فادي غندور : عَراب "أراميكس" وسرّ نجاحها
فادي غندور
فادي غندور، من منا اليوم لم يتعامل مع "أراميكس"، وإن لم يكن كذلك فهو بالتاكيد يحمل صورة ذهنية عن امبراطورية اسمها "أراميكس"؛ إنها الشركة التي تحمل بين طيات انجازها وسمعتها، قصة نجاح لشاب عربي استطاع ان يجعل اسمها نجماً لامعاً بين نجوم قطاع النقل الدولي الكبرى، مثل "دي إتش إل" و "فيديكس"؛ نتحدث هنا عن فادي غندور اللبناني الأردني الذي ولد في الأول من يناير عام 1959 في العاصمة اللبنانية بيروت، وكان والده السيد علي غندور يعمل في الخطوط الجوية الأردنية، في منتصف الستينات وأصبح مديرًا لها فيما بعد. وهكذا ترعرع فادي بين مدينتي بيروت وعمان.
كيف بدات القصة ؟
بعد الانتهاء من دراسته الثانوية غادر غندور إلى الولايات المتحدة الأمريكية، ليدرس في جامعة جورج واشنطن، وتخرج فيها بعد أربع سنوات بحصوله على شهادة البكالوريوس في العلوم السياسية، وبعد التخرج بفترة وجيزة أسس بصحبة الأمريكي ويليام كينغستون شركة "أراميكس" للنقل عام 1981 وتلك كانت اللحظة الأهم في حياة غندور المهنية.
استطاع فادي غندور ملاحظة ضعف مجال النقل الدولي في منطقة الشرق الأوسط، حيث كانت شركة "دي إتش إل"، هي الوحيدة التي تنشط في هذا المجال، ولذلك أراد تأسيس شركة تغير واقع المنطقة فيه، وتحقق نجاحًا وتميزًا، مثل الشركات العملاقة. وكان له ما أراد، فبعد تأسيس الشركة بدأت تحقق نموًا كبيرًا في نشاطها، لتصبح بسرعة قياسية الشركة الرائدة في مجال النقل المتكامل والحلول اللوجستية في منطقة الشرق الأوسط وآسيا الشرقية.
في عام 1997 طرحت شركة "أراميكس"، أسهمها للتداول في بورصة "ناسداك" في نيويورك، لتكون أول شركة مؤسسة في العالم العربي تحقق ذلك. وفي عام 2002 وبعد خمس سنوات من التداول الرابح، عادت إلى الملكية الخاصة. وعام 2005 بعدما توسعت بشكل كبير في خدماتها المتميزة، انضمت الشركة إلى سوق دبي للأوراق المالية، بعد جمعها لما يقارب 12 مليار دولار أمريكي.
أسلوب إداري
كل تلك الإنجازات المتوالية، جعلت فادي غندور وشركته، سباقين في مجال النقل في الشرق الأوسط، ولعل مميّزات غندور الشخصية تفسر النجاح الذي حالفه، فأسلوب العمل الخاص به رئيساً ومديراَ تنفيذياً، تميز بإنشائه الشركة على الأساليب الأمريكية في إدارة الأعمال، فمثلًا: واحد من كل ستة موظفين في "أراميكس"، يملك أسهمًا فيها، علمًا أن عدد موظفيها يتجاوز 3800 .
كما أن لغندور الكثير من النشاطات والإنجازات خارج "أراميكس"، فهو مؤسّس شريك في موقع "مكتوب دوت كوم"، وواحد من أكبر التجمّعات الإلكترونية العربية على الإنترنت، الذي أصبحت تملكه، فيما بعد، شركة "ياهو"، تحت اسم "ياهو مكتوب". كما أنه عضو مجلس إدارة شركة "أبراج كابيتال"، وعضو مجلس إدارة مؤسس لشركة "إنديفور جوردان". وعضو في المجلس الاستشاري لكلية سليمان عليّان، وهي كلية إدارة الأعمال في الجامعة الأمريكية في بيروت. وترأس غندور جمعية الرؤساء الشباب لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا منذ عام 2003 وحتى عام 2005 .
