ألفت قباني الفائزة بجائزة مكة الإنسانية..رجلان وراء نجاحي
جدة ـ أفراح الطيار:
عدّت ألفت قباني الفائزة بجائزة مكة الإنسانية لعام 2015، الرجل سبباً أساسياً في نجاح المرأة، وأكدت أن الحياة لا تكتمل دون مساعدة كل منهما للآخر، فوراء كل رجل عظيم امرأة، وخلف كل امرأة ناجحة رجل متحضّر.
ورأت في حوارها مع "الرجل"، أن ثروتها الحقيقية هي أسرتها الكبيرة، وأكدت أن والدها وزوجها كان لهما الدور الأكبر في نجاحها ووصولها إلى مكانة كبيرة، استحقت من خلالها تقدير المجتمع ونيل الجائزة الإنسانية، من مستشار خادم الحرمين الشريفين، أمير منطقة مكة المكرمة الأمير خالد الفيصل.
وكشفت عن بدايتها وحكايتها كاملة، وما تبقى من ذكريات الطفولة، وأمالها وطموحاتها نحو المستقبل، وقصتها في عالم "الأعمال"، وتفاصيل مثيرة في ثنايا هذا الحوار:
............................................................
* حدثينا عن طفولة ألفت قباني.
- تربّيت في أسرة لا تفرق بين البنت والولد، تعطي للفتاة كامل حقوقها، وحظيت بالاهتمام والرعاية مبكراً من كل الأسرة، وتأثرت بالمبادئ والقيم والتقاليد الراسخة التي زرعها الوالد، يحفظه الله، فينا. والدتي هي قدوتي في الحياة ونموذجي في هذا العالم المتغيّر.
* ما العالق في ذاكرتك من أيام الطفولة ؟
- أيام الطفولة شريط ذكريات يراودني دائما؛ أستذكر من خلاله مواقف ولحظات في الأسرة أو في رحلة العلم والتعلم، فضلاً عن المجتمع المحيط بنا، زمن الطفولة الأول والبساطة يختلفان تماماً عن الأجيال الحالية، في ظل المتغيرات والأحداث المتسارعة في كثير من الجوانب الحياتية التي نعيشها اليوم.
رجل وامرأة
* ماذا يمثل الرجل في حياة ألفت قباني ؟
- الرجل هو الداعم والشريك الأساسي في كل ما أقوم به، ولا أنظر إلى الرجل منافساً، بل أرى المرأة والرجل يسيران في طريقين متوازيين، فهو الأب والأخ والزوج والابن. وكم نحتاج في مجتمعنا إلى وقوف الرجل إلى جانب المرأة، فهو الداعم والسند لأي نجاح أو عمل نقوم به.
* من الرجل الذي كان له ابلغ الأثر في مسيرة حياتك ؟
- لا أبالغ إذا قلت إن كثراً أثروا في حياتي، على الصعيد العائلي أو العملي، لكن اثنين لهما الدور الأبرز فيما وصلت إليه؛ والدي، يحفظه الله، الذي أعطاني الثقة والشجاعة لأكون شخصية مؤثرة في محيطها قبل أن تتأثر بالآخرين. وزوجي المحامي الدولي والكاتب المعروف الدكتور خالد النويصر الذي دفعني إلى النجاح بحضارية ورقيّ، لم يقف أمام طموحاتي أو أحلامي، وتعلمت كثيراً من ثقته بنفسه وكبريائه وأسلوبه الناجح في التعامل مع الجميع.
* هل أنت مؤمنة بمقولة "خلف كل رجل عظيم امرأة"؟
- نعم؛ خلف كل رجل عظيم امرأة، وكذلك خلف كل امرأة ناجحة رجل حضاريّ.
