الاماراتي خالد الحاي: محمد بن راشد ملهمي.. و أبي قدوتي.
05 يناير 2014
عمرنصر-دبي
غالباً ما ترتبط صورة الرجل الذي يمتلك طائرة خاصة أو يسافر على متنها بالقوة والهيبة، وهذا بكل تأكيد جزء من الحقيقة، فخلال زيارتي لمقر شركة "أكزكيوجت" الشرق الأوسط المتخصصة في مجال الطيران الخاص وخدماته،لمست الفخامة في كل التفاصيل،حيث أتاح لي اللقاء مع مدير العمليات الشاب الاماراتي خالد الحاي،التعرفإلى هذا العالم الخاص المرتبط غالباً بأصحاب النفوذ ورجال الأعمال والأثرياء وقد اصرّالحاي على مرافقتي بجولة في اقسام الشركة، حيث تعرفت إليه شخصياً وعلى مجاله،فما يميّزه بالإضافة الى حماسة الشباب معرفته العميقة بكل تفاصيل العمل ومتابعته الشخصية لأصغرها وسعيهالى نقل شركة العائلة التي تعتبر من الاكبر في المنطقة،الى مراحل جديدة،كيف لا وهو يقتبس من والده الذي يعتبره قدوته ،جمال الحاي النائب الأول للرئيس للشؤون الاستراتيجية في مؤسسة مطارات دبي،المعروف في مجال الطيران منذ عقود "الرجل "التقت الحاي الابن وكان الحوار التالي:
درست في الولايات المتحدة وكانت مرحلة انتقالية مهمة في حياتك، كيف تصف هذه الفترة؟
منذ الصغر كنت أرافق ابي الى عمله وأنبهر بما أراه من طائرات عملاقة والسفر من خلالها الى مناطق بعيدة،ومنذذلك الوقت تمنيت لو أعمل في مجال الطيران، لكني حقيقة توجهت الى الولايات المتحدة لأدرس في جامعة سانتياغو قسم العلوم المالية، وقد أثرت هذه التجربة فيّ على صعيدين الأول يتعلق بالتحديات التي واجهتها خلال الدراسة، حيث إن اختلاف المناهج كان عائقاً في البداية، ثم تحول الى مصلحتي بعد ان سعيت الى التفوق والتخرج بمستوى لائق،أما الآخر فهو على مستوى شخصي يتعلق بالمهارات التي اكتسبتهامن خلال احتكاكي بطلاب من مختلف المشارب،والانسجام مع العادات والتقاليد المختلفة، كل ذلك قوّى من مهارات الاتصال، كما بنيت صداقات مع كثير من الأمريكيين وكنت اتحدث عن دبي كثيراً،وأصرّ على أناروي قصة الإمارات ودبي والنجاح الكبير.
كيف انطلقتبالعمل في مجال الطيران الخاص؟
اتصل بي والدي وطلب مني أن انضمّ للعمل فور عودتي الى الإمارات وهذا ما كان، حيث باشرت العمل بعد يومين فقط من انتهاء دراستي، ولم يكن لديّ وقت لأستريح من عناء السفر، وهذا تحد وضعني فيه الوالد، وباشرت بالتعرف إلى كل الأقسام في عملنا، وانطلقت ببناء علاقات شخصية تفيدني، وطبعاً كل ما يتعلق بالمطار وآلية عمله،تابعته بنفسي كي المّ بكلالجوانب.وهنا لا بدّمن أن أذكر أننا من جيل محظوظ بكونه شهد فترة نمو الإمارات،فمنذ تسعينات القرن الماضي وحتى الآن، شهدت البلاد تطوراً دائماً، وانا أتذكر الفرق بين الأمس واليوم. كما نقل لي والدي قصص فيها العبرة عن تاريخ الإمارات، وكيف حققت المنجزات بإرادة رجالها.
