لماذا تفضل شركات التقنية الهنود لإدارة دفّتها ؟
قصي المبارك – دبي:
لا يغيب أبناء الهند عن قوائم الترقيات التي تقوم بها كبرى الشركات التقنية، ولا يعد وادي السيليكون غريبا عن الهنود، فحسب دراسة أجريت عام 2014، فإن 15% من الشركات الناشئة في وادي السيليكون أنشأها هنود، وهم يشكلون أكبر نسبة من المهاجرين المؤسسين لشركات التقنية، وأعدادهم تفوق المجموعات الأربع التي تليهم مجتمعة، وهم البريطانيون والصينيون والتايوانيون واليابانيون.
ويتولى الهنود حاليا قيادة العديد من الشركات الكبرى، مثل إندرا نووي، الرئيس والرئيس التنفيذي لشركة بيبسي، وأجاي بانغا رئيس شركة ماستركارد، وأنشو جاين، الرئيس السابق المشارك لبنك دويتشه، لكن الرؤساء التنفيذيين الهنود يتكاثرون حقيقة في سماء التقنية أكثر من أي مجال آخر، وفيما يلي قائمة قصيرة بأبرز هذه الشخصيات التقنية:
يعرف بيتشاي في غوغل بهدوئه وشخصيته التي تميل إلى العمل بصمت، فهو شخصية لا تفضل الشهرة و الأضواء وقد اعتبرته وكالة بلومبرغ في سنة 2014 "أهم رجل في عالم الاتصالات المتنقلة".
ساتيا ناديلا
يبلغ من العمر 47 عاما، ويعمل لدى مايكروسوفت منذ أكثر من 22 عاما، عيّن رئيسا تنفيذيا للشركة في فبراير/شباط 2014 خلفا لستيف بالمر، حيث رقي من منصب النائب التنفيذي لرئيس مايكروسوفت لشؤون مجموعة السحاب والشركات، وهو منصب كان مسؤولا فيه عن بناء وإدارة منصات الحوسبة وأدوات التطوير وخدمات الحوسبة السحابية للشركة.
راجيف سوري
انضم إلى شركة نوكيا الفنلندية عام 1995، وتولى إدارة نوكيا في الأول من مايو/أيار 2014 بعد أن باعت الشركة وحدة الهواتف الجوالة فيها لمايكروسوفت، وهو يحمل شهادة البكالوريوس في الهندسة من معهد مانيبال للتكنولوجيا، وعمل لدى شركات متعددة الجنسيات في الهند ونيجيريا قبل التحاقه بنوكيا.
سانجاي ميهروترا
الشريك المؤسس لشركة سانديسك المتخصصة بصناعة أقراص التخزين الرقمية، تولى رئاسة الشركة وأصبح الرئيس التنفيذي لها في يناير/كانون الثاني 2011. وقبل ذلك كان رئيس ومدير العمليات التنفيذي منذ يونيو/حزيران 2006.
لميهروترا أكثر من ثلاثين عاما من الخبرة في صناعة ذاكرات أشباه الموصلات غير المتقلبة، بما في ذلك وظائف الهندسة والإدارة في شركات سانديسك، وإنتيغريتد ديفايس تكنولوجي، وسييك تكنولوجي، وإنتل، وأتمل.
شانتانو ناراين
يبلغ من العمر 52 عاما، وقد انضم إلى شركة أدوبي سيستمز في يناير/كانون الثاني 1998 بوظيفة نائب الرئيس والمدير العام، ثم أصبح الرئيس والرئيس التنفيذي للعمليات في 2005. ورقي في العام 2007 ليصبح الرئيس التنفيذي للشركة كما أصبح مديرا في مجلس إدارتها.
وكان ناراين، الذي بدأ حياته المهنية مع شركة أبل، عضوا في مجلس إدارة شركة ديل، كما كان في المجلس الاستشاري لشركة هاس سكول أوف بيزنيس، وجامعة كاليفورنيا في بيركلي.
