التخزين “السحابي” يعرض مستخدمي الإنترنت للمخاطر
الرجل-دبي:
في عصر التكنولوجيا الرقمية، لم تعد الملفات التي يحتفظ بها الشخص على حاسوبه الشخصي ملكه، ولكنها أصبحت متاحة لمزودي خدمة الإنترنت الذين يقدمون الخدمات السحابية . وطبقاً لمجلة "نيوساينتيت" العلمية البريطانية، فإن كل مستخدمي الإنترنت في الوقت الحالي يستخدمون ما يعرف بالحوسبة السحابية، وتعني تخزين الممتلكات الشخصية من قبل طرف ثالث مثل "أمازون" أو "غوغل" أو "مايكروسوفت"، سواء لتفقد المواقع الاجتماعية أو لقراءة الكتب الإلكترونية أو لإرسال الرسائل البريدية . وأصبحت مجموعة من الخوادم تبعد عن المستخدمين آلاف الأميال، تحمل المقاطع الموسيقية التي يفضلونها، والذكريات المصورة، وكذلك المراسلات الحيوية، ويبدو أن العالم أصبح يتجه للعيش بشكل رقمي كامل في السحاب الإلكتروني .
منذ عقود مضت، كان مستخدمو الحاسوب يتشاركون في استخدام جهاز مركزي واحد، ويتم الدخول إليه من خلال شبكة مكتب أو جامعة، وكانت وحدة المعالجة المركزية والتخزين في الحاسوب مرتفعة التكلفة، ولذلك كان يتم تجميع مصادر الحاسوب معاً، وهو ما نتج عنه في النهاية الحاسوب الشخصي رخيص الثمن .
وحالياً تغير الوضع، فأصبح هؤلاء الذين يتشاركون في مصادر الحاسوب يجلسون في مراكز بيانات واسعة تمتلكها بعض الشركات .
ويتغلغل تأثير الحوسبة السحابية في حياتنا الرقمية، وتمتلك "أمازون" فقط 45 ألف خادم حول العالم، وتقوم بتوفير خدمة التخزين والخدمات الأخرى لمئات الآلاف من المواقع وشركات الأعمال، التي تجدها رخيصة والحل المقنع للاستثمار في خوادمها .
وطبقاً لدراسة أجريت في ،2012 فإن ثلث مستخدمي الإنترنت اليومي في الولايات المتحدة الأمريكية يزورون موقعاً يعتمد على خادم "أمازون"، وتدعم الحوسبة السحابية كثيراً من الأنشطة الشخصية للفرد، فهي تسمح له بالدخول السهل لمواقع الإنترنت، والاتصال الرقمي بأي من أجهزته، وتشمل الخدمات السحابية الصور والفيديوهات التي يضعها المستخدم على مواقع الإعلام الاجتماعي والمراسلات وإعداد الملحقات في خدمات البريد الشبكي مثل "جي ميل" و"آوت لوك" و"مايكروسوفت"، وهناك استخدام متزايد لخزائن الملفات الرقمية مثل "Google Drive"، و"Microsoft Skydrive" و"Apple ICloud" .
ويعتقد أنه بحلول 2020 فإن الحوسبة السحابية ستسيّر كل الحياة الرقمية، وطبقاً لذلك السيناريو، فإن التطبيقات المصغرة الذكية سيتم التخلص منها وستكون وظيفتها الوحيدة هي الدخول على الإنترنت .
و"التخزين السحابي" يشبه التخلص من كل أمتعة الفرد ووضعها في خزانة شخص آخر، وهنا تكمن الصعوبة، فاتفاقيات الخدمة المتعلقة بالتخزين السحابي أصبح لها معايير خاصة، فعلى الرغم من أن المستخدم يحتفظ فنياً بنسخة من الصور أو الفيديوهات أو النصوص التي قام بتحميلها، إلا أن موافقته على بنود الخدمة - التي لا يقرأها الكثيرون - هي إقرار بتخليه عن عديد من حقوقه، مثال ذلك تطبيق مشاركة الصور "إنستغرام"، الذي قام مؤخراً بتغيير بنوده التي اكتسبها من موقع "فيس بوك"، وأعطى لنفسه الحق في استخدام الصور التي يحملها الأشخاص في الإعلانات .
وتشتهر الخدمات التي تعتمد على الحوسبة السحابية بإلغائها المتعمد للملفات ورسائل البريد الإلكتروني والبرامج غير القانونية، وأيضاً المواقع الإباحية، كما أنها تجعل الفرد يفقد ممتلكاته الإلكترونية من دون تعرضها لأي نوع من العقاب .
