تناول القهوة على السحور في رمضان.. بين الفوائد والأضرار
إذا جاز لنا تسمية القهوة بـ"المشروب السحري"، لما كانت هناك مبالغة في ذلك الوصف، فهي لا تزيد طاقتك ونشاطك فحسب، بل تعدّ درعًا متينًا تجاه كثيرٍ من الأمراض، مثل مرض السكري وأمراض الكبد، وحتى أمراض القلب، بالإضافة إلى دورها في تحسين المزاج وإضفاء البهجة على يومك.
لكن ألا يمكن للقهوة أن تزيد شُعورك بالعطش في نهار رمضان؟ وهل هي مفيدة لتناولها في السحور أم ضارّة؟ وما أفضل وقت لشُربها في رمضان؟
هل القهوة مفيدة في السحور؟
للقهوة فوائدها، سواء تناولتها في السحور أو بعد الإفطار، فقد تساعد على زيادة نشاطك وتركيزك، استعدادًا لعملك في الصباح، كما قد يكون لها فوائد أخرى، وتضمّ أبرز فوائدها:
1. زيادة طاقتك:
القهوة غنية بالكافيين، الذي يزيد نشاط الجهاز العصبي، كما يزيد مستويات المركّبات الكيميائية، التي تنظّم مستويات الطاقة في الدماغ، مثل "الدوبامين".
وقد وجدت دراسةٌ نشرت عام 2004 في "International Journal of Sport Nutrition and Exercise Metabolism"، أنَّ كافيين القهوة، يزيد القدرة على التحمّل ويُحسِّن الأداء خلال ممارسة التمارين.
كما بيّنت دراسة أخرى عام 2016 نُشِرت في مجلة "Medicine and Science in Sports and Exercise"، أنّ الحصول على الكافيين قبل وفي أثناء جولة الجولف، أدّى إلى تحسين الأداء وزيادة مستويات الطاقة وتقليل الإرهاق.
لذا فإنّ تناول القهوة على السحور قد يكون مفيدًا لتعزيز طاقتك، خاصةً إذا كُنت تستعد لأداء عملك أو ممارسة التمارين في الصباح.
2. دعم صحة الدماغ:
لا تزيد القهوة نشاط الدماغ فحسب، بل تدعم صحتها أيضًا؛ إذ أظهرت بعض الأدلة حسب دراسة نشرت عام 2021 في مجلة "International Journal of Molecular Sciences"، ارتباط تناول القهوة بانخفاض خطر الإصابة ببعض الأمراض التنكسية العصبية، مثل مرض ألزهايمر، ومرض باركنسون.
لذا فقد يساعدك احتساء القهوة على الحفاظ على القدرات المعرفية، مثل التركيز والذاكرة، ومنع تدهورها، خاصةً مع تقدّم العُمر.
3. المساعدة في الحفاظ على الوزن:
ربّما تكون القهوة رفيقتك في شهر رمضان، لتعزيز فرصك في خسارة الوزن، فقد وجدت مراجعة نُشِرت عام 2019 في مجلة "Nutrients"، لـ12 دراسة، أنَّ زيادة تناول القهوة، قد يكون مرتبطًا بانخفاض دهون الجسم، خاصةً عند الرجال.
كذلك فإنّ القهوة تحتوي على الكافيين، الذي يعزِّز التمثيل الغذائي وحرق السعرات بنسبة 3 - 11%، كما يعزِّز الأداء الرياضي بنسبة 11 - 12% في المتوسط، حسب "Healthline"، لذا فقد يكون تناول القهوة على السحور مفيدًا في تعزيز جهودك لخسارة الوزن.
اقرأ أيضًا:كيف تشرب القهوة بشكل صحي في رمضان؟ إليك 5 طرق رئيسة
4. تحسين المزاج:

يميل بعض الناس لشُرب القهوة، ربما للسعادة التي يمنحهم إياها فنجان القهوة، وثمّة ما يدعم ذلك علميًا، فقد وجدت دراسة نُشِرت عام 2019 في مجلة "Journal of Basic and Clinical Physiology and Pharmacology"، أنَّ البالغين الأصحاء، الذين تناولوا الكافيين، تحسّن مزاجهم بعد 30 دقيقة.
من ناحيةٍ أخرى، فقد ارتبط تناول القهوة بانتظام بانخفاض خطر الإصابة بالاكتئاب، وقد وجدت مراجعة نُشِرت عام 2015 في "The Australian and New Zealand Journal of Psychiatry"، أنَّ كل فنجان قهوة احتساه الناس يوميًا، كان مرتبطًا بانخفاض خطر الإصابة بالاكتئاب بنسبة 8%.
ووجدت دراسةٌ أحدث نشرت عام 2023 في "Psychiatry Research"، أنّ تناول 2 - 3 فناجين قهوة غير مُحلّاة، قد يُقلِّل خطر الإصابة بالاكتئاب والقلق.