* كيف كانت مسيرتك العملية ؟
- مشواري الأول عبر الشركة العائلية التي تعمل في الصناعات التحويلية، ومن ثمّ عيّنتني حكومة خادم الحرمين الشريفين، في مجلس إدارة الغرفة التجارية الصناعية في جدة عام 2006، وانتخبت نائبة لرئيس اللجنة الصناعية في الغرفة 2007- 2016، وأسست أول مجلس للمسؤولية الاجتماعية في المملكة وترأسته عام 2006، أسهمت من خلاله في نشر ثقافة المسؤولية الاجتماعية، ومبادئها ومفاهيمها وأنجزنا الكثير من المبادرات المسؤولة والهادفة لإحداث التنمية المستدامة، وأخيراً اقتحمت المجال العقاري وأنشأت شركة إكسكلوسف (EXCLUSIVE) لخدمات الاستشارات العقارية وإدارة المحافظ الاستثمارية العقارية.
تعب ومثابرة
* دخلت في عضوية مجلس إدارة غرفة جدة؟
فاجأت الجميع عندما حصلت مع ثلاث من سيدات المجتمع على عضوية مجلس الإدارة في غرفة جدة، كان الأمر محل اهتمام الإعلام العالمي وليس السعودي فقط، فهي المرة الأولى التي تدخل فيه أربع نساء دفعة واحدة في إدارة قطاع الأعمال في العروس، والحمد لله كانت التجربة ناجحة بكل المقاييس، واستطعنا تفعيل طاقتنا الإبداعية عبر كثير من المبادرات والأفكار والانجازات الكبيرة على مدار السنوات الأربع، ومنعتني مشاغلي من الترشّح مجدداً لعضوية المجلس الحالي.
فمن خلال التجرية ـ وأنا أتحدث عن نفسي ـ إذا ما أتيحت الفرصة للمرأة، تستطيع أن تفعّل دورها شريكاً أساسياً في التنمية، فالفيصل هنا الكفاءة والعمل والمهارة وليس كوني امرأة أو رجلاً، الحمد لله سعينا ونجحنا في تحفيز المرأة للانخراط في القطاع الصناعي إما عاملة أو مستثمرة، وأسهمنا في توظيف ما يربو على أربعة آلاف سيدة، سواء في خطوط الانتاج أو المهن الفنية أو برمجة المعلومات وخدمات إدارية ومكتبية، فضلاً عن تحفيز الشباب للدخول في عالم الصناعة، وخاصة في التصنيع التكاملي، وتشجيعهم على العمل الحرّ ودعمهم في مؤسساتهم الصغيرة، ومن هنا يمكن القول إن المرأة موجودة في كل القطاعات والمجالات، وفق الضوابط الشرعية والبيئة المناسبة لممارسة عملها.
* كيف نظر إليك المجتمع امرأةً تجتمع إلى طاولة واحدة مع الرجال؟
- مازلت أتذكر لحظة دخولي المنطقة الصناعية لأول مرة؛ كان الكثير يستغربون دخول امرأة إلى عقر دارهم، لأن الأمر لم يكن معتاداً، لكني كنت أملك عزيمة كبيرة وإرادة قوية. وحرصت منذ اللحظة الأولى، على أن أدير عملي بحزم وانضباطية أسهمت في تحقيق الكثير من النجاح، وبرهنت للجميع بالعمل وليس بالكلام أن المرأة قادرة على النجاح في أي مهنة، إذا ما أتيحت لها الظروف المناسبة ووجدت الدعم والمساندة.
طعم الفشل
* هل شعرت يوم ما بالفشل؟
ـ لولا شعوري بالفشل ما تذوقت طعم النجاح، في لحظات كثيرة أحسست أنني لم أحقق أهدافي كلّها، لكني استفدت من الموقف وأعدت دراسة خطواتي، ونجحت في التقدم بقوة نحو أهداف أخرى، وينبغي أن نتعلم جميعاً من الفشل، لأن الحياة ليست كلها حلوة، ولا يمكن أن يكون الطريق كله نجاحاً، ولا بدّ أن نواجه التحديات حتى نصل إلى الغايات والأهداف.
