محمد بن غانم الساير أنا حارث ولست وارث.. رجل أعمال و آمال
الرجل-دبي:
استطاع محمد بن غانم الساير، أحد أبرز رجال الأعمال الشباب في السعودية، أن ينحت اسمه في عالم المال والاستثمار، وأن ينافس كبار التجار الذين لهم باع طويل في هذا المجال، حتى أصبح اسماً لامعاً في السوق السعودي، يملك ويترأسها عدداً من الشركات في مجالات متنوعة.
شاب عصامي صعد درج التجارة خطوة خطوة، وذلك من خلال جمع رواتبه الشهرية، حيث لم تكن العوائق التي مرت به سبباً في قتل طموحه وآماله التي ليس لها سقف. مؤمن بمقولة "الصعوبات تعرف بمواجهتها"للراحل الدكتورغازي القصيبي. زاول العمل في شركة "أرامكو" التي تعد من كبرى الشركات في السعودية. رفض أن يكون أسيراً للراتب الشهري الذي يتقاضاه بالرغم من ارتفاعه، مشتاقاً إلى الحرية والابتعاد عن "قيد" الوظيفة، راغباً في خوض تجربة التجارة التي عشقها.
نال إعجاب المستثمرين الأمريكان وثقتهم في عقر دارهم، حتى منحوه فرصة لقيادة فريق استثماري لولاية أوهايو الأمريكية، لاستثمار جزء من أصول الولاية في سوق الأسهم الأمريكية، واستطاع أن يحقق أرباحاً متوالية ومنافسة نحو 500 شركة متخصصة في الأسهم الأمريكية.
البدايات
وعن بداياته، يقول محمد الساير لـ"الرجل":بكل أمانة ومنذ الصغر أنا ممن يحبون قراءة الأرقام والقوائم المالية والتعامل معها، ففي اختيار المجال الدراسي كنت ابحث عن شيء مبتكر فيه مساحة للابداع، اتذكر ان اول سنة لي في الدراسة تخصّصت في مجال المحاسبة المالية في كلية ادارة الأعمال في جامعة اوهايو الامريكية، وبالرغم اجادتي للمحاسبة،فإنني غيّرت تخصّصي الى الادارة المالية، لأنني وجدت أن مجال الادارة المالية يتعامل مع المستقبل وسقف الابتكار فيه عال، كما أنه مجال حديث، رغم انه كان جزءاً من الاقتصاد حتى عام 1945م، مع إيماني بأن نسبة السعوديين الذين يدرسون الادارة المالية اقل بكثير ممن يدرسون المحاسبة المالية.
رجل الاعمال الاماراتي يستخدم الطائرة الخاصة 150 ساعة سنويا.
العمل في سوق الأسهم الأمريكية
حصلت على البكالوريوس في الادارة المالية في تمويل الشركات، وبعد ذلك عملت لفترة في أمريكا في إدارة صندوق استثماري تابع لولاية أوهايو، ومن ثم أكملت ماجستير ادارة أعمال في الاستثمار، وماجستير آخر في القانون التجاري، حصلت على شهادات عدةاحداها من Bloomberg،وكنت أحد أعضاء جمعية المحللين الماليين لمدة سنة، وخلال هذه الفترة حصلت على كثير من الدورات التدريبية، وعملت في مجال الاستثمار، خصوصاً في سوق الأسهم الأمريكية S & P 500 – Standard and Poor’s المخصص لأكبر 500 شركة في أمريكا.
لا يرى نفسه من رجال الاعمال فقط، بل يعدّ نفسه من شباب الأعمال، يقول الساير عن ذلك:"أحب أن أكون رجل أعمال ورجل آمال" إن صحت التسمية، لأن مجال الاستثمار والمال والاعمال لا يتوقف عند الربح والخسارة وعند المشاريع التجاريةفقط، بل يتجاوزها إلى فن التعامل مع الناس، وإدارتهم وتكوين شبكة من العلاقات مع مختلف الجنسيات ومختلف الثقافات، ولله الحمد والمنة "أنا حارث ولست بوارث"، والمشاريع التي بدأت بها هي في الاستثمار في الاسواق المالية، فالخبرة والعلم اللذان أمتلكهما في هذا المجال ساعداني كثيراً، حيث استطعت مع مجموعة من الشركاء الأفاضل وهم من كبار رجال الأعمال في السعودية تأسيس شركة استثمارية، أنا شريك فيها اليوم ورئيس تنفيذي لها.
اشخاص لن انساهم ما حييت
بعد فضل الله ومَنه علي هناك اشخاص لهم الاثر الكبير في حياتي أولهم وأهمهم الوالدان بدعائهما ودعمهما وصبرهما على السفر والغربة والغياب، وتحمل مشقات العمل، وبعد ذلك يرجع الفضل إلى زوجتي أم فيصل بوقفتها وتحملها بُعدي عنهم لفترة طويلة، ودعمها المعنوي واهتمامها بشؤون البيت كانت من العوامل المساعدة كثيراً.
