ما بعد المباراة كيف عاد وجه مانشستر يونايتد المُرعب
تحليل فني شامل لأبرز إيجابيات وسلبيات موقعة اليونايتد ضد واتفورد. حقق مانشستر يونايتد فوزًا مُقنعًا على واتفورد بهدفين نظيفين في واحدة من مباريات الأسبوع الـ25 للدوري الإنجليزي الممتاز.
المباراة حفلت بالعديد من اللقطات والفرص وكذلك الملاحظات على أداء الفريقين نسردها معًا فيما يلي..
من شاهد المباراة، لاحظ التناغم والانسجام بين الرباعي "مخيتاريان، ماتا، إبراهيموفيتش مارسيال"، مع التفاهم الكبير بين ثنائي الارتكاز أندير هيريرا وبول بوجبا، ويظهر ذلك في عملية تبادل المراكز التي تحدث بطريقة مُشتتة للمدافعين، وهذا وضح في مشهد الهدف الأول، الذي جاء بالجملة التكتيكية، التي اعتمد عليها مورينيو لضرب دفاع واتفورد، بانطلاق مارسيال من الجهة اليمنى، لحظة وصول الكرة لإبراهيموفيتش وظهره للمرمى، على أن يُرسلها بنفسه، أو يضعها لمخيتاريان ليقوم بمهمة تسليم الكرة للمنطلق في دفاعات الخصم، وهو مارسيال، الذي يُظهر من مباراة لأخرى.. أن لحظة إبداعه تظهر عادة عندما يكون في موقف لاعب ضد لاعب في آخر بقعة في الملعب، أو في حالات الانطلاق من الطرف الأيسر، لتظهر قدرته في التحرك بدون كرة وشراسته في البحث عن الشباك بشكل جماعي في المقام الأول.. وفردي في الوقت المطلوب.للمباراة الثانية على التوالي، يظهر مانشستر يونايتد، بصورته المُرعبة، المعروفة عنه في حقبة الأسطورة "سير أليكس فيرجسون"، ووضح هذا من شراسة اللاعبين، وقتالهم داخل الملعب، وعدم الاكتفاء بهدف واحد، مع مستوى راقي، انعكس على تفاعل الجماهير، التي لم تتوقف عن التصفيق والدعم طوال الـ90 دقيقة، وهذا بالطبع لا يُمكن أن يأتي من قبيل الصدفة، بل بعمل جماعي مشترك بين المدرب واللاعبين، والمستوى التصاعدي لليونايتد منذ فترة أيام الميلاد، وحتى آخر مباراتين، كان بمثابة المؤشر الواضح، لعودة شخصية الشياطين الحمر.
ومارسيال ضرب المثل في اللعب الجماعي والفردي في أهم مشهدين في المباراة، في الهدف الأول مارس هوايته في الانطلاق الذكي بدون كرة، دون الوقوع في مصيدة التسلل على بعد خطوة من منطقة الست ياردات، وفي النهاية ترجم العمل الجماعي الساحر لمخيتاريان وزلاتان وماتا، بهدية للأخير أمام الشباك، أما في الهدف الثاني، فكان في وضعية تسمح له بالاعتماد على الحل الفردي، وحسنًا فعل بمراوغته الماكرة لمدافعي وحارس واتفورد، والأفضل كان في اللمسة الأخيرة، بوضع الكرة بثقة وهدوء في الزاوية غير المتوقعة، وتألق مارسيال اللافت بعد غيابه عن أربع مباريات في آخر خمس مباريات قبل هذه المباراة، يُعتبر ردًا عمليًا وشهادة في حقه، للمنافسة على مكان في التشكيلة الأساسية في الأسابيع القادمة.
بالطبع، الحالة الرائعة التي وصل لها مارسيال في هذه المباراة، قد تكون بداية لتكرار تجربة الآرميني "هنريخ مخيتاريان"، الذي عانى الأمرين على مقاعد البدلاء، قبل أن يُغير الواقع بأدائه، الذي جعله يفرض نفسه على التشكيلة الأساسية، وحتى إن تأخر ترتيب مارسيال في قائمة المفضلين بالنسبة للمو، فظهوره بهذا المستوى، كفيل بإشعال نار المنافسة بينه وبين زميله الشاب "ماركوس راشفورد"، الذي تذبذب مستواه في الأسابيع القليلة الماضية.