التنمية مشروعاً شخصياً
كل المناصب والنجاح العالمي لـ"أراميكس"، لم تنس فادي دعم الآخرين، حيث اشتُهر بالكثير من النشاطات والأعمال الساعية إلى دعم مجتمعه والمجتمعات الأخرى، إذ أسّس مؤسسة "رواد التنمية"، المؤسسة العربية للتنمية المستدامة، وهي مؤسسة تدعم المجتمعات الفقيرة من خلال الشراكة المجتمعية والتعلم المتبادل. كما أنه عضو في مجلس إدارة البنك الوطني الأردني لتمويل المشروعات الصغيرة، الذي يساعد الفقراء والشباب على ابتداء مشروعاتهم الصغيرة التي قد تساعدهم على وضع أقدامهم على بداية طريق النجاح.
فضلاً عن ذلك كله، يشغل غندور منصب الرئيس التنفيذي في "ومضة كابيتال" وهو الصندوق المالي لمنصة "ومضة" التي تعمل على تمكين رواد الأعمال في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، إذ يسعى الصندوق إلى تقديم رأس المال للمشاريع التكنولوجية في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. كما أنه شريك إداري لشركة "مينا فينتشر إنفستمنتس" التي تهتم كذلك، بتمويل المشاريع الناشئة في مجال التكنولوجيا.
رغم كل تلك المسؤوليات، استطاع فادي غندور أن يؤسّس أسرته، فقد تزوج وأنجب ولدين هما باسل وفارس، وهذا ما جعله مثالًاً يُحتذى في أسلوب عمله المميّز والمبتكر الذي كان فريدًا من نوعه، وغيّر كل مفاهيم الأعمال والشركات في الشرق الأوسط، وهذا ما دفع بالنسخة العربية من مجلة "نيوز ويك" الأمريكية، لتصنيف غندور واحداً من أكثر 34 شخصًا قادرين على التأثير في الشرق الأوسط عام 2005، كما تحدث الصحفي الأمريكي توماس فريدمان عن غندور في كتابه الأكثر مبيعًا "العالم مسطح: تاريخ مختصر للقرن الواحد والعشرين".
عام 2012 خلال المؤتمر السنوي لشركة "أراميكس"، وفي خطوة فاجأت كثُراً، أعلن غندور أنه سيستقيل من منصب المدير التنفيذي للشركة، وأثار ذلك القرار رد فعل عاطفيًا لديهم، إلا أن غندور أكد أن قراره هو الأفضل، وأنه سيساعده في التركيز على أعمال الشركة ونشاطاتها. كما سيجعله أقرب من ذي قبل من المبادرات المحببة إلى قلبه، ورأى غندور وقتها أن أفضل جزء في بناء الشركة هو بناؤها للآخرين ومعهم. وأكد أن مصير الإدارة التنفيذية للشركة في أيدي شخص كفؤ وهو خليفته السيد حسين هاشم.
غندور لم ينته بعد من وضع بصمته في مجالات الأعمال والتنمية في الأردن والشرق الأوسط، وما زال لديه الكثير من الأفكار والابتكارات التي لطالما عرف بها، إلا أنه بالتأكيد حفر اسمه بأحرف من ذهب في التاريخ، فالجميع سيتذكرون رجل الأعمال الشاب والمبدع الذي أسس شركته من الصفر، و جلب الطاقة والإبداع إلى بيئة عمل صعبة، كانت بأشد الحاجة إلى تلك القيم في تلك الفترة، وصعد بشركته لتكون رائدة في مجالها، والشركة العربية الوحيدة التي تدخل بورصة ناسداك الشهيرة في نيويورك!
يقول :
في عام 2012 ، وبعد أن مرّ على تأسيس شركة "أراميكس"، ثلاثون عاماً قررتُ تسليم دفة القيادة إلى واحد من أبناء الشركة الذين قضوا جلّ حياتهم فيها, إن أجمل شيء في تأسيس الشركات هو ان تبنيها مع آخرين يؤمنون بها وأن تبنيها لهم أيضاً, فتكون منصة للطموح والابتكار. لم تكن "أراميكس"، لتنجح لولا استثمارها دون تردد في بناء فريق عمل استثنائي في مهارته وخبراته, وفي ثقافة أساسها التعلم المستمر والجرأة , فبقيت شركة ريادية رغم نموّها, وبذلك أكون اوفيت بوعدي.
اليوم تبلغ إيراداتنا العالمية أكثر من مليار دولار، وقيمتنا السوقية نحو 1.18 مليار دولار , أحمد الله أن رئيس شركة إيربورن لم يشتر شركتي في ذلك الوقت بمبلغ 100 ألف دولار.