وهناك أشخاص سأظل مديناً لهم ما حييت أخذوا بيدي ووقفوا معي خلال المراحل الدراسية والمراحل التجارية، من أهمهم شركائي الذين كانوا يتمتعون بالايمان والثقة بالله في ما اسسناه وبدأناه وفي ما اشرفنا على انجازه، وهناك الكثير الكثير من الأشخاص الذين لا يتسع المجال لذكر اسمائهم.
الثقة بالنفس
ويرى الساير أن قصة نجاحه تبداً أولاً من الثقة بالنفس والإيمان بالفكرة وتوفر عوامل النجاح، وأنعوامل النجاح بسيطة جداً، أولها علاقة الانسان بربه وثانيها رضى الوالدين الذي يعدّه من أهم عوامل النجاح في كل مناحي الحياة، وأخيراً التسلح بالعلم والخبرة والعمل بشكل صحيح.
ويؤكد أن هذه هي أبرز العوامل لإنجاح أي مشروع، سواء على المستوى الشخصي أو التجاريأو حتى النجاحات الشخصية، متى تواءمت مع المكان والزمان الصحيحين.
ويشير إلى أن طريقه لم يكن مفروشاً بالورود، وأنه يعتقد أن كل مرحلة يمرّ فيها الأنسان صعبة سواء التعليمية أو العملية أو التجارية، وحتى العلاقات العامة والشخصية، وقد يكون أبرز التحديات التي واجهتها وأهمهاكان منذ بدايات طرح فكرة تأسيس الشركة، حيث كانت فكرة جديدة وكان من الصعوبة بمكان أن تجد من يؤمنون بها ويساعدونك على تحقيقها والعمل على انجاحها، ولكن وفقنا الله سبحانه وتعالى وساعدنا، وبدأنا في الشركة، والآن ندخل في السنة الرابعة من التشغيل.
رجل الاعمال السعودي فهد السلمي "أسعى حالياً لصناعة الجيل الثاني من العائلة"
الأحترافية في إدارة الشركات
ويفتخر الساير بأنه أول سعودي يقود فريقاً استثمارياً لولاية أوهايو الإمريكية لاستثمار جزء من أصول الولاية في سوق الأسهم الأمريكية،ويصف تجربتة بالثرية والمفيدة له، والباعثة علىالفخر، خاصة أن آلية الاختيار كانت دقيقة، وكانت مبنية على مبدأ الكفاءة دون النظر إلى أي اعتبارات أخرى، فقيادته لفريق استثماري منحتني دفعتة إلى الأمام في بداية حياتي العملية لإثبات قدراته، حيث استطاع لفت أنظار الخبراء الأمريكيين في مجال الاستثمار، وفرض الاسم السعودي باقتدار.
يعمل في عضوية مجلس ادارة عدد من الشركات، أهمها الشركة التي يعمل فيها بشكل يومي وهي شركة الاستثمار العائلي، وعضوية مجلس ادارة شركة تداوي الطبية، وعضوية مجلس ادارة شركة البلاد المالية، وكذلك المشاركة في لجانها المختلفة. طبيعة أعمال مجالس الادارة تختلف عن العمل الفردي، فهي مشاركة لذوي خبرة ومعرفة لتحديد الاستراتيجيات والأهداف للشركة، وقد يرى البعض صعوبة الجمع بين عضوية شركات مختلفة، ولكن للامانة انا اعتقد ان تلاقح الافكار والاستفادة من اصحاب الخبرة والمعرفة الذين يشاركوننا عضوية هذه الشركة، يسهّل من المهمة ويضمن بعد توفيق رب العالمين نجاحها.
جائزة الأمير سلمان
كان لتحقيقه جائزة الأمير سلمان بن عبدالعزيز لشباب الأعمال أبلغ الأثر في نفسه، خاصه أنه يتسلّمها من أحد القيادات الكبرى في السعودية، ويصف الساير تحقيقه هذه الجائزة بقوله: "كانت حلماً من الأحلام استطعت بعد توفيق رب العالمين أن أحققه، وهي مبادرة كريمة جداً من الامير سلمان بن عبدالعزيز - وفقه الله- لدعم الشباب السعودي، والأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز الامين العام لمركز الامير سلمان لشباب الاعمال؛ الفكرة كانت عظيمة والقائمون عليها من أصحاب المؤهلات العالية جداً، وممن يمتلكون الخبرة في تحديد من يفوز، وهي جائزة تشريفية وتشجيعية لكل من يعمل في مجال المال والاعمال من الشباب، حصلت والحمد لله على جائزة الامير سلمان لشباب الاعمال عن فئة القياديين،كوني من السعوديين القلائل الذين تبوّؤوا الرئاسة التنفيذية لعدد من الشركات، وممن استطاعوا النجاح في اعمالهم الخاصة والاعمال التي يشاركون فيها في سن مبكرة، كانت الاجراءات صعبة جداً،والتأهل للحصول على الجائزة كان يمرّ بمراحلعدة".