من الإيجابيات الواضحة، رغبة اللاعبين في زيادة الغلة التهديفية وعدم الاكتفاء بأي تقدم، حتى لو وصل لثلاثة أهداف كما وضح في المباراة السابقة أمام ليستر سيتي، واليوم، فاز اليونايتد بهدفين، لكنه في حقيقة الأمر كان من الممكن يخرج من المباراة بنصف دستة أهداف في شباك جوميز، فأقل وصف للمباراة أنها كانت من طرف واحد، وهو اليونايتد الذي سيطر بطول الملعب وعرضه، وخلق فرص بالجملة، منها فرص أهدرها مخيتاريان وإبراهيموفيتش بدون مراقبة داخل منطقة الجزاء، وفرص أخرى تعملق فيها حارس توتنهام الأسبق، كبقية حراس البريميرليج، الذين خطفوا الأضواء في مسرح الأحلام مؤخرًا.
كان في كل مرة يغيب فيها كاريك، تشعر بفراغ كبير في وسط ملعب اليونايتد، لكن أندير هيريرا وبوجبا نجحا باقتدار في إحكام سيطرتهم على دائرة المنتصف، بالضغط المُستمر على كيليفرلي وكابوي في وسط ملعبهم، وهذا أجبر واتفورد على اللعب في وسط ملعبه، وأفسد خطط مادازري في المرتدات، لأن الكرة كانت تُقطع قبل أن تتخطى دائرة المنتصف، وفي أوقات كثيرة من المباراة، كانت تُقطع بمجرد أن يفقدها أي مهاجم لليونايتد، وكأن واتفورد تحت الحصار.
صحيح الفرص القليلة التي أتيحت لواتفورد شكلت خطورة بالغة على مرمى دي خيا، لكن بوجه عام، يُمكن القول بأن عودة إريك بايلي، أعادت الأمور إلى نصابها الصحيح بصورة أفضل مما كانت قبل فترة أعياد الميلاد، فقط تقدم فالنسيا الزائد عن الحد في بعض الأوقات، قد يُكلفه الكثير إذا لعب أمام فريق أكثر تنظيمًا من واتفورد، واليوم حاول مادزاري ضرب دفاع اليونايتد باستغلال المساحة التي يتركها فالنسيا في الخلف، لكنه فريقه لم يكن محظوظًا في فرصة أو اثنين كانت واحد منهما كفيلة بهز شباك دي خيا، لكن ما هو مؤكد. أن سرحان فالنسيا بشكل مُفرط أمام خصم كمانشستر سيتي في اللقاء القادم.. ربما لا يمر مرور الكرام.
واضح جدًا أن واتفورد لم يكن حاضرًا، باستثناء الحارس البرازيلي جوميز، الذي خطف الأضواء بتصدياته الرائعة، التي ساهمت في خروج المباراة بهدفين نظيفين، فخط الدفاع، واضح تأثره الشديد برحيل المدافع عدلان قديورة، الذي انتقل إلى صفوف ميدلسبره في آخر ساعات الميركاتو الشتوي، اليوم.. كان إبرا يتسلم الكرة بأريحية، ويُمرر على الأطراف في حراسة رباعي الدفاع، والأسوأ كان في البطء الشديد في نقل الكرة من الخلف إلى الأمام، كلٍ من كليفيرلي وكابوي، كان يجد غابة من سياق لاعبي اليونايتد، لحظة التفكير في نقل الكرة خمس متر إلى الأمام، لذلك.. تكرر مشهد استرجاع الكرة من قبل لاعبي اليونايتد مرات عديدة، دليلاً على هيمنة كتيبة مورينيو المُطلقة.. والعكس لرجال مادزاري، الذين قدموا مباراة للنسيان.
واتفورد، بدا بثوب الفريق المُستسلم غير القادر على مجاراة مانشستر يونايتد، منذ الدقيقة الأولى وضح أن مادزاري يلعب على الهجمات المرتدة، لكن تنفيذها على أرض الملعب، لم يخرج إلى النور، بسبب الانتشار الرائع لبوجبا ورفاقه في وسط ملعب واتفورد، كما أشرت.. الكرة كانت تخرج بصعوبة من أقدام لاعبي واتفورد، وكأنهم يركلون كرة مصنوعة من الحجارة وليست بالمواصفات العالمية، رأينا الكرة لعبة صعبة مع ديني، وهو يحاول الاعتماد على نفسه، بالتفكير في المرور على حساب الحل الجماعي، الذي ظهر مرة واحدة، في الهجمة التي أهدرها هوليباس في منتصف الشوط الثاني.
أكثر من لاعب ظهر بمستوى متواضع للغاية في صفوف واتفورد، في المقدمة الظهيرين كانكارت وبريتوس، اللذان استبدلهما مادزاري في الشوط الثاني، حتى مباي نيانج كان في واد وكابوي وكليفيرلي في واد آخر، هي عمومًا مباراة بدت غير متكافئة بين فريق مُسيطر يحاول الخروج بأكبر عدد من الأهداف... قابله ضيف بلا أنياب وكان محظوظًا لخروجه من المباراة بهدفين فقط.. وهذا يُلخص سيناريو المباراة.