خبير نفسي: مكافأة الموظفين تحميك من فقدان الكفاءات!
في وقت يسعى فيه العديد من أصحاب العمل إلى خفض التكاليف، عبر تقديم أقل الرواتب الممكنة، حذر عالم النفس التنظيمي الشهير "آدم جرانت" من أن هذا النهج قد يكون قصير النظر، ويُعرّض الشركات لخسارة أهم مواردها: الموظفين الموهوبين.
ويرى "جرانت" أن زيادة الأجور ليست مجاملة، بل استراتيجية ذكية لتحفيز الفريق والحفاظ عليه على المدى الطويل.
زيادة الرواتب.. استثمار في التحفيز والولاء
في تصريح لمجلة Fortune، قال "جرانت: "إذا نظرت إلى الأمور من منظور طويل الأمد، فإن منح الموظفين زيادات في الرواتب، لا سيما إذا كانت سخية، يعد استثمارًا حقيقيًا في التحفيز والاحتفاظ بالكفاءات".
وأوضح أن الشركات التي تدفع في الحد الأعلى للسوق، تحظى عادة بولاء استثنائي من موظفيها، لأن هؤلاء يعلمون أن ما يحصلون عليه يصعب إيجاده في أماكن أخرى.
بعد الجائحة عادت قوة التفاوض لأرباب العمل
شهد سوق العمل تحولات كبيرة بعد جائحة كوفيد-19، حيث اكتسب الموظفون حينها قوة تفاوضية عالية بسبب نقص العمالة، لكن الأوضاع تغيرت في السنوات الأخيرة، إذ تشير بيانات اتحادية إلى أن الفجوة بين زيادة الأجور لمن يغيّرون وظائفهم، مقابل من يبقون في وظائفهم تضاءلت بشكل كبير.
ففي أغسطس 2022 مثلًا: من غيّر وظيفته حصل على زيادة قدرها 8.4%، ومن بقي في وظيفته حصل على زيادة قدرها 5.6%
وفي بداية 2025 (يناير وفبراير) بلغت الزيادة للمغادرين 4.8%، والزيادة للباقين 4.6%
وهذا التحول يُشير إلى أن أرباب العمل استعادوا السيطرة في سوق التوظيف.
لكن "جرانت" حذر من استغلال هذا الوضع لتقليص الرواتب، أو التراجع عن مزايا سابقة، لأن ذلك قد يؤدي إلى انخفاض الروح المعنوية وزيادة معدلات الدوران الوظيفي.
لماذا لا يجب على الشركات تقليص الرواتب؟
بحسب "جرانت"، فإن محاولة الحصول على أفضل الكفاءات مقابل أقل راتب ممكن قد ينجح في المدى القصير، لكنه على المدى الطويل:
- يضعف الثقة بين الموظفين والإدارة
- يقلل من الدافع الداخلي للعطاء والالتزام
- يزيد من احتمالية التسرب الوظيفي عند ظهور فرص خارجية أفضل
- يضر بثقافة المؤسسة ويجعل بيئة العمل غير مستقرة
وفي المقابل، يرى أن الإنفاق على الموظفين من خلال رواتب عادلة وسخية، يعود بعائد مضاعف على الشركة من خلال:
- تحسين الأداء
- تعزيز الولاء
- جذب الكفاءات المتميزة
الاحتفاظ بالمواهب يبدأ من الراتب
ويشدد "جرانت" على أن الاحتفاظ بالموظفين المتميزين، لا يتطلب فقط تحفيزهم عاطفيًا أو معنويًا، بل يحتاج أيضًا إلى اعتراف ملموس بقيمتهم، من خلال رواتب مجزية.
وأضاف: "من الصعب أن يشعر الموظف بالإخلاص لمنظمة تبخسه حقه، لكن عندما يتلقى ما يستحق أو أكثر، يصبح من غير المرجح أن يبحث عن بدائل".
وتعد المواهب البشرية من أهم أصول الشركات في عالم الأعمال الحديث، ويرى "آدم جرانت" أن الأجور السخية ليست تكلفة، بل استثمار طويل الأمد في النجاح. فحين يشعر الموظف بالتقدير الحقيقي، لا في الكلمات فقط بل في الراتب، فإنه يُصبح أكثر التزامًا، وأكثر إنتاجية، وأكثر ولاءً.