أجل أن يقوم كل واحد منا بمشاركة معلومة ما عن نفسه مع الآخرين.
النتيجة، ليس كما يخيل إليكم.. فالوضع لم يصبح أفضل وأصبحنا نحب العمل معه.
الحلول السريعة لا تصلح
هو حاول أن يبدل تصرفاته ولكنه لم يحفزنا لأن عدم اقتناعه بما يقوم به كان واضحاً وضوح الشمس. فهو عندما كان يسألنا عن أحوالنا كان يبدو عديم الصبر، وخلال الاجتماعات وخلال فترة «مشاركة معلومة» عن أنفسنا كان يبدو شارد الذهن وغير مكترث لما يقال. كان يدعي الاكتراث وكان بإمكان الجميع رؤية ذلك. كل ما يريد الحديث عنه هو العمل. النتيجة كانت أجواء أكثر سلبية من ذي قبل لأن جميع العاملين تحت إمرته باتوا يشعرون بأنه يتلاعب بنا ويستغلنا من أجل خفض معدلات الاستقالة في قسمه.
الخطأ الذي ارتكبه هو خطأ شائع فهو ورغم أن نيته كانت التحول إلى ما هو أفضل، ولكنه قام بالقفز فوراً إلى مرحلة تعديل السلوك من أجل تبديل نظرة الآخرين له. هو لم يقم بذلك بنوايا سيئة، بل قام به بما تقوم به الغالبية الساحقة وهو البحث عن الحلول الفعّالة والسريعة. ولكن الحلول السريعة والفعّالة لا تنطبق على تطوير الذات، لأن السرعة تفوت فرصة القيام بتغييرات فعلية يكون تأثيرها الإيجابي طويل الأمد.
الخلاصة هنا هي إن كان المدير يسعى وبكل جدية لأن يصبح مديراً أفضل ويكسب احترام وتقدير الجميع في مكان العمل، فإن المفتاح لذلك هو أن تكون الدوافع والقناعات والحالة الداخلية كلها على خط واحد وتتوافق مع التصرفات التي يأمل أن تسفر عنها.
والسؤال البديهي هنا، كيف يمكن القيام بذلك؟ هذه بعض الاقتراحات التي قد تساعدك على البدء برحلتك نحو تحسين الذات والتي تضمن لك ألا تكون النتيجة سلبية.
فكر بدوافعك:
في كل مرة تأمل فيها بأن يتغير نمط محدد من التصرفات في مكان العمل عليك أن تكون صادقاً لدرجة القسوة مع نفسك. هل تريد أن تسفر التغييرات عن تبدل نظرة الآخرين لك وبالتالي تحولك، بالنسبة إليهم، إلى شخص أفضل، أم أنك تريد حقاً أن تكون شخصاً أفضل؟ إن كنت تسعى للتغيير من أجل نظرة الآخرين فحينها كل جهودك ستفشل.
قم بتحدي الأفكار الدفاعية:
هناك نسبة كبيرة لأن تبدأ بعملية التغيير وتسير على ذلك الدرب من دون إحداث تغييرات لها قيمتها وذلك لأنك غير مقتنع وبشكل كلي بأن الأمر يستحق ذلك. مثلاً لو افترضنا أنك حصلت على تقييم سلبي لمهمة ما، أول فكرة ستخطر لك ستكون دفاعية. هذه الأفكار الدفاعية عليك ألا تسمح لها بفرض نفسها كما عليك ألا تضع أهمية على الطريقة التي قيلت لك تلك التقييمات السلبية بل الاستماع فعلاً. أو مثلاً أدركت بأن فريق عملك يتفاعل بشكل سلبي مع أسلوبك في الإدارة، حينها أول فكرة ستخطر لك هي أن اللوم يقع عليهم وأنك لا تتحمل المسؤولية.
هنا يجب فصل المحتوى عن ردة فعلك العاطفية تجاهه. هذا قد يعني أخذ وقتك كاملاً لاستيعاب النقد أو التقييم السلبي، ثم المتابعة وطرح الأسئلة الصحيحة التي تعود عليك بفائدة من نوع ما.. أي تلك التي تساعدك على فهم المجالات التي أخطأت فيها. عندما تتمكن من التعامل مع النقد السلبي بشكل موضوعي، حينها ستتمكن من تحسين عاداتك كمدير، وبالتالي جهودك لتصبح أفضل لن ترتد عليك بشكل سلبي.
شريك في المساءلة :
أحياناً رغم كل النوايا الجيدة، المجهود لا يكون على قدر الهدف وبالتالي سيكون هناك الكثير من الأمور التي لا يمكنك رؤيتها، خصوصاً الآلية التي يترجم فيها الذين يعملون تحت إمرتك تصرفاتك.
لضمان عدم تحول جهودك لأن تصبح أفضل إلى ما هو سلبي، قم بحماية نفسك من خلال الاستعانة بشخص ما في مكان العمل تثق به. قم بمنحه الإذن لأن ينبهك حين تحيد عن السكة، واطلب منه تقييمات تصحيحية كي تدرك تماماً ما الذي يحدث وما هي ردات الفعل.
تابع كل جديد عبر منصتنا على:
المصدر: ١