إيريك شميت، عشق الإنترنت..بين آبل وغوغل
17 فبراير 2014
الرجل-دبي:
ولد الأميركي إيريك شميت في مدينة واشنطن عام 1955 وبدأ مشواره التعليمي في مدرسة "يورك تاون" بولاية فيرجينيا وأنهى المرحلة الثانوية عام 1972 حائزاً على عدة جوائز في الجري للمسافات الطويلة.
بدأ شميت دراسته الجامعية متخصصاً في الهندسة المعمارية ولكن يبدو أنه لم يجد مراده فيها فسرعان ما تحوّل إلى دراسة علم الحواسيب والإلكترونيات ليتخرج مهندساً كهربائياً عام 1977، وبعدها حصل على درجة الماجستير من جامعة كاليفورنيا- بيركلي لتصميم وتنفيذ الشبكات لحاسوبية، وفي عام 1982 حصل على شهادة الدكتوراه في الهندسة الكهربائية وعلوم الحاسوب ومن هنا بدأ مشواره في عشق الإنترنت وكانت أطروحته آنذاك حول مشاكل إدارة تطوير البرمجيات الموزعة وأدوات حلها.
قبل أن يصبح الأيقونة المميزة لشركة غوغل، تدرج شميت في مشواره المهني في مناصب مختلفة لدى عدة شركات تقنية مثل "بايزروموتي ديزاين Byzromotti Design" و "بل لابز Bell Labs للتطوير والأبحاث وعمل كذلك في مركز الأبحاث لدى شركة زيروكس Xerox.
وكانت شركة "صن مايكروسيستيمز Sun Mycrosystems" بداية طريق شميت إلى غوغل، إذ التحق بها كمدير لهندسة البرمجيات عام 1983 ثم نائباً للرئيس والمدير العام لقسم البرمجيات، لينتهي به المطاف رئيساً لشركة "صن تكنولوجي Sun Technology"، ومن ثم رئيس تنفيذي لدى شركة برمجيات الحاسوب "نوفل Novell" عام 1997.
عام 2001، استدعى مؤسسا شركة غوغل "لاري بيج" و "سيرغي برين" إيريك شميت لإجراء مقابلة عمل وترك شميت لديهما انطباعاً إيجابياً ولقي إعجابهما، وبالفعل انضم شميت لفريق عمل غوغل في مارس آذار 2001 وسرعان ما تم تعيينه كرئيس تنفيذي للشركة في آب أغسطس من العام نفسه.
وفي 28 آب أغسطس عام 2006 انتخب شميت كعضو في مجلس إدارة شركة آبل، ألدّ المنافسين لغوغل في هذه الأيام، ولكن يبدو أن شميت أبا إلا أن يبقى الوجه المشرق لعملاقة الإنترنت غوغل، فبعد أن أكمل شميت ثلاث سنوات مع شركة آبل استقال من منصبه كعضو مجلس الإدارة بسبب تضارب المصالح وتزايد المنافسة مع غوغل ولا يزال شميت إلى الآن الرئيس التنفيذي لعملاقة خدمات الإنترنت وأكبر محركات البحث فيها.
لا تخفي شركة غوغل متمثلة بــ"إيريك شميت" جهداً في تطوير خدمات الإنترنت ومحاولة إيصالها إلى كل بيت في العالم، ويبدو ذلك جلياً في مقولته الشهيرة "كل شخص يستخدم الإنترنت يقابله شخصان لا يستخدمانها، ومع نهاية العقد الجاري، سيتصل كل من على الأرض بالإنترنت" إذ يطمح شميت بأن يصل عدد مستخدمي الإنترنت في العالم إلى 5 مليارات بحلول عام 2020، وتشير تقارير عدة إلى أن غوغل تعمل بالفعل على تطوير شبكات لاسلكية في شبه الصحراء الإفريقية وجنوب شرقي آسيا اعتمادًا على مجموعة حلول تتضمن شبكة "الفراغات البيض" White-Space Network أو "السوبر واي فاي" كما يحلو للبعض تسميتها، وتقنية أخرى مميزة تتمثل في مناطيد ترسل إشارات لاسلكية، إضافة إلى تقنية الإنترنت الفضائي.
بغض النظر عما تحمله كلمات شميت من المبالغة إذ أنه من الصعب إن لم نقل من المستحيل أن تتحقق بحذافيرها، إلا أن تصريحه يتسق بلا شك مع أسلوب تفكير غوغل الفريد، الأسلوب الذي أوصلها إلى ما وصلت إليه، وجعلها إحدى أكبر الشركات وأكثرها قدرة على الإبداع والتطوير في العالم، والكل يجمع على أن لـــ"شميت" الفضل الأكبر في ذلك النجاح منذ تسلّمه رئاسة الشركة ومن ثم إدارتها التنفيذية.
والأهم من ذلك أن شميت ما كان ليطلق ذاك التصريح القوي ما لم يكن مستندًا فيه إلى معلومات معينة بحكم كونه أحد أهم رواد وادي السيليكون، المعسكر الذي يجمع كبرى شركات التكنولوجيا على مستوى العالم، وأغلب الظن أن اطلاع شميت على مشاريع وخطط جعلته يقول ما قاله.
ولا تخفى الجهود التي تبذلها شركة غوغل في الضغط على حكومات كثيرة حول العالم تفرض قيوداً صارمة ورقابة شديدة على الإنترنت وخدماتها، والجميع يتذكر الزيارة المثيرة للجدل التي قام بها شميت لكوريا الشمالية وعلى إثرها قررت السلطات آنذاك السماح لزوار كوريا الشمالية باستخدام الإنترنت على شبكات الجيل الثالث عبر الأجهزة المحمولة ويبدو أن جهود شميت فشلت في إقناع كوريا الشمالية بإتاحتها لجميع المواطنين، وأنهى شميت زيارته حينها بتصريح قال فيه "إن قرار الكوريين الشماليين بالبقاء معزولين عن الإنترنت لا يمكن إلا أن يؤثر على عالمهم وعلى نموهم الاقتصادي" في إشارة إلى فشل المهمة التي أرسل فيها.
وتجدر الإشارة إلى أن شميت طرح حديثًا كتابه الجديد "العصر الرقمي الجديد"The New Digital Age ، بعنوان فرعي ملفت: "إعادة تشكيل مستقبل الشعوب والأمم والأعمال". ويطرح الكتاب- الذي شارك في كتابته جاريد كوهين مدير الأفكار لدى غوغل- تساؤلات مهمة عن التحولات التي قد تطرأ على العالم إذا ما وصل عدد مستخدمي الإنترنت فيه إلى خمسة مليارات مستخدم، وما قد يترتب على ذلك من آثار اجتماعية وسياسية واقتصادية، وذلك في ظل استمرار تدفق الأجهزة الحديثة وانخفاض كلفة خدمات الويب وانفتاح العالم على بعضه انفتاحًا غير مسبوق، يقع الكتاب في 300 صفحة زاخرة بالأفكار المهمة عن مستقبل العالم في ظل الطفرة الرقمية.