كوه ساموي: أرض الابتسامات وأحلام اليقظة!
كوه ساموي: مايا مشلب
أتحلم بإجازة تنسى فيها صخب المدينة والضغط المهني المتراكم؟ أتحلم بوجهة لتمضية شهر العسل أو إجازة رومنسية برفقة شريكتك؟ أتحلم بافتراش الرمل والتحاف السماء والابحار في فضاء متلألئ بالنجوم؟ إذن حان الوقت لتحجز تذكرتك حالا الى كوه ساموي، إحدى الجزر التايلاندية التي ستدهشك كيفما تجولت.
لحظة تطأ رجليك أرض كوساموي، كن على ثقة أنك ستتخلص من كل ذاك الضغط الذي أرخى بثقله على كتفيك وستنزع عنك كل ما يمت للايقاع المتسارع للحياة بصلة. هنا، تدخل الى ما يشبه تلك البطاقات البريدية، التي كان بعضُنا يخال انها لا يمكن ان تستحيل حقيقة. هنا، في هذا المكان بالذات، يمكنك ان تصدق ما تراه عينيك. يمكنك ان تحلم من جديد. هنا للبيئة مكانتها ورونقهاومذاقها.صحيح ان تاريخ الجزيرة غير موثق لانه قد انتقل من جيل الى آخر شفهياً، لكن وبالاستناد الى بعض الآثار الصينية يرجح اكتشاف الجزيرة قبل 1500 عام، وكانت آنذاك ملاذاً شبه سري للتجار. كما بقيت منعزلة حتى القرن العشرين تقريباًفيما كان يعش سكانها في قرى صغيرة مكتفية ذاتية، تربطهم علاقات محدودة جدا مع جيرانهم في القرى الاخرى بسبب عدم توافر شبكة طرق.
على اي حال، أول ما يجب القيام به لدى الوصول الى هذه الجزيرة هو إطفاء الهاتف الخليوي. لا تحاول البحث عن وسيلة للحصول على خدمة الانترنت. فأنت هنا لكي تنسى العالم وصخبه ولتستمتع باللحظات الثمينة التي ستمضيها في أرض الاحلام. فلا تنهمك بمتابعة بريدك الالكتروني أو حساباتك على وسائل التواصل الاجتماعية!
في البداية، لا بد من الاشارة الى ان الوصول الى كوه ساموي عادة ما يتم عبر طيران داخلي ينطلق من العاصمة بانكوك. المفاجأة ستبدأ من مطار الجزيرة.رغم صغره يستقبل آلاف السياح سنويا. كما انه لا يشبه اي من المطارات التي سبق ان مررت بها. مفتوح على الهواء الطلق، لا بل انه مشيّد في قلب الطبيعة وفق أقل مقدار ممكن من الاسفلت. فيه بعض المحلات والطريف انه يقدم خدمات ضيافة مجانية للمسافرين من عصائر وأطايب شهية.
إذا حجزت سيارة أجرة انطلاقاً من الفندق، عنوان إقامتك، فعلى الارجح ان السائق سيستقبلك بما يروي عطشك. عصير جوز الهند الشهي. في البداية، قد تجد مذاقه قوياً لكن بعد التجول في أرجاء الجزيرة ستُدمِن شرب هذا العصير الذي وحده يطفئ ظمأك. على أي حال، كان منتجع "سيلافاديه" "silavadee resort" عنوان الاقامة. يبدو انه على غرار العديد من المنتجعات السياحية يوفر خدمة رائعة للسياح كما يزودهم ما يحتاجون اليه من إرشادات وتسهيلات لجعل إقاماتهم لا تنتسى. إنما ما يميز هذا المنتجع عن سواه، موقعه المُشرف على المحيط، إذ ينفرد بشاطئ ذهبي مذهل مكلّل بصخور ضخمة تشبه تلك التي تصوّرها أفلام الكرتون. المشهد خلاب. فليس غريباً ان يتحوّل بين الحين والآخر منصة لعقد زفافات لا يتخطى عدد مدعويها الخمسين شخصاً. اللطيف في هذا النوع من الاعراس ان الطابع الرومنسي يظلّلها. حتى ان السيدات اللواتي يعملن على إعداد زينة الازهار، يفترشن الرمال ويباشر العمل بهدوء قبل ساعات معدودة. أما النتيجة فاستثنائية بجمالها!