* ما سرّ نجاحك ؟
ربما تكون شجاعتي سرّ نجاحي، حيث كنت من البداية مؤمنة بإمكاناتي امرأةً مسلمةً قادرةً على أن تفيد أسرتها ومجتمعها، ورفضت الأدوار الهامشية والتقليدية، وكانت مشاركتي في الانتخابات ممثلة للصناعيين بداية هذا الجدل، كما أنني تعودت أن أرى الأمور بألوانها الطبيعية، ولا أقبل أن تصنّف القضايا على طريقة إما أبيض وإما أسود، كما أنني حملت فكراً جديداً وغير معتاد عبر مجلس جدة المسؤولية الاجتماعية، وكثير من المبادرات التي أطلقت. لكن أتصور أن ما حدث هو جدل إيجابي وليس سلبياً.
* ما الذي تطمحين اليه مستقبلا؟
أحلامي كثيرة؛ أطمح إلى أن يتحول بلدنا من الاقتصاد القائم على سلعة واحدة إلى اقتصاد متنوع المصادر، نتخلص خلاله من عقدة النفط، ولن يتأتى ذلك إلا إذا تحولنا إلى بلد منتج؛ فالصناعة هي المستقبل الحقيقي للأجيال المقبلة، وهي التي تعكس مدى حضارة مملكتنا ونهضتها أمام العالم.
أتمنّى مستقبلاً واعداً للشباب يحصلون خلاله على المزيد من الفرص والتمكين، متسلحين بالعلم والمعرفة، وأن تحقق المرأة السعودية المزيد من المكاسب، من خلال التمسك بالقيم والمبادئ والمهارة والتميز.. وأن يسود الأمن والأمان والاستقرار بقيادة ملك الحزم والعزم سلمان بن عبد العزيز، حفظه الله، وحكومته الرشيدة .
وعلى الصعيد الشخصي أتمنّى النجاح لأسرتي وزوجي وأولادي، وأن تستمرّ مسيرة الحياة محملة بالحب والسعادة والعطاء المتجدد والمثمر.
* كيف تقضين يومك ؟
- بين العمل والأسرة ومزاولة رياضة المشي. ولا يخلو الأمر من القيام ببعض المسؤوليات الاجتماعية، ولكن أولوياتي أسرتي وعملي.
حقوق المرأة
* كيف توازنين بين أسرتك وعملك؟
ـ المعادلة صعبة، لكنها ليست مستحيلة؛ فرغم مشاغلي الأسرية التي هي أولوية، فإنني أسهمت في تفعيل دور المرأة شريكاً أساسياً في تنمية المجتمع، ودعم شريحة مهمة في المجتمع وتمكينها، هي الأسر المنتجة، واستقطاب الكثير من الكوادر الوطنية الشابة ودعمهم وتأهيلهم للانخراط في العمل، فضلاً عن أنني من أول من أسهم في نشر ثقافة المسؤولية الاجتماعية في المملكة، في القطاعين الحكومي والخاص، وكذلك تفعيل دور الشباب في التنمية المستدامة، قبل أن أقتحم القطاع العقاري.
* هل ترين المرأة السعودية خصوصاً، والعربية عموماً، حصلت على حقوقها، أم أن الطريق طويل؟
- نعم حصلت المرأة على الكثير من حقوقها، ما دفعها للإبداع والنجاح، وعام 2015 كان عاماً مفصلياً بالنسبة للمرأة السعودية التي شاركت في المحليات، لأول مرة، بعد مشاركتها في الشورى، لكن هناك أمور أخرى مهمة تحتاج إليها المرأة السعودية، منها تبسيط الإجراءات وإزالة الرتابة والتعقيدات الموجودة في القطاعين العام والخاص، مع خلق حوافز لتوظيف النساء ونشر ثقافة عمل المرأة في أغلب القطاعات، وتغيير المفاهيم السائدة في عمل الفتيات، والحدّ من الوصاية الشديدة عليهنّ.