وعلى العكس إذا أراد المستخدم أن يلغي ملفاته بنفسه، فليس هناك ضمان لأنها ألغيت بالفعل من الخوادم السحابية، فعند تسليم الممتلكات لطرف ثالث تكون هناك خطورة، لكن المستخدمين لا يدركون ماهيتها .
وهذه القضية أثيرت عندما قام أحد المستخدمين بتخزين ملفاته مع شركة تدعى "Megaupload" وهي عبارة عن خزانة رقمية على الإنترنت، ولسوء حظ المستخدمين، اشتهرت الشركة بأنها مركز للأفلام المقرصنة، والألعاب الإلكترونية والبرامج، ولذلك قرر مكتب التحقيقات الفيدرالي غلق الشركة، واختار المستخدم اللجوء للمحكمة .
وأثارت هذه القضية القلق بين مستخدمي الحاسوب فيما يتعلق بحقوق الملكية خلال استخدامهم للتكنولوجيا، ولذلك اقترح "براد تمبلتون" الرئيس السابق لمجلس إدارة مؤسسة "فرونتير" الإلكترونية بالولايات المتحدة، الإبقاء على التخزين السحابي مع إبقاء بعض القيود على الحوسبة الشخصية،
حيث يؤيد فكرة إنشاء "نموذج صندوق لتخزين البيانات" فالصورة الموجودة على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك" يمكن الاحتفاظ بها على خادم الشبكة الذي يستطيع الفرد عمل مراقبة عليه، وهو من الممكن أن يكون خادماً صغيراً في المنزل، أو لدى أحد الجيران ويعمل بالمشاركة بينهما، والفكرة هي أنه لن يكون هناك أي جدال في أن الشخص يمتلك فعلياً هذه الصورة، وسيتم تخزينها في مكان ما أقرب الشبه بتأجير شقة أو صندوق ودائع آمن، بدلاً من تخزينها في خوادم طرف ثالث على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك" .
ويعتقد تمبلتون أن هذه التسهيلات من الممكن أن يقدمها مزودو خدمة الإنترنت ضمن خدماتهم، وهناك مشروعات بالفعل توفر برامج سهلة الاستخدام، وتسمح للمستخدمين بتشغيل صناديق ودائع بيانات، ومنها "Diaspora" (وهو تطبيق يسمح بتخزين الملفات الخاصة والدخول إليها بعيداً عن أي جهاز متصل بالشبكة) ومثله تماماً "Freedom Box" .
ومستخدمو "فيس بوك" من الجيل الجديد غير مبالين بمسألة وضع الصور الشخصية على الإنترنت . ويعتقد أحد الباحثين في شركة مايكروسوفت ببريطانيا أنه من الضروري تصميم برامج داخل الحاسوب تعطي الإحساس ب"جغرافية المكان" في التخزين السحابي، وبذلك تساعد على توجيه الأشخاص للبحث عن ممتلكاتهم الرقمية .
وهناك تطبيق تم إصداره العام الماضي يسمى "Found" يسمح للمستخدمين بالاطلاع والبحث عن كل المواد التي تخصهم على الإنترنت من خلال "Gmail"، أو "Dropbox"، أو بعض الخدمات الأخرى المشابهة، ويتم الوصول إليها من خلال جزء من برنامج موجود على الحاسوب الشخصي، وبذلك يمكن للمستخدم معرفة مكان ممتلكاته في التخزين السحابي .
يقوم نحو 45% من مستخدمي الإنترنت بتحميل صورهم عن طريق التخزين السحابي، من خلال استخدام مواقع شبكات اجتماعية وألبومات صور، وخمس المستخدمين يقومون بتحميل الفيديوهات بهذه الطريقة، ويستطيع موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك" أن يفعل ما يريده بصور المستخدمين من دون استئذانهم .
وإذا كنت من مستخدمي البريد الإلكتروني لأي من "جي ميل" أو "هوت ميل" أو "ياهو"، فكلها تخزن سحابياً، ولكن المستخدم يطبق عليه البنود القانونية للبلد الذي يستضيف الخادم، فمنفذو القانون في الولايات المتحدة مثلاً لا يحتاجون إلى إذن للدخول والتنقيب في بريد المستخدم الإلكتروني طالما أن الرسائل موجودة على خادم شبكة أمريكي . -