موظفو الفندق شأنهم شأن أهل الجزيرة كلها، يمكن المرء ان يشعر بسلامهم الذي ينعكس على وجوههم المزيّنة دوماً بابتسامات غير مصطنعة. فهم لا يُجيدون ادعاء ما يخالف حقيقتهم. إنهم ببساطة أناس طبيعيين لا بل حقيقيين، لان الحياة المتسارعة لم تلوّثهم ولم تغيير طباعهم الهادئة التي تشبه طبيعة جزيرتهم. هذه الابتسامة الرقيقة تجدها كيفما توجهت، وهي كالعدوى تنتقل اليك من دون أن تلاحظ.
بعكس ما يخال الزائر لدى وصوله، كثيرة هي النشاطات التي يمكن ان تملأ عطلتك. فاحرص جيداً على اعداد جدول بتفضيلاتك لئلا يدهمك الوقت. في هذا التقرير، تعرض لك "الرجل" ما يجب ألا تفوته عند التوجه الى كوه ساموي:
مطبخ الجزيرة:
من البديهي أن تشكل ثمار البحر قاعدة المأكولات. إنما أمام السائح خيارين رئيسيين: إما التوجه الى مطعم مرموق لتناول طبق شهي او الاكتفاء بطبق سريع يتناوله على احد الارصفة في شوارع شاوينغ أو لاماي اللذين يشكلان السوقين الرئيسيين للجزيرة. اللافت ان القريدس او سمك السلمون او الاخطبوط او السلطعون التي يمكن التهامها في احد المطاعم الصغيرة المنتشرة على الارصفة، لا تقل جودة عن تلك التي تقدمها المطاعم المرموقة. فالمصدر واحد. مياه الجزيرة التي لم ينجح التلوث في التسرّب اليها. الاهم من ذلك ان زيارة المطاعم المرموقة لأيام متتالية لا توجب رصد ميزانية ضخمة، لأن أسعارها متوسطة جداً او حتى زهيدة مقارنة ببعض الدول حيث مستوى المعيشة يبلغ مستويات مرتفعة.
الاسترخاء:
للاستجمام أكثر من سبيل في كوه ساموي. يبدأ بالتنعم بالمشاهد المذهلةوالطبيعة شبه العذراء، ثم يكمل طريقه عبر جلسات تدليك استثنائية. فإلى جانب إعداد الاطباق الشهية، أكثر ما يجيده أهل الجزيرة هو تقديم خدمات متقنة في هذا المجال. إنما يجب الحرص على التوجه الى المنتجعات الصحية المرموقة، وليس الى تلك المحال الصغيرة المنتشرة في أحد السوقين التجاريين (أي شاوينغ ولاماي). من المنتجعات التي ينصح بها tamarindsprings الذي يتمتع بحجرة للساونا وشلالات طبيعية عذبة للستيم الى جانب فلل متنوعة لجلسات من التدليك على ايدي امهر الاختصاصيين. كل ذلك وسط أحضان الطبيعة. فيتنقل الزائر بين ما يشبه الحدائق ليدخل الى قاعة مفتوح نصفها على الهواء الطلق، لا يحتاج فيها الى موسيقى للاسترخاء لان الطبيعة بحفيف أوراقها وزقزقة عصافيرها وهدير شلالاتها وسائر ألحانها تكفي. ينصح بالتوجه قبل موعد الاقفال بثلاث ساعات على الاقل، للتمكن من اختبار خدمات المنتجع والتنعم بجلسة تدليك للجسم كاملا.
التنزه:
لا تخلو كوه ساموي من حس المغامرة. لمن يرغب في اختبار رحلة في احضان غابة استوائية... مشياً او على ظهر فيل! التجربة تستحق العناء. مشياً يمكن التوجه صعودا نحو شلاشلات عذبة مغلفة بباقة من الاشجار والصخور وكأنها مكان صمّم لكي يستحق الاكتشاف. للتعرف الى كل ارجاء الجزيرة، يمكن الزائر استئجار دراجة نارية أو سيارة إنما يجب تذكر ضرورة السير عند خط اليسار بدلا من اليمين، كما هو الحال في غالبية الدول. لن تحتاج الى خدمة ملاحة متطورة، وبالكاد قد تحتاج الى خريطة ورقية، لان الطريق الرئيسية التي تلف الجزيرة وتبلغ 51 كيلومترا، غير متشعبة. كانت قد شقت ابتداءً من العام 1967 حين وافقت السلطات على بناء بنى تحتية تشجيعاً للسياح. لاحقا أي قبل نحو 20 عاماً بدأت عيون المستثمرين التيلانديين والاجانب تصوّب على كوه ساموي ليشيدوا فيها منتجعات، تنسجم مع جو الجزيرة.
