خدع الدول لكسب السياح.. والنتيجة صدمات بالجملة أبرزها متلازمة باريس
السياحة جزء أساسي من إقتصاد غالبية الدول وعليه فإن التعويل عليها كبير. من هنا يبدو أن اللجوء لكل الوسائل من أجل جذب السياح مشروعاً.. خصوصاً وأن المنافسة كبيرة.
جذب السياح من خلال ما تتضمنه الدول من آثار أو بسبب تاريخها العريق لم يعد يكفي. فمزاج السائح لم يعد كما كان من قبل وفي ظل إنتشار مواقع التواصل ومواقع الحجز والسياحة فإن التقييمات تفعل فعلها وعليه فإن جذب السائح بات أصعب من أي وقت مضى.
فما هي الخدع التي تلجأ إليها الدول من أجل جذب السياح؟
شاهد| مطعم "كلاود 9" العائم .. تجربة مثيرة ومشاهد حصرية وخلّابة وسط البحر
الدول «الماركة».. تتبدل وفق المزاج العام
الكل يعرف أسماء ماركات الملابس والأحذية ولكن ماذا عن «ماركات» الدول؟ ففي ظل المنافسة الشرسة على دولار السياحة فإن كل دولة تحولت الى ماركة بحد ذاتها.. كل تملك صورتها التي تتغير مع الزمن ووفق المزاج العام.
المثير في الدول «الماركة» هو أنها تروج لنفسها على أنها «على الموضة» وأنها توفر كل ما هو رائج للسائح المعاصر الذي ينشد تجارب من نوع مختلف. ثم تتحول وبشكل دراماتيكي الى ما هو مغاير تماماً فتصبح موجهة الى السائح الثري، ثم الى صاحب الميزانية المتواضعة ثم الباحث عن المغامرة .. وهكذا تتبدل وفق الحاجة وذلك من خلال حملات التسويق التي تنفق عليها الكثير من المال. التبدل في الصورة التي تقدمها هذه الدولة أو تلك تعتمد على الدولة التي تتنافس معها والتي عادة تكون ضمن محيطها الجغرافي بشكل خاص والدول السياحية التي تقدم ما يشبه ما تقدمه بشكل عام حتى ولو كانت خارج محيطها الجغرافي.
الشعارات الرنانة
كل دولة تملك شعارها السياحي الخاص.. وهذه الشعارات يتم وضعها بعناية فائقة.. ففي عالم الإعلانات والتسويق، الشعار هو كل شيء. المعلن عليه ومن خلال بضع كلمات أن يلخص كل شيء عن «المنتج» للجمهور.. ولكن حين يكون الجمهور هو سكان العالم كله فإن المهمة تصبح صعبة للغاية.
الشعارات ترسم الدول بصورة مثالية وبالتالي تقدم نفسها على انها تملك كل ما يتمناه السائح.
بعض الدول تروج لنفسها على أنها تشمل كل شيء، مثلاً شعار الإكوادور هو «كل ما تحتاج اليه هو الأكوادور All you need is Ecuador»، أما الهندوراس فهو «كل شيء هنا Everything is here».
في المقابل بعض الدول تسلك الإتجاه المعاكس وتقوم بالتركيز على أجمل ما تملك، مثلاَ شعار نيكارغوا هو «جزيرة أصيلة، عالم بعيد A genuine island, a world apart». تكرار الحرف من التقنيات المعتمدة أيضاً وذلك لخلق ذلك النغم الذي يعلق في عقول السائحين مثلاَ «إستونيا الملحمية Epic Estonia » أو «الهند المذهلة Incredible India ».
في المقابل بعض الدول تروج لنفسها من خلال شعارات تلامس القلب مثل شعار لبنان «عيش حب لبنان Live Love Lebanon». بعضها الاخر يركز فقط على جمال البلاد مثل« قم بزيارة أرمينيا، انها جميلة Visit Armenia, It is beautiful »، شعار منافس وبشكل صريح لشعار باكستان والذي هو «انها جميلة، انها باكستان It’s beautiful - It’s Pakistan».
خلق صور وهمية.. والنتيجة صدمات بالجملة
كل شيء في عالم السياحة يتمحور حول التسويق الصحيح لهذه الدولة أو تلك. وعليه فإن ربط فكرة معينة ببلد ما من الأساسيات من دون أدنى إكتراث لخيبة الامل التي قد تنتج عن ذلك.
مثلاً باريس يروج لها على أنها مدينة الأضواء والرومانسية حيث الحب والجمال وكل ما هو مختلف تماماً عن الدولة التي أنت فيها. ولكن باريس مدينة لها عيوبها مثلها مثل أي مدينة اخرى وبرج أيفيل الذي نراه خلاباً مثيراً وجميلاً في كل الافلام وفي كل الصور هو مجرد برج من الحديد حيث لا رومانسية ولا سحر.
الصورة المرتبطة بباريس ادت الى صدمة نفسية أطلق عليها تسمية «متلازمة باريس» وهي حالة نفسية يصاب بها البعض وتحديداً الشعب الياباني عند زيارتها. السبب هو التناقض الكبير بين الصورة المرسومة في العقول وبين الواقع، وعليه فإن الصدمة الثقافية تؤدي الى إنهيار نفسي تتعامل معه السفارة اليابانية بجدية بالغة وقد خصصت خطاً ساخناً من اجل اي سائح يجد نفسه في حالة من الانهيار النفسي. يمكن لهذه المتلازمة أن تؤدي الى الشعور بالإضطهاد والرهاب والهلوسة والإصابة بالتشنجات ما يؤدي الى دخول البعض الى المستشفى.
إغراء المواقع المشهورة
لعلك لاحظت هذا النمط.. فجأة غالبية المواقع السياحية المعروف تبدأ بالحديث عن وجهة سياحية محددة. وبما أنك تثق بذلك الموقع أو الكاتب فأنت ستصدق ما يكتبه وستعتبر بأن الوجهة هذه التي بات الكل يكتب عنها مؤخراً لا بد أنها تملك ميزة ما مختلفة. في الواقع سبب «فورة» الكتابة عن أي وجهة ما ترتبط أيضاً بالتسويق والترويج ولكن هذه المرة من خلال تقديم رحلات مدفوعة التكاليف لأشخاص يعملون في مواقع سياحية مشهورة. هذه المقاربة معتمدة من الغالبية الساحقة من الدول في العالم حيث يتم تخصيص ميزانية معينة لهذه الدعوات والتي لا تكون جماعية ولكن ضمن نطاق زمني واحد. وهكذا ستجد البلد هذا أو ذاك في كل مكان. في الواقع يتم إنفاق ملايين الدولارات سنوياً من قبل الدول على السياحة والترويج لها.
في دبي فقط.. شاهد أطول عجلة ترفيهية وأطول منصة تسلق بالحبال في العالم!