لماذا تفضل شركات التقنية الهنود لإدارة دفّتها ؟
لا شك أن تأسيس شركة شيء وتولي قيادة شركة عالمية شيء مختلف كليا، فمن هنا نتساءل ما هي الأسباب التي تجعل الهنود ملائمين أكثر من غيرهم لتولي هذه المناصب؟ ولماذا يهيمنون على وادي السيليكون دون المهاجرين الآخرين ذوي الكفاءة من الصين أو اليابان أو حتى الدول الأوروبية؟
موقع زد نت الأميركي المختص بالشأن التقني يضع أربعة أسباب يرى أنها وراء تفضيل الهنود لقيادة شركات التقنية الكبرى، وهي أسباب أشار إليها أيضا الموقع الإلكتروني لصحيفة وول ستريت جورنال الأميركية وغيرهما من المواقع الأخرى، وهذه الأسباب هي:
إتقان اللغة الإنجليزية:
من بين أسباب نجاح الهنود في إدارة شركات التقنية إتقانهم للغة الإنجليزية والذي يعود بشكل أساسي إلى المدارس الهندية التي تعلم الإنجليزية للتلاميذ في مراحل مبكرة، الأمر الذي يعني اكتسابهم مهارات التواصل الضرورية عند الانتقال إلى الولايات المتحدة مما ساعدهم على التفوق على نظرائهم الصينيين والأوروبيين ومنحهم الأفضلية.
ومن الأسباب الأخرى كذلك تميز الرؤساء التنفيذيين الهنود بإدارة الشركات بأسلوب منظم وقيادة فرق العمل، وفهمهم لطبيعة الأسواق الناشئة كالسوق الهندية.
خلفيات هندسية
معظم الرؤساء التنفيذيين الهنود لشركات التقنية هم مهندسون في المقام الأول، مما يجعل منهم "المدير المهندس" وليس مجرد شخص يحمل شهادة الماجستير في إدارة الأعمال، فهم تخرجوا في العديد من كليات الهندسة الهندية الرائدة مثل المعاهد الهندية للتقنية (IIT) المنتشرة على مستوى البلاد.
فناديلا نشأ في حيدر آباد ودرس في معهد مانيبال للتقنية، وناراين درس في الجامعة العثمانية في حيدر آباد، كما درس بيتشاي في "المعاهد الهندية للتقنية" في خاراجبور، أما دينيش باليوال -الرئيس التنفيذي ورئيس شركة هارمان المتخصصة في معدات الصوت- فقد تخرج في "المعاهد الهندية للتقنية" في روركي، ومعظم هؤلاء توجهوا لإكمال دراستهم في الولايات المتحدة، وبعضهم سجل براءات اختراع أثناء دراستهم.
الخروج من بيئة متواضعة إلى التواضع في بيئة العمل:
يقول موقع زد نت، إنك لا يمكن أن تكون أكثر تواضعا من بيتشاي، فقد نشأ في مدينة تشيناي جنوب الهند في بيت من غرفتين وكان ينام مع أشقائه في غرفة المعيشة، وكانت أمه كاتبة اختزال وأبوه مهندسا في مصنع للقطع، ولم تملك أسرته سيارة، ويضيف أن العديد من الرؤساء التنفيذيين الآخرين -مثل سانجاي جها الذي ينحدر من بلدة باغالبور في مقاطعة بيهار- يتشاركون جذور بيتشاي.
إن تلك النشأة المتواضعة تعني -وفقا لكثيرين، أسلوب إدارة أقل حدة من أمثال بيل غيتس (رئيس مايكروسوفت الأسبق)، أو ستيف جوبز (رئيس آبل الراحل)، أو ستيف بالمر (رئيس مايكروسوفت السابق)، أو لاري بيج (رئيس غوغل السابق) الذين نشأوا في بيئات مختلفة تماماً.
وظائف تركز على المنتج
معظم الرؤساء التنفيذيين الهنود لشركات التقنية كانوا رؤساء لشركات منتجات، أو صعدوا سلم الترقية من خلال توليهم رئاسة أقسام المنتجات. وجميعهم تقريبا، دخلوا في عالم يمكن أن تعتبر فيه حلول الأمس بكل بساطة فشل في الغد، مما يستلزم البحث المستمر عن الابتكارات المميزة وتقبل المجازفة.
فبيتشاي كان وراء تطوير وإطلاق متصفح كروم، ثم حواسيب كروم بوك، وبعد ذلك هواتف أندرويد الرخيصة الثمن، وقبل ذلك كان مهندسا ومدير منتجي شركة آبلايد ماتيريالز لأشباه الموصلات.
ويُعرف سانجاي جها، الرئيس التنفيذي لشركة "غلوبال فاوندريز" لصناعة أشباه الموصلات، والرئيس التنفيذي السابق لشركة موتورولا موبيليتي، بدوره في إنقاذ موتورولا وإخراجها من نظام سيمبيان وغيره من أنظمة التشغيل، والمراهنة على أندرويد، ثم التوجه لتطوير أحد أكثر الهواتف شعبية وهو "موتو جي".