ماذا يفعل رواد الفضاء في جثامين المتوفين خلال الرحلات ؟
هل فكرت لحظة ماذا يكون مصير رائد الفضاء الذى يتوفى بعيدًا عن سطح الأرض، خلال جولة فضائية أو رحلة جديدة لاستكشاف ما عجز العلم عن معرفته حتى لحظة انطلاقه، الأمر في غاية الصعوبة، لأن زيارة رواد الفضاء تأخذ من الساعات الكثير، فربما يكون المصير مجهول أيام وأيام حتى يمكن التفكير في إجابة على السؤال السابق.
وفي الوقت الذى تستعد فيه البشرية لإطلاق رواد فضاء إلى كوكب المريخ، نسترجع فيه قصة 18 رائد فضاء فقدتهم البشرية، في يوليو 1969 وذلك من طاقم رحلة سُميت أبولو، وقتها كانوا قد أنهوا للتو زيارة إلى سطح القمة، عقب زيارة اقتربت من 22 ساعة فقط، وكانت تلك ضمن المحاولات الأولى لإرسال أشخاص على متن صواريخ لاستكشاف الفضاء، ولكن لم يعود أي من طاقم الصاروخ.
شاهد| والد ضحية لعبة «الحوت الأزرق» في السعودية يروى اللحظات الأخيرة في حياة نجله
تطورت الأمور مؤخرًا بعد أن زادت احتمالات ارسال رحلات مأهولة إلى كوكب المريخ، وذلك للبحث عن وسائل أكثر أمانًا أو ضمانات لعودة رواد الفضاء الذين على متن الرحلات، حيث أن الرحلة إلى المريخ، تعنى زيادة احتمالات وفاة رواد الفضاء، سواء في أثناء الرحلة، أو بعد وصولهم إلى الكوكب الجديد والتعرض إلى مناخه القاسي، أو لأسباب أخرى غير متوقعة. كما يمكن لأي مشكلة تقنية أو غذائية تطرأ على كوكب المريخ أن تترك جميع رواد الفضاء لمصيرهم المشؤوم.
نصائح لأمان رواد الفضاء
بالحديث عن وسائل الأمان التى تضمن صحة وحياة رواد الفضاء في الرحلات القادمة، كان لابد من توضيح العديد من النصائح التى مطلوب قرائتها من قبل رواد الفضاء، في هذا الشأن قدم باول وولب، أستاذ أخلاقيات الطب الحيوي بجامعة إيموري الأميركية، حول إذا ما توفى أحد طاقم الرحلة أثناء ما يقوم الطاقم بعمليات الاستكشاف، والأمر قد يستغرق وقتًا طويلًا، فماذا عليهم أن يفعلوا؟ .
"يُشترط أن يتمتع رائد الفضاء بصحة ممتازة قبل انطلاق رحلته، ولذلك يتضاءل خطر وفاته في الفضاء بدرجة كبيرة"، هكذا يقول وولب مؤكدًا أنه في معظم الأحيان يكون هناك استحالة إرسال جثمان رائد الفضاء المتوفى خلال الرحلة إلى الأرض، مع تأكيده على أنه لم يحدث وتوفى رائد فضاء على متن رحلة فضائية من قبل، ولكن يجب أن يكون طاقم الرحلة على وعي بماذا يفعلون إذا ما حدث هذا الأمر.
كوارث متوقعة
حول الكوارث التى قد تصيب رحلة الفضاء، يقول كريس هادفيلد، رائد الفضاء الكندي، والمدير السابق لمحطة الفضاء الدولية، عن احتمالية ارتطام نيزك دقيق برائد الفضاء خلال عمله خارج المركبة، مؤكدًا أن هذا الارتطام قد يُحدث ثقب في سُترة رائد الفضاء.
وبحسب هادفيلد، هذه ليست نهاية الكارثة، فالأمر يؤدى إلى غياب الوعي عن رائد الفضاء، في غضون 15 ثانية فقط، وقد يتسبب هذا الأمر في وفاة رائد الفضاء مختنقًا، فيما قد تنهار رئتاه بسبب الثقب الذى حدث في سترته، وممكن أن يصاب الرجل بتمدد في الجسد ليصبح مثل البالون، أو شلل تام، إن لم يمت قبل كل هذه الأعراض، فالأمر ليس هينًا كما يتصور البعض، لكنه أصعب مما تتخيل.