عملك يرتبط بالشخصيات المهمة ما اهم ما يتطلبه هذا العمل؟
اتاح لي عملي مقابلة شخصيات كبيرة، ورؤساء وأهل السياسة والمشاهير ورجال الأعمال، وربما أذكر هنا لقائي بالرئيس الأمريكي السابق بيل كلنتون، وقد دار بيننا حوار قصير عن دراستي في أمريكا وطبيعة الحياة فيها،وقد شجعني على المثابرة، كذلك التقيت نجم الكرة العالمي مارادونا، بالإضافة الى شخصيات على مستوى عال من كبار المسؤولين، وبالنسبة للعمل مع الشخصيات المهمة فإن اهم شيء هو الدقة في الوقت والاهتمام بكل التفاصيل، حيث إن رجل الأعمال يهتم بالوقت، لذلك يستقل الطيران الخاص ولا مجال للتأخير أو إضاعة وقته، حيث إن دقة المواعيد من الخطوط الحمراء، كذلك لا بدّ ان تكون الخدمة في اعلى مستوى، من حيث الفخامة والرفاهية والاعتناء بالتفاصيل،بما يليق مع دبي ومكانتها المتميّزة في مستوى الخدمات.
كيف تحفزون الموظف على الإبداع في العمل؟
نحن من كبرى الشركات في الشرق الأوسط، وشركتنا ملتزمة بمعايير الشركة الأم، كما اننا نتعاطى مع الموظفين بطريقة مبتكرة حيث إنهم شركاء في العمل، ونحن عائلة واحدة، والتواضع هو سمة العلاقة بيننا وبين باقي الموظفين، والشركة توفر لهم دائماً أجواء مريحة، حيث نقوم برحلات ترفيهية ونقدم جوائز تشجيعية، ويعمل للشركة 320 موظفاً،وهم يتعاملون مع عملهم بمحبة وحرص، وانا دائماً حاضر في كل الأوقات لأتابع التفاصيل ولا مانع عندي من ان أعمل في مهن ليست من اختصاصي، حتى أن الطاقم يستغرب من حضوري ويُفاجَأ حين يعلم اني من عائلة المالكين.
ما خطواتكم الحالية والمستقبلية؟وما الأسواق الجديدة التي تستعدون لها؟
افتتحنامقراً لنا في مطار جبل علي،ليكون فرعاً جديداً للشركة، وهذا حقيقة قبل افتتاح المطار، ولدينا صالات هناك كما اننا بدأنا باستقبال الطائرات، كما نبني صالات جديدة، حيث نسعى الى افتتاح قسم صيانة جديد، طبعاً الصيانة هي جزء اساسي من عملنا، فملّاك الطيارات الخاصة يتعاقدون معنا لصيانة طائراتهم، بالإضافة الى خدمات الطيران الأخرى، حيث نؤجر خمسطائرات لعملاء من مختلف الدول، وبالنسبة لباقي الطائرات فهي ملك خاص لرجال أعمال وأثرياء، ونحن نتكفّل بكل التفاصيل من أذونات السفر الى تجهيز طاقم الطائرة، والصيانة والوقود، ونقل الزبائن الى المطار، ونسعى للتوسع في منطقة الخليج وشمال إفريقيا، وقد انطلقنا في السوق السعودي الكبير والوعد في مجال الطيران الخاص، لكنه صعب بسبب وجود منافسة كبيرة، وقد بنينا شراكة مع إحدى الشركات هناك، كما اننا وضعنا شراكة في تركيا لقسم خاص بأعمال الصيانة.