الشواطئ:
لا تكتفي بزيارة الشاطئ التابع للمنتجع، اخرج وتعرف الى كل شواطئ الجزيرة المفتوحة للزوار من دون اي استثناء. يكفي ان تحمل معك منشفتك ومستحضر الوقاية من الشمس. واترك لسكان الجزيرة ان يكملوا المهمة. ففي طريقك لا بد ان تصادف باعة الفاكهة، يأتون على دراجاتهم الهوائية حاملين عربات مفروشة بالثلج ومعبأة بالمانغو وجوز الهند والافوكادو وسواها من الفاكهة الطازجة التي تمتاز بمذاقات لا تشبه مثيلاتها المستوردة في باقي اصقاع العالم. فالكثير من أهل الجزيرة لا يزالون يعتاشون من زرع الخضار والفاكهة خصوصا جوز الهند.
من النشاطات التي يجب ألا تفوتها هي الغطس. ليس من الضروري ان تكون محترفاً أو ان تستأجر معدات ضخمة أو ان تجيد أصول السباحة. يكفي أن تحجز رحلة على متن أحد المراكب المعدة خصيصا لهذه الغاية لكي تحظى بكل ما يلزم من أكسسوارات تساعدك في الاستمتاع بخوض هذه التجربة. أما الوجهة فهم يختارونها لك، لكي يتسنى لك رؤية أجمل المخلوقات البحرية بأشكالها وألوانها وأحجامها. ما ان تغوص في مياه الجزيرة حتى تفقد الاحساس بالوقت الذي يدهمك من دون ان تلاحظ. تمر ساعة، ساعتين فثلاث، تجد نفسك مضطراً للمغادرة فيما أنك لا تزال أسير هذا الجمال الذي لم يسبق ان اختبرت مثيلا له. إضافة الى الغوص، تحضر مراكب عدة لنقلك الى جزر صغيرة محاذية لكوه ساموي. يمكن على سبيل المثال زيارة جزيرة "كوه في في" حيث صوّر فيلم "ذا بيتش" (The Beach)مع الممثل ليوناردو دي كابريو. الجزيرة بعكس ما يصوّرها هذا الفيلم، مسالمة، أشبه بحلم. مياهها شفافة جدا رمالها ذهبية الى أبعد حدود... تأكد من تخصيص يوم أو يومين في هذه البقعة الحالمة! لجرعة من المرح والتسلية، يمكن اختبار حفلات الشواطئ التي تقام شهرياً عند اكتمال القمر. لكن هذه ينصح بها لمجموعة من الاصدقاء وليس لزوجين يرغبان في اجواء رومنسية.
نشاطات مختلفة:
إلى جانب كل ما يتصل بالبحار والمحيطات، تتوافر مجموعة من النشاطات المرحة في كوه ساموي. هناك رياضة "غولف كرة القدم" على سبيل المثال. 18 حفرة تنتظر تستيد هدف ليس بكرات الغولف الصغيرة إنما بكرات أكبر هي كرة القدم! اما الحواجز التي تعترض اللاعب فهي اشجار جوز الهند والبامبو! كما يمكن ان تختبر القفز بالمطاط لجرعة من الادرينالين. القفز من ارتفاع 50 مترا يمكن ان يتم في الهواء او ان يأخذك اعمق الى المياه. الخيار لك! إذا كنت تمضي إجازة برفقة العئلة فيمكن التوجه الى اكواريوم ساموي للتعرف الى العديد من المخلوقات البحرية المدهشة من الشعابالمرجانيةوالأسماكالضخمة التي تشبه القطط وأسماكالقرشوالفهدالأسود وسواها الكثير. كما يمكن التوجه الى نادي "Crazy Golf" او Namuang Safari" Park" حيث تستمتع برحلة سافاري استوائية لرؤية عروض الفيلة والقردة والتماسيح والعصافير بالاضافة الى امكان استئجار السيارات الرباعية.