لماذا تعد ألمانيا من أنجح اقتصادات العالم
يقول البعض إن اقتصاد الولايات المتحدة يمر بفترة من " التصلب" حيث يبدو أن المؤسسات الاقتصادية غير فعالة على عدة أصعدة وعلى الجانب الآخر من المحيط يبدو الاقتصاد الألماني من نواح كثيرة، أنجح اقتصاد في العالم المتقدم.
على الرغم من ذلك لم يكن هذا هو الحال دائما، حيث صاغ الاقتصادي الألماني "هيربرت جيرش" مصطلح "التصلب الأوروبي" لوصف النمو البطيء الذي ابتليت به البلاد من الثمانينيات حتى التسعينيات، وفي بداية القرن الحادي والعشرين مع ازدهار الاقتصاد الأمريكي تجاوز معدل البطالة في ألمانيا 10 %، وفقًا لما ناقشته "بلومبرج فيو".
ألمانيا تعاني من التحديات أيضا
- بعد عقد تقريبا من الأزمة المالية العالمية، انتعش الاقتصاد الألماني حيث انخفضت البطالة وارتفعت مشاركة القوى العاملة وارتفعت الأجور أيضا، ليتجاوز اقتصاد الولايات المتحدة .
- تواجه ألمانيا العديد من التحديات التي تواجهها البلدان الغنية الأخرى من معدل الخصوبة منخفض حيث يبلغ 1.38 طفل لكل امرأة حتى أقل من اليابان إلى عدد سكان يتقلص ببطء مما يعني أن قاعدة أصغر من العمال الألمان يجب أن تدعم عددا متزايدا من المتقاعدين.
- كما أن ألمانيا لم تفلت من تباطؤ الإنتاجية العالمية وعلى غرار البلدان الغنية الأخرى، فإنها تكافح من أجل إنتاج المزيد من نفس الموارد الخام.
- تتعامل أيضا ألمانيا مع تحدي "التشغيل الآلي" الذي يشكل خطرا كبيرا على الوظائف والأجور وربما أكثر من الولايات المتحدة فقط اليابان لديها روبوتات صناعية أكثر من ألمانيا.
ما الذي تفعله ألمانيا؟
- يوجد في البلاد قطاع حكومي كبير جدا، وإنفاق سخي على الرعاية الاجتماعية، واتحادات نقابية تقريبا ضعف الولايات المتحدة.
- على الرغم من أن ألمانيا أجرت بعض الإصلاحات في السوق الحرة في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، لكن لم تكن هناك موجة من هوس إلغاء التنظيم مثل الولايات المتحدة .
- على الرغم من أن ألمانيا تمثل أقل من 5 % من الناتج العالمي، فإن لديها حوالي 9 % من الصادرات العالمية وتمثل المبيعات إلى الدول الأخرى حوالي نصف إجمالي الناتج المحلي الألماني أي أكثر من ضعفي حجم الصين.
- ترجع القوة التصديرية لألمانيا إلى القدرة التنافسية للأجور في البلاد حيث يتم تحديد الأجور عن طريق المفاوضة الجماعية على مستوى الصناعة والمستوى الإقليمي، وليس على مستوى الشركة كما هو الحال في الولايات المتحدة وتعمل رغبة النقابات في خفض الأجور على انخفاض تكاليف الإنتاج مما سمح للبلاد بالتصدير أكثر.
- على الرغم من أنه قد يبدو غير متوقع للوهلة الأولى، فإن الحد من مكاسب الأجور أدى في النهاية إلى نمو أسرع للأجور، حيث إن الشركات التي تقرر أين تنتج تأخذ في اعتبارها ليس فقط مستوى الأجور اليوم، ولكن توقعاتهم للتغيرات في المستقبل.
- يعمل وجود النقابات الألمانية القوي بمثابة بوليصة تأمين للشركات، مما يجعلها تشعر بأنها أكثر أمانا في بناء مصانع باهظة الثمن وصنع استثمارات طويلة الأجل محفوفة بالمخاطر في البلاد، حسب ارقام.
للقصة وجه آخر
- هناك أيضا تفسيرات أخرى أكثر إثارة للقلق لأداء الاقتصاد الألماني، حيث لا تواكب صادرات البلاد وارداتها فالدولة تدير فائضا تجاريا كبيرا جدا.
- في ظل الظروف العادية، يعتقد الاقتصاديون أنه إذا كان هناك بلد يدير فائضا تجاريا، فإن سعر صرف عملته يرتفع مما يقلل من تنافسية منتجاته لغلاء أسعارها.
- لكن ألمانيا جزء من منطقة اليورو التي تعاني معظمها من حالة ركود اقتصادي يؤدي إلى انخفاض في سعر صرف اليورو مقابل سعر صرف عديد من الدول الأخرى مما يجعل الصادرات الألمانية رخيصة.
-كما أن العملة الموحدة لا تسمح بانخفاض أسعار صرف البلدان ذات النمو البطيء مثل اليونان أو إسبانيا في مقابل ألمانيا، مما يعني أن ألمانيا تحصل على دفعة لصادراتها داخل أوروبا.
- من ثم، فإن بعض القدرة التنافسية للصادرات الألمانية قد تأتي على حساب بلدان أخرى خارج أوروبا وأيضا بعض دول الأوروبية الأخرى التي تعاني من حالة ركود مما يجعل هذه القدرة غير صحية أو مؤقتة.
- لكن إذا كان نجاح ألمانيا يرجع حقا إلى طريقة فريدة، فإن البلدان الأخرى وخاصة تلك التي يعاني قطاعها التصنيعي من عجز تجاري كبير، مثل الولايات المتحدة يجب أن تفكر في طرق لمحاكاة مزايا النظام الألماني.