لماذا السعودية هي البلد العربي الوحيد العضو في مجموعة العشرين؟
في العام ٢٠٢٠ ستستضيف السعودية قمة قادة مجموعة العشرين لتكون بذلك البلد المسلم الثاني بعد تركيا الذي يستضيف هذه القمة. إستضافة منطقية بحكم أن السعودية هي بلد عضو في هذه المجموعة. مجموعة العشرين تمثل ثلثي سكان العالم والسعودية هي ممثل العرب الوحيد. أهمية مجموعة العشرين لا تتوقف على الجانب الاقتصادي فحسب بل لها أهميتها تطال الجوانب الأخرى السياسية والاجتماعية، إذ أن الإقتصاد هو المحرك الرئيسي للسياسات والتي بدورها إما تنعكس إيجاباً أو سلباً على الشعوب في كل المجالات. فلماذا السعودية هي البلد العربي الوحيد العضو في مجموعة العشرين؟
ما هي مجموعة العشرين ومتى إنضمت اليها السعودية؟
مجموعة العشرين هي تجمع إقتصادي يضم ١٩ دولة الى جانب الإتحاد الأوروبي وبمشاركة صندوق النقد الدولي والبنك الدولي. تأسست عام ١٩٩٩ كنتيجة لمبادرة من مجموعة السبع لتجمع الدول الصناعية الكبرى مع الدول الناشئة لمناقشة المواضيع التي تهم الإقتصادي العالمي. لا تملك مقراً ثابتاً ولا موظفين وكل عضو يستضيف بالتناوب القمة السنوية واللقاءات الاخرى التي تتم خلال العام. تهدف الى تعزيز الإقتصاد العالمي وتطويره وإصلاح المؤسسات المالية وتحسين النظام المالي بالإضافة الى دعم النمو الإقتصادي العالمي وتطوير آليات فرص العمل وتفعيل مبادرات التجارة المنفتحة. التنمية غير محصورة فقط بالدول الاعضاء إذ انه هناك قنوات إتصال وتواصل مع الدول غير الاعضاء.
السعودية إنضمت الى مجموعة العشرين عام ٢٠٠٨ وفي ذلك في ذروة الأزمة المالية العالمية وقد شاركت كعضو برئاسة الملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز في إجتماع ٢٠ نوفمبر/ شباط الذي أقيم حينها في واشنطن، ثم شاركت في الاجتماع الثاني في لندن في ٢ أبريل/ نيسان عام ٢٠٠٩ ولاحقاً في كل الإجتماعات الاخرى التي كانت تعقد في الدول التي كانت تستضيف الإجتماعات.
تعرف على نسبة الأجانب المشتغلين في التجارة الداخلية بالسعودية
لماذا هي الدولة العربية الوحيدة في المجموعة؟
السعودية من الدول التي تملك إقتصاداً قوياً كما أن لها دورها الكبير والمؤثر في المنطقة على كل الأصعدة، بالإضافة الى دورها المؤثر على إستقرار أسواق الطاقة العالمية.
كون السعودية دولة نفطية كان له دوره الكبير في إنضمامها الى مجموعة العشرين، صحيح أن البلاد تخطط لإقتصاد لا يعتمد على النفط ولكن ذلك لا يعني أنها فقدت القوة التي تتمتع بها كلاعب «نفطي» أساسي على الساحة العالمية. السعودية لعلها الدولة الوحيدة التي يمكنها سد أي نقص يحصل في أسواق الطاقة وهذا ما أثبتته في أكثر من مناسبة حين ساهمت بسد عجز عدد من الدول التي توقف إنتاجها النفطي في منطقتنا بسبب الحروب والأزمات. يضاف الى ذلك واقع أنها تملك إمكانات ضخمة في عمليات الإمدادات للاسواق العالمية.
السعودية وبشهادة عدد من الخبراء الإستراتيجيين هي واحدة من أهم ثلاث دول في العالم بالإضافة الى أميركا وروسيا لانها دولة قوية في قطاع الطاقة وهذا ما يجعلها هامة جداً في هذا المجال خصوصاً وأن لها مساهمات واسعة في أي قرار بقطاع الطاقة في العالم.
في المقابل دول مجموعة العشرين يمثلون أكثر من ثلثي من حجم إقتصاد العالم وجميع دول العالم مرتبطة ببعضها البعض بالتبادل التجاري. السعودية هي أكبر دولة مصدرة للنفط، والنفط هو أكبر سلعة في التبادل التجاري وبما انها المنتجع الأكبر لهذه «السلعة» فوجودها منطقي وأساسي في مجموعة العشرين.
هل إستفادت السعودية من عضويتها؟
في الواقع بعض الخبراء الإقتصاديين يعتبرون أن السعودية أفادت أكثر مما إستفادت من عضويتها في مجموعة العشرين. فالمملكة تتمتع بإقتصاد قوي وعليه هي لم تكن بحاجة لأي دعم مالي مهما كان نوعه من الدول الاعضاء ولكنها في المقابل، حالها حال جميع الاعضاء، تدفع ما يتوجب عليها من إلتزامات وتعهدات مالية. كما لم تستفد السعودية أيضاً من صندوق النقد الدولي لان عملتها مستقرة وبالتأكيد هي لا تحتاج لمساعدة البنك الدولي.
ولكن عضويتها بالتأكيد ليست بلا فائدة فهي لاعب أساسي ولها رأيها في كل القرارات وبالتالي تؤيد وترفض وتصوت على كل ما يتم طرحه كما انها تطرح الملفات التي ترى بانها تحتاج الى الطرح والمناقشة. العضوية هذه تمنح المملكة أيضاً القوة والنفوذ على الصعيدين السياسي والإقتصادي فهي في نهاية المطاف طرف مؤثر في صناعة السياسات الإقتصادية العالمية التي تؤثر في إقتصادات كل دول العالم ومن ضمنها الدول العربية. فمن النتائج الإيجابية لعضوية السعودية في مجموعة العشرين توفير قنوات إتصال دورية بكبار صناع السياسات المالية والاقتصادية العالمية، ما يعزز التعاون الثنائي معها.
خلال السنوات الماضية وقعت السعودية إتفاقيات دولية مع دول كبرى كالولايات المتحدة الأميركية وروسيا وفرنسا بأنشطة أعمال طاقة ومعدات عسكرية بالإضافة الى السماح للشركات الأجنبية بالعمل في السعودية بملكية ١٠٠٪ وكل هذه الامور تنعكس على التجارة بشكل إيجابي سواء على الصعيد السعودي أو على التجارة الدولية. كما عملت مع دول عديدة على تنظيم الجمارك والضرائب لدعم التجارة الدولية بما يتناسب مع توجه دول العشرين في هذا المجال. وهذه الجهود ساهمت في نمو التجارة العالمية ما جعل السعودية تكتسب أهمية أكبر.
ومع عضويتها كانت السعودية مطالبة بالشفافية المالية والإقتصادية وقد قيل خلال الفترة الاولى لإنضمامها بأنها أمام تحديات تتطلب منها إصلاحات عديدة، ولكنها واجهت هذه التحديات وخرجت منها فائزة وأكبر دليل على ذلك هو الإصلاحات الشاملة التي شهدت البلاد ونقلة نوعية ضمن رؤية ٢٠٣٠.