مطار بلا طريق! (فيديوجراف)
يعد التأخر عن الرحلات الجوية كابوسًا مزعجًا لأي مسافر، لكنه قد يصبح أمرًا حتميًا في المطار الجديد بالعاصمة البيروفية "ليما"، فبالرغم من أن تشغيل المطار الجديد، الذي بلغت تكلفته ملياري دولار، أصبح وشيكًا بعد سبعة أسابيع فقط، إلا أن البنية التحتية الأساسية ما زالت غير مكتملة، حيث لم يتم إنشاء طريق سريع يربط المسافرين بصالة المغادرة، كما لم يتم بناء الجسر الضروري لعبور النهر، الذي يمتد على طول الأراضي المحيطة بالمطار!
وفي مشهد يعكس ضعف التخطيط، يحمل خط مترو الأنفاق الجديد محطة باسم "المطار"، لكنها ستُبنى بالقرب من المطار القديم الذي سيتم إيقاف تشغيله بعد ثلاث سنوات، مما يثير تساؤلات حول دقة التخطيط الحكومي، وقد أوضح "كارلوس جوتيريز"، رئيس رابطة صناعة الطيران في "بيرو"، أن هذا الأمر ليس سوى مثال صارخ على الافتقار إلى التخطيط الاستراتيجي في البلاد.
يعاني "مطار خورخي شافيز الدولي" الجديد من تداعيات الاضطرابات السياسية المتواصلة في "بيرو"، حيث تسببت الحكومات المتعاقبة في تعطيل المشاريع الكبرى، فقد شهدت البلاد 24 وزيرًا للنقل منذ عام 2001، ما أدى إلى بطء اتخاذ القرارات وتأخر تنفيذ المشاريع التنموية المهمة.
المطار الحالي، وهو السادس من حيث الازدحام في أمريكا اللاتينية، يعمل فوق طاقته الاستيعابية، بعد أن استقبل 24 مليون مسافر العام الماضي، وهو ما يقارب ضعف سعته الأصلية، أما المطار الجديد، فصُمم ليستوعب 30 مليون مسافر، مع إمكانية التوسع إلى 60 مليونًا في المستقبل.
بدأت خطط بناء المطار في عام 2018 بقيادة شركة "Fraport AG" الألمانية، التي تدير الوحدة المحلية "Lima Airport Partners"، لكن عدم الاستقرار السياسي في بيرو أدى إلى تأخر التنفيذ، حيث تعاقب على البلاد سبعة رؤساء منذ انطلاق المشروع، ومع كل تغيير حكومي كان المشروع ينحرف عن مساره.
اقرأ أيضًا:صندوق الاستثمارات العامة يستحوذ على 15% من مطار هيثرو
ومع اقتراب موعد افتتاح المطار الجديد في 30 مارس، تسابق الحكومة الزمن لإنهاء التجهيزات، حيث تم إنشاء مدخل بديل لتعويض غياب الطريق السريع، كما تم نشر جسرين مؤقتين مخصصين للكوارث الطبيعية لعبور "نهر ريماك"!
ورغم ذلك، لا تزال هناك مشاكل كبيرة، إذ لا توجد خدمات حافلات منتظمة، ولا ممرات آمنة للمشاة، مما يهدد سلامة 17,000 موظف يعتمدون على وسائل النقل العام للوصول إلى المطار.
يزيد من تعقيد الوضع، أن المطار يقع في منطقة تعاني من ارتفاع معدلات الجريمة، ما يثير مخاوف حول سلامة المسافرين الذين سيضطرون إلى التنقل عبر شوارع مزدحمة وغير آمنة.
في هذه الأثناء، تتبادل السلطات البيروفية وشركة "LAP" الاتهامات حول المسؤولية عن التأخيرات، حيث تؤكد الشركة أنها أنجزت جميع أعمال البنية التحتية المطلوبة داخل المطار، بينما تتهم الحكومة الإدارات السابقة بالفشل في تأمين الأرض اللازمة للمشروع.
اقرأ أيضًا: مطار دولي في جرينلاند لتقريبها من بقية العالم وتعزيز السياحة
في موقف محرج آخر، تم تركيب برج مراقبة جديد، لكن النوافذ تسببت في تأثير بصري مزدوج لمراقبي الحركة الجوية، ما استدعى استبدالها في وقت لاحق، أما وزير النقل الحالي، "راؤول بيريز رييس"، فقد تجنب الإجابة المباشرة حول أسباب هذه الأخطاء، لكنه أعلن أن المطار الجديد سيكون الأفضل في أمريكا الجنوبية، كما تعهد بإعادة تسمية محطة المترو "المطار" لتجنب الارتباك، وتعزيز الأمن في المنطقة عبر نشر مئات من ضباط الشرطة.
ورغم ذلك، تظل التحديات قائمة، إذ تشير التقديرات إلى أن خط المترو لن يكتمل قبل عام 2028، ولا توجد خطط واضحة لتمديده إلى المطار الجديد، بينما تأخر تنفيذ الطريق السريع لأكثر من عقد، بسبب مشكلات تتعلق بنزع الملكية، مع وعود حكومية بأن يكتمل في غضون ثلاث سنوات.
المهندس المعماري "برايان كاستيلو"، مؤسس "جمعية المهندسين المعماريين" في "كالاو"، يرى أن التخطيط الحضري الفاشل هو السبب الرئيسي لهذه الفوضى، معربًا عن قلقه من أن الطريق السريع الجديد سيكون حاجزًا يعزل المطار عن الأحياء الفقيرة، بدلًا من تحسين جودة الحياة لسكان المنطقة.