مهام شبه مستحيلة
في الوقت الذى لم تضع أشهر وكالات الفضاء أسس لحالات الطوارئ التى قد تصب رحلات الفضاء، ظهرت العديد من الرحلات الناجحة، حيث روى رائد الفضاء تيري فيرتز، أنه نجح في إنجاز رحلتين فضائيتين فيف محطة الفضاء الدولية، وأخرى في مركبة فضائية.
وأكد فيرتز أنه حدث وكان في رحلة إلى الفضاء وفُرض عليه أن يقضي 213 يومًا مع جثمان شخص قد توفي خلال الرحلة، مشيرًا إلى انه لم يسبق له التدرب على التعامل مع مثل هذه الحالة، رغم قضاءه بعض الوقت في تدريبات على تقديم المساعدة الطبية لإنقاذ زملائه في حال تعرضهم لأي مكروه، ولكن ليس بعد الموت!
وأضاف فيرتز: "رغم أنني أعمل منذ 16 سنة كرائد فضاء، إلا أنني لا أذكر بأنني دخلت في نقاش مع أحد زملائي حول احتمالية أن يموت أحدنا في الفضاء، رغم تفهمنا لاحتمال حدوث ذلك".
ونقل احد المواقع المهتمة بأخبار الفضاء تصريحات سابقة كان قد أدلى بها مسؤول داخل وكالة الفضاء الدولة ناسا، قائلًا: "لم تقم ناسا بإعداد خطط طوارئ لجميع الحوادث المحتملة في الفضاء. ولكن بوسعنا الاستجابة لأي طارئ في حينه، وذلك من خلال التنسيق بين مديرية العمليات الفضائية، ومديرية صحة وأداء الطاقم البشري، ورئاسة وكالة الفضاء الأميركية، وشركائنا الدوليين.
وفي إطار تطورهم ذاتيًا، يقول رائد الفضاء هادفيلد، إنه وزملاءه بدأوا في رحلة التعلم ذاتيًا للتعامل مع أي وقائع لوفاة أحد زملائهم خلال رحلات استكشافية في الفضاء، وهو ما لا تريد وكالة ناسا أن تنظر آليه، بحسب هادفيلد.
ويؤكد هادفيلد على أنه وزملاءه كثيرًا ما يحاولون الآن محاكاة ظروف الطوارئ، والتناقش حول التعامل مع جثامين رواد الفضاء الذين قد يتوفوا خلال الرحلة، قائلًا أنه ناقش كل هذه الأمور وأكثر من خلال كتابه "دليل رواد الفضاء إلى الحياة".
حالة وفاة افتراضية
ويقول هادفيلد في كتابه: "تتلقى المحطة الأرضية ًنداء من محطة الفضاء يقول: لقد توفي كريس. مباشرة يبدأ الخبراء بمحاولة التعامل مع المشكلة، ما الذي يمكن فعله مع هذا الجثمان.. إذ لا تتوفر أكفان في محطة الفضاء؟ فهل نحشره في سترة فضاء ونضعه في خزانة مغلقة؟ وماذا عن رائحة تحلل الجثة؟ أو هل يمكن إرساله إلى الأرض على متن مكوك مخصص لإعادة ّ التزود بالمؤن؟ أم هل نلقي بجثمانه من المركبة ونتركه ليسبح في الفضاء؟".
ويحاول هادفيلد أن يبين حجم المشكلة الكبيرة التى يواجهها رواد الفضاء في وقت وجود جثمان على متن الرحلة، التى قد تستمر لأيام أو شهور أو حتى سنة، ويبين أنه ليس من السهل وجود مكان مناسب على متن الرحلة لحفظ تلك الجثة، مشيرًا إلى أن غياب وجود بروتوكول رسمي من قبل وكالة ناسا حول التعامل مع وفيات رحلات الفضاء، فإن الأمر برمته سوف يعود إلى قائد المركبة، حول كيفية التعامل مع هذا الطارئ.
الجثة وحبات الجليد
بحسب رواد الفضاء، فإن على الرغم من عدم وجود خطة طوارئ محددة للتعامل مع وفاة أحد رواد ناسا في أثناء قيامه برحلة فضائية، إلا أن الوكالة فوضت شركة سويدية تُدعى بروميسا للقيام بدراسة حول ذلك، وإيجاد بدائل مبتكرة حول كيفية التخلص من الجثة على متن الرحلة الفضائية، بعيدة عن حرق الجثة.
وبحسب ما نشرته بعض المواقع المهتمة بأخبار الفضاء، فإن الشركة السويدية، تحاول أن تطور تقنية من شأنها تجميد وتخفيف جسم رائد الفضاء المتوفى، وتفتيت الجثمان إلى ملايين القطع الصغيرة من حبات الجليد.