«ستيلكيس» تكشف عن تحوّل هام في أساليب عمل القادة والتحديات الجديدة أمام التنفيذيين
أفادت شركة "ستيلكيس" في دراسة جديدة لها، أن التحوّل في التركيز من تسلسل المناصب إلى شبكات العمل داخل الشركات قد تسبّب في إحداث اختلافات جوهرية في الطريقة التي يعمل وفقها القادة؛ إذ تتطلب هذه الديناميكية الجديدة إلى مساحات مكتبية مختلفة تماماً.
وتعتبر النتائج والخلاصات التي جاءت بها هذه الدراسة العالمية حول تغير أساليب العمل للقادة، هامة جداً وبالتحديد لمنطقة الشرق الأوسط. فخلال القمة العالمية للحكومات التي عُقدت مؤخراً، صرّح الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، أن مستقبل الوطن العربي الغني بالموارد يعتمد على القيادة القوية.
وكانت الدراسة التي تناولت على مدى عامين سلوكيات القيادة التنظيمية قد حدّدت أساليب العمل المتغيرة والضغوطات التي تواجه القادة اليوم. ففي حين أن المؤسسات التي تعتمد نظام الشبكات لفرق العمل قد تكون أكثر مرونة مقارنة بنظيراتها التي تعتمد التسلسل التقليدي للمناصب الوظيفية، إلا أنها تتطلب من القادة تحويل السياق بسرعة، والعمل على مجموعة أوسع من المسائل أكثر من أي وقت مضى، والقفز من اجتماع إلى آخر.
وبات على القادة استيعاب المزيد من المعلومات، وإدارة المزيد من العلاقات. إنهم كثيرو التنقل، ويسافرون عبر مختلف المناطق الزمنية، ودائماً "متأهبون" للعمل.
وعلى الرغم من هذه الأنماط المتغيّرة للعمل، يواصل القادة العمل بأساليب ومساحات تقليدية. وقد وجد تقرير "ستيلكيس" العالمي: "المشاركة وأماكن العمل حول العالم"، أن 58 في المائة من التنفيذيين يعملون ضمن مكاتب خاصة، مما يضعهم عرضة لخطر التمسّك بنظام التسلسل الهرمي للمناصب الوظيفية، وبالتالي عزلهم عن شبكات فرق العمل التي يحتاجون إلى التواصل معها.
وتقول باتريسيا كامير، باحثة أولى للتصميم لدى "ستيلكيس" والتي أشرفت على الدراسة العالمية: "تتحوّل المؤسسات لتكون أكثر مثل الأنظمة التكيّفية المعقّدة، والتي تمتاز بأنها ذات مرونة واستجابة أكبر مقارنة بأنظمة التسلسل الهرمي للمناصب الوظيفية التي صُمّمت لتحقيق الكفاءة في العمل.
ومع أن المكاتب التنفيذية لا تزال تعتبر أمراً طبيعياً، يقضي القادة مزيداً من الوقت في العمل من أي مكان، وفي كل مكان يبقون فيه على اطلاع بما يحدث فعلاً داخل الشركة وفي العالم"، مشيرة إلى أن نموذج نقل التنفيذيين إلى مكاتب خاصة بداعي الخصوصية والسرية، يمكن أن يرسّخ دون قصد من مفهوم التسلسل الهرمي وهيكلية النفوذ والسُلطة، مع إمكانية تقويض التبادل الانسيابي للأفكار.
ويمكن أن يشكّل حاجزاً افتراضياً للقادة الذين يرغبون في فرض سيطرتهم على أروقة الشركة.
واستجابة لنتائج الدراسة، طوّرت "ستيلكيس" مفهوماً مختلفاً كلياً لمساحات القادة، استناداً إلى ما تستخدمه معظم الشركات اليوم؛ وهو عبارة عن نظام متكامل من المساحات يدعم الشفافية والنفاذ، ويتضمن أماكن تُوازن بين الخصوصية والسرية. ويرتكز المفهوم على ثلاثة مبادئ رئيسية، هي:
1) تنمية الفرد: هناك رابط بين الصحة البدنية والنفسية، والأداء الإدراكي. إن بيئات العمل التي تساعد التنفيذيين على إدارة الضغوطات، وتدعم جوانب الرفاهة، يمكنها أيضاً أن تحسّن من العملية الإدراكية.