5. الوقاية من مرض السكري:
القهوة غنية بمضادات الأكسدة، التي تساعد على تخفيف الالتهابات وزيادة حساسية الإنسولين، وتقليل مقاومته، مما يساعد على تقليل خطر الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني، خاصةً مع تناولها بانتظام.
يُؤيِّد ذلك مُراجعة لـ30 دراسة، منشورة عام 2018 في "Nutrition Reviews"، فقد وجدت أنّ كل فنجان قهوة يتناوله الناس يوميًا، مرتبط بانخفاض خطر الإصابة بمرض السكري من النوع الثاني بنسبة 6%.
6. الحفاظ على صحة الكبد:
لا يكلّ الكبد ولا يملّ من تنظيف الجسم من السموم على مدار الساعة، لذا فإنّ تضرّره بمرضٍ أو عدوى، يُنذِر بمشكلات صحية عديدة.
والقهوة خير داعم لصحة الكبد، فقد وجدت دراسة نُشِرت عام 2016 في "Journal of Clinical and Experimental Hepatology"، أنَّ تناول أكثر من فنجانَين من القهوة يوميًا، مرتبط بانخفاض معدّلات الإصابة بتندّب الكبد وسرطان الكبد لدى من يُعانُون مرض الكبد بالفعل.
فيما خلصت مراجعة نشرت عام 2021 في "BMC Public Health"، إلى أنّ كل أنواع القهوة، بما فيها منزوعة الكافيين، قد تحمي من الإصابة بمرض الكبد المُزمن.
لماذا يجب تجنب شرب القهوة على السحور؟
رغم هذه الفوائد المتنوّعة التي تمدّك القهوة بها، إلّا أنّ موعد السحور قد لا يكون أفضل توقيت لتناولها لمعظم الناس، لما قد تُسبِّبه القهوة من مشكلات محتملة، ومنه:
1. صعوبة النوم:
ربّما تحتاج إلى النوم ولو قليلًا قبل النهوض إلى عملك في الصباح، لذا إن احتسيت فنجان القهوة في السحور، فقد يمنعك الكافيين من النوم كما ترِيد.
وقد يتضاعف ذلك التأثير إذا كُنت قد تناولت كمية كبيرة من القهوة، أو كُنت حسّاسًا للكافيين (أي قد يكون تأثيره عليك أشدّ من غيرك ممن تكون حساسيتهم للكافيين أقل).
2. القلق:
قد يؤدي تناول القهوة بكمية زائدة إلى زيادة خطر الإصابة بالقلق، حسبما أشارت دراسة نشرت عام 2020 في مجلة "Nutrients".
كما قد يمنعك ذلك القلق من الاسترخاء، مما قد يجعل النوم صعبًا أيضًا، لذا ينبغي تناول القهوة باعتدال دون إسراف بين الإفطار إلى السحور، كما يُفضّل تجنّب تناولها إذا اقترب موعد نومك، وكذلك إذا كُنت قلقًا بالفعل.
اقرأ أيضًا:أعراض انسحاب الكافيين في رمضان وكيف تتجنبها؟
هل القهوة تعطش في رمضان؟
نعم، قد تزيد القهوة شُعورك بالعطش، فالقهوة مُدرّة للبول، ومِنْ ثَمّ فقد تزيد التبوّل، وتجعلك أكثر عطشًا.
لذا إذا كُنت بحاجةٍ إلى تناول القهوة على السحور، بدلًا من قهوة الصباح في الأيام العادية، التي تبعث فيك النشاط وتجعلك مستعدًا لعملك، فحاول أن تُكثِر من شُرب الماء، خاصةً إذا تناولت أكثر من 5 فناجين من القهوة في الليل.
ومن الأفضل تناول 8 أكواب من الماء كحدٍ أدنى، بغض النظر عن كمية القهوة التي تناولتها.
أفضل وقت لشرب القهوة في رمضان

ربّما لا يكون السحور وقتًا مثاليًا لاحتساء قهوتك المُفضّلة، التي يُفضّل تناولها بعد الإفطار؛ إذ تكون المعدة مُهيّأة لاستقبالها، كما أنّها لن تؤثر في نومك كثيرًا بنفس الدرجة، كما لو تناولتها في وقتٍ متأخر بعد ذلك.
فإن كان لا بد من تناولها على السحور، وترغب في أن تتلاشى صعوبة النوم التي قد يُسبِّبها الكافيين، فقد يُفِيدك احتساء القهوة منزوعة الكافيين، التي تخلو من 97% من الكافيين على الأقل، مقارنةً بالقهوة العادية.
فيما لا ينبغي الحصول على أكثر من 400 مجم من الكافيين يوميًا، وهي الكمية الآمنة لمعظم الناس، وهو ما يعادِل 4 فناجين من القهوة تقريبًا (945 مل).