* تُوّجتِ مؤخراً بجائزة "مكة للتميّز الإنساني النسائي"، حدّيثنا عن شعورك خلال التتويج؟
- شعرت بكثير من الاعتزاز، لفوزي بالجائزة التي ستكون، بمشيئة الله، دافعاً قوياً لتقديم المزيد من العمل والتفاني في خدمة الوطن بأفراده ومؤسساته. ولاشك أن تكريم مستشار خادم الحرمين الشريفين، أمير منطقة مكة المكرمة، صاحب السموّ الملكي، الأمير خالد الفيصل، وضعني أمام المزيد من المسؤولية لتحقيق المفهوم الشامل للعمل الاجتماعي وتحقيق الشراكة بين القطاع العام والخاص، ومواصلة الجهد لتعزيز قدرات الأسر المنتجة السعودية، حيث ستشهد الفترة المقبلة الكثير من الخطوات الإيجابية التي تستنهض طموح الأسر المنتجة، وتعزز من دورها وفرص نجاحها، من خلال وضع التشريعات المنظمة والداعمة لعمل مؤسّسي، يدعم شريحة من أهم شرائح مجتمعنا السعودي المعطاءٍ.
* كيف تم اختيارك ؟
جائزة التميّز الإنساني استُحدثت للمرة الأولى، خلال العام الجاري، لتسهم في تحقيق فكر الأمير خالد الفيصل، في تعزيز بناء الإنسان وتنمية المكان، والجائزة تشريف وتكليف في الوقت نفسه، والاختيار يأتي من قبل أمانة الجائزة في إمارة منطقة مكة المكرمة، وفق معايير محددة، وقياس أداء وإنجازات ومبادرات مسؤولة وسعي متواصل، وجهد وتفاعل مع الحراك المجتمعي بشكل إيجابي، ما كان له الأثر الكبير والواضح في مجتمعنا السعودي الحضاري.
أغنى النساء
* هل تصنفين من ضمن أغنى نساء السعودية ؟
- أعدّ نفسي من أغنى النساء، بما أملك من ثقة الناس ومحبتهم، ورضا نفس.
* كيف جمعتِ ثروتك ؟
- ثروتي الحقيقية هي أسرتي وأبنائي ومبادراتي الإنسانية والاجتماعية التي تركت أثراً في الآخرين؛ أما المال فهو يأتي بتنمية الأعمال.
* ما آخر منصب تعملين فيه الآن؟
- اختارتني إمارة منطقة مكة المكرمة، عضواً في اللجنة الرئيسية للأسر المنتجة، فضلاً عن كوني نائبة رئيس اللجنة الصناعية في غرفة جدة، مع أعمالي الخاصة.
* رؤيتك لمستقبل المرأة السعودية، خصوصا في مجال الصناعة؟
- أشعر بتفاؤل كبير، فالمرأة السعودية الطبيبة، المهندسة، العالمة، الرائدة في جميع القطاعات الاقتصادية والاجتماعية والصحية والخدمية، تقدم نموذجاً رائعاً في أي مكان في العالم، والقطاع الصناعي بدأ يفتح أبوابه لها.
ونصيحتي الأساسية للمرأة للتقدم إلى الأمام، هو التمسّك بالقيم والمبادئ، والتسلح بالعلم والمهارة والتميّز، والبعد عن ثقافة الإحباط، والابتعاد عن التكرار ومحاولة ابتكار مبادرات جديدة، واللجوء إلى أصحاب الخبرة للأخذ بآرائهم.
* هل من وصية أوصاك بها الوالد، وبقيت راسخة في نفسك؟
- القدرة على تجاوز العقبات والهزائم؛ فعالم التجارة خسائر وانتصارات، والفشل أول طريق النجاح.
* كيف تلقّى زوجك خبر تعيينك في لجان الغرفة؟
- زوجي خالد النويصر مستشاري الأول؛ فهو يؤمن أن الحياة شراكة بين اثنين، يتعامل معي بحضاريته المعهودة التي جعلت منه أحد رجال المجتمع المرموقين في عمله محامياً ومحكماً دولياً، وتعامله معي هو نفسه في أي مكان أكون.