مقولة بعض الشباب أنه لابد أن يكون من عائلة تجارية لكي ينجح في مشاريعه التجارية، أن الانسان ليس بحاجة الى أن يكون منتمياً الىإحدى العاائلات التجارية لكي ينجح، وبلا شك أن الانتماء الى عائلة تجارية له مزاياه وينقل خبرة مباشرة الى من يعمل في مجال المال والأعمال، ويسهّل فتح الأبواب لكثير من المشاريع، ويعطي ميزة تجارية ليست موجودة عند غيره ممّن لا ينتمي الى عائلة تجارية، لكن في الوقتنفسه ليس صحيحا أنه يجب أن تكون جزءاً من هذه الاسرة لكي تنجح، النجاح بحاجة إلى ثمن وعمل وإخلاص وتوفر عوامل كثيرة جداً للنجاح في المشروع التجاري.
رجل الاعمال معتز الخياط اول مستثمر عربي في جزر سانت كيتس
فلسفته العملية
ما يميّز الساير أن لديه فلسفة خاصة في حياته العملية ومع موظفيه، فهو مؤمن بتراكم الخبرات، والاستفادة من أصحاب العلم والمعرفة، مؤمن أنه متى ما كانت للإنسان رؤية واضحة وأهداف واضحة ومقدرة على تحقيقها فسينجح، يقول: "وبكل أمانة أنا لا أحب كلمة موظفيك، لأنه ليس لديّ موظفون بل أفتخر بوجود زملاء يعملون معي ولا يعملون عندي، بل نحن شركاء النجاح، وشركاء في تحقيق اهداف الشركة، والحقيقة أنا افخر بوجودهم وأستفيد منهم وأتعلم ؛ كل واحد منهم مميّز فيما يعمل، ولولاً الله ثم وجود الزملاء والزميلات معنا في الشركة ما كنا نستطيع أن نحقق هذا النجاح".
بيد أنه لا ينكر أن عالم المال والأعمال أخذ وقته وجهده، إلا أنه أعطاه الفرصة لالتقاء أشخاص أفاضل استفاد من تجاربهم وعلمهم وخبراتهم، كما أعطاه محبة الكثير من الناس والقرب من اصحاب القرار،إضافة إلى المساهمة والمساعدة والمساندة، وإبداء الرأي والمشورة لمن يهمه الوضع المالي والاقتصادي في البلد.
الرياضة والنصر
وبالرغم من انهماك الساير بعالم المال والأعمال،فإن للرياضة نصيباً في حياته، فهو أحد أهم أعضاء الشرف الفاعلين في نادي النصر السعودي والداعمين له، له عشق خاص للنادي من أيام الأمير عبد الرحمن بن سعود – رحمه الله- وجيل ماجد عبد الله ورفاقه، ويقول عن علاقته بالرياضة:" بكل أمانة لا استطيع ان أبالغ ان لديّ برنامجاً رياضياً وغذائياً محدداً، حيث إنني أحرص قدر المستطاع على ممارسة الرياضة متى اتيحت لي الفرصة، وأنا من محبي كرة القدم، حيث احرص على متابعة الدوريات الاوروبية، خاصة الانجليزي والإسباني،وأحب متابعة فريق تشيلسي الانجليزي وبرشلونة الإسباني، وفريقي هو العالمي النصر السعودي الذي اتشرف بحمل عضوية هيئة أعضاء الشرف فيه بشكل متواصل".
وكشف الساير أن ما يشغل تفكيره هو النجاح على الصعيد الشخصي والعملي، والنجاح مع أسرتي والبقاء عضواً مساعداً ومساهماً وله تأثير إيجابي في مجتمعه، حيث إيمانه القاطع أن الإنسان بلا تخطيط لا يمكن ان ينجح، دائماً ما يشغل تفكيري المستقبل وأين سأكون بعد خمس سنوات من الآن، لذلك تجدني أحضر وأبدأ عمل على هذا الأساس متوكلاً على الله.
الرجل تعيد نشر حوار مع رجل الاعمال السعودي حسن عباس شربتلي قبل 22 عاما
نصائحه للشباب
وجه الساير نصائح للشباب الراغبين في خوض العمل التجاري، أولاها النية "وعلى نياتكم ترزقون"، ومن ثم الصدق والاحترام، وأن لا يكسبوا عداوة أحد، أن يكونوا قريبين من الأرض، أن لا تهزهم خسارة مبكرة أو لا تحبطهم النتائح السلبية في البداية، والإصرار، والعمل بجدية، والتفكير دائماً في المستقبل والتحضير له، والأهم من هذا كله ألّا ينظر الشاب إلى محيطه فقط، وألّا ينظر إلى العمل على أنه سيؤثر فيه على المستوى الشخصي فقط، بل ينظر تأثيره فيه وفيأسرته ومجتمعه.