هل أنت من المهووسين بعلامات أولادهم؟ تعرف على المخاطر المدمرة لذلك
لو سألت أي والد أو والدة عربية عن أحوال أولادهم فالإجابة ستكون «الأول على صفه»، واقع «طريف» لا بد من التوقف عنده بما أن جميع التلاميذ هم الأوائل. بطبيعة الحال الإجابة هذه قد لا تعكس واقع حال التفوق الجماعي ولكنها تعبر وبشكل دقيق جداً عن هوس الأهالي بشكل عام والعرب بشكل خاص بالعلامات. الهوس هذا ينبع من أسباب مختلفة بعضها يرتبط بالأهل وبشخصياتهم والتي لعلها تحتاج للتعويض عن عدم حلولهم ضمن الأوائل خلال سنواتهم الدراسية من خلال أولادهم.
وقد ترتبط من جهة أخرى بسوء فهم جماعي، من الأهل والمدارس، التي تقيس التحصيل الاكاديمي بالعلامات. الهوس بالعلامات له تأثيره السلبي وواقع أن المدارس ومنذ سنوات باتت تملك مواقعها الإلكترونية التي تمكن الأهل من الدخول اليها والإطلاع على العلامات بشكل يومي جعل الوضع أسوأ.
لذلك إن كنت من الفئة المهووسة بعلامات أولادها تعرف على المخاطر التي تعرض أولادك ونفسك لها لعلك تبدل وجهة نظرك.
العلامات ليست معاييراً لمعدل ذكاء أطفالك
العلامات لا تحدد نسبة ذكاء أطفالك، بل هي في الواقع تحد من نسبة ذكائهم وتلزمهم بإطار ضيق. الإمتحانات والفروض والمهام التي يتم تكليف التلميذ لها هدفها جعل الجميع يفكرون بالطريقة نفسها.. وهذه مقاربة مدمرة للتلاميذ. هناك جدل كبير حول العالم حول مبدأ الإمتحانات والإعتماد الكبير على العلامات لانها بالنسبة للبعض ليست المعيار لقياس الذكاء ولا القدرات بل تأثيرها سلبي لان التلميذ الذكي الذي لا يحصل على علامات مثالية سيظن بانه «غبي» رغم انه قد يكون أذكى بأشواط من الذي يحصل على علامات ممتازة طوال الوقت.
العلامات هي لتقييم أداء التلميذ في مادة معينة خلال فترة زمنية معينة وهي لا تركز على المهارات الناعمة على الإطلاق رغم أن المهارات هذه هي السبب الاساسي للنجاح في المستقبل.
الإمتحانات والعلامات .. مقاس واحد يناسب الجميع؟
بطبيعة الحال لا يمكنك تبديل النظام التعليمي في بلدك والذي وعلى ما يبدو لن يتبدل قبل عشرات السنوات. بعض الدول الغربية بدأت بالإبتعاد تدريجياً عن نظام العلامات التقليدي وبدأت تتعامل مع التلاميذ على ان كل واحد منهم هو حالة خاصة مختلفة كلياً عن الاخر. الإمتحانات يتم وضعها وفق مقاس واحد يناسب الجميع، والأسوأ هو أن «ورقة الإجابات» التي يصار الى تصحيح الإمتحانات وفقها تجعل مبدأ العلامات سخيف للغاية. الأمر أشبه بأستاذ الرياضيات التي يقرر بأن حل التلميذ للمسألة الرياضية غير صحيح فقط لانه اعتمد طريقة مختلفة عن الطريقة التي يريدها رغم أن طريقة التلميذ وإجابته صحيحة.
ما هي الامور المرتبطة بالهوس بالعلامات؟
الصورة هي كالتالي، انت مهووس بالعلامات وعليه بات طفلك يعيش الهوس نفسه. ما يعني أنك تضع عليه ضغوطاً كبيرة جداً وبالتالي هناك حالة دائمة من التوتر والقلق. الحالات النفسية التي يعيشها التلميذ بسبب الهوس بالعلامات لا تؤثر على صحته العقلية فحسب بل البدنية أيضاً. وفق جميع الدراسات فإن الضغوطات التي تمارس على التلاميذ سواء من قبل المدرسة أو الأهل من أجل الحصول على علامات ممتازة تعرض صحتهم النفسية والعقلية للخطر. وقد أكدت الدراسات بانه رغم أن العلامات الممتازة قد تشكل حافزاً من أجل تحقيق ما هو افضل ولكنها أيضاً لها أثار جانبية غير مرغوب بها وهو كما قلنا الضرر النفسي ولاحقاً البدني يضاف الى ذلك قتل الذكاء والتفكير الإبداعي. فالتلميذ سيفكر بما تريده المعلمة أو المعلم خلال إنجاز الفروض أو القيام بالمهام أو حتى خلال خضوعهم للإمتحان.
تأثير الهوس بالعلامات عليك
الهوس بعلامات أولادك يؤثر عليك بشكل سلبي على كل الأصعدة. أولاً علاقتك بأولادك ستصبح سيئة للغاية ولا يمكن لأشهر الصيف القليلة إصلاح الضرر الذي حدث خلال العام الدراسي. بطبيعة الحال انت ستضع الكثير من الضغوطات عليهم وقد تتدخل وتقوم بتدريسهم وطبعاً هناك الغضب والصراخ حين لا يفهمون بالسرعة التي تريدها أو كما تريد. ثم وحين لا يحصلون على العلامة التي كنت تمني نفسك بها فحينها المشاجرة حاضرة. خلال مسار هذه العملية أنت متوتر، وتعيش حياتك كرجال عامل ورب أسرة وتلميذ و«ديكتاتور علامات». أيامك ستكون وفق العلامات التي يحققها أولادك فإن حصلوا على علامات جيدة فانت سعيد وأن تراجعوا فأنت حزين ومحبط وغاضب. عليك التخلص من عقلية علامات ممتازة تعني الدخول الى جامعة ممتازة وبالتالي الحصول على وظيفة ممتازة.
ما نريدك القيام به حالياً هو التفكير بالأيام والأسابيع التي كانت حافلة بالتوتر والضغوطات النفسية والصراخ، فكر بكل الامور الجميلة التي فاتتك سواء على الصعيد الشخصي أو بعلاقاتك مع أولادك فقط من أجل العلامات. هل تستحق العلامات كل هذا؟ بالتأكيد لا تستحق.
هل العلامات السيئة مقبولة؟
نعم، بين حين واخر هي مقبولة تماماً طالما أن اولادك بذلوا جهداً كبيراً. عليك أن تركز على الجهود المبذولة وليس على الرقم، فإن تم بذل الجهود فحينها العلامة ليست هامة. ولكن في حال ورغم الجهود الكبرى لم يتمكن التلميذ من الحصول على علامة جيدة فعليك البحث عن الأسباب وتوفير المساعدة. على أولادك ان يصلوا الى مرحلة يعتبرونك الحليف وليس العدو. لا تبلغ أولادك بانك تتوقع التفوق منهم، فأنت تدفعهم وبسرعة بالغة نحو الفشل..أبلغهم بأنك تتوقع منهم العمل بجد وجدية.