كيف تصف عالم الطيران الخاص؟ وما هي أفخم طائرة لديكم؟
عالم الطيران الخاص ممتع للغاية لكنه صعب، حيث إن الزبون محق دائماً ولا مجال للخطأ،كما أن الأثرياء عادة متطلبون ويريدون اقصى رفاهية ممكنة، حتى أن البعض يريد أن توضع طائرته الخاصة ضمن "هنغار" خاص، ويريدون افضل وأسرع خدمة، وهذا بالضبط ما نقوم به،فنحن مستعدون لتجهيز الطائرة للإقلاع خلال ثلاث ساعات منذ طلب الزبون وهذا رقم قياسي، لأن الأمر يتطلب الكثير من الإجراءات. وبالنسبة لأنواع الطائرات فهي متعددة وربما تكون افخم طائرة لدينا هي "لينج 1000"وهي برازيلية تسع 19 شخصاً، تتمتّع بالفخامة والرفاهية، حيث تحتوي غرفة نوم وحماماً كبيراً مزوّداً"بكابينة" للاستحمام، وهي ملك خاص، لكننا نقوم بتأجيرها ضمن اتفاقية مع المالك. ومدى هذه الطائرة يصل الى 12 ساعة طيران متواصل. وبالنسبة لأسعار الطائرات فبعضها يصل الى 60 و 70 مليون دولار، وربما يكون السوق السعودي الأكبر بالنسبة لنا، من حيث الطلب على الطائرات الخاصة، لكن بالنسبة للسوق الهندي والروسي، فمعظمهم يمتلكون طائرات خاصة، ونقدم لهم الخدمات المختلفة.
هل يرتبط مجال عملكم بالتطور في مطار دبي وانتعاشالإمارة؟
سوق الطيران الخاص ينموبشكل لافت يصل الى 6% سنوياً، وطبعاً نموّ الإمارات ومطاراتها ينعكس مباشرة على عملنا، فحين ينمو مطار دبي وتصل الحركة فيه الى أرقام قياسية، فهذا ينعكس على عملنا. وبشكل عام، لدينا ما يقرب من 40 رحلة يومياً، وهي في ازدياد، خاصة إذا علمنا أن سوق الطيران ينمو بنسبة 28 %، ويوفر 400 الف فرصة عمل، وهو قطاع استراتيجي؛ ففي مطار دبي 140 شركة طيران تسير الى 220 وجهة، وهناك 32 جنسية لا تحتاجالى تاشيرات( فيزا ). ومطار دبي ثاني مطار عالمياً من حيث عدد المسافرين وعدد الرحلات.
الكثير من القراء مهتمون عادة بمعرفة تكاليف الطيران الخاص، هل يمكن ان نقدم نموذجاً؟
سأعطيك ارقاماً تقريبية، فرحلة الى الرياض على متن طائرة خاصة تكلف ما يقرب من 40 الف دولار، لكن اذا أخذت في الحسبان، ان هناك طائرات تسع 11 راكباً، فإن تكلفة الراكب الواحد ما يقرب من 3500 دولار، وأظن ان هذا سعر مقبول اذا أخذناه بهذه الطريقة، لكن بالطبع نحن نوفر الرفاهية والخصوصية التامة، والمبنى لدينا في مطار دبي مزوّد بكل التفاصيل الموجودة في باقي المطارات من بوابة إلكترونية وسوق حرة وقسم الهجرة والجمارك وقسم الشرطة، فنحن نلتزم بكل المعايير المتبعة في مطار دبي.
من هو مُلهمك من الشخصيات العامة، وضمن العائلة؟
مُلهمي هو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم الذي زرع فينا، نحن الشباب، التحدي والطموح. كما أنه رمز لنا في تحقيق المستحيل، فالسعي الى الرقم واحد اصبح جزءاً من ثقافتنا، طبعاً هنا أذكر عائلتي ايضاً،فهي اساسية في حياتي وتدعمني بشكل دائم؛ فوالدي هو القدوة وأنا منذ الصغر تعلقت بمجال الطيران، الذي هو مجاله.كما ان تعامل والدي مع الناس وانفتاحه على بناء علاقات قوية في مختلف المجالات،زرع في نفسي الجرأة، لأطور مهارة التواصل، كذلك والدتي دعمتني من خلال تشجيعها لي وإيمانها بقدرتي في تحدي المستحيل.
وفي النهاية أتمنى ان أحقق ما أصبو إليه في مجال الطيران، لأخدم بلدي الإمارات بما تستحق، فنجاحنا جزء لا يتجزأ من نجاح بلدنا.