2) إتاحة التحولات: يواجه التنفيذيون تحديات تتعلق بالحاجة إلى تحويل السياق المعلوماتي باستمرار طوال اليوم. وينبغي للمساحات الفعلية أن تدعم هذه الحاجة من خلال مساعدة القادة على الانخراط في مجريات وتيار العمل بصورة أسرع.
3) المكان كمحور تواصل: يمكن تصميم مساحات القادة لتسهيل وتحسين جوانب التواصل بين الأشخاص والمعلومات، وفي الوقت نفسه تزويد التنفيذيين عن بُعد بتواجد افتراضي يشبه إلى حد كبير هؤلاء القادة المتواجدين فعلياً في مساحة العمل.
وأنشأت "ستيلكيس" مؤخراً مجمّعاً جديداً للقادة في "جراند رابيدس"، ميشيغن، باستخدام هذه المبادئ. وتقع هذه المساحة في ممر رئيسي للموظفين، ويمكن استخدامه من قبل جميع موظفي الشركة، وليس كبار المدراء فقط. وهو يعتبر نموذجياً سلوكياً، وبيئة يمكن من خلالها اختبار المفاهيم وتقييمها مع الوقت.
ويقول ×××××××، "ستيلكيس": "هناك حاجة قوية لإعادة تقييم بيئة المكاتب التقليدية، ومدى ملاءمتها لاحتياجات القادة في المكاتب الحديثة. إن قادة العصر لا يرغبون بعد الآن في الشعور بالانفصال عن موظفيهم، بل بالعكس، فهم يعملون عن كثب أكثر من أي وقت مضى، ويقدمون الدعم والتحفيز لفرق العمل لاتخاذ القرارات، وتحمّل المسؤولية، وتنمية مهاراتهم. ولبلوغ ذلك، علينا إعادة تصوّر بيئة العمل التقليدية، وابتكار مساحات تساعد على التكامل. إنه أمر هام للغاية بالنسبة إلى منطقة الشرق الأوسط، لا سيما وأنها تزخر بفئة أكثر شباباً من القوة العاملة".
وتشير البيانات الأولية التي تم جمعها من مجمّع القادة إلى أن المكان يُستخدم من قبل الشريحة الأكبر من الموظفين، وليس فقط الهيئة التنفيذية. ولعل الميزة الأبرز في المكان هي تقسيم مخطط الطابق إلى فئات رئيسية للنشاطات والمهام: الاستكشاف والتعلّم؛ التعاون والتركيز الفردي؛ والتواصل. وتشمل العوامل الرئيسية الأخرى:
- يقع مجمّع القادة في جزء محوري بالطابق الرئيسي للمبنى. ويُرحّب بجميع الموظفين للعمل في هذا المكان، أو استخدامه كممر للمناطق الأخرى في المكتب. إن هذا الانفتاح التام يساعد القادة على تحسين جوانب النفاذ والمعرفة المؤسسية. كما يسمح بالتبادل الانسيابي للمعلومات والأفكار، مما يساعد على تعزيز الإبداع والتعاون.
- يتم حشد وتوزيع فريق القادة ومساعديهم الإداريين معاً في مجمّع القادة، بدلاً من تقسيمهم إلى مجموعات مُغلقة مع فرق العمل الخاصة بهم. ولكل منهم منطقة عمل مفتوحة وشبكة تكنولوجية مدمجة تواكب طبيعة عمل التنفيذيين عن بُعد. ويساعد ذلك مرة أخرى القادة على تحسين جوانب النفاذ والمعرفة المؤسسية.
- تتوفر مجموعة من المساحات، الخاصة والعامة، للفريق القيادي. هناك أماكن مغلقة للمحادثات الخاصة والاجتماعات، وأيضاً مساحات مفتوحة للتواصل والاسترخاء، وهي ضرورية لتخفيف العبء الإدراكي للتنفيذيين.
وتقترح دراسة "ستيلكيس" أن صيغتها الخاصة للتحوّل يمكن أن تعتبر بمثابة نموذج للفرق التنفيذية والقيادية حول العالم. وبالنسبة إلى هؤلاء الأفراد، فإن نتيجة التحوّل لن تكون مفيدة شخصياً وحسب من أجل استيعاب الضغوطات المصاحبة لمنصب القيادة على نحو أفضل، بل ستكون مفيدة أيضاً لشركاتهم ككل، حيث تساعد على تحديد قوى العمل المطلوبة لتحقيق النجاح في مناخ